تدعم الإعلام الوطني خلال سنة 2023 المنقضية، بجملة من التشريعات والقوانين المؤطرة التي عززت حرية التعبير والرأي، تجسيدا لالتزامات السيد رئيس الجمهورية في الجانب المتعلق بالحقوق والحريات.
وقد جاءت هذه القوانين لتكييف المنظومة القانونية للإعلام مع أحكام دستور 2020 في مادته رقم 54 و 55 و ذلك تجسيدا للالتزام السادس لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الوارد في البرنامج الانتخابي المقدم للشعب، حيث نص في هذا الالتزام على "تحقيق حرية الصحافة وتعدديتها واستقلالها وضمان احترام قواعد الاحترافية و أخلاقيات المهنة، وجعلها عمادا للممارسة الديمقراطية وحمايتها من جميع أشكال الانحراف".
وفي هذا السياق جاء عرض ومناقشة مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام بداية سنة 2023 على مستوى الغرفة السفلى للبرلمان، حيث يمثل هذا النص الإطار التشريعي العام المنظم لأنشطة الإعلام، والوثيقة المرجعية لتجسيد المبادئ الدستورية لحماية أحد مجالات حرية التعبير والرأي، بتكريسه حرية الممارسة الإعلامية بجميع أشكالها وحماية الصحفيين ومنتسبي الصحافة والإعلام.
وجاء القانون العضوي الجديد للإعلام بجملة من التدابير والأحكام الجديدة أهمها تكريس النظام التصريحي في نشاط الصحافة المكتوبة والإلكترونية، أي تبسيط إجراءات إنشاء صحف ومجلات بالاكتفاء بالتصريح بدل الاعتماد، و إنشاء سلطة ضبط الصحافة المكتوبة والإلكترونية على غرار سلطة ضبط السمعي البصري، والتنصيص على تعديل القانون الأساسي لسلطة ضبط السمعي البصري بمنحها الطابع الخاص مع تكليفها بمهمة ضبط ومراقبة خدمات الاتصال السمعي البصري عبر الانترنيت أيضا.
كما منح القانون العضوي للإعلام المعدل للقانون رقم 12-05 أيضا الحماية القانونية للصحفي وحفظ حقه في رفض نشر أو بث أي خبر أو مقال أو عمل أدخلت عليه تغييرات جوهرية دون موافقته، والتأكيد على حقه في الملكية الأدبية، وتمكنيه من ممارسة نشاطه بعيدا عن الضغوط،  وإلزام الهيئة المستخدمة باكتتاب تأمين خاص على كل صحفي يرسل إلى المناطق التي قد تعرض حياته للخطر.
ونص القانون كذلك على استحداث مجلس أعلى لآداب وأخلاقيات المهنة تؤول إليه مسؤولية الضبط والتدخل في مجال آداب وأخلاقيات المهنة وإعداد ميثاقها، وأيضا التصريح بمصدر الأموال المستثمرة في مجال الإعلام والتنصيص على حيازة رأس مال وطني خالص لكل راغب في الاستثمار في هذا المجال.
وعموما فقد حرص القانون العضوي على وضع أسس لضمان ممارسة إعلامية محترفة "توزان بين الحرية و المسؤولية" وتساهم في خلق بيئة إعلامية وطنية تضمن في ضمان حق المواطن في إعلام صادق وموضوعي وموثوق بما يساهم في الحفاظ على المصالح العليا للوطن والمواطن.
وبعد صدور القانون الإطار، أي القانون العضوي المتعلق بالإعلام، فسح المجال لتكييف القوانين الأخرى مع ما جاء به هذا القانون، في إطار تعزيز المنظومة الوطنية للإعلام، وفي هذا الإطار قدم أمام البرلمان بغرفتيه مشروع قانون بتعلق بالصحافة المكتوبة والإلكترونية وآخر يتعلق بنشاط السمعي البصري. وحسب وزير القطاع فإن نصي القانونين يتميزان بـ" الدقة والوضوح ما يسهل تطبيقهما"، حيث كرس القانون الخاص بالصحافة المكتوبة والإلكترونية إخضاع إنشاء الصحف والنشريات الدورية والصحف الإلكترونية لنظام التصريح أمام المصالح المؤهلة لوزارة الاتصال مقابل وصل إيداع.
كما تم في النص ضبط المفاهيم الخاصة بالصحافة الإلكترونية من خلال تكييفها مع التطورات الحاصلة في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال على اعتبار أن الصحافة الإلكترونية خدمة اتصال متعددة الوسائط.
ويلزم هذا القانون بتوطين المواقع الإلكترونية حصريا وماديا ومنطقيا في الجزائر، وعدم السماح لمدير النشر أن يدير أكثر من نشرية واحدة للإعلام العام تصدر بنفس نظام الإصدار أو صحيفة إلكترونية للإعلام العام، وإخضاع النشريات الدورية و / أو الصحف الإلكترونية لنفس الشروط من خلال النص على حيازة مدير النشر على شهادة جامعية إلى جانب الكفاءة والخبرة الفعلية في المجال لا تقل عن 8 سنوات مثبتة.
وتحديد عدد النشريات والصحف الإلكترونية المسموح امتلاكها أو مراقبتها بنشرية واحدة، و/أو صحيفة إلكترونية واحدة، وإعادة النظر في تشكيلة سلطة ضبط الصحافة المكتوبة قصد التطابق مع أحكام المادة 92 من الدستور.
أما بالنسبة للقانون المتعلق بنشاط السمعي البصري فهو يعطي للمؤسسة الوطنية للبث الإذاعي والتلفزي حصرية بث خدمات الاتصال السمعي البصري تعزيزا للسيادة الوطنية والأمن الوطني، وتوسيع نطاق خدمات الاتصال السمعي البصري المرخص لها إلى القنوات ذات المضامين العامة، وإخضاع إنشاء خدمات الاتصال السمعي البصري عبر الانترنيت إلى رخصة يمنحها وزير الاتصال مع ضرورة الالتزام بدفتر الشروط وتوحيد إجراءات منح الرخص لجميع القنوات السمعية البصرية التقليدية والقنوات السمعية البصرية عبر الانترنيت.
ويعيد هذا القانون النظر في تشكيلة سلطة ضبط السمعي البصري وتكليفها بإبداء الرأي التقني حول إنشاء خدمات الاتصال السمعي البصري قصد التصدي لأي انحراف قد يعيق السير الحسن لهذا النشاط.
وبعد مصادقة غرفتي البرلمان بالإجماع على القانونين وصفهما وزير الاتصال، محمد لعقاب، بالممتازين، بل و الأحسن في تاريخ الجزائر، مؤكدا أن هذه الحزمة من القوانين جاءت لتنظم المهنة تنظيما واضحا ودقيقا ومعظم موادها واضحة وغير قابلة للتأويل وهي تحدد صلاحيات كل طرف بكل دقة ووضوح.
وتكتسي القوانين سالفة الذكر التي تعزز بها الإعلام الوطني أهمية خاصة في الارتقاء بالممارسة الديمقراطية الإعلامية في بلادنا وتنظيمها وترقيتها من جميع المناحي، بما يساهم في  خلق إعلام وطني حقيقي ومحترف يخدم المصلحة العليا للبلاد، ويكون قادرا على إعطاء مضمون إعلامي مقنع، و أيضا يكون بإمكانه صد الهجمات المتأتية من عدة جهات خاصة في الظرف الدولي الحالي.
إلياس -ب

الرجوع إلى الأعلى