نجح مفتش قمع الغش بمديرية التجارة بأم البواقي عبد المالك زلاقي، في إبهار لجنة تحكيم مسابقة اختيار أحسن شارة لمناسبة ستينية الاستقلال، من خلال عمله الذي ظفر بالجائزة الأولى في المسابقة الخاصة بإعداد الشعارالتي تنافس عليها 110 مشاركين، واعتبرت وزارة المجاهدين وذوي الحقوق تصميم شارة الذكرى الستين لعيد الاستقلال من طرف الشاب عبد المالك زلاقي تجسيدا لرؤية جديدة ورسالة عميقة المعنى، ورمزية قيمية تعكس قدسية هذه المناسبة التاريخية ومكانتها المفصلية في تاريخ الجزائر المعاصر من حيث ماهية الأشكال المختارة والألوان المستخدمة بعناية متناهية وتضمينها دلالات تتساوق مع الرسالة التي يكتنزها بين ثناياه هذا العيد المجيد وتوجهات أهداف الجزائر الجديدة، النصر التقت بمصمم الشارة الفائز بالمرتبة الأولى في المسابقة.

حـــاوره: أحمد ذيب

النصر: من يكون زلاقي عبد المالك؟
زلاقي عبد المالك شاب جزائري أبلغ من العمر 35 سنة، مهندس دولة في الإلكتروتقني تخصص آلات كهربائية جامعة العربي بن مهيدي، ومصمم شارات بخبرة 10 سنوات، وأشتغل مفتشا رئيسيا لقمع الغش بمديرية التجارة وترقية الصادرات لولاية أم البواقي.
كيف جاءتك فكرة المشاركة في المسابقة؟
المسابقة نظمت من طرف وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، التي شكلت لجنة وطنية، بإشراف مباشر من الوزير الأول وبتعليمات من رئيس الجمهورية ، وفكرة مشاركتي كانت بعد اطلاعي على إعلان المسابقة المنظمة تزامنا وستينية استقلال الجزائر، التي تهدف في الأساس لإعطاء فرصة للشباب لإبراز إبداعاتهم وتصميم الشارة، وفي هذا الأمر أنا أهنئهم بصدق، لأن الذي جرت عليه العادة هو التعاقد مع شركات مختلفة مختصة في التصميم لإعداد الشارات الخاصة بمختلف المناسبات، وتم تنظيم المسابقة الأولى لتصميم شارة التي تم إطلاقها في السادس عشرة من شهر سبتمبر من سنة 2021، وشارك فيها 111 مصمما من مختلف ولايات الوطن، من بينهم مصممون محترفون وهواة، وكانت الشروط المنظمة للمسابقة تتمحور فقط حول الشارة وطريقة تصميمها، أين تم وضع شروط عالمية لتصميمها.
نلاحظ أن تخصصك تقني ومجال المسابقة فني ووظيفتك إدارية؟
صحيح، المهندسون عموما لديهم ميزة التحليل بحكم ممارسة الرياضيات والحسابات، وهو ما جعلني ألج مجال تصميم الشارات، وعندما تعرفت على الشروط العالمية لتصميم الشارات، قررت الغوص والإبحار في هذا المجال، ويوجد في مجالات أخرى مهندسون أبدعوا في غير تخصصاتهم.
فمثلا الجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها الثالثة عشرة لسنة 2020، فاز بها المبدع عبد الوهاب عيساوي، وهو في الأصل مهندس دولة تخصص إلكتروميكانيك.
وفي مجال التصميم أنا عصامي التكوين، لم أدفع ولا دينار في دورات تعلم التصميم، وأستاذي هو تطبيق «اليوتيوب»، أين أتابع من خلاله القنوات المختصة في التصميم، ويكون ذلك في كل أوقات فراغي تقريبا.
هل مشاركتك في مسابقات أخرى لتصميم «الشارات» ساهمت كذلك في صقل خبرتك؟
أكيد، فمشاركتي في مسابقات عالمية على منصات خاصة بتصميم الشارات ساهمت في تكويني، خاصة وأن مشاركاتي أثمرت فوزي بجوائز عن الشعارات التي صممتها، كما أن هاته المواقع عرفت مشاركة أشخاص من عدة جنسيات، بتقديم طلبات بتصميم شعارات وشارات لشركاتهم ومؤسساتهم، ونجحت في نيل رضا طالبي الشعارات من مختلف الجنسيات على غرار الأسترالية والتركية والسعودية والإماراتية، وتصميمي للشعارات يكون دوما من المنزل من خلال جهاز حاسوبي الذي أمتلكه، واستعمل في ذلك برنامج «أليستراتور» وهو أشهر برنامج للشارات، ويمنح خاصية «فيكتور» التي لا يمنحها برنامج «فوطوشوب».
