استطاعت قناة “الذاكرة” التي رأت  النور في ذكرى استرجاع السيادة الوطنية على الإذاعة والتلفزيون في 28 أكتوبر 2021، تقديم مادة تاريخية هامة جعلتها تحتل مكانة مرموقة في المشهد السمعي البصري الوطني.  خلال زيارة “النصر” لمقر قناة الذاكرة، الكائن في إحدى الفيلات ذات الطابع المعماري الإسلامي، والتابعة للمؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري، لإجراء هذا الروبورتاج، كانت مفاجأتنا كبيرة، بأن هذا المقر صغير الحجم، يضم صرحا إعلاميا كبيرا من حيث أهدافه ومراميه، والذي أنشئ للتأكيد على الحاجة الكبيرة لبلادنا للاهتمام بالتاريخ الوطني، من خلال الإعلام باعتباره وسيلة من وسائل تأصيل الروح الوطنية والحفاظ على ذاكرة الأمة الجزائرية والتعريف بتاريخها المجيد عبر مختلف حقبه التاريخية. وعلمنا من خلال الأحاديث التي أجريناها مع الطاقم المشرف على القناة وبعض صحفييها أن العبرة ليست في شساعة المقر، لأن العمل الإعلامي المرتبط بالمضامين التي تدخل في مجال تخصص القناة لا تتطلب وجود عدد من الاستوديوهات المجهزة، باعتبار أن أغلب البرامج التفاعلية وحصص البلاتوهات يتم تسجيلها أو نقلها على المباشر من الأماكن الرمزية للأحداث المرتبطة بثورة التحرير والحركة الوطنية وبطولاتها ونشاط قادتها.

