نجحت مدينة وهران في كسب رهان التنظيم النسخة رقم 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط، وأبهرت العالم بصور "استثنائية" في العرس الرياضي الإقليمي، الذي جمع 3390 رياضيا يمثلون 26 دولة من حوض المتوسط، من ثلاث قارات وهي إفريقيا، أوروبا وآسيا، في تظاهرة ستبقى ذكرياتها راسخة في أذهان المشاركين والمتتبعين على حد سواء، لأنها وبالإجماع كانت الأحسن والأفضل في تاريخ الألعاب،على جميع الأصعدة، لينال المنظمون تقدير "الامتياز".
نجاح دورة وهران 2022، تجلى في حفل الافتتاح "الخرافي"، الذي كان بلوحات فنية كوليغرافية، يضرب مغزاها في تاريخ الجزائر، وخاصة تاريخ مدينة وهران، الذي يمتد في أعماق المتوسط، مع العودة إلى الحضارات القديمة التي كانت قد مرت على المنطقة، وغوصها في عمق الموروث التراثي والثقافي الذي تزخر به بلادنا، كما أن الصور التعبيرية التي رسمتها مختلف الفرق الفنية والفلكلورية بتنوع طبوعها، كانت قد أبهرت الحضور من العديد من البلدان الأوروبية والآسيوية، ولو أنها بالمقابل عكست المكانة الحقيقية لبلد أبان عن مدى قدرته على تنظيم واستضافة تظاهرات ومنافسات رياضية "عالمية"، لأن العرس المتوسطي يبقى في ظاهره بطابع إقليمي، غير أنه كان بنكهة أولمبية، والجزائر كسبت رهان التنظيم، بعمل فني إبداعي ضخم، استخدمت فيه تقنيات تكنولوجية عالية.
هذا "الامتياز" واكب الامكانيات المادية الضخمة التي عملت الدولة الجزائرية على توفيرها لضمان جاهزية وهران لاحتضان هذه التظاهرة الإقليمية، سيما بعد تشيّيد الكثير من المرافق والمنشآت خصيصا لهذه التظاهرة، في صورة القرية المتوسطية، المركب الرياضي ميلود هدفي، قصر الرياضات حمو بوتليليس، الذي خضع لعملية تجديد وإعادة تأهيل شاملة، إضافة إلى البنى التحتية وملاعب أرزيو، مستغانم وسيق، قبل أن يسرق الإقبال الجماهيري القياسي على كل الملاعب والقاعات، وباختلاف الاختصاصات الأضواء، لأن كل المنافسات جرت بحضور جمهور قياسي، الأمر الذي أعطى هذه التظاهرة بعدا آخر، وذلك بتجسيد الموقف الثابتة للدولة الجزائرية، والرامي دوما إلى ترسيخ مبدأ الأمن والسلام بين الشعوب، ونبذ العنف والتمييز، فضلا عن توجيه رسالة ميدانية للعالم بأن الجزائر بلد آمن، وقادر على احتضان أكبر التظاهرات والدورات الرياضية.
نجاح الموعد المتوسطي بوهران أعاد الجزائر إلى الواجهة من حيث التنظيم، لأن حفل الاختتام كان مميزا، وهذه التظاهرة فتحت الباب لاستقطاب اهتمام مسؤولي اتحادات دولية سعيا لإقامة منافسات "عالمية" في "الباهية"، وهذا في ظل توفر كل الشروط المطلوبة على مستوى المرافق والمنشآت الرياضية، الأمر الذي مكن الجزائر من الخروج من فترة "التغيّيب" عن تنظيم المنافسات القارية والإقليمية لفترة تتجاوز 3 عقود من الزمن، لأن ذكريات "كان 1990" تبقى آخر ما تحتفظ به الرياضة الجزائرية من تنظيم تظاهرة "قارية"، لكن المعطيات أخذت أبعادا أخرى بعد الانبهار بوهران ومرافقها.
ص/ فرطــاس

الرجوع إلى الأعلى