انتعـــاش للسياحــــة الشتويــــــة ببسكــرة والـوادي

47 ألف جزائري و 1452 أجنبيا زاروا المنطقة في 6 أشهر
تحسن الوضعية الوبائية ينعش السياحة الشتوية ببسكرة
* موقع الولاية بين التل و الصحراء يدفع بمزيد من قوافل الزوار

شكّل تحسّن الوضعية الصحية منذ عدة أسابيع، فرصة مناسبة لآلاف السياح، سواء من داخل أو خارج الوطن، للتوجه نحو ولاية بسكرة و الاستمتاع بما تتوفر عليه الجهة من مناطق جذب سياحي رائعة، حيث وصل عدد الزوار خلال موسم جني التمور، إلى حوالي 10 آلاف سائح أسبوعيا، فيما سجلت مصالح قطاع السياحة، توافد 47 ألف جزائري و 1452 أجنبيا خلال 6 أشهر من سنة 2020. وتمتلك ولاية بسكرة كل المقوّمات السياحية التي جعلتها محل جذب للسياح، فهي غنية بالواحات الخضراء و الآثار التاريخية و جمال الطبيعة و العمران و تعد من أفضل الوجهات السياحية في البلاد، فأعداد السياح بها يصل إلى الذروة خلال فصل الشتاء، فهي تتميز بطقسٍ معتدل شتاء، ما يجعله من أنسب الأوقات لاستمتاع السياح القادمين إليها من كلِ مكان من أجل الاستجمام.

روبورتاج / ع.بوسنة

 

