الولاية تحتل المرتبة الثانية وطنيا في الخضر  
  صحراء الوادي تتحوّل إلى قطب للإنتــــــاج الفــلاحــــــي
*   فلاحون وتجار ينشئون “أسواق جملة” في الهواء الطلق

تساهم ولاية الوادي، بحوالي 12 بالمائة من المحاصيل الفلاحية الحقلية، لتموين السوق الوطنية بمختلف أنواع الخضر، و بالنظر لتوسيع المساحات المزروعة في هذه الولاية النموذجية و اقتحام فلاحين لعديد الشعب التي كان إنتاجها حكرا على ولايات  الشمال فقط، تمكن منتجو  الوادي بفضل تسهيلات الدولة و مختلف صيغ الدعم الممكنة، من التموقع في المراتب الأولى وطنيا في إنتاج الخضر و التمور و حتى بعض الأنواع من الفواكه في موسمها و في غير موسمها.
روبورتاج: منصر البشير
و صنفت ولاية الوادي خلال المواسم الفلاحية الأخيرة، بأنها سلة غذاء الجزائر، لما تقدمه من محاصيل احتلت بها الريادة الوطنية في عديد المنتجات الزراعية ذات الاستهلاك الواسع، خاصة المبكرة منها و خارج الموسم و على رأسها البطاطس، الطماطم، الثوم و البصل، ما جعل الحكومة تلجأ لتعليق عمليات استيراد هذه الشعب التي تم تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاجها محليا، بل و حتى تصدير كميات منها.
و رغم كل المجهودات المبذولة في كل الشعب الفلاحية بمدينة الوادي و توفير المحاصيل بكميات تغطي حاجيات السوق المحلية و جزء  كبير من السوق الوطنية، إلا أن انعدام هياكل تجارية كبرى للخضر و الفواكه بالجهة، يجبر أغلب تجار الجملة من كل ولايات الوطن، على التواصل الشخصي مع معارفهم لتحديد أماكن البيع من محيطات فلاحية و أسواق في الهواء الطلق، أسست اجتهادا من فلاحين و تجار بالتعاون مع مجالس محلية منتخبة.
تغيّر موازين التموين بين الشمال والجنوب
أجمع عدد كبير من تجار الجملة للخضر و الفواكه الذين التقتهم “النصر” في السوق المركزي للخضر و الفواكه أو في الأسواق الأخرى بعديد بلديات الولاية، على الوضعية الكارثية لهذا الفضاء التجاري، بسبب كثرة الأوساخ المحيطة به و تأثره الكبير بظاهرة صعود المياه، ناهيك طبيعة المحلات التي يستغلونها و المغطاة في أحسن الأحوال بالحديد أو القصب.
و قال “الحاج مسعود.ص” تاجر جملة منذ نحو 20 سنة، التقينا به في السوق المركزي، بأن توسع النشاط الفلاحي   وفر عليهم عناء التنقل في سنوات خلت إلى الأسواق الكبرى بولايات الشمال بحثا عن الخضر و الفواكه و جلبها للمنطقة، مضيفا بأن تحول الولاية إلى قطب فلاحي كبير، حول السوق المحلية إلى منصة تبادل مع نظرائهم من تجار الولايات الأخرى، لجلب ما يحتاجه كتاجر و يشترون منهم ما يبيعهم من خضر منتجة محليا.
و عبر “محمد.م” و هو تاجر خضر بسوق الجملة، عن أسفه الشديد لما آل إليه السوق الحالي من ضيق المكان و مشكل صعود المياه بساحته و محيطه الخارجي، حيث يجد نفسه محرجا مثل غيره من التجار لاستقبال زبائن من كل ولايات الوطن، سواء للشراء أو لبيع ما جلبوه من خضر أخرى تحتاجها السوق المحلية  في هكذا ظروف لا تليق بمدينة فلاحية مثل واد سوف.
فيما ذكر “محمود.ب” تاجر جملة، أن وضعية السوق المركزي، أفقدته الكثير من الزبائن من خارج الولاية، استقطبتهم أسواق صغيرة استحدثت من طرف «سماسرة» و فلاحين في عديد البلديات، بدل الدخول للسوق الذي هجره الفلاحون و التجار لانعدام التهيئة، ضيق المكان و انعدام المرافق للسوق الحالي.
