أكد وزير الاتصال، الناطق الرسمي للحكومة، عمار بلحيمر، أمس الأحد، أن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، جعل من حرية الصحافة «مبدأ ثابتا» في الدستور الجديد من خلال «جملة من الضمانات توفر للصحفي ممارسة مهامه باحترافية وأخلاق»، مبرزا «التحوّل الجوهري الذي تعرفه المهنة في ظل مسار التأسيس لجزائر جديدة».
وقال السيد بلحيمر في رسالة وجهها إلى الأسرة الإعلامية بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة المصادف لـ 3 ماي من كل سنة: «اليوم ونحن نتطلع إلى مستقبل أرقى للصحافة، فإننا نسترشد بالتضحيات المشرفة وبالتحوّل الجوهري الذي تعرفه المهنة في ظل مسار التأسيس لجزائر جديدة ترتكز على الانتقال الآمن والشامل للرقمنة التي كانت موضوع مسابقة جائزة رئيس الجمهورية للصحافي المحترف بمناسبة اليوم الوطني للصحافي في 22 أكتوبر 2020».
وأضاف أن رئيس الجمهورية «جعل من حرية الصحافة مبدأ ثابتا كرّسه دستور الفاتح نوفمبر 2020 بكل الضمانات التي توفر للصحافي مساحة الحرية اللازمة لممارسة مهامه باحترافية وأخلاق»، وهو ما لخصته المادة 54 من الدستور بالنص على أنه «لا يمكن أن تخضع جنحة الصحافة لعقوبة سالبة للحرية».
وأبرز في هذا السياق أن مواقف الرئيس تبون بهذا الخصوص «اقترنت بأفعال منحت لهذا التوجه الجديد بعده الفعلي، لاسيما من خلال لقاءاته الدورية مع مختلف وسائل الإعلام الوطنية العمومية والخاصة، بل وحتى الأجنبية منها»، كما جعل من منصات التواصل الاجتماعي «وسيلة مباشرة وتفاعلية يخاطب من خلالها المواطنين أينما كانوا بكل صدق وشفافية».
ومسايرة  لهذا الواقع --يضيف الوزير-- «تم لأول مرة في نوفمبر الماضي استحداث مرسوم تنفيذي يتعلق بنشاط الإعلام عبر الإنترنت، والذي يشترط أن يكون النشر عبر الموقع الإلكتروني موطنا حصريا من الناحية المادية والمنطقية بالجزائر ومسجلا في النطاق .dz».
وأكد السيد بلحيمر أنه «يجري تنفيذ هذه العملية التي تعد إجراء سياديا، بكفاءات وطنية خالصة وفقت بنجاعة في إفشال محاولات القرصنة التي تستهدف مواقع إلكترونية معروفة بدفاعها عن مصالح الجزائر، لاسيما أثناء عملية نقل المحتوى والتوطين إلى داخل الوطن»، مشيرا إلى أن إصدار المرسوم الخاص بالإعلام الإلكتروني «يندرج في سياق ورشات الإصلاح الكبرى المرتكزة على محورين أساسيين».
ويتمثل المحور الأول في «تعزيز المنظومة التشريعية والتنظيمية لقطاع الاتصال ومطابقتها مع أحكام الدستور، إذ وعلى سبيل المثال، تم مؤخرا إنشاء لجنة على مستوى الوزارة بالاشتراك مع سلطة ضبط السمعي البصري وبمساهمة الخبراء المختصين تعنى بتكييف وتحيين قانون السمعي البصري لعام 2014».
كما تشمل عملية التكييف والتحيين «مشاريع تتعلق بوكالات الاستشارة في الاتصال، الإشهار، القانون العضوي للإعلام وقرار فتح الإعلان عن الترشح الهادف إلى منح رخص إنشاء خدمات البث التلفزيوني الموضوعاتي».
أما المحور الثاني فيتعلق بـ «التحكم في الرقمنة من خلال التزود بالتجهيزات المتطورة والتكوين ذي الصلة قصد التمكن من إنتاج محتوى سيبرياني وطني آمن ومتنوع».