* مدير السياحة و الصناعة التقليدية عبد العزيز بوبيدي
60 مشروعا لتطوير السياحة الشتوية
أكد مدير السياحة و الصناعة التقليدية لولاية بسكرة، عبد العزيز بوبيدي، في حديثه للنصر، أن المقومات تنقسم إلى ثلاثة أقسام، أولها المقوم التاريخي الثقافي، حيث تعتبر بسكرة من أقدم المناطق في الجزائر التي يزخر تاريخها الثقافي بالعديد من الأحداث و الشخصيات التي مرت على هذه المنطقة، مخلفة العديد من الشواهد التي ما زالت تنسج خيوطها لقصص يرويها التاريخ للأجيال الصاعدة من جهة و تمثل محطة تجلب إليها الزوار طوعا لاستنشاق عبق التاريخ فيها من جهة أخرى.
و من بين هذه الشواهد التي تدخل في إطار السياحة الدينية و التاريخية، مقام الصحابي الفاتح عقبة بن نافع الفهري بمنطقة سيدي عقبة بالمركب الإسلامي، الذي يستقطب مئات الزوار يوميا و خلال السنة، حيث شهدت المنطقة معارك كبيرة خاضها الفاتح عقبة بن نافع مع قرابة ثلاثمائة من التابعين استشهدوا على هذه الأرض الطاهرة خلال الفتوحات الإسلامية ببلاد المغرب العربي.
بالإضافة إلى ضريح العالم و الفقيه الشيخ عبد الرحمان الخضري البنطيوسي، الذي يتواجد بزاوية بنطيوس و يعتبر رمزا من رموز العلم و الدين و الورع بالمنطقة التي تعرف توافد الزوار إليها من باحثين و طلبة العلوم الدينية في الجامعات، بغرض النقل عن كتبه الكثيرة الموجودة في مكتبة الزاوية العثمانية بطولقة، هذه الأخيرة التي تعد هي الأخرى من الشواهد الدينية التي تميز المنطقة.
كما تحدث مسؤول القطاع عن منطقة الزعاطشة التاريخية ببلدية ليشانة و تعتبر هي الأخرى شاهدا تاريخيا يجلب الزوار باستمرار على غرار المعالم الأثرية التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ و إلى العصر الروماني مثل مناطق خنقة سيدي ناجي، الدشرة الحمراء بالقنطرة و النواة القديمة في مدينة ليشانة.
في حين يتمثل ثاني المقومات في المقوم الطبيعي و هو المناخ الذي يسمح بتطوير السياحة الصحراوية الواحاتية، زيادة على الموقع الجغرافي بين التل و الصحراء و هو ما يؤهل بسكرة إلى تطوير الجانب السياحي.
فيما تمثل السياحة العلاجية الحموية المقوم الثالث لتوفرها على المياه العلاجية التي لها خصائص متنوعة و تعالج عديد الأمراض زيادة على المخزون الكبير من المياه الباطنية و السطحية و حمام الصالحين أكبر دليل على ذلك.هذا إلى جانب الأولياء الصالحين الذين تزخر بهم منطقة بسكرة و من ذلك سيدي زرزور الذي يقترن اسمه بمدينة بسكرة و الولي الصالح سيدي أمحمد بن موسى ببلدية الحوش و غيرهم.
و أكد مدير السياحة، أن الولاية تشهد تسجيل العديد من المشاريع لدعم القطاع و تتميز كلها بالنوعية، حيث تتوفر على 26 فندقا بطاقة  1052 غرفة و 2293 سريرا، مشيرا إلى أن هذه القدرات الفندقية كافية لاستقطاب السياح ماعدا في مرحلة السياحة الشتوية، حيث عادة ما تسجل حالة تشبع على مستوى المؤسسات الفندقية، الأمر الذي جعل الحاجة ملحة لمزيد من الفنادق الأخرى.و في السياق، أكد محدثنا وجود 60 مشروعا سياحيا فندقيا في طور الإنجاز، لتعزيز هياكل الاستقبال التي تتطلبها الضرورة الملحة، نظرا لتزايد عدد السياح، لاسيما أيام العطل المدرسية حينما تشهد الولاية حركية متواصلة للسياح الذين يتوافدون بأعداد كبيرة.و في ما يتعلق بوكالات السياحة و الأسفار المعتمدة أكد بوبيدي وجود حوالي 60 وكالة زيادة على وجود وكالتين تابعتين للقطاع العام.
و في حديثه عن موسم السياحة الشتوية التي أسماها بالسياحة الصحراوية الواحاتية، أكد أنها تبدأ من شهر أكتوبر إلى غاية شهر مارس و هذه الفترة يكون فيها المناخ بالولاية معتدلا خلافا لمدن الشمال و هو ما يؤهلها لاستقطاب أعداد كبيرة من السياح للتجول في واحات النخيل و زيارة المعالم الدينية و غيرها، مشيرا إلى أن عدد السياح بلغ 46 ألفا و 858 سائحا من داخل الوطن و 1452 أجنبيا، خلال السنة الماضية . و أشار في حديثه إلى تراجع العدد أثناء جائحة كورونا، فيما عرفت المرحلة توافدا لسياح أجانب خاصة من أوروبا، زيادة على عديد الدبلوماسيين و السفراء ر و ممثلي الشركات الأجنبية.
و اعتبر المتحدث المؤهلات السياحية التي تتوفر عليها الولاية مقابل هياكل القطاع و تلك الجاري إنجازها، بأن مستقبل السياحة في المنطقة سيكون زاهرا على المدى القريب و يمكن استقطاب عدد معتبر جدا من السياح، مشيرا إلى أن مصالحه تسعى لاستقطاب أكبر عدد ممكن من السياح الأجانب، موضحا أن قطاعه يطمح لتنويع مؤسسات الإيواء و ترميم السكنات القديمة لاستغلالها و خلق مشاريع صغيرة و متوسطة مطلوبة من السياح الأجانب.
مدير القطاع لم يتوقف عن ذكر المقومات التي تزخر بها الولاية، ففي المجال  السياحي و نظرا لموقعها الاستراتيجي المتميز من جهة و ما تكتنزه من مقومات سياحية مختلفة، جعلها مقصدا للسياح و هدفا للمستثمرين في هذا القطاع الذي سجل قفزة نوعية من حيث إنجاز العديد من هياكل الاستقبال بطاقات متنوعة تلبية لطلبات السياح المختلفة و سنذكر بعضا من هذه المقومات.
الحمامات المعدنية علاج و استجمام

تشتهر بسكرة بحماماتها المعدنية التي جعلت منها قبلة للسياح الذين يقصدونها للاستجمام و العلاج، منها مركب حمام الصالحين المعدني الذي تجاوزت شهرته حدود الوطن، بالإضافة إلى حمام البركة في بلدية الحاجب و حمام سيدي الحاج بلوطاية و غيرهم و تعرف جميعها بعلاج الكثير من الأمراض.
حديقة لاندو أو جنة الله في الأرض