هل لك أن تحدثنا عن الفكرة التي اعتمدتها لتصميم شعارك الذي نال إعجاب لجنة التحكيم من بين أكثـر من 110 عمل فني؟
أول فكرة صراحة، وأنا شاب من جيل الاستقلال، اعتمدت رمزية الوفاء لكل الرجال المخلصين لهذا البلد، أين خصصت اللون الذهبي في الشعار وهو نادر الحضور في الشعارات الوطنية التي اعتدنا أن تكون بألوان الراية الوطنية، خصصته كلون تكريمات وتشريفات، وكأنني وأنا من جيل الاستقلال أكرم كل الرجال المخلصين الذين ضحوا من أجل هذا الوطن.
وثانيا فالشارة التي صممتها، ترجمة حرفية وفعلية لشعار الذكرى الـ60 لاستقلال الجزائر الذي تبنته الدولة الجزائرية «تاريخ مجيد وعهد جديد».
ماذا عن محتوى الشارة وكيف صممتها واخترت الأشكال الهندسية وبعض الرموز وكذا صور آليات الجيش الوطني الشعبي؟
الشارة في حد ذاتها دائرية وهذا أمر مهم جدا، ومفهوم الدائرة المتعارف عليه، أنها مجموعة من النقاط المتصلة دون انقطاع، وهي التي مثلت بها اللحمة الوطنية، ولكون تصميم الشارة يخص مناسبة وطنية، فالدائرة أردتها تعبيرا صريحا عن اللحمة والوحدة الوطنية، نظرا لأنها تخدم هذا النوع من الشارات، أما الأشكال الهندسية داخل الشارة، فهي تعطي تعبيرا عن الهيكلة، والترجمة الخاصة بها أن الدولة الجزائرية وهيكلة قطاعاتها بشكل هندسي منتظم، وهذا كله تمثله الدائرة في الشارة.
وتأتي بعدها 60 نجمة دائرية تلي الدائرة مباشرة، وكل نجمة تمثل سنة من سنوات استرجاع السيادة الوطنية، وبعد ذلك مباشرة تأتي ترجمة الشعار حرفيا.
فالترجمة المتعلقة بـ«تاريخ مجيد» هي ممثلة بالشق الأيمن للشارة، و«عهد جديد» ممثلة بالشق الأيسر للشارة، فـ«تاريخ مجيد» ممثلة بـ3 صفحات لسجل الذاكرة الوطنية، الصفحة الأولى فيه حمراء دلالة على جرائم المستدمر الفرنسي التي قال عنها الرئيس الراحل هواري بومدين «نطوي صفحة فرنسا دون تمزيق»، أما الصفحة المفتوحة من السجل والتي جاءت بلون ذهبي، فلها بعدين لهما دلالة على التكريم والتشريف وبجانبها مجاهد وجندي، وهي ترمز للجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني.
الرمزية الثانية وأنا شاب من جيل الاستقلال أتطلع لكتابة عصر ذهبي للدولة الجزائرية.
أما الشق الأيسر «عهد جديد»، مثلته وأنا مهندس في مجال تقني داخل الرقم «6»، الذي يرمز للتقنية، وهو مسار الإلكترونات في اللوحات الأم لكل الأجهزة التقنية، كأني به أقول والجزائر تعيش عقدها السادس من الاستقلال، فهي مواكبة لحداثة وعصرنة ورقمنة في جميع المجالات.
وبخصوص العتاد والآليات الحربية، فقصدت بها أن الجيش الوطني سليل جيش التحرير الوطني، جيش عصري احترافي يمتلك أحدث التقنيات وهو الضامن والحامي للوحدة الترابية لهذا الوطن.
هل كنت تتوقع أن يُثمر هذا الزخم من الرموز والدلالات فوزا يوشح من خلاله تصميمك كل فعاليات ستينية الاستقلال وحتى على خلفية القطعة النقدية الجديدة بقيمة 200 دينار؟
فخر المشاركة في أول مسابقة وطنية لإنجاز شارة لمناسبة وطنية بهذا الحجم، هو إنجاز في حد ذاته، فما بالك بالفوز الذي لم أكن أتوقعه، وربما نية مفهوم التكريم في الشارة الذي أسديته لكل الرجال المخلصين لهذا الوطن، ساهم في تحقيقي هذا الفوز.
والمناسبة تسمو صراحة على كل الجوائز التي نلتها في مسيرتي لتصميم الشعارات، التي كانت من داخل وخارج الوطن.
كلمة أخيرة
 أترحم على روح والدي الذي ودعنا الصائفة الماضية، والذي لطالما كان والدا وصديقا محفزا ومشجعا، وهذا التتويج أهديته لروحه الطاهرة، وتحية خاصة وخالصة لكل الشعب الجزائري، والجائزة التي نلتها سأعتبرها محفزا لي لتقديم الأفضل في مجال التصميم، وهي دعم لي ولكل الشباب الجزائري.
أ.ذ

الرجوع إلى الأعلى