وبعد أن أبرز أهمية الإعلام الإلكتروني في أداء الصحافي لمهامه، ذكر السيد بلحيمر بأنه قام في الفترة الممتدة من جانفي إلى أفريل 2021 بإجراء عديد الحوارات مع الجرائد والمواقع الإلكترونية الوطنية والأجنبية تمحورت حول قضايا الساعة كجائحة كوفيد-19، الحرب السيبرانية الممنهجة التي تستهدف الجزائر والوضع في منطقة الساحل والتطبيع مع الكيان الصهيوني، مشيرا إلى أنه تم التركيز خلال ذات اللقاءات على «واقع قطاع الاتصال والإصلاحات التي باشرها سعيا إلى ترقية مهنة الصحافة وتطوير أداء القطاع في مختلف المجالات».
وسعيا إلى ترشيد استغلال قدرات ألكومسات1 وهو أول ساتل جزائري في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية، صدر سنة 2020 مرسوم تنفيذي يعدل ويتمم القانون الأساسي للمؤسسة العمومية للبث الإذاعي والتلفزي الجزائري.
وأوضح الوزير في هذا السياق أنه بموجب هذا التعديل، أصبح بإمكان مؤسسة البث الإذاعي والتلفزي الجزائري «إبرام أي عقد تجاري يهدف إلى تقديم خدمة البث المباشر عبر الأقمار الصناعية للخدمات السمعية-البصرية بجميع الوسائل التقنية الملائمة وتأجير القدرات الملائمة عبر الأقمار الصناعية الوطنية والأجنبية».
الصحافة الجزائرية تدرك حجم التحديات التي تواجهها
من جهة أخرى، أكد السيد بلحيمر أن الصحافة الجزائرية التي تحيي، على غرار الصحافة العالمية، مناسبة حرية الصحافة هذه السنة تحت شعار «المعلومات كمنفعة عامة»، «تدرك حجم التحديات التي تواجهها في مجال المساهمة في بناء مجتمعات قوية، لاسيما من حيث توظيف المعلومات الموثوقة بشفافية قصد إنتاج وتوزيع محتوى إعلامي احترافي والتصدي للمعلومات المضللة وللمغالطات الخطيرة التي تشكل سلاح حروب الجيل الرابع»، مبرزا أن «الجهد الوطني يتأكد في ظل الوجود الإعلامي التنافسي القوي الذي يستقطب الجمهور الجزائري عبر مختلف وسائط الاتصال الأجنبية».
وأضاف أنه «تماشيا مع هذا الواقع وتعزيزا لدور الإعلام العمومي الموضوعاتي، تم سنة 2020 إطلاق قنوات تلفزيونية متخصصة تتمثل في قنوات الثالثة، المعرفة والذاكرة في انتظار استكمال العملية بقنوات أخرى، على غرار القناة البرلمانية والقناة الدولية، إلى جانب فتح مكاتب للتلفزيون الجزائري بعواصم العالم».
كما أنه تكريسا لحرية الصحافة وحق المواطن في الإعلام --يستطرد وزير الاتصال-- «شهدت نفس الفترة إنجاز مقرات إذاعية جهوية جديدة في ولايتي مستغانم وتبسة إلى جانب بروز عناوين جديدة وتسجيل 75 موقعا إلكترونيا، إضافة إلى تسليم 37 شهادة تسجيل جهاز للإعلام عبر الإنترنت بعد التأكد من توطين مواقعهم عبر نطاق dz على أن يبلغ عدد المواقع الالكترونية المؤمنة والمحصنة في الجزائر 100 موقع من الآن إلى غاية الصائفة المقبلة».
وتابع الوزير قائلا إنه «بقدر ما نفتخر بوجود قرابة 8500 صحفي و180 جريدة يومية تستفيد من دعم الدولة لورق الطباعة ومن الإشهار العمومي، بقدر ما نتطلع دوما إلى ترقية دور الصحافة التعددية الحرة والمسؤولة التي تظل حليفا محوريا في تطوير حقوق الإنسان والديمقراطيات وفي تحقيق التنمية المستدامة وكذا في المساهمة في إحداث التأثير المرجو في سلوك المتلقي وتفاعله الإيجابي مع الأحداث من حوله».
وبهذا الخصوص، أكد السيد بلحيمر تشجيعه «للمقاربة التكاملية الهادفة إلى تعزيز علاقة الثقة بين الصحافة والمواطن، خاصة وأن 69 % من الجزائريين مقتنعون بأن الصحافة الوطنية تمارس حرية الانتقاد المنتظم والدائم لأداء الحكومة دون التعرض لأية متابعات حسب نتائج عملية سبر آراء أجرتها إحدى الجامعات الأجنبية».
ولم يفوت الوزير مناسبة إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة ليتقدم إلى كافة الصحافيات والصحافيين بخالص التهاني، مجددا دعمه «المطلق» لكل الجهود الرامية إلى ترقية المهنة، متمنيا لهذه الأسرة «كل التألق الذي يليق بعطاءاتها وبطموحاتنا المشتركة في تطوير أدائها باستمرار في ظل حرية الكلمة وصدق المعلومة ومسؤولية المصدر». كما ترحم أيضا على أرواح شهداء مهنة الصحافة الذين «دافعوا عن شرفها وعن قيم الحق والسلام والعدالة بأرواحهم الزكية، خاصة خلال الفترات الصعبة التي مرت بها الجزائر ولعل أحدثها جائحة
كورونا».                                              وأج

إمكانات واهتمام متزايد بالرقمنة والإعلام الإلكتروني
 الإعـــــلام الوطـــــني يقطـــــع أشـــواطا مهمّــــة في مواكبـــــة متطلّـــــبات الإعــــلام المعاصـــر
قطعت الصحافة الوطنية أشواطا نحو مواكبة متطلبات الإعلام المعاصر بكل ما يقتضيه من استعمال لأحدث وسائل  تكنولوجيات الإعلام والاتصال و الرقمنة  كما هو معمول به في سائر دول العالم، و مع ذلك تبقى أمامه خطوات أخرى  من أجل كسب هذا الرهان وكسب معركة الاحترافية والمهنية أيضا.
مع حلول الثالث ماي من كل سنة .. اليوم العالمي لحرية التعبير.. يقف رجال ونساء الصحافة الوطنية قليلا لإجراء تقييم ولو سريع لواقع و آفاق مهنة المتاعب في بلادنا على ضوء المستجدات التي تكون قدر طرأت منذ الذكرى التي سبقتها.
والواقع أن أعلى السلطات العمومية في البلد لم تفوت مناسبة للتأكيد على دعم الإعلام في بلادنا من كل الجوانب وتوفير الوسائل اللازمة له كي يدخل بقوة مرحلة جديدة وصل إليها الإعلام في مختلف دول العالم، وقد وضعت  من أجل تجسيد هذا الهدف إمكانات كبيرة.
 ويتردد منذ سنوات على ألسنة كل مهنيي القطاع والمختصين والخبراء والمسؤولين في المجال على أن أكبر التحديات التي تواجه الإعلام الوطني في هذه المرحلة تتمثل في كسب معركة تحديث ورقمنة الإعلام و مواكبة التكنولوجيات الحديثة المستعملة في هذا الصدد، و إدراك السرعة القصوى التي أصبح يتميز بها الإعلام الحديث في نقل وتداول المعلومة، و لكن أيضا التأكد من صحتها قبل ذلك.
وقد وفرت السلطات المختصة أحدث الإمكانات والوسائل التكنولوجية المتطورة لوسائل الإعلام الوطنية العمومية منها والخاصة والتي تمكنت في ظرف قصير من تغيير طرق عملها و تعاطيها مع الخبر، و أكسبها صورة جديدة.
 وقد أولت وسائل الإعلام الوطنية عمومية و خاصة،  مكتوبة و مسموعة وسمعية بصرية، أهمية بالغة لمتطلبات الإعلام الحديث ومسألة التحديث والعصرنة، وأعطت مكانة كبيرة للإعلام الإلكتروني، وهو ما يتجلى في مواقعها الإلكترونية  التي تتخذ مسارا تصاعديا في مجال التطوير من حيث التصميم و التعامل مع المعلومة والصورة ومن حيث سرعة نقل المعلومة.
وقد  جعلت جل وسائل الإعلام الوطنية ذلك رهانا حقيقيا لها ولذلك خصصت رؤساء تحرير بالكامل لمواقعها الإلكترونية واستثمرت فيها بقوة من حيث توظيف العدد المطلوب من الصحفيين والتقنيين وأيضا من حيث  دعمها بأحدث الوسائل.