كما تضم مدينة بسكرة السياحية، العديد من الأنواع النباتية و الحيوانية التي أهلتها لأن تكون متحفا طبيعيا و وجهة للباحثين عن الراحة و الاستجمام و تشهد إقبالا كبيرا من طرف السياح للتمتع  باخضرار أشجارها مختلفة الأنواع و تمتلك الحديقة أبهى إطلالات بين جداول المياه و بحيرات البط التي تتخلل الأشجار الكثيفة و النخيل الذي يميز هذه المدينة الساحرة.
القنطرة الفاصلة بين الشمال و الجنوب

مدينة القنطرة تعرف ببساتين النخيل بالقرب من الجدران الصخرية، كما يقع بها الجسر الروماني و تتواجد بها الدشرة الحمراء التي تعد متحفا في الهواء الطلق، تضم منازل تقليدية و متحف لابيداري الذي يعرض مجموعة من الأعمال الفنية الحجرية، التماثيل و الفخاريات الموجودة في الآثار الرومانية في جميع أنحاء المنطقة.
منطقة جمينــــــــــة
و تعد منطقة جمينة كنزا سياحيا و موقعا طبيعيا يستقطب السياح  و مكسبا هاما في حاجة للتثمين من أجل الوقوف على البعد التاريخي لهذه المنطقة الذي يعود إلى العهد الروماني و خلال الثورة التحريرية، كانت قلاعا و صخورا و ملاذا للمجاهدين و يتمتع زوارها بمناظرها الخلابة و موقعها الاستراتيجي، حيث تقع جمينة السياحية جنوب جبال الأوراس و تبعد عن ولاية بسكرة بحوالي 100 كيلومتر و تتسم بتنوع غطائها النباتي و الحيواني.
هذا إلى جانب مواقع سياحية أخرى و منها لوطاية، جمورة و قصورها و عين زعطوط المعروفة بتساقط الثلوج و ينابيع مياهها العذبة و معالمها الطبيعية و كذا موقع بادس التاريخي و خنقة سيدي ناجي التي تحتضن معالم تاريخية و بانيان بقلعتها العتيقة.
موسم جني التمور يستقطب  10 آلاف سائح أسبوعيا

مسؤولون بإحدى الوكالات السياحية، أكدوا للنصر أن عروس الزيبان تعد منطقة جذب سياحي خاصة في العطل الشتوية و الربيعية، لما تمتاز به من ثروات سياحية ضخمة جعلت منها وجهة سياحية لسكان مدن الشمال.
و في ما يتعلق بنشاط الوكالة السياحية، أكد محدثونا أنه و رغم المؤهلات السياحية الضخمة للمنطقة، فإنه يتم تنظيم رحلات خارجية إلى بعض الولايات الأخرى خاصة مدن غرداية، جانت، و تمنراست، تلبية لمطالب السياح، تنظم رحلات السفاري بمنطقة أولاد جلال و التي لاقت اهتماما خاص من كل أطياف المجتمع، هذا إلى جانب خرجات سياحية للعائلات و طلاب المدارس، يكتشفون من خلالها بعض الثروات السياحية التي تتمتع بها بسكرة.
مسيرو الوكالة أضافوا أن هناك اهتماما كبيرا في الفترة الأخيرة من قبل السياح الأجانب لما تزخر به الولاية من معالم سياحية، خاصة في مرحلة جني التمور، حيث يفضل الفرنسيون و الروس على وجه التحديد، زيارة واحات النخيل بطولقة و كذلك شرفات غوفي و الدشرة القديمة بالقنطرة.هذا إلى جانب اهتمامهم بالأكلات الشعبية، فيما يهتم السائح المحلي أكثر بزيارة جنان لاندو و السوق القديم ببسكرة لتذوق الدوبارة البسكرية.
و لدى تطرقهم للخدمات المقدمة و الأسعار، أكدوا أنها في المتناول و تتراوح بين 1000 إلى 60.000 دج، من خلال تنظيم رحلات لمدن جانت و تمنراست لمدة تقارب الأسبوع بالنسبة للسائح المحلي و فيه زيادة في الأسعار بالنسبة للسائح الأجنبي و ذلك بالنظر لنوعية الخدمات المقدمة، فكلما زادت الخدمات ارتفعت الأسعار مشيرا إلى أن الأسعار في المناطق الجنوبية هي أقل تكلفة من مدن الشمال .و أوضح محدثونا، أن تحسن الوضعية الوبائية ساهم في زيادة الطلب من قبل السياح خاصة من داخل الوطن و بلغة الأرقام، أكد أن معدل الأسرة في بسكرة يقارب 4600 سرير و لا يوجد مكان شاغر في الوقت الراهن بالنظر للإقبال الكبير، خاصة على المركبات الحموية في ظل الجو المعتدل حاليا و كذا من أجل اكتشاف عملية جني التمور و هو ما جعل عدد السياح يرتفع إلى 10 آلاف سائح أسبوعيا و هو رقم في نظرهم يمكن أن يكون أكبر لو توفرت إمكانيات الإيواء بالشكل الكافي.
مركب سيدي يحي الحموي نموذج للاستثمار الناجح
و من أبرز الوجهات السياحية في بسكرة و التي تستقطب السياح من مختلف مناطق الوطن و من خارجه، مركب سيدي يحي الحموي بالمنطقة الغربية و الذي يدخل في إطار الاستثمار الخاص.
و بتقربنا من رئيس مصلحة الاستقبال، أكد للنصر أن المركب الذي يضم 118 غرفة، يعرف استقبالا منقطع النظير من قبل السياح، خاصة في الفترة الممتدة من شهر سبتمبر إلى غاية شهر ماي من كل سنة و هي الفترة التي يصعب فيها الحصول على  غرفة شاغرة بالنظر إلى نوعية الخدمات التي يقدمها، حيث يضم مطعما عصريا و خيمة تقليدية و بيتزيريا، زيادة على عيادة للتأهيل الحركي و الوظيفي و مركز راحة و متنزها للأطفال  و مسابح خارجية و محلات تجارية و عديد المرافق الخدماتية التي يحتاجها السائح، واصفا الأسعار بالمقبولة و في المتناول و هي تتراوح بين 5 آلاف دج تمثل مصاريف المبيت، الحمام و فطور الصباح ليوم واحد و 22 ألف دج حسب نوعية الإقامة و عدد الأفراد.
محدثنا أكد أن مرحلة الذروة تكون أيام العطل بالنسبة للسياح من داخل الوطن، فيما تكون على مدار أيام السنة بالنسبة للسياح الأجانب، خاصة من دول أوروبا، إفريقيا و دول الخليج و يرتفع الطلب على الحمام في نهاية الأسبوع، طلبا للعلاج
من عدة أمراض.                                        ع.ب

فكرة مجموعة وكالات استقطبت آلاف الزوار
«سفاري».. ينقذ السياحة بالوادي في عز الأزمة الصحية
* دعوات للاقتداء بنماذج في تونس و مصر و دول الخليج
تأثرت الوكالات السياحية في ولاية الوادي، بالأزمة الصحية، كمثيلاتها في باقي ولايات الوطن، و شل النشاط بشكل كامل تقريبا، في وضعية دفعت بالعديد منها إلى الغلق على الأقل خلال فترة الوباء الطويلة، فيما كافح آخرون في شكل تجمعات و خططوا للتنسيق مع نظرائهم في ولايات الشمال خصوصا، لبرمجة رحلات منظمة عبر ما يسمى «بسفاري»، الفكرة التي تبنتها عدة وكالات و استهوت آلاف السياح من داخل و حتى من خارج الوطن، فتحولت إلى مشروع طموح أنقذ السياحة الشتوية على وجه التحديد، فيما تعالت أصوات للاقتداء بدول رائدة في مثل هذا النوع من السياحة مثل تونس و مصر و كذا دول الخليج، مع دعم الخطوط الجوية بأخرى جديدة نحو ولاية الوادي، لتسهيل تنقل السياح.  