روبورتاج: عبد الحكيم أسابع

الطاهر منجور  (رئيس تحرير)
نحرص على إيصال المعلومة التاريخية بأسلوب سلس
أول من قابلناه خلال زيارتنا لمقر القناة كان الإعلامي التلفزيوني، المخضرم، الطاهر منجور، الذي يضطلع بمنصب رئيس تحرير، هذا الأخير تحدث مطولا عن البدايات الأولى للقناة التي قال أن العمل فيها يتم من خلال روح الفريق، و وفق منهجية محددة وبطرح أكاديمي بيداغوجي يبسط المعلومة التاريخية حتى تصل لعامة الناس، وخاصة لجمهور الشباب وللناشئة.
وأكد منجور أن البرامج التي تبثها القناة تتطلب وقتا ودراسة معمقين، بعيدا عن الارتجالية التي تبعدنا عن الجزئيات التي يحتويها تاريخنا، حتى يتم تبسيط الموروث التاريخي للمساهمة في ترقية التواصل بين الأجيال وبالتالي بناء معرفة تاريخية تكون بمثابة قاعدة للمواطنة.
وأضاف ‘’إن كان الجزء الأكبر من برامج القناة يرتبط بثورة التحرير وأمجادها وكشف سياسة فرنسا الاستعمارية طيلة 132 سنة من قمع وتشريد وإهانة ونفي وتنكيل وتعذيب وتقتيل جماعي، وتسجيل الشهادات الحية واستنطاق الوثائق وأماكن الذاكرة واستجواب المؤرخين والباحثين واستعمال الأرشيف السمعي البصري، إلا أنها من جهة أخرى تهتم بكل ما يرتبط بالذاكرة العامة للجزائريين، سواء الذاكرة السياسية أو الذاكرة الاقتصادية أو الذاكرتين الفنية والرياضية، دون إغفال الجوانب المتعلقة بالتراث الديني للأمة وأصالة الشعب’’.
وفي هذا السياق، ذكر محدثنا بأن إعداد الشبكة البرامجية للقناة يعتمد بشكل أساسي على استغلال الرصيد الكبير من الأرشيف السمعي البصري للقناة، مشيرا في هذا السياق إلى أنه خلال شهر رمضان الماضي تم الأخذ بعين الاعتبار كل ما يرغب في مشاهدته قطاع واسع من الجمهور في مثل هذا الشهر من تلك الأعمال التلفزيونية التي تمت مشاهدتها في الماضي سيما تلك التي يضطلع ببطولتها نجوم الكوميديا الجزائرية للعشريات الماضية.
كما تعتمد استراتيجية عمل القناة ضمن أهم المحاور التي تم وضعها على انتاج وثائقيات وحصص بنظرة جديدة – حسب منجور – الذي أشار إلى إنجاز الكثير من حصص البلاتو، على مستوى مختلف الولايات سيما المتعلقة بالثورات الشعبية وقادة الثورة، إلى جانب البرامج التي بادر بها الجيل الجديد من صحفيي القناة، ومن بينها حصص حول مختلف الحقب التاريخية للبلاد، منذ الحقبة النوميدية.
ويشير السيد منجور إلى أن الحصص والبرامج التي تتناول الذاكرة التاريخية والرياضية والسياسية والفنية للبلاد تحظى بنسب مشاهدة عالية وهو ما جعل القناة تقرر إعادة إنتاج بعض البرامج التي كانت تحظى بمتابعة كبيرة مثل حصة ‘’ نادي السينما ‘’ التي كان يقدمها السيد أحمد بجاوي على شاشة التلفزة الوطنية قبل عدة عشريات، هذا الأخير سيعيد إنتاج البرنامج برؤية جديدة لإعادة بعث النقاش حول ماضي وحاضر الإنتاج السينمائي الجزائري.
ويحرص رؤساء التحرير بالقناة على تأطير العناصر الشابة من فريق العمل، من أجل الوصول إلى إنتاج نوعي للحصص والبرامج والروبورتاجات والوثائقيات، بمهنية عالية، وبأسلوب سلس وبطريقة لا تخلو من عنصر التشويق، سيما وأن جيل اليوم من المهتمين بالتاريخ متعطشون لأكبر عدد من الإنتاج التاريخي، ما يجعل الفريق المشرف على الإنتاج ودراسة المشاريع، يعمل على إنتاج الأشرطة القصيرة التي تحتوي أكبر كم من المعلومات بأسلوب متميز وبطريقة إعلامية موضوعية وبروح إبداعية عالية. من جهة أخرى أشار المتحدث إلى أن الفريق المشرف على القناة يحرص في التعامل مع الأرشيف الذي يحصل عليه من فرنسا على التدقيق فيه و ‘’تنظيفه ‘’ مما علق به من شوائب، ومن الدسائس التي تمجد الاستعمار في الصور والتعليقات.
برامج خاصة بستينية الاستقلال
بدأ التحضير للاحتفالات المخلدة للذكرى الستين لاسترجاع السيادة الوطنية مباشرة مع تأسيس القناة في 28 أكتوبر الماضي، تمثلت حسب محدثنا في إنتاج حصص وبرامج أغلبها مرتبط بثورة التحرير وذكرى عيد الاستقلال والأحداث المرتبطة بهما من بينها وثائقيات حول مخابئ الثورة في القصبة وبلاتوهات تم تصويرها خارج الجزائر العاصمة.
وفي ذات السياق فقد أشرف مدير القناة، ناجي معلم والإعلامي فوزي آيت علي، على إنجاز عددين لمنتدى الذاكرة إحياء لهذه الذكرى، الأول على مستوى استديو التلفزيون الجزائري والثاني بولاية تندوف وبرامج أخرى وتقارير عن الذاكرة التي لا تموت.
كما أنجزت القناة شريطا وثائقيا حول أصدقاء الثورة من 52 دقيقة، وآخر من 13 دقيقة تم عرضه بمناسبة تنظيم الملتقى الدولي حول أصدقاء الثورة مؤخرا بالجزائر العاصمة.
وثمة أيضا حسب القائمين على القناة، الكثير من البرامج الخاصة بستينية الاستقلال على غرار حصة « حارس الماضي « التي تعتمد على الأشرطة الوثائقية، وحصة أخرى حول المحكوم عليهم بالإعدام في قلب سجن ، إلى جانب انجاز أشرطة وثائقية في الميدان من طرف الصحافيين.
وتمت بالمناسبة برمجة يوم مفتوح لقناة الذاكرة، يوم عيد الاستقلال الموافق لـ 5 جويلية، يتم خلاله عرض  كل ما تم انجازه  حول ستينية الاستقلال وحول ثورة التحرير المباركة. ومن أجل حفظ الرصيد الأرشيفي الكبير الذي تحوز عليه القناة وفق المعايير المعمول بها، حتى لا يكون عرضة لمختلف العوامل، يجري حاليا رقمنته، والعملية حسب رئيس التحرير الطاهر منجور تجري على قدم وساق وضد عقارب الساعة.
من جهة أخرى أشار الطاهر منجور إلى أن القناة تحرص على توجيه نسبة كبيرة من انتاجها للجمهور الناطق باللغة الأجنبية في مختلف البلدان، لذلك تعاقدت مع "كنال ألجيري" لإعادة حصة ‘’ ميموار ‘’ وفي البرنامج أيضا مشروع لترجمة الحصص والبرامج التي تستقطب الاهتمام إلى اللغة الفرنسية.

*  عبد اللطيف بن عقة (رئيس تحرير)
نسعى إلى ضمان التأطير الجيد لفرق العمل الشابة
أكد الصحفي عبد اللطيف بن عقة، الذي يضطلع هو الآخر بمنصب رئيس تحرير في القناة أن التوجه الجديد لفريق العمل المشرف على هذا الصرح الإعلامي أصبح يفضل انتاج الحصص والبرامج، خارج الأستديو، وبالضبط في المكان المرتبط بالحدث كمعارك جيش التحرير أو أماكن استشهاد رموز الثورة، وبطريقة جديدة في المعالجة حتى تصل إلى الجمهور الشاب على وجه الخصوص، وعموم المشاهدين الجزائريين وحتى المتابعين الأجانب في مختلف البقاع التي يصل إليها بث القناة.
وبحسب المتحدث فإن الفريق المشرف يسعى إلى ضمان التأطير الجيد لفرق العمل الشابة من الصحفيين الجدد من أجل الوصول إلى انتاج نوعي مقبول لدى المشاهد سواء في مجال التحقيقات الميدانية عن المعارك والبورتريهات أو الأعمال الوثائقية المختلفة المرتبطة بالذاكرة الوطنية.

* الصحفية سلوى فارس
 سننقل بكل أمانة تاريخ البلاد إلى الأجيال القادمة
ومن بين جيل الصحفيين الجدد الذين انضموا لفريق العمل بقناة الذاكرة التقينا بالإعلامية سلوى فارس المتخصصة في التاريخ، و التي أكدت للنصر أنها التحقت بالقناة عن حب وعن رغبة كبيرة، باعتبار أن تخصصها الأكاديمي في التاريخ، مبرزة حبها الكبير لكل ما هو مرتبط بتاريخ البلاد وذاكرته الوطنية لكون التاريخ – كما قالت - مرآة الشعوب وبه ومنه تؤخذ العبر والمواعظ من أجل تجنيب الحاضر، مطبات الماضي وبناء مستقبل ناصع قاعدته مستنبطة من تاريخه المجيد. و أعربت عن أملها في هذا السياق أن تساهم في التعريف بتاريخ الأمة الجزائرية المجيد عبر مختلف حقبها، سيما ما يتعلق بالفترة الإسلامية والحقبة العثمانية. كما أعربت عن فخرها بروح العمل الجماعية السائدة في القناة وبالخبرة التي يضعها الصحفيون القدامى في متناول الصحفيين الشباب، وقالت ‘’نحن كجيل الديجيتال وجيل السوشيل ميديا سنعمل و بكل حب على اثراء رصيد القناة من جهة وتوصيل التاريخ للجيل الجديد بكل أمانة وباللغة والأسلوب الذي يحبذه باستغلال ما تخوله التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال وشبكات التواصل’’.

*  عبد الصمد رشاد خطوف  (رئيس تحرير)
كنت من الداعين إلى إعطاء مجال أوسع للحصص التاريخية
عبد الصمد رشاد خطوف، الذي يشغل بدوره منصب رئيس تحرير في القناة، يعكف منذ التحاقه بها بعد حوالي 30 سنة من عمله في المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري، على إعداد سلسلة من الحصص والبرامج بينها إعداد وتقديم برنامج ‘’ فأووا إلى الكهف ‘’، الذي تناول في حصصه الأربع الأولى التصوف ‘’مبادئه ومناهجه وتاريخه في الجزائر’’، فيما يعمل منذ فترة في إطار التحضير لمناسبة ستينية الاستقلال كما ذكر للنصر على تقديم برنامج ‘’ عظماء الثورات الشعبية» والذي خصص جزءه الأول حول مقاومة الشيخ بوعمامة. ويحرص السيد خطوف على نقل خبرته وتجربته في إعداد الحصص الخاصة للصحفيين الجدد.
وبعد أن أشار إلى أنه كان من بين مؤسسي القناة الثالثة للتلفزيون الجزائري ( الإخبارية الجزائرية ، ذكر بأنه كان دائما يدعو إلى إعطاء مجال أوسع للبرامج والحصص المرتبطة بالذاكرة الوطنية وعدم حصرها في المناسبات التاريخية أو في أعياد الثورة والنصر والاستقلال وتلك المرتبطة بهجومات 20 أوت وذكرى انعقاد مؤتمر الصومام فقط، سيما كما قال وأن في كل شبر من الجزائر هناك قصة نضال وكفاح وتقديم مختلف أشكال الدعم للثورة، و مجاهد مازال يتذكر، ومكان مرتبط بأحداث الثورة.
ع.أ

الرجوع إلى الأعلى