 والواقع أن أغلب المواقع الإلكترونية للصحف والقنوات التلفزية أصبحت تفاعلية إلى درجة كبيرة كما هو معمول به في دول أخرى.
 وبما أن المستقبل هو للصحافة الالكترونية كما يتردد منذ سنوات في بلادنا وفي العالم من أن الإعلام الإلكتروني هو البديل، فقد أعطيت الأهمية اللازمة لهذا النوع من الصحافة بدليل أن الساحة تعج اليوم بالعشرات من المواقع الالكترونية الإخبارية والمتخصصة في شتى الأنواع، و قبل أيام فقط  كشف وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة عمار بلحيمر عن منح الاعتماد لـ 45 موقع الكترونيا.
وقال الوزير في  ذات الاتجاه إن عدد المواقع الإلكترونية المؤمنة في بلادنا يبلغ 45 حاليا وسينتقل هذا الرقم إلى 100 قبل الصائفة القادمة، مؤكدا مرة أخرى على أن الدولة تعطي أهمية بالغة للصحافة الالكترونية التي هي مستقبل الصحافة، موضحا أن دعم الدولة سيتوجه أكثر نحو هذا النوع من الصحافة مستقبلا، وأن السلطات العمومية تسعى لبروز مواقع إلكترونية في مختلف مناطق البلاد والاعتماد على ما يسمى الصحافة الجوارية، خصوصا  وأن 70 من المائة  من الجزائريين يصلون إلى الأخبار باستعمال الوسائل الإلكترونية -حسبه.
و تبعا لذلك قطع الإعلام الوطني  شوطا معتبرا في ميدان الرقمنة واستعمال أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيات في هذا المجال، ولا يخفى على أحد أن مؤسسات إعلامية عمومية وخاصة تملك وسائل جد متطورة في هذا الشأن وما على أصحابها سوى استغلالها بطريقة جيدة.
إذ وعلى الرغم من الأزمة المالية التي دخلت فيها الصحافة الوطنية قبل سنوات يضاف إليها الصعوبات التي خلفتها جائحة كورونا على الإعلام من كافة الجوانب وهو الذي كان في المقدمة في ذروة هذه الجائحة، إلا أن وسائل الإعلام  ما فتئت تحقق  مكاسب معتبرة  في معركة العصرنة والتحديث.
 ومن حيث المضمون والتقيد بآداب وأخلاقيات المهنة يخوض الإعلام الوطني أيضا معركة في هذا الجانب، وقد سبق للعديد من المسؤولين في الحكومة التأكيد على أنه في ظل الظروف والتهديدات التي تواجهها البلاد إقليميا ودوليا فإنه من واجب الإعلام الوطني تقديم مضمون حقيقي يدافع عن المصالح العليا للشعب و عن الدولة ويكون ردا حقيقيا على ما يشاع ضد الجزائر في مواقع أخرى كثيرة.
وإذا كان الإعلام الوطني قد حقق مكاسب سلف ذكرها وهو يحظى بدعم قوي من الدولة فهو بحاجة أيضا للاعتراف به و  بما حققه من مكاسب وما قدمه من تضحيات على مدى عقود من الزمن، وبحاجة لأن تفتح أمامه الأبواب كلها، وما اللقاءات الصحفية التي ينظمها دوريا رئيس الجمهورية مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية إلا واحدة من صور هذا الاعتراف لأنه قبل سنوات قليلة  كان عقد هذا النوع من اللقاءات الصحفية ضربا من المستحيل.
 إلياس -ب

أستاذ علوم الإعلام والاتصال الدكتور العيد زغلامي للنصر
وســـائل الإعلام الوطنيــة مطالبــة بتجسيد ضمانـــات حريـــة التعبير المدستــرة
*  تفعيل الاتصال المؤسساتي كفيل بالحد من تغوّل الإعلام البديل r الإعلام مطالب بإعادة الاعتبار للخدمة العمومية   r سلطات الضبط للصحافة يجب أن تكون مستقلة عن التيارات السياسية واللوبيات المالية r إعادة تنظيم قطاع الإشهار يجب أن يتم على قواعد وأسس تكرس المزيد من الشفافية والعدالة
حاوره: عبد الحكيم أسابع
دعا أستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3 ، الدكتور العيد زغلامي وسائل الإعلام الوطنية للرفع من مستوى الأداء المهني و تقديم خدمة إعلامية عمومية راقية ، سيما على ضوء التعديل الدستوري الأخير الذي تضمن عدة مواد تعزز حرية التعبير في الجزائر و ترفع التجريم عن الصحفي.