 روبورتاج: منصر البشير

و كانت السياحية الداخلية في ولاية الوادي، من بين أكبر العوامل استقطابا للباحثين عن الفسحة و التنزه، كما تسببت الأزمة الصحية و إجراءات الغلق التي اتخذتها كل دول العالم بسبب تفشي وباء “كورونا”، في تغيير وجهة السياح و خاصة الجزائريين، نحو المدن الصحراوية و هو ما جنب وكالات و مؤسسات تعمل في قطاع السياحة الوقوع في الإفلاس.
برنامج سياحي مركب واجهت به الوكالات الركود
تعتبر فكرة «سفاري» و الغوص في عمق الصحراء و اكتشاف مدينة الألف قبة و قبة و معالمها السياحية، مبادرة فتحت الباب واسعا للاستثمار في السياحة الداخلية من قبل عشرات الوكالات السياحية و الفنادق بالمنطقة و خارجها، بتنظيم رحلات جماعية منظمة تسهر على خدمتها طواقم الوكالات السياحية وفق برنامج مسطر يبدأ انطلاقا من دخول السائح إلى ولاية الوادي و نقله إلى الفندق الذي حجز فيه مدة الإقامة و تحديد عدد الأيام المتفق عليها، على أن تسخر عدد من المركبات من سيارات دفع رباعي، دراجات نارية ذات الأربع عجلات بالإضافة إلى حافلة، طيلة أيام الرحلة، ناهيك عن فرقة للخيالة و الجمال من أجل تجربة ركوب الخيل و الجمال في الصحراء، إضافة إلى متخصصين في الطبخ التقليدي و تحضير الأكلات الشعبية مثل الشواء على الجمر و خبزة “الملة” التي تعد تحت الجمر.
كما يستفيد ضيوف واد سوف من الاستمتاع بزيارة مختلف المعالم السياحية و العامة على غرار السوق المركزي و مختلف أزقته القديمة منها و الحديثة، بالإضافة إلى زيارة مقر الديوان المحلي للسياحية بوسط المدينة و الديوان البلدي السياحي بمنطقة قمر و مقر بعض الزوايا.
و تكون الفرصة سانحة لشراء عدد من التحف الفنية و الألبسة و الأغطية التقليدية التي بدع في صناعتها حرفيو المنطقة، من خلال المعرض المفتوح على مدار الموسم السياحي بمقر دار الصناعة التقليدية بوسط المدينة أو الذين يزاولون حرفتهم بالسوق المركزي.
النصر تحدثت إلى عدة وكالات سياحية بولاية الوادي، حيث أجمع مسيروها أن الأزمة الصحية العالمية “كورونا” و ما سادها من قرارات غلق للحدود البرية، البحرية و الجوية، كانت بمثابة منحة لهم أنقذتهم من حافة الإفلاس و الخروج من قوقعة النشاط الذي كان أغلبه يقتصر على رحلات الحج و العمرة و القليل من الرحلات الخارجية لبعض عواصم العالم و المدن الداخلية ذات الطابع المناسباتي.
و قال “البشير.ز» و هو صاحب وكالة سياحية بالوادي في حديثه للنصر، أن أزمة “كوفيد19” أجبرته على غلق مقر مؤسسته بعد عجزه عن تسديد ما عليه من إيجار محله و مصاريف أخرى، على غرار أجرة العمال، الكهرباء و الماء، ناهيك عن الضرائب و مختلف اشتراكات الضمان الاجتماعي، إلا أن مبادرة “سفاري” التي بادرت بها عدد من الوكالات، أعادت عجلة نشاطها بعد كثرة طالبي التسجيل في رحلاتهم من داخل و خارج الولاية.
و ذكر “أحمد.س” ممثل وكالة سياحية، أن برنامج سفاري و مدى مرونة نقاط تنقله، حفز كثيرا على خوض تجربة الرحلة سواء لقاطنة الولاية أو من خارجها، حيث تكاد هواتف الشركة لا تتوقف للاستفسار و الحجز لقضاء رحلة ممتعة و منظمة يسهر عليها عدد من مرشدي مصالحه من دخولهم الولاية إلى غاية نهاية رحلتهم.
كما أكد “صالح.س” مكلف بالإعلام لدى وكالة أخرى، أن مواقع التواصل الاجتماعي و الترويج عبرها سواء عن طريق مشاركة إعلاناتهم عبر الصفحات و المجموعات أو عن طريق الإعلان الممول الذي سهل عليهم إيصالها إلى أكبر شريحة ممكنة، من زبائن داخل و خارج الوطن، منوها بأهمية وضع كل المعلومات و البيانات الرسمية التي تخلق الثقة مع الزبائن.
سياح محليون يكتشفون جمال صحراء الولاية لأول مرة
و خلال جولتنا في السوق المركزي بالوادي، التقينا «بنعيم.س” و هو رب أسرة من مدينة عنابة، حيث قال لنا أن برنامج “سفاري” حفزه على التسجيل بإحدى الوكالات المحلية في عنابة و هي التي نسقت مع نظيرتها بالوادي و جلبهم في شكل رحلة عائلية لعدد من الموظفين مع أفراد أسرهم، حيث استمتعوا بعطلة، نهاية الأسبوع، بصحراء الوادي، في جو أسري بعيدا عن ضوضاء المدينة.
و قال “ياسين.م” تاجر من ولاية سطيف، أنه زار ولاية الوادي رفقة عدد من أصدقائه في إطار برنامج “سفاري”، بعد التنسيق مع مسير إحدى الوكالات السياحية، حيث تم التكفل بهم لمدة 4 أيام بلياليها وفق برنامج ثري، تخللته خرجات للغوص في عمق الصحراء و الاستمتاع بالأكلات الملحية المبرمجة في الزيارة، ناهيك عن التنقل لعدد من المعالم السياحية و الثقافية مثل السوق، دواوين السياحة و غابات النخيل.
«محمد علي» 35 سنة و هو موظف ابن المنطقة، ذكر هو الآخر أن هذه المبادرة فتحت الباب حتى لأبناء الجهة مثله الذين لم تسعفهم الفرصة قط لاكتشاف عمق الصحراء و التوغل فيها بمركبات الدفع الرباعي، و هو ما اكتشفه من خلال برنامج “سفاري” الذي تسهر عليه طواقم تابعة للوكالات السياحية، مشيرا إلى أنها سهلت عملية البحث عن طريقة لكسر روتين العمل اليومي و الخروج في شكل منظم سواء عائلي أو مع زملاء المهنة و الأصدقاء.

