العتبة "سُنة سيئة"  تجاوزتها المنظومة التربوية


تحرك العتبة بداية كل موسم اضطرابات في الطور الثانوي ،تصل حد الخروج إلى الشارع للمطالبة بتحديد الدروس الخاصة بشهادة البكالوريا، مع تداول تحذيرات على لسان أساتذة من استحالة إتمام البرنامج، رغم أن النقابات مقسمة بين الاعتراف بضلوع أساتذة في الحراك والتبرؤ منهم وبين نفي علاقتهم بالاحتجاجات ، فيما يرى تربويون أن الإجراء لا يخدم الشهادة والتعليم بشكل عام ،ويتقاطعون مع المختصين والأولياء في كون الإلغاء ضرورة بيداغوجية.
العتبة مصطلح جديد دخل قاموس التعليم في الجزائر، بداية من  سنة 2008  كإجراء استثنائي اتخذه الوزير السابق بوبكر بن بوزيد  في ظروف استثنائية، لتجاوز تبعات إضراب الأساتذة آنذاك، لكنه تحول إلى كلمة سحرية للمقبلين على اجتياز شهادة البكالوريا عند كل موسم ، فأصبح الثانويون يتحركون بالخروج إلى الشارع بداية من شهر جانفي، للمطالبة بـ»عتبتهم»  في سيناريو تكرر لسنوات،  ليتطور الأمر مع مرور السنوات إلى ما يشبه الحق.
الاستجابة الآلية لوزارة التربية تحت ضغط الاحتجاجات وارتفاع نسب النجاح في البكالوريا من سنة إلى أخرى، زاد في تمسك التلاميذ بتحديد الدروس، ما جعل قرار الوزيرة الحالية بإلغاء العتبة بمثابة القنبلة الموقوتة وصعب من مهمة  إقناع الأطراف المعنية بأهمية القرار، رغم إجماع نقابات الأساتذة وجمعيات أولياء التلاميذ على أن القرار صائب ،إلا أن ما يعرفه الوسط التربوي من حراك وجدل  أعاد العتبة إلى باب البكالوريا وأوقع تلاميذ تحت ضغط نفسي حذر منه مختصون.
النصر حاولت من خلال هذا الملف تقديم صورة واضحة عن المقصود من العتبة وأخطارها على المنظومة التربوية وأسباب تحولها إلى حالة  بيداغوجية استثنائية في العالم، مع رصد آراء ثانويين وأولياء تلاميذ والوقوف عند حقيقة ما يشاع عن الأساتذة،  ونقل تطمينات وزارة التربية بشأن التراجع عن إجراء لازم التعليم الثانوي لست سنوات متتالية.
ن ك