وفي حديث خص به النصر، شدد الدكتور زغلامي على ضرورة تفعيل الاتصال المؤسساتي وتكريسه من أجل التصدي لحملات التشويش ونشر الأخبار الكاذبة والحد من تغول الإعلام البديل من خلال لجوء بعض المدونين إلى انتحال صفة إعلاميين والسعي لنشر الإشاعات وتكريسها.
النصر: كيف تقيمون وضع المشهد الإعلامي في الجزائر خلال السنوات الأخيرة على ضوء التعدد الكبير في وسائل الإعلام المكتوبة والسمعية البصرية والإلكترونية، هل تمكن من تكريس المهنية المنشودة والارتقاء بحرية التعبير على ضوء المكاسب المحققة في هذا السياق؟
د. زغلامي: برأيي ما تزال التعددية الإعلامية في الجزائر في الوقت الراهن تقتصر على تعدد الكم، سواء على مستوى القنوات التلفزيونية التي شارف عددها الخمسين ووصول الجرائد الورقية إلى حوالي 180 عنوانا إلى جانب ما يناهز الـ 160 جريدة إلكترونية و55 قناة إذاعية بين محلية وجهوية ووطنية.
 إن التعددية الإعلامية برأيي ما تزال « شكلية» لأن مضامينها لا تكاد تختلف، باعتبار أنها تعتمد في مجملها على نفس مصادر المعلومات، والمتغير الوحيد هو الديكور وطريقة التناول، ما جعل قطاعا واسعا من جمهور القراء والمشاهدين والمستمعين يهجر نحو الشبكات الاجتماعية، بحيث أن أكثر من 50 إلى 60 بالمائة من الجزائريين متواجدين الآن على الفايسبوك وتويتر واليوتيوب وغيرها من المنصات والمواقع والشبكات الاجتماعية، لاستقاء الأخبار والمعلومات ومختلف المضامين.
النصر: كيف يمكن برأيكم أن نصل بوسائل الإعلام المتعددة في الجزائر إلى تكريس الاحترافية والمهنية التي تمكنها من أن تسترجع جمهورها ؟
د. زغلامي: المطلوب من كل وسائل الإعلام الوطنية عمومية كانت أو خاصة، إعادة الاعتبار للخدمة العمومية، وخدمة الصالح العام في المضامين والمحتويات التي تقدمها للقارئ والمشاهد والمستمع،  وأن تعمل كل وسيلة إعلامية، في هذا الاتجاه على تحيين دفتر الأعباء أو دفتر الشروط وأن تضع من خلالها المعايير والقواعد التي ترتقي بالمهنة واحترام أخلاقياتها، و يتعين على الصحفي في ذات الإطار أن يتحلى بالمهنية في معالجة المادة الصحفية وعدم الخلط بين الخبر والتعليق ومقال الرأي، وأن يحترم القيم الإخبارية التي يجب أن تعبر عن الواقع ولا شيء سوى حقيقة الواقع.
كما يجب إنشاء سلطات ضبط خاصة بكل نوع من وسائل الإعلام، تكون مستقلة عن التيارات السياسية واللوبيات المالية، وهي الشروط التي أراها كفيلة بالارتقاء بمهنة الإعلام والخدمة العمومية. لأن الجزائري إذا لم يجد ضالته في وسائل إعلام بلاده من دون شك سيتوجه للبحث عنها في وسائل أخرى وهذا ما يفسر فقدان الثقة بين وسائل الإعلام الوطنية وبعض قرائها ومشاهديها ومستمعيها  ومتابعيها.