«سفاري».. الفكرة التي أخرجت الوكالات السياحية من عنق الزجاجة
و أجمع أصحاب الوكالات السياحية المشاركون في المبادرة، على أهمية مثل هكذا خرجات سياحية داخلية و التي بإمكان تنظيمها في جل ولايات الوطن حسب ما تزخر به من إمكانات سياحية من معالم و أماكن للترفيه و التنزه، ناهيك عن البرامج الدقيقة المحددة الزمان و المكان و هو ما تميزت به تجربة الرحلة في مدينة ألف قبة وقبة.
و دعا ذات المتحدثين، الجهات الوصية، للتشجيع على الاستثمار في المرافق السياحية الطبيعية، خاصة في عمق الصحراء بعيدا عن الاسمنت المسلح و ضوضاء المدن، مشيرين إلى أهمية المنتجعات السياحية التي تعتمد في تركيبها على مواد طبيعية تحافظ على البيئة و تحرك عجلة الاقتصاد انطلاقا من الفعل السياحي، بما يستقطبه من عملة صعبة، حيث يتم اختيار مواقعها بدقة في عمق الصحراء .
و أشار أصحاب الوكالات السياحية المنظمة لبرنامج «سفاري»، إلى عدد من التجارب العربية و الأجنبية في استقبال الوفود السياحية من كل بلدان العالم، بتوفير أشياء بسيطة لا تتطلب حسبهم مبالغ مالية ضخمة لبناء هياكل أو منتجعات ضخمة، بقدر ما يبحث السائح عن مكان ينسيه ضوضاء المدن و العواصم الكبرى العالمية و تعب العمل، مذكرين بتجارب الوكالات السياحية في تونس، المغرب و مصر، بما يسطرونه من برامج بسيطة خاصة في البراري و الصحاري، إضافة إلى تجارب الأشقاء في دول الخليج العربي.
و فتحت هذه المبادرة الباب واسعا للاستثمار في الخدمات الجانبية لزوار المنطقة، من خلال تأجير مركبات الدفع الرباعي و الدارجات النارية ذات الأربع عجلات، مع تهيئة بعض المزارع و غابات النخيل و مساحات بديكور تقليدي، بما فيها حتى المطاعم و صالات الشواء التي تستقطب ضيوف الوادي بتقديم أشهى الأطباق المحلية، مثمنين  قرار السلطات المحلية بمنح اعتماد للاستثمار المحلي في خدمة السياحة بصحراء جنوب شرق الولاية.
كما ساهم العدد الكبير لزوار الولاية خلال هذه المبادرات السياحية، في إعادة بعض التجارة في السوق المركزي الذي أنهكه الركود بسبب أزمة “كورونا” و ما صاحبها من تطبيق للبرتوكول الصحي سواء بتعليق بعض النشاطات غير الأساسية، بالحجر الذي أعاق حركة تنقل الأشخاص خاصة بين الولاية و هو ما لمسته “النصر” من حركية كبيرة لزبائن كثر من خارج الولاية.

