يعتبر بحارة بمدينة القالة في الطارف أن هذا العام يعد استثنائيا في مجال  صيد الأسماك والسردين تحديدا،  بتسجيل تراجع بلغ نسبة 70 بالمئة مقارنة بالمعدلات المعتادة وهو ما استغله مضاربون قالوا أنهم يتحكمون في السوق ويسيطرون على المزادات العلنية ما جعل المادة تصل إلى المستهلك بما لا يقل عن ألف دج ، وفسروا تراجع مردود الصيد بتدمير الشعب المرجانية وبتأثيرات الزلازل والهزات الأرضية المسجلة بشمال البلاد، ما أدى إلى هجرة الأسماك بحثا عن بيئة أكثر توازنا.
و يجمع البحارة الذين إلتقتهم «النصر» بميناء الصيد البحري في القالة، على أنهم لم يشهدوا طيلة العقود الطويلة من العمل التي قضوها في نشاط الصيد، وصول   سعر السردين إلى هذا المستوى بملامسته لسقف ألف دينار للكلغ،  ، يحدث، هذا حسب قولهم،  في منطقة كانت تعرف بأنها غنية بهذا النوع من الأسماك، و تحدثوا عن وقت كانت السفن فيه  تعود محملة عن آخرها بالسردين، ما يضطرهم في بعض الأحيان لرمي كميات منها في عرض البحر خوفا من الغرق،  ويوزع الفائض  بعد التسويق   بالمجان على المواطنين،   غير أن الوضع تغير،   يضيف الصيادون، كيف لا و هم يعدون كل مساء العدة للخروج في رحلة الصيد و يعودون في الصباح للميناء بصناديق فارغة،  وفق ما صرحوا به في مشهد بات يتكرر حسبهم،    حتى أنهم باتوا عاجزين عن توفير مصاريف الوقود  ، كون أغلبهم مدانين لمحطة الوقود في الميناء بأكثر من 40 مليون سنتيم، ما دفع ببعض أصحاب السفن لتعليق نشاطهم مؤقتا .

في حين قال كبار مجهزي السفن، بأن غلاء السردين مرتبط بالوفرة ، حيث أن العرض من المنتوج البحري في الآونة الأخيرة يبقى ضئيلا جدا إن لم نقل شبه منعدم حاليا، خاصة و أن سردين القالة يبقى الطلب عليه كبيرا لجودته حسبهم و الأوساط البيولوجوية النقية التي يتكاثر فيها، مضيفين بأن غلاء المادة  يعود إلى التدني الرهيب المسجل في الإنتاج الذي تراجع بنسبة 70 بالمائة مقارنة بالسنوات الفارطة التي كان فيها الإنتاج يتعدى سقف 12 ألف طن سنويا، و الذي لم يتعد العام الفارط 2000طن بكل الأصناف 80 بالمائة منه سردين.
و هو ما  أوعزه المهنيون إلى هجرة السردين من السواحل المحلية في ظاهرة تبقى حسبهم،   مضيفين بأنهم قضوا 40 سنة و ما فوق في البحر و لم يحدث لهم مثل ما يجري في المدة الأخيرة، حيث أن المحظوظين من الصيادين يتمكنون من ملء 10 صناديق، و ذلك بعد 4 محاولات عسيرة من رمي الشباك.
شباك فارغة وصيادون في حالة إفلاس
أكد بعض الصيادين ممن لهم باع طويل في  المهنة ، على أن هجرة السردين للسواحل المحلية   ، تعود إلى الزلازل والهزات الإٍرتدادية التي تضرب اليابسة و التي يصل مداها إلى قاع البحر، مضيفين بأن الزلازل التي عرفتها ولايات بجاية، سكيكدة و ميلة، كان لها تأثير سلبي على هجرة السمك الأزرق الذي يعد من الأصناف المهاجرة نحو مناطق أخرى من المتوسط و بحار أخرى، إضافة إلى طول مدة التيارات البحرية بعد استقرار الأحوال الجوية، و تراجع عدد الخرجات للبحر بفعل التقلبات المناخية، و كل هذا له تداعيات على تراجع الإنتاج و غلاء أسعار السردين الذي سوق بـ 12 ألف دينار للصندوق، و يعرض بالتجزئة بسعر ألف دينار للكلغ   .  
من جهة أخرى، قال  بحارة على أن تأخر تساقط الأمطار  ، خاصة بين أكتوبر و جانفي، الفترة التي تسمح بنمو و تكاثر السردين، كان له  الأثر السلبي على  الإنتاج السمكي الذي   بلغ أدنى مستوياته في الأشهر الأخيرة، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار  ، ذلك أن الأسماك و خصوصا السردين، تتأثر بالجفاف، حيث تتغذى مما تحمله معها السيول المتدفقة من  الجبال و الوديان و السدود و الأنهار من مختلف بقايا الكائنات الحيوانية النافقة و العناصر العضوية الطبيعية ، غير أنه بفعل تأخر تساقط الأمطار لفترة طويلة و تدني درجة حرارة الماء، فإن السردين باعتباره من الأسماك المهاجرة، غادر سواحل الجهة الشرقية للبلاد،   بحثا عن مصادر التغذية و النظام البيولوجي الملائم لنموه و تكاثره .
كما  أن استقرار الظروف المناخية في بعض الأحيان، يبقى وراء تراجع الإنتاج السمكي حسب مهنيي الصيد البحري، بسبب قلة التيارات البحرية التي تسمح بتجديد مخزون الأكسجين و تحرك أسراب الأسماك من الأعماق إلى السطح و تنقله من جهة لأخرى.
تدمير قاع البحر يحدث هجرة للأسماك

و خلال حديثنا مع أصحاب المهنة، أفاد أحد كبار الصيادين في القالة، بأن استفحال   نهب المرجان في السنوات الأخيرة بتدمير قاع البحر باستعمال مختلف الوسائل والمعدات المحظورة   ، يبقى وراء هجرة  وانقراض الأسماك من عرض السواحل المحلية ، خاصة السردين والأصناف الراقية التي تتغذى على الشعاب المرجانية التي تبقى بمثابة الفضاء البيولوجي الذي يزودها بالأكسجين و مصادر التغذية، ما يكسب المنتوج البحري المحلي خصوصيات فريدة، و  يتجلي ذلك في طعمه و مذاقه المميز  .

مشيرا إلى أن نشاط الصيد البحري يبقى في خطر و مهدد بالزوال في المنطقة إن لم تستدرك الجهات المعنية الأمر بوضع آليات فعالة لمحاربة ظاهرة نهب المرجان.   
كما أوضح من تحدثوا إلى النصر ، بأن كميات السمك التي تدخل الميناء على قلتها، يتم عرضها للبيع بالمزاد لتجار الجملة القادمين من الولايات الداخلية في غياب مسمكة بالميناء،  حيث ذكر المصدر، أن أغلب المنتوج البحري خاصة السردين، يتم تسويقه خارج الولاية دون تخصيص حاجيات السوق المحلية و هو ما كان وراء ندرة المادة و غلاء الأسعار.
فيما قال تجار التجزئة، بأنهم يضطرون لشراء بضعة صناديق من شاحنات  الجملة القادمة من الولايات الداخلية بسعر يتجاوز 10 آلاف دينار للصندوق من أجل كسب قوت يومهم، فيما ذكر باعة آخرون، أن  السردين محليا يعرض  في أسواق التجزئة بسعر أكثر من الأسعار المتداولة خارج الولاية في مفارقة تبقى حسبهم غريبة، و هذا بسبب ما أسموه فوضى التسويق.  

هكذا يسيطر الوسطاء على السوق
حمل بعض البحارة وجمعيات محلية، تجار الجملة و وسطاء مسؤولية المضاربة     بالسردين واحتكار تسويقه وطنيا،  ما جعل  الأسعار  تبلغ مستويات خيالية، حيث أكد البحارة، على أن تراجع إنتاج السردين أدى إلى استفحال نشاط كبار الوسطاء   القادمين من الولايات الداخلية، و الذين  يقومون باقتناء كل ما يستخرج من البحر باتفاق مسبق مع أصحاب السفن لشراء كل المنتوج  و لاسيما السمك الأزرق مباشرة في البحر، و تحويله  نحو مخازن تبريد  ثم يسوق نحو الولايات الأخرى.