و أكد “ عماد.ح» تاجر من مدينة باتنة، على أنه يضطر لدخول السوق الحالي بهدف بيع ما جلبه من بضائع و مغادرته لبلديات الولاية بحثا عن ما يريد نقله من خضر مطلوبة بولايته من المحاصيل المحلية الموسمية التي ينتجها الفلاح بالوادي، آملا في إنجاز سوق كبيرة تسهل عليهم عملية توفير ما يحتاجونه في موقع واحد بدل إهدار الوقت بحثا عن السلع التي يحتاجونها.
و أضاف “الوناس فوزي” و هو تاجر خضر و فواكه من العاصمة، التقته «النصر» عند مدخل السوق المركزي، بأن عزوف الفلاحين عن تقريب كميات كافية من الخضر إلى هذه السوق، بسبب ضيقها و وضعيتها الكارثية،  يجعله كتاجر، يتسابق مع الزمن لبيع ما جلبه من سلع و التنقل بحثا عن ما يحتاجه  من خضر، مشيرا إلى دور السماسرة في تحديد الأسعار بعيدا عن السوق .

إلغاء مداولة تعيين مؤسسة لتسيير سوق الجملة يبعثر أوراق التجار
بعدما استبشر تجار المنطقة و فلاحوها خيرا، قبل عامين، باستفادة المنطقة من سوق للخضر و الفواكه على مساحة إجمالية تفوق 20 هكتارا مغطاة للجملة و انطلاق الأشغال به، إلا أن الشطر المنجز لا يغطي حتى 50 % من التجار النشطين، فيما يبقى الغموض يخيم على استكماله و وضع ما أنجز حيز الخدمة عقب إلغاء مداولة بالمجلس الولائي ، لتأسيس مؤسسة عمومية لتسييره.
و قال عدد من تجار سوق الجملة للخضر و الفواكه في الوادي، بأن شطر المشروع المنجز و المقدر بنحو 43 محلا داخل المساحة المغطاة، لا يرقى لمتطلباتهم كتجار، حيث يبحثون عن مرافق كبرى تلبي حاجتهم و حاجة قاصدي السوق بشكل يومي من كل ولايات الوطن، مؤكدين على أهمية تخصيص غلاف مالي لاستكماله بكل مرافقه المبرمجة ضمن دراسة المشروع بدل الاكتفاء بالجزء الحالي .
و أشار ذات المتحدثين، إلى  أهمية الموقع الاستراتيجي للسوق الذي يتوسط الطريقين الوطنيين 16 و 48، بالإضافة إلى ربط كل البلديات ذات الطابع الفلاحي بطرق اجتنابية تؤدي مباشرة إلى الموقع، ناهيك عن الدراسة الخاصة بربط الولاية بشبكة السكة الحديدية التي تمر من ذات المكان عبر إقليم دائرة الوادي و بلدية كوينين، حوالي 10 كلم شمال عاصمة الولاية.
كما أبدى تجار جملة، تخوفاتهم من أن يطال الإهمال والتخريب ما أنجز من هذا الصرح قبل استكماله أو وضعه حيز الخدمة و لو جزئيا كمرفق عمومي، خاصة بعد قرار إلغاء المداولة الخاصة بتأسيس مؤسسة عمومية ذات طابع اقتصادي لتسييره في آخر دورة للمجلس الولائي الشهر الماضي، مع إمكانية تحويل تسييره للخواص، معتبرين بأن القرار سيؤدي لمصير مجهول لما استكمل منه.
فلاحون و تجار يستحدثون أسواقا بديلة في الهواء الطلق
لجأ الكثير من التجار و الفلاحين في ظل انعدام سوق كبيرة تتحمل الكم الهائل من المركبات و المحاصيل و بمساعدة من منتخبين محليين خلال السنوات الأخيرة موازاة مع تحول الولاية إلى قطب فلاحي بامتياز  ، لتخصيص أوعية عقارية كأسواق متخصصة في محصول واحد أو متنوعة يعرض فيها الفلاحون منتجاتهم، حيث تستقبل يوميا مئات الشاحنات من كل مناطق الوطن، ناهيك عن عمليات البيع المباشر من الفلاح إلى التاجر أو «الوسيط» داخل المزرعة.
و كانت بلدية المقرن شرق الولاية، قد خصصت وعاء عقاريا كسوق للطماطم في الهواء الطلق بمساعدة من التجار و الفلاحين الذين ساهموا في إحاطته و تجهيزه بالمعدات الضرورية مثل ميزان المركبات، و جاء ذلك بعد ريادتها في إنتاج محصول الطماطم، حيث كان قبلة لجل منتجي المنطقة من  ذات المادة، لعرض محصولهم من الطماطم أمام تجار من داخل و خارج الولاية.
كما استطاعت بلدية الطريفاوي، من خلال تهيئة ساحة كبيرة و إحاطتها بمدخلها الغربي المحاذي لعاصمة الولاية، تحويلها كسوق للجملة و نصف التجزئة للخضر و الفواكه استقطب عددا من الفلاحين، أين يعرضون محاصيل فلاحية حسب الموسم و  يجلب تجار من خارج الولاية  مواد  تحتاجها السوق المحلية و يقتنون أخرى تحتاجها أسواقهم، بعيدا عن السوق القديم الذي يصعب حتى الوصول إليه بمركباتهم، في ظل ضيق مساحته و غلق  باعة التجزئة المحيطين به لمنافذه.
و يرى “عادل.ح” تاجر بالمنطقة، أن هذه الأسواق المستحدثة، أصبحت البديل للكثير من التجار،   و المتنفس لهم في تجديد نشاطهم التجاري المتمثل في بيع الخضر و الفواكه بالجملة، بعيدا عن معاناة السوق القديمة، جراء المياه القذرة المحيطة بها و التي كثيرا ما تتسرب إلى ساحة السوق.
 كما روى «محمد الصالح.م” كيف هجر محله التجاري بالسوق المركزي، مفضلا مواصلة استمرار عمله في سوق بلدية الرباح الخاص ببيع البطاطا و لحقه  البعض من زبائنه الذين  يشترون  ما يحتاجونه من الخضر المحلية و يوفرون له طلبياتهم من الولايات القادمين منها ،أو حتى التي يمرون بها في طريقهم إلى ولاية الوادي.
فيما تحولت بلديات حاسي خليفة، الرباح و ورماس، إلى أسواق مفتوحة لبيع مادة البطاطا و بذورها و كل المعدات التي يحتاجها منتجو البطاطا على مدار الموسم، بما وفرته كل بلدية على حدة من مواقع مهيأة خصيصا لبيع البطاطا، تستقطب تجارا من كل ولايات الوطن و الذين أصبحوا يعرفون هذه الأسواق أكثر من السوق القديم.
كما ساهمت استثمارات عدد من الخواص في تثبيت هذه الأسواق، من خلال انجاز الجسور لوزن الكميات التي يتم بيعها مباشرة داخل هذه الأسواق أو بمحاذاتها، أضف إليها تحول هذه الموازين و حتى البعيدة عن السوق، إلى أماكن يلتقي فيها التاجر و الفلاح، سواء لبيع منتجاتهم أو لعرضها عليهم و التفاهم في أثمانها بعيدا عن السوق.
* رئيس مصلحة تنظيم الإنتاج و الدعم التقني بمديرية الفلاحة «سالم بكاري»
احتلال المرتبة الثانية وطنيا بـ 11.7 % من المحاصيل
أكدت مديرية المصالح الفلاحية بالوادي، على أن الولاية تحتل المرتبة الثانية وطنيا في توفير المحاصيل الحقلية، مساهمة بنحو 11.7% في الإنتاج الوطني، مشيرا إلى الدور الفعال الذي تلعبه المنطقة في توازن السوق الوطنية في جل المحاصيل خاصة المبكرة منها.
و قال رئيس مصلحة تنظيم الإنتاج و الدعم التقني بمديرية الفلاحة، «سالم بكاري»،  بأن الولاية تتصدر الولايات المنتجة لمحصول البطاطا بإنتاج فاق 11 مليون قنطار على مساحة 36 ألف هكتار، مساهمة بنحو 25.7 % من الإنتاج الوطني، بالإضافة 3740 هكتارا من الطماطم الحقلية، بإنتاج يفوق 2 مليون قنطار و320 ألف قنطار بصل على مساحة 1400 هكتار، ناهيك عن 286 ألف قنطار من مادة الثوم بين أخضر و يابس، على مساحة تصل إلى 1300 هكتار. في حين تحتل الولاية المرتبة الثانية وطنيا في إنتاج التمور بمختلف الأصناف، حسب مصدرنا، بمساهمة تفوق 24 % بأزيد من 4.6 ملايين نخلة على مساحة 3 آلاف و 890 هكتارا، منها 1.8 مليون نخلة تنتج دقلة نور، حيث يقدر إنتاجها السنوي بـ 2.8 مليون قنطار على رأسها دقلة نور كأكثر مادة مطلوبة في السوق الوطنية و الدولية. كما تساهم ولاية الوادي، بنحو 530 ألف قنطار من المحاصيل المحمية التي تعتمد على البيوت البلاستيكية، على غرار الطماطم، الفلفل بنوعيه و مادة الخيار، إضافة إلى منتوجات الباذنجان و «الكوسة» و البطيخ بأنواعه على مساحة محمية تفوق 857 هكتارا.  
كما أضاف ذات المتحدث، بأن الولاية تساهم بـ 0.8% من الإنتاج الوطني من محصول القمح و 0.3% من مادة الشعير و 0.9% من المحاصيل العلفية، أضف إليها ريادتها لولايات الوطن في إنتاج الفول السوداني كمحصول صناعي و الذي تضاعفت مساحته خلال الموسم الأخير ليفوق 5 آلاف هكتار، حيث قدر إنتاج هذه السنة بقرابة 160 ألف قنطار. كما أشار رئيس مصلحة التنظيم و الإنتاج، إلى مساهمة الولاية بـ 3 % من الإنتاج الوطني لمادة اللحوم الحمراء، محتلة المرتبة الـ 10 وطنيا و المرتبة 30 في إنتاج اللحوم البيضاء، بالإضافة المرتبة 17 في إنتاج و بر الإبل.                                                
م.ب

زراعة البيوت البلاستيكية تفجر طاقات الإنتاج
38 ولاية تتزود بالخضروات من ولاية بسكرة
روبورتاج: عبد الحفيظ بوسنة

تحولت ولاية بسكرة بفضل دعم الدولة و الإمكانيات الكبيرة في مجال المياه و جهود الفلاحين، إلى قطب زراعي هام يغطي نسبة كبيرة من الاحتياجات الغذائية الوطنية، خلال السنوات الأخيرة، خاصة في مجال الخضر الموسمية المبكرة، و تعد أهم ولاية منتجة للخضر تحت البيوت المحمية، حيث تحتل الريادة وطنيا بمساحة إجمالية تقارب 7 آلاف هكتار، و هي في توسع مستمر باستعمال البيوت متعددة القبب لمضاعفة الإنتاج، حيث حققت نتائج مشجعة جعلتها تحتل الصدارة من حيث القيمة المالية للإنتاج النباتي في ظل مرافقة الفلاحين بالإرشاد و التكوين خاصة في مجال التتبع في جميع مراحل الإنتاج.
منتجون يتحدون العراقيل و توقعات بمزيد من التطور
و يتوقع المشرفون على القطاع بالولاية، المزيد من التطور خلال السنوات القليلة القادمة، بالنظر إلى الحركة الكبيرة التي تشهدها في هذا المجال، لتنويع سلة المنتجات و الرفع من معدل الإنتاج، خاصة في الخضر المبكرة، لتغطية السوق الوطنية في ظل توفر الولاية على قدرات طبيعية هائلة و موقع إستراتيجي هام ساعدها على تسويق المنتجات باتجاه الأحواض السكانية الكبرى في البلاد، إلى جانب التصدير وفقا للمقاييس العالمية.