* رئيس المكتب الولائي لفيدرالية الوكالات السياحية و المؤسسات الفندقية
«آن الأوان لفتح خطوط جوية جديدة نحو الوادي»
أوضح رئيس المكتب الولائي لفيدرالية الوكالات السياحية و المؤسسات الفندقية
«عبد الحفيظ يماني»، أن برامج تشجيع السياحة الداخلية أتى أكله محليا و ساهم إلى حد كبير في إنقاذ عدد كبير المؤسسات من الإفلاس، من خلال استحداث هذه الرحلات الداخلية و على رأسها برنامج “سفاري” الذي كان مجرد فكرة جمعت عددا من أصحاب الوكالات لتجربتها شخصيا و من ثم الترويج لها عبر مختلف وسائل الإعلام.
و قال رئيس المكتب الولائي للفدرالية، أن هذه المبادرة ساهمت في توحيد الوكالات السياحية من حيث البرنامج و الأسعار المناسبة لما يقدم من برنامج، مع شرط تقديم ورقة الرحلة لكل الزبائن و عدم مخالفتها، بما يضمن شفافية مصالحه و كسب ثقة أكبر عدد ممكن من الزبائن بعيدا عن كل أنواع النصب و الاحتيال.
و أكد محدثنا أن أكبر عائق اصطدمت به الوكالات و الزبائن طالبي زيارة الوادي و الاستمتاع بجمالها السياحي، هو قلة عدد الرحلات جوا نحو مطار الولاية، داعيا السلطات المحلية لفتح المزيد من الخطوط الداخلية و مضاعفة عدد الرحلات جوا، حتى يتسنى لهم تلبية الطلب المستمر للسفر جوا لقضاء عطلة بعيدا عن تعب السفر.
و أضاف ذات المسؤول، أن مصالحه راسلت أغلب الجهات الرسمية لمضاعفة عدد الرحلات الجوية نحو مطار الوادي، من أجل استقطاب أكثر عدد ممكن لطالبي السياحة الداخلية و زيارة الولاية، مشيرا إلى أن هواتفهم لا تتوقف من أجل الظفر بمقعد في الطائرة التي قد يصل تأجيلها إلى نحو أسبوع لقلة عدد الرحلات و الاعتماد على الطائرات محدودة العدد من حيث عدد المقاعد، رغم جاهزية المطار لاستقبال كل أنواع الطائرات.
76 ألف سائح بينهم 4 آلاف أجنبي زاروا الوادي الموسم الفارط
و تجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن المصالح الولائية أكدت خلال افتتاح موسم السياحة الصحراوية، أن ولاية الوادي التي انتعشت بها السياحة خلال السنوات الأخيرة، تحوز على نحو 14 مؤسسة فندقية بمختلف أصنافها، بينها فندق واحد من فئة 5 نجوم، توفر كلها أزيد من 850 غرفة و بطاقة استيعاب تتعدى 2000 سرير.
و أضافت ذات المصالح، أنه و في إطار توسعة الحظيرة الفندقية خدمة للسياحة و تشجيعا لها، بأنها تنتظر دخول 3 مؤسسات فندقية جديدة حيز الخدمة و التي ستضيف أزيد من 300 غرفة أخرى، ناهيك عن العدد الكبير للمراقد و الاستثمار السياحي الخاص.
و حسب الجهات نفسها، فقد أحصت ولاية الوادي خلال الموسم الفارط، استقبال أزيد من 72 ألف سائح من كل ولايات الوطن، بالإضافة إلى نحو 4 آلاف سائح أجنبي من بلدان كل قارات العالم، اختاروا الصحراء الجزائرية لتقضية عطلهم و رحلاتهم الاستجمامية، مثمنة المجهودات المبذولة محليات في تشجيع الاستثمار الذي ساهم في خلق الثروة النظيفة و المتجددة.
م/ب

الرجوع إلى الأعلى