في حين تبرأ تجار الجملة من الاتهامات الموجهة اليهم ،  مشيرين إلى أن الأمر مرتبط بالعرض والطلب مع قلة الإنتاج في المدة الأخيرة، مضيفين بأنهم يقومون بشراء حاجياتهم من الأسماك بمقتضى نتائج المزايدة و السعر الافتتاحي.
وأفاد عارفون بخبايا السوق  أن المضاربين  ، أحكموا سيطرتهم على  سوق السمك من خلال تحديد سعر متفق بينهم والعزوف عن شراء المنتوج في حال  بلوغه السعر الذي يحدده الصيادون، علاوة على ابرام تجار جملة آخرين لاتفاقيات سرية مع بعض أصحاب السفن، بموجبها يتكفلون   بدفع  الأموال لهم لتغطية تكاليف الصيانة والأجور أثناء فترة التوقف عن النشاط،  مقابل تمكينهم من كل ما يصطادونه من  السردين.
قال صيادون، بأن نشاط الصيد البحري في المنطقة، بات يحتضر بالنظر لجملة من المشاكل المهنية التي يتخبطون فيها و التي أُثرت سلبا على  الإنتاج  و  الأسعار،   حيث يطرحون مشكل  الأعطاب  نتيجة قدم الأسطول البحري الذي يتجاوز معدل عمره 3 عقود و اعتمادهم على الصيد التقليدي  ،   فضلا عن ندرة و غلاء قطع الغيار في السوق و غياب ورشات صيانة السفن.   
مديرية الصيد البحري
مساع لفتح مسمكة و مرافقة أصحاب المهنة

أرجعت مديرية الصيد البحري، غلاء السردين و الأسماك بصفة عامة، إلى معادلة العرض و الطلب، مشيرة إلى تسجيل تراجع في الإنتاج البحري بسبب جائحة كورونا التي قالت بأنها أثرت سلبا على مردودية القطاع، زيادة على كثرة الأعطاب و تراجع عدد الخرجات للبحر و الصيد التقليدي على مقربة من الخليج دون الوصول إلى أعماق البحار، كما لم تخف المصالح المعنية وجود فوضى في التسويق رغم تدخلها و إشرافها على متابعة العملية لقطع الطريق على الوسطاء.
 وأضافت مصادرنا من المديرية بأنه  يتم السعي لفتح مسمكة بالميناء لتنظيم التسويق و محاربة المضاربة ،  مع  مرافقة المهنيين لتجديد أسطولهم ضمن مختلف الأجهزة،  و إيجاد الحلول لبعض المشاكل المهنية العالقة التي قد تؤثر على  نشاط الصيد البحري.
فيما يرى رئيس جمعية  الصيادين لولاية الطارف، بأن هجرة الأسماك للسواحل و انعكاس ذلك على تراجع الإنتاج، مرتبط كذلك باستعمال المتفجرات في الصيد بالجهة الغربية للوطن من ميناء الغزوات إلى ميناء تنس بالوسط، ناهيك عن الاختلالات المسجلة في التسويق، مستعجلا  وضع حد   للفوضى التي يعرفها القطاع، مع ضرورة محاربة الوسطاء للحد من المضاربة.
نوري.ح

صيادو سكيكدة يشتكون من الإفلاس ويؤكدون
وسطاء من ولايات مجاورة يستحوذون على السوق
الاضطرابات الجوية أحدثت ندرة
أرجع صيادون بولاية سكيكدة الارتفاع الكبير في أسعار السمك الأزرق وسيما السردين إلى ندرة لها علاقة بالاضطرابات الجوية والتلوث، فيما تحدث آخرون عن وجود وسطاء من ولايات مجاورة يقومون بجمع ما لا يقل عن 80 بالمئة من الكميات التي يتم صيدها  ما يجعلهم يتحكمون في الأسعار، بينما تسوق النسبة المتبقية محليا بأثمان تتراوح ما بين 800 إلى 1200 دج.
و من أجل الغوص في سوق السمك و معرفة أسباب الندرة و كذا الارتفاع الفاحش لأسعار السردين، تنقلت النصر إلى ميناء الصيد البحري بسطورة، أين وجدنا الحركة به على غير العادة شبه مشلولة، حيث كانت سفن صيد راسية  بينما انهمك عدد من الصيادين   في خياطة الشباك و تصليح السفن،  فيما تجمع آخرون   في مخزن حولوه إلى شبه نادي يتجاذبون  فيه أطراف الحديث و يروون ما حل بهم هذا الموسم من قحط.
المنطقة الصناعية و السفن التجارية في قفص الاتهام
و قد أرجع الصيادون الذين تحدثوا إلينا  نقص السمك الأزرق أو السردين عبر شواطئ الولاية التي تتربع على شريط ساحلي بأزيد من 140 كلم، إلى عوامل عديدة،  أبرزها ظاهرة التلوث الناجم عن المواد الكيميائية التي ترميها وحدات و شركات بالمنطقة الصناعية الكبرى في عرض البحر، و تحدثوا عن حادثة انفجار قنوات تابعة لهذه الشركات سنتي 2014 و 2015، ما أدى إلى نفوق كمية معتبرة من السمك بشاطئ العربي بن مهيدي،  مشيرين  إلى أنه تم تحويل عينة من الأسماك لوزارة الصيد البحري، من أجل التدخل لاتخاذ الإجراءات اللازمة، لكن المساعي و للأسف يضيفون، لم تلق أي إجابة، مجددين مطلب التدخل لإجراء دراسة و تحاليل على نوعية مياه البحر في سكيكدة و معرفة نسبة التلوث فيه.
 كما طرحوا كذلك قضية السفن التجارية القادمة من مختلف الدول الأجنبية، والتي قالوا  إنها  تتوقف على حوالي 12 ميلا في عرض البحر و ترمي مواد  ملوثة قبل رسوها في الميناء و تفريغ حمولتها، فضلا عن محطة تحلية مياه البحر التي تزيد من ملوحة مياه البحر و هذا ما يتسبب في هجرة السردين، إضافة إلى  «وجود  عامل طبيعي لا يمكن التحكم فيه، و يتعلق بالتقلبات الجوية التي تؤثر في وفرة السمك و تؤدي إلى هجرته بحثا عن الغذاء».
وهناك من الصيادين من تحدثوا عن وجود  بعض الأشخاص من ولايات قسنطينة، أم البواقي، باتنة، سطيف و حتى ولايات داخلية مثل عنابة و جيجل، لهم استثمارات بحوالي 300 مليون لكل واحد، يشترون   كامل المنتوج من السمك الأبيض، و بالتالي لا يتبقى للمستهلك السكيكدي سوى نسبة تتراوح بين 5 إلى 10 في المائة مما تم صيده، بينما تذهب نسبة 80 في المائة إلى تلك الولايات و حتى للصحراء.
و أضاف الصيادون، بأن هؤلاء الأشخاص تجدهم يترقبون الحوت الأزرق عند دخوله الميناء في الليل، لشرائه و تحويله لولاياتهم بحكم حيازتهم على الإمكانيات و الوسائل المادية اللازمة و على وجه الخصوص شاحنات التبريد،  فيما تبقى  إمكانيات وكلاء البيع في سكيكدة  ضعيفة و لا تواكب التزايد السكاني الذي تشهده المدينة، و هي من الأسباب التي تجعل أسعار السمك في سكيكدة مرتفعة أكثر من أسعاره في الولايات الداخلية.
وقال ناشطون في  مجال الصيد على أن الوسطاء و المضاربين هم سبب ارتفاع أسعار السمك، حيث ينتظرون وصول سفينة الصيد للميناء و الشروع في عملية البيع بالمزاد العلني، لتبدأ مثلما قال، معركة بين الوسطاء لمن يدفع أكثر و الظفر بكامل الحصة من السمك، خاصة إذا كان العرض بحجم محدود  ، حيث تكون  المنافسة بين الوسطاء  شرسة،  وعن الظفر بالسلعة   يعيدون بيعها بأسعار مرتفعة لتصل للمستهلك بأسعار مضاعفة، حيث أن الصياد و عكس ما يعتقد الكثير، فانه لا يحقق عائدات كبيرة و أغلب ما يحصل عليه يوجه لتغطية أجور العمال و تكاليف المازوت.
تحذيرات من أصناف مستوردة
و أضاف الصيادون، بأنه و مهما يلجأ البعض لتدعيم السوق  بكميات من أصناف السمك الأبيض من مزارع تربية المائيات، لكن الأسعار تأبى النزول، و هنا أثاروا قضية السمك الذي يتم استيراده من إسبانيا من أصناف الكافال، الميرلون، البوقا، الصاورال و غيرها و قالوا بأنه يشكل خطرا حقيقيا على صحة و سلامة المستهلك بسبب المادة المستعمله في تحنيطه و أعطوا مثالا على ذلك حول ما لاحظوه عند باعة السمك في المدينة، حيث صنف «الكافال» الذي يتميز بلون أبيض و بقع سوداء و يظهر للعيان أنه منتوج جديد خرج للتو من البحر، لكن في الحقيقة هي أن «الكافال» المحلي الذي يتم صيده من سواحل سكيكدة، يكون بلون أخضر و بقع خضراء.
"نصطاد السمك ولا نستهلكه"
كما تحدث الصيادون عن معاناتهم الكبيرة من الجانب الاجتماعي في ظل هذا الوضع، حيث عجزوا  كما يقولون عن شراء المازوت للخروج إلى الصيد، بحكم أن غالبيتهم أرباب عائلات و هناك من قال بأنه يضطر للاقتراض بتوفير حقوق الوقود الذي زاد من أعبائهم المالية، أما السمك، فإنه غائب عن موائدهم  منذ أشهر، على حد تعبيرهم لأنه و في ظل ندرته،  الكمية القليلة التي يصطادونها، يقومون ببيعها من أجل توفير حقوق المازوت و قضاء ما يمكن من احتياجات العائلة و يفضلون اقتطاع 1000 دج لشراء شرائح الدجاج، لأنها تكفي لعدة أيام، بينما كلغ من السمك لا يكفي حسبهم لتحضير وجبة غداء أو عشاء لعدة أفراد من العائلة.
و أجمع الصيادون، على أن المازوت يكلفهم الكثير من الأعباء المالية و هناك من فكر في التوقف عن النشاط بسبب هذه المشكلة و ذكر لنا أحدهم، أن أربع أو خمس ساعات في الليلة تكلفه 12 ألف دج و في غالب الأحيان يعودون صفر اليدين، مرجعين سبب ارتفاع الأسعار إلى نشاط الوسطاء و المضاربين.
و نحن نهم بمغادرة الميناء، صادفنا وصول زورق صيد صاحبه أسعفه الحظ في صيد كيسين من السمك الأبيض، سلمهما مباشرة لوسيط، فاستفسرناه عن السعر، فقال لنا بأن الكلغ الواحد بـ1000دج.
و عند اقترابنا من بعض بائعي السمك على مستوى الميناء، أكد لنا أحدهم و له خبرة مهنية طويلة في هذا المجال، يسمى «بن ساسي، على أن ندرة السمك أمر عادي جدا بحكم أن هذه الفترة معروفة بالتقلبات الجوية التي تؤدي إلى هجرة السمك، و الوضعية مثلما قال، ستعود إلى طبيعتها في الأسابيع القادمة حيث ستعود وفرة السردين إلى الأسواق بصفة منتظمة عندما يتحسن الطقس و ترتفع درجة الحرارة، مستغربا الضجة التي أثارتها صفحات التواصل الاجتماعي حول ندرة السردين، لأن الحقيقة غير ذلك تماما «و لا بد على المواطن أن لا ينساق وراء هذه المغالطات».