و رغم بعض الصعوبات الميدانية، فإن قطاع الزراعة ببسكرة حقق معدلات نمو تجاوزت بكثير الحد الأدنى المحدد من قبل مصالح الفلاحة بالولاية، في ما يتعلق بإنتاج الخضر و غيره من المنتجات الزراعية.
و للوقوف على التطور الكبير الذي تعرفه الولاية، تنقلت النصر إلى مدينة مزيرعة باعتبارها قطبا زراعيا هاما، أين كان لنا لقاء مع أحد المستثمرين المدعو (محمد.ب) 27 سنة من ولاية خنشلة
حيث و في بداية حديثه، قال بأن ظروف العمل دفعته إلى التنقل و أفراد العائلة للإقامة بمزيرعة، للتفرغ بشكل نهائي للعمل الزراعي، حيث يستثمر في أرض مساحتها تقارب 10 هكتارات و كل المنتجات الفلاحية صالحة للزراعة، بما في ذلك الطماطم الفلفل، الباذنجان، البطيخ الأصفر، زراعة الحبوب و غيرها من الخضر و الفواكه ذات الجودة العالية التي تجود بها أراضي المنطقة.
محدثنا دعانا لدخول أحد البيوت البلاستيكية الكبيرة المخصصة لزراعة الطماطم، أين وجدنا مجموعة من العمال في مرحلة جني  المنتوج من نوع «طوفان»، من أجل تسويقه بسوق الجملة مادامت الأسعار مرتفعة و تباع بسعر الجملة من 100 إلى 130 دج للكيلوغرام، لنتوجه بعدها إلى البيوت البلاستيكية المغروسة بمادة الفلفل بنوعيه و كل نوع يقسم إلى عدة أصناف، فالفلفل الحار يوجد منه صنفان كرم1 و تاجموت، فيما يقسم الفلفل الحلو إلى 4 أصناف منها مسعودة، دزيل، طهات و 4 جوان، و لكل نوع خاصية مميزة خاصة من ناحية الحجم و المذاق، لننتقل بعدها إلى البيوت البلاستيكية المغروسة بمادة البطيخ الأصفر المعروف محليا (بالفقوس) من صنف (ديارام).
و في السياق، أكد محدثنا على أن المنتوج سينضج بداية من مطلع جوان القادم و يسوق بأغلب ولايات الوطن بالنظر إلى كثرة الإقبال عليه بحكم مذاقه اللذيذ و أكد الشاب المستثمر، على أنه و رغم كونه جامعيا، إلا أن فضل العمل الزراعي بالمنطقة اعتبارا من توفر جميع مقومات النجاح، خاصة ما تعلق بنوعية التربة و توفر مياه السقي التي تحقق مردودية معتبرة على مدار فصول السنة و هو ما جعله يفكر، كما قال، في توسيع مستثمرته لزراعة المزيد من الخضروات و الفواكه لتحقيق مردود مادي أفضل .
و ذلك رغم بعض المشاكل التي يعيشها يوميا على غرار بقية المزارعين بالمنطقة، منها بعض الأمراض الفطرية التي تصيب النباتات و التي تؤثر بشكل سلبي على نوعية المنتوج مثل مرض الرنة الذي يصيب الفلفل، إلى جانب انتشار بعض الحشرات على غرار الذبابة البيضاء و المن، زيادة على النقص الكبير في اليد العاملة، و هو ما دفعه إلى الاستنجاد بعمال من ولاية خنشلة لجني المحاصيل في وقتها، خوفا من تلفها في ظل النقص الفادح لغرف التبريد و استحالة التخزين.
و أشار محدثنا، إلى أن المعاناة تشمل التأخر في تهيئة المسالك و عدم فعالية المضادات لمحاربة الحشرات، الأمر الذي يسبب بعض الخسائر المادية، داعيا فئة الشباب للتوجه إلى المزارع و المستثمرات الفلاحية للعمل و الخروج من أزمة البطالة مادامت أجرة يوم واحد تفوق أحيانا 2000 دج.