فريد بن رمضان المفتش العام للبيداغوجيا بوزارة التربية الوطنية

عتبة البكالوريا أنتجت جيلا يشوبه ُخلل وهناك من يريدون إمتحانا على المقاس

استبعد الدكتور فريد بن رمضان المفتش العام للبيداغوجيا بوزارة التربية الوطنية، التراجع عن قرار إلغاء «العتبة»، و قال أن اعتمادها في السنوات الأخيرة أضاع على تلاميذ الثانوي عامين كاملين من الدراسة، ما نتح عنه صعود طلبة لم يدرسوا الكثير من النظريات و القواعد العلمية الأساسية.
و يستغرب السيد بن رمضان الجدل الذي أثير بين التلاميذ، بعد قرار وزيرة التربية نورية بن غبريط بإلغاء تحديد عتبة الدروس لمترشحي شهادة البكالوريا، حيث اعتبره إجراء بيداغوجيا عاديا يأتي لضمان إتمام المقررات الدراسية، التي تتضمن مفاهيم و ميادين علمية تم ضبطها وفق إنتاج علمي عالمي، و في إطار مقاييس دولية تعمل وزارة التربية على تحقيقها، خصوصا، كما قال، و أن شهادة البكالوريا ديبلوم دولة و أي تراجع في مصداقيتها، يُشكل تراجعا في مصداقية الدولة.
و أوضح المفتش العام للبيداغوجيا بوزارة التربية الوطنية في اتصال بـ “النصر”، أنه لا يوجد شيء اسمه “العتبة” في العالم كله، إذ تُلزم المنظومات التربوية باعتماد المعايير الدولية في تطبيق المناهج المعتمدة، و ذلك بتدريس تلميذ السنة النهائية لـ 32 أسبوعا على الأقل خلال العام، غير أن التلميذ الجزائري يدرس عددا أقل بكثير من الأسابيع، بسبب التكرار المفرط للإضرابات و تحديد الدروس.
و خلُصت دراسة أعدتها وزارة التربية الوطنية، إلى أن تلاميذ الثانوي الذين تلقوا تعليمهم بين سنوات 2003 و 2014، قد أضاعوا مجموع سنتين كاملتين من الدراسة، ليصل التلميذ الناجح في شهادة البكالوريا إلى الجامعة، و هو لا يعرف الاحتمالات و العديد من فرضيات ابن رشد و المحاور العلمية الهامة، التي تعد القاعدة في التكوين فيما بعد، و يمكن أن يؤدي عدم اطلاع الطالب عليها، إلى التأثير على مساره الجامعي، خاصة و أن هذه المفاهيم، يضيف السيد بن رمضان، لن تدرس مرة أخرى ضمن نظام الألمدي، المبني على مضامين عالمية مُوحّدة.
و استبعد المفتش العام بالوزارة إمكانية تراجع بن غبريط عن قرار إلغاء العتبة بسبب الإضرابات التي يشنها الأساتذة، سيما، كما قال، و أن نسبة الاستجابة الوطنية للاحتجاج لم تتجاوز 20 بالمائة في الثانويات، ما يعني أن تحرك نقابات التربية السبع لم يؤثر حسبه على المقرر، و يرى ممثل الوزيرة أن تحديد الدروس جاء في ظروف خاصة و استثنائية، تحولت إلى طبيعية مع مرور الوقت، لذلك يجب «إعادة الأمور إلى نصابها»، بعد أن أنتجت العتبة جيلا «يشوبه خلل» و لم يكتسب كامل المفاهيم.
و أكد الدكتور بن رمضان أنه قد تم التنسيق مع المفتشين التربويين لتحضير التلاميذ بسيكولوجيا، و ضمان إجراء الامتحانات في ظروف مناسبة، كما سيتم فتح أبواب الثانويات أيام الثلاثاء و السبت، و كذلك الاستعانة بالأساتذة المتقاعدين للعمل على شكل ساعات إضافية و إتمام المقرر، معلنا عن الاتفاق مع المجالس الشعبية الولائية لتمويل دروس الدعم، التي ستجرى داخل المؤسسات التربوية، و يرى بن رمضان أن التلاميذ خرجوا في البداية للشارع، لأن “عدم فهمهم للأمور» جعلهم ينساقون وراء ما يروج عبر وسائل التواصل الاجتماعي و خلف تحرك فئة منهم، تبحث، حسبه، عن امتحان “على المقاس”، حيث عادوا إلى مقاعد الدراسة بعد أن تلقوا الشروحات و التطمينات اللازمة.
 ياسمين بوالجدري

رئيسا نقابتي «كنابيست» و «سنابيست»