كما استبعد المتحدث أن يكون الوسطاء سببا في ارتفاع أسعار السمك لأن القيمة المالية التي يحصلون عليها وراء نشاطهم لا تسمن و لا تغني من جوع مقارنة بتعبهم و أعطى مثالا بوسيط يتعامل معه وجدناه برفقته داخل المحل، حيث يكلفه بشراء المنتوج و يمنح له مبلغا يتراوح بين 500 إلى 700 دج عن كل كيس و تنخفض القيمة إلى 200 دج عندما يكون المنتوج متوفرا  معلقا « هؤلاء شباب يبحثون عن مصدر رزق عوض أن يكون مصيرهم الشارع و الانحراف» .
أما بخصوص عملية البيع، فأكد  الصياد على أنها تتم مباشرة عند وصول المنتوج إلى الميناء و تكون في شفافية تامة عن طريق المزاد العلني، حيث يصل سعر الكيس بوزن 24 و25 كلغ، بين مليون و نصف المليون سنتيم و بسبب ندرة السمك في الظرف الحالي، يكون نصيب صاحب السفينة في الغالب، 1800 دج عن كل كيس من السمك من صنف «لاتشا»، أما السردين، فإن توفر فيتم جلبه من القالة، حيث وصل سعر الكيس خلال، الأسبوع الفارط، إلى 16 ألف دج، بينما وصل سعر صندوق السمك المستورد صنف «البوجا» بوزن 6 كلغ، إلى 3600 دج و غير ها من الأصناف الأخرى مثل الكافال، الباكلا.

و وصف محدثنا الوضع الحالي لمهنيي الصيد و حتى لباعة السمك، بالصعب، فمثلا صياد يملك سفينة قيمتها ثلاثة ملايير سنتيم إذا أسعفه الحظ و أن عاد من رحلة الصيد بـ14 أو 20 كيسا، فإن ما يجنيه من وراء ذلك يكون قليلا جدا و يحتفظ بثمن المازوت و الباقي يوزع على بقية العمال.
و بخصوص تساؤلات المستهلك عن كون أسعار السمك تكون منخفضة في الولايات الداخلية و مرتفعة في ولاية سكيكدة رغم أنها ساحلية و منتجة للسمك، فإن الأمر يرجع إلى وكلاء البيع من الولايات الداخلية، لأنهم تجار بالدرجة الأولى و تجدهم يقتنون المنتوج ليس من سكيكدة فقط و إنما من مختلف الولايات الساحلية و يبيعونه بأسعار منخفضة و «يجب أن يدرك المستهلك هذا جيدا و ليس بالضرورة أن تكون الأسعار منخفضة في موطن إنتاجها».
تكذيب ما يروّج عن رمي الأسماك في البحر  
فيما أبدى الصيادون في حديثهم استياء و تذمرا كبيرين من إشاعات رمي السمك في البحر لرفع الأسعار و هذا ما اعتبروه باطلا و لا أساس له من الصحة، كما يرى الصيادون الذين تحدثنا إليهم، أنه لا بد أن يكون هناك تنسيق بين المهنيين و السلطة التنفيذية من أجل إيجاد حلول للمشاكل المطروحة و تحسين وضعية القطاع، داعيين جميع المهنيين إلى ضرورة المحافظة على الثروة السمكية و عدم اصطياد نوع السمك أقل من 11 سم و إذا كانت أزمة ندرة في السمك مثلما هو حاصل حاليا، فلبأس من ذلك بشرط بيعها لمصانع الصوجا عوض إعادة رميها.
مدير الصيد البحري، حسين بوصبع، أوضح في اتصال هاتفي مع النصر، بأن سوء الأحوال الجوية هو السبب الرئيسي لندرة السمك و خاصة سمك السردين، ما يؤدي إلى تراجع الإنتاج و هذا أمر طبيعي يحدث عادة في شهري جانفي و فيفري، مضيفا بأن السمك الأزرق يتأثر بثلاثة عوامل، تتمثل في درجة حرارة المياه و ملوحتها و كذا التغذية و هناك عوامل تقنية تتعلق بعمق تواجد السمك، مضيفا بأن تحسن الطقس من شأنه أن يعيد الوضع إلى طبيعته و تكون وفرة في الإنتاج و بالتالي تنخفض الأسعار.
كمال واسطة

الرجوع إلى الأعلى