سوق مزيرعة قبلة التجار و باروماتر للأسعار
يعتبر سوق الجملة للخضر و الفواكه الواقع بمخرج بلدية مزيرعة، ممونا رئيسيا لتجار الجملة من مختلف ولايات الوطن، بأنواع الخضر و هو المتحكم تقريبا في الأسعار بمختلف نقاط البيع و المحلات التجارية المخصصة للخضر و الفواكه و خلال تنقلنا في حدود الساعة الرابعة فجرا، موعد فتح السوق و الثامنة صباحا موعد غلقه و معاينتنا للسلع المعروضة، سجلنا وفرة في الكثير من الخضر و ووجود كميات من البطيخ كذلك، حيث يتنافس المنتجون على عرض أجود المنتجات التي تجود بها المناطق الفلاحية الواقعة في إقليم البلدية و ما جاورها، ما جعل الأسعار تخضع  لقانون العرض و الطلب، خصوصا و أن هذا السوق يعتبر المصدر الرئيسي لتجار معظم ولايات الوطن، حيث يضمن توفر الخضر الطازجة و بأسعار معقولة إلى حد ما.
و قد أظهرت لوحات ترقيم الشاحنات متفاوتة الأحجام و التي كانت مصطفة في ساحة السوق و بالمحيط القريب منه، أن هناك تجارا قدموا من ولايات شمالية و منهم من جاء من ولايات غربية و شرقية للتزود بمختلف المنتجات الزراعية التي تنتج في المنطقة و في مقدمتها الطماطم و الفلفل بنوعيه، حيث يضمن على مدار اليوم كله وفرة في المنتجات و بأسعار تنافسية.
و أكد بعض تجار ولايات مستغانم، المدية و ميلة في حديثهم للنصر، على أن الوفرة و الجودة و الأسعار المعقولة، دفعتهم إلى القدوم من مختلف جهات الوطن، حيث تتوفر الطماطم بأنواعها من سريز، كاوة، تيمقاد، طوفان، و التي تأرجحت أسعارها بين 60 دج و 140 دج للكيلوغرام حسب النوعية، أما الفلفل الحار كرم1 و تاجموت، فكان ما بين 35 و 50 دج و الفلفل الحلو مسعودة و ديزيل، تراوح ما بين 40 إلى 70 دج، الكوسة (جريوات) 40 دج، البصل 12 دج، بطيخ أصفر ديارام 200 دج.

عين الناقة..محج المستثمرين في الفلاحة
وجهتنا بعد ذلك كانت نحو بلدية عين الناقة المجاورة و التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى قطب فلاحي منتج بامتياز لجودة تربتها و وفرة مياهها الجوفية و إلى سوق وطنية كبيرة لعرض مختلف المحاصيل نظير موقعها الهام الذي أصبح يسيل لعاب المستثمرين، محولين أراضيها الشاغرة إلى مستثمرات فلاحية كبيرة تضاهي تلك المتواجدة شمال الوطن و هي الأوضاع التي شجعت على ارتفاع سعر الهكتار الواحد في ظرف وجيز.
و قد ذاع صيتها خلال السنوات الأخيرة، لتكون موقع جذب للمستثمرين و نقطة استقطاب في المجال الزراعي الذي انتعش بشكل مضاعف و الدليل على ذلك هو العدد الكبير و المتزايد للمزارع و المستثمرات الفلاحية، مما جعل منها نقطة جذب لليد العاملة من مختلف مناطق الولاية .
انطلاقتنا كانت من مزرعة (ب. علي) الذي وجدناه منهمكا في جني الطماطم، ، حيث قال لنا بأنه يمارس نشاطه منذ سنوات طويلة، مشيرا إلى أن الطماطم، الفلفل و الكوسا (الجريوات) التي تنتجها المنطقة، هي ذات جودة عالية، لذلك فالطلب عليها في ارتفاع مستمر بالنظر لمذاقها الخاص و حجمها الكبير، كما أن تربتها تصلح لغراسة مختلف أنواع الخضروات و الفواكه.
مؤكدا على أن زراعة بعض الخضروات، الحبوب، الجلبانة و الفول، توسعت بشكل مذهل في السنوات الأخيرة، خاصة مع الجهود المبذولة في مرافقة الفلاحين، فيما يخص ظروف العمل و مراقبة المساحات المغروسة و الشتلات.و أثناء تواجدنا ببلدية عين الناقة، سجلنا تواجدا مكثفا لمئات التجار بسوق الجملة الذي يتوفر على جميع المنتجات المحلية التي بلغت شهرتها  كامل ربوع الوطن، و هو ما أكده التاجران( ر. عامر) من تيزي وزو و (ن. عزو) من أم البواقي في حديثهما للنصر، من خلال التأكيد على أن وفرة المنتوج و جودته دفعتهما إلى قطع مسافات طويلة من أجل اقتناء الكميات اللازمة من مختلف أنواع الخضر، كما أكدا على أن توفر جميع الظروف بالسوق، حفزهم على القدوم إليه.
و قد مكن النشاط الفلاحي بالمنطقة و توسعه المذهل، من توفير مناصب عمل مؤقتة و دائمة لآلاف الشباب حتى للقادمين من ولايات أخرى، خاصة من ولايات الشلف، تيبازة، المدية، تبسة، خنشلة و غيرها من مناطق الوطن، حيث أكد بعضهم في حديثهم للنصر، على أن أوضاعهم تحسنت للأفضل بعد حلولهم ببلديتي عين الناقة و مزيرعة للعمل في مستثمراتهما الفلاحية و أكد الشاب (م.م) 28 سنة من تيبازة، على أن العمل الفلاحي مكنه من تحسين الأوضاع المادية لأسرته، حيث تمكن من بناء سكن لهم و فتح محل تجاري لوالده، موضحا في سياق حديثه، بأن العمل في المجال الفلاحي بولاية بسكرة، فتح له الكثير من الآفاق بعد أن عانى مطولا من أزمة البطالة.
 زراعة تمتد  7 آلاف هكتار ومرتبة أولى وطنيا  
أكد رئيس الغرفة الفلاحية لولاية بسكرة، مسعود غمار، على أن الولاية تعد قطبا زراعيا بامتياز وتحتل المرتبة الأولى وطنيا في إنتاج الخضر، نتيجة لمناخها شبه الصحراوي المناسب و وفرة مياهها الجوفية، حيث أحدثت الزراعة المحمية طفرة نوعية في المجال الزراعي و أصبحت زراعة الخضروات تتربع على قرابة سبعة آلاف هكتار من البيوت المحمية، منها 3 آلاف هكتار بيوت متعددة القبب، ما سمح لها بتموين قرابة 38 ولاية عبر الوطن بمختلف المحاصيل الزراعية.
و أضاف مسعود غماري للنصر، بأن المساحات المخصصة للزراعة  المحمية عبر الولاية، تعرف توسعا ملحوظا من موسم لآخر بفضل الجهود التي بادرت بها السلطات العمومية لترقية هذا القطاع الحيوي، حيث مكن برنامج دعم الدولة مطلع سنة 2000 إلى 2004، من خلق حركية كبيرة سواء في مجال توسع المساحات الزراعية أو حفر الآبار المخصصة للسقي.
كما سجل في هذا السياق، تزايدا في مساحة العقار المزروع و المسقي، خاصة مع التطور الكبير الذي عرفته ذات الزراعة، من خلال اعتماد البيوت متعددة القبب و ما لهذه التقنية من نتائج إيجابية على أرض الواقع بالولاية التي تتوفر على قدرات متنوعة تمكنها من المساهمة في الأمن الغذائي للوطن و ضمان مناصب شغل و مداخيل للمنتجين. فرغم بعض المعوقات التي يطرحها المنتجون، خاصة ما تعلق بوجود إشكال في بعض المناطق يخص تسوية وضعية بعض المزارعين من حيث التمليك و الحصول على سندات الملكية  و ندرة هطول الأمطار، فإن المنطقة عرفت إقبالا للمستثمرين من مختلف جهات الوطن، حفزتهم في ذلك التسهيلات المقدمة  و تتمركز الزراعات المحمية داخل البيوت البلاستيكية، بالجهة الشرقية للولاية، خاصة بلديتي مزيرعة و عين الناقة، فضلا عن بلديتي لغروس و ليوة بالجهة الغربية.  
ع/ب

 

الرجوع إلى الأعلى