النصر: إلى أي مدى استطاعت المؤسسات الإعلامية في البلاد الاستثمار في الضمانات التي جاء بها الدستور الجديد فيما يخص حماية حرية التعبير من أجل تقديم خدمة إعلامية راقية ترتقي بمهنة الإعلام و ما مدى  مسؤولية الصحفي في ديمومة هذه المكاسب ؟
د. زغلامي: فعلا لقد تضمن التعديل الدستوري الأخير عدة مواد تعزز حرية التعبير في الجزائر و ترفع التجريم عن الصحفي، هذه المواد كفيلة بالرفع من مستوى الأداء عند صحفيينا و منها تقديم خدمة إعلامية راقية يتمتع بها الفرد الجزائري، وأنا من الذين باركوا دسترة حرية التعبير التعديل الدستوري الأخير، والآن يبقى على الفاعلين في ميدان الصحافة أن يجسدوا و أن يثمنوا هذه الضمانات وهذه المكاسب الجديدة، من خلال خلق فضاءات لحرية التعبير، والنقاش المثمر والبناء الذي يعتمد على الرأي والرأي الآخر، من أجل رفع سقف حرية العبير إلى الحد المطلوب، لأن وسائل الإعلام التي لا تمكن الجمهور من فضاءات التعبير الحر للرأي والرأي الآخر، ستبقى حبيسة الوضع الراهن.
من جهة أخرى أرى أنه حان الوقت وبشكل ملح للإفراج على قانون الإشهار الجديد الذي ينتظر كثيرون صدوره من أجل تحقيق العدالة في توزيع الإشهار. وأشدد هنا على أن إعادة تنظيم قطاع الإشهار يجب أن يعتمد على قواعد وأسس تكرس المزيد من الشفافية في منح الإعلانات.
النصر: برأيكم ما هي أهم التحديات التي تواجه وسائل الإعلام في الجزائر في المستقبل المنظور؟
د. زغلامي: أهم التحديات تتعلق بانعدام الثقة بين وسائل الإعلام والمتلقي، وبالتالي لابد لوسائل الإعلام إعادة الاعتبار للمهنية والاحترافية وأن يعيد بناء الثقة مع الجمهور باحترام أخلاقيات المهنة والتعبير بكل موضوعية ومصداقية على الانشغالات المطروحة وفسح المجال للرأي والرأي الآخر، أما التحدي  الآخر فيتعلق بالشبكات الاجتماعية أو ما يسمى بالإعلام البديل الذي أصبح العدو اللدود لوسائل الإعلام وهو ما يتطلب من وسائل الإعلام أن تدمج ضمن إستراتيجيتها هذه الشبكات، لكي تتمكن من الوصول إلى نسبة أكبر من شرائح المجتمع. وأن نصل لتحقيق التفاعل مع الجمهور من خلال التعبير عن انشغالاتهم واهتماماتهم باستغلال كل الوسائط المتاحة.
النصر: وما هو الخطر الذي تشكله في تقديركم " تغول " بعض منصات الإعلام البديل التي أصبحت تعج بالإشاعات والأخبار المفبركة أو المغلوطة والمعروفة بـ " الفايك نيوز "سيما بعد أن عمد مدونون إلى انتحال صفة الإعلاميين ولا هدف لهم سوى التشويش بنشر الإشاعة والعمل على تكريسها؟  
د. زغلامي: إن تغول الإعلام البديل الذي يعتمد على نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة أو ما يعرف بـ " الفايك نيوز "يعود لفقدان وسائل الإعلام للاحترافية، والمشكلة  مؤسساتية وهيكلية، وأقصد الاتصال المؤسساتي فهو المطالب بأن يكون القاطرة الأساسية، لذلك فالسلطات العمومية مطالبة بتجسيد وتفعيل الاتصال المؤسساتي لأن غيابه كثيرا ما يتمخض عنه كل هذه الاختلالات من خلال نشر الإشاعة وتكريسها لأن المؤسسة المخول لها لا تقوم بالعملية الاتصالية بشفافية وفي حينها وهو ما يتمخض عنه هذه الضبابية والتناقضات.

أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر 3 الدكتور عبد الكريم تفرقنيت يؤكد
الوســـائط الجديدة لا يمكن أن تعوّض وسائل الإعلام
*  مواجهة الأخبار الملفقة عبر مواقع التواصل تكون بسن قوانين ردعية
أكد، أمس، الدكتور عبد الكريم تفرقنيت أستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر3، بأن مواجهة الأخبار الملفقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بـ «الفايك نيوز يكون بسن قوانين ردعية، مضيفا بأن كل الدول بما فيها الدول الأوربية لجأت إما لقانون العقوبات أو سن قوانين إضافية أخرى لمكافحة الأخبار الملفقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال الدكتور تفرقنيت في ندوة علمية نظمتها جمعية الصحفيين والمراسلين لولاية البليدة بمناسبة اليوم العالمي لحرية التعبير بأن الفايك نيوز تحول إلى هاجس حتى في الدول الأوربية، وكشف عن ظهور صفحات إعلامية لمكافحة الفايك نيوز، ويتمثل دور هذه الصفحات في متابعة الأخبار المغلوطة وتصححيها، إلى جانب مبادرات من إدارات مواقع التواصل الاجتماعي كالفايسبوك من أجل إدارة إنسانية لمكافحة الأخبار المغلوطة، وذلك بوضع شروط معينة على المستخدمين، في حين هذه الشروط حسبه صعبة التنفيذ وتجعل المستخدمين يتخلون عن استخدام هذه المواقع ويلجؤون إلى مواقع أخرى، وفي نفس السياق كشف تفرقنيت عن تجربة لمجموعة من الخبراء الأوربيين الذين يعتمدون على خوارزميات للكشف عن الأخبار الملفقة.
وفي سياق حديثه عن المسؤولية الاجتماعية في الوسائط الجديدة، أوضح أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر3 بأن المسؤولية صعب تحديدها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتتم حاليا باستخدام الرقابة رغم أنها مكلفة ماليا، مشيرا إلى أن صعوبة تحديد المسؤولية في مواقع التواصل الاجتماعي يعود لكونها مجهولة الهوية على عكس ما هو موجود في الصحافة.
من جهة أخرى أوضح نفس المتحدث بأن الوسائط الجديدة المتمثلة في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، أحدثت تحولا كبيرا في مجال إبداء الرأي، كما تحولت إلى وسيلة في الحشد والتعبئة  في الإضرابات والاحتجاجات، بالإضافة إلى ذلك ساهمت في المشاركة في الحياة السياسية، بعد أن أصبحت هذه المواقع مفتوحة للجميع، وفي نفس الوقت ساهمت الوسائط الجديدة حسبه في تشكيل الرأي العام الالكتروني، مؤكدا بأن الوسائط الجديدة غيرت المشهد الإعلامي وانتقلت إلى التفاعلية والآنية والظرفية.
من جهة أخرى أوضح الأستاذ تفرقنيت بأن الوسائط الجديدة لا يمكنها أن تعوض الصحافة والإعلام، مضيفا بأن الإعلام يحتاج إلى محترفين ومصداقية في نقل الخبر، مشيرا إلى أن وظيفة مواقع التواصل الاجتماعي هي وظيفة اتصالية ولا تؤدي دورا إعلاميا، وما ينشر من أخبار عبر ما يسمى بصحافة المواطن يفتقد حسبه للاحترافية في نقل الخبر كما تفتقد للمصداقية، مضيفا بأن الوظيفة الإعلامية التي تقوم بها وسائل الإعلام المختلفة لا يمكن أن تلغيها الوسائط الجديدة، بل تستمر هذه الوسائل في الوجود وظهور أي وسيلة لا يلغي أي نوع آخر، مؤكدا بأن الوسائط الجديدة تؤدي وظيفة جيدة من حيث الاتصال، في حين تكون منقوصة من حيث وظيفتها الإعلامية.   
وفي حديثة عن حرية التعبير، أوضح عبد الكريم تفرقنيت بأن الحرية لها هامش أكبر في الانترنت، في حين في الصحافة تصبح حرية التعبير صعبة حسبه في ظل واقع اقتصادي صعب بالنسبة للمؤسسات الإعلامية التي لا تتوفر على تمويل، مشيرا إلى أن الإعلام تحول إلى صناعة وشركات كبرى تموله، ويجب على المؤسسات الإعلامية أن تبحث عن مؤسسات اقتصادية تمولها، ولا يمكن خلق مؤسسة إعلامية ثم البحث عن الإشهار العمومي للتمويل، كما تحدث في نفس السياق عن دور النقابات والجمعيات بقطاع الإعلام في دعم حرية التعبير.
نورالدين ع  

الرجوع إلى الأعلى