لسنا من يدفع التلاميذ للاحتجاج والإلغاء قرار صائب

تبرأ نوّار العربي الأمين الوطني لنقابة «كنابيست»، من فئة الأساتذة التي تدفع التلاميذ إلى الاحتجاج للمطالبة بتحديد الدروس، في حين تحدّى مزيان مريان المنسق الوطني لـ «سنابيست» كل من يتهم الأساتذة بمثل هذه الممارسات بهدف اعتماد العتبة، التي اتفق كلاهما على أن إلغاءها قرار صائب يصُبّ في مصلحة التلميذ.
و في حديثه مع النصر أوضح الأمين الوطني للمجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للأطوار الثلاث لقطاع التربية «كنابيست»، أن النقابة لا تتبرأ من الاتهامات الموجهة للأساتذة، بقدر تبرُّئها من هؤلاء الأساتذة كليا، و اعتبر السيد نوار العربي أن «كنابيست» لا تمثل المحرضين و لا تتحمل المسؤولية فيما يقومون به، داعيا الأولياء و التلاميذ الذين يتحدثون عن مثل هذه الممارسات، إلى التبليغ عن أسماء هؤلاء الأساتذة على مستوى الإدارات ،لأجل وضع حد لهذه السلوكات.
و فيما يتعلق بقرار إلغاء العتبة الذي أعلنته وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط مؤخرا، أوضح السيد نوار العربي بأن العتبة لا تعكس، في الأساس، سوى نقصا في مستوى التكوين، كما أنها تؤثر سلبا و بشكل كبير على المستقبل المهني للتلميذ، معلنا عن تأييده لهذه القرار، سيما و أن هدف تنظيمه النقابي يتماشى مع مساعي الوزارة لتحسين مستوى التلميذ و توفير الظروف الملائمة لتمدرسه، و قد استحسن المتحدث البدء في فتح حوارات فكرية بين النقابة و جمعية أولياء التلاميذ و كذا الوزارة، لتحقيق «الهدف الأسمى».
من جهته المنسق الوطني للنقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي و التقني، السيد مزيان مريان، اعتبر أن كل الاتهامات الموجهة للأساتذة من طرف التلاميذ أو أوليائهم بالتحريض على الإضراب، باطلة و بأنها مجرد ادعاءات لا أساس لها من الصحة، حيث طالب مريان كل المتهمين و المشككين في سلوكات الأساتذة، بتقديم الأدلة التي تدينهم إن وجدت، مؤكدا بأن المعلم أسمى من أن يكون سببا في النزول بمستوى التلميذ إلى الأدنى.
و عن قرار وزيرة التربية بإلغاء عتبة الدروس، أكد مريان تأييده القاطع لهذا الإجراء، معتبرا بأن تحديد الدروس أمر لا يخدم مستقبل التلميذ نهائيا، و لا يمكن أن يحسن مستواه بل يؤدي، كما قال، إلى العكس.

 إ.زياري

رئيس مصلحة التفتيش بمديرية التربية لولاية قسنطينة

الاحتجاجات حرّكها أساتذة من أجل إنعاش الدروس الخصوصية

اتهم السيد العطافي محمد رئيس مصلحة التفتيش و التكوين بمديرية التربية لولاية قسنطينة، بعض الأساتذة بـ «تحريض» تلاميذ السنوات النهائية على الخروج للشارع و المطالبة بالعتبة، و ذلك بهدف إنعاش عائدات الدروس الخصوصية التي تقدم خارج المؤسسات التربوية.
و يرى السيد العطافي أن عملية تحديد الدروس في السنة الثالثة ثانوي أو ما اصطلح على تسميتها بـ “العتبة”، جاءت في البداية لظروف خاصة، بحيث أضاع التلاميذ في السنوات الماضية عدة أسابيع من الدراسة، و هو ما دفع بالوصاية آنذاك للجوء إلى تحديد قائمة المحاور التي سيمتحن فيها التلاميذ لنيل شهادة البكالوريا، لكن و مع الوقت و بالرغم من تضاؤل نسبة الإضرابات، صارت العتبة بمثابة «موضة» يسعى بعض الأساتذة لمواصلة العمل بها بتحريض التلاميذ على المطالبة بتطبيقها، و ذلك من أجل تحصيل أرباح أكثر من عائدات الدروس الخصوصية، إذ يستغل هؤلاء، حسبه، توقف الدراسة في وقت مبكر لتقديم هذه الدروس خارج أسوار المؤسسات التربوية.
و حذر رئيس مصلحة التفتيش بأن أعين المنظمات العالمية كاليونيسكو منصبة على النظام التربوي بالجزائر، و ذلك بسبب اعتماد «العتبة» في السنوات الأخيرة، خاصة بعدما أظهرت الإحصائيات أن التلميذ الجزائري يدرس ما بين 22 و 24 أسبوعا في السنة، بينما تصل عدد أسابيع الدراسة لنظيره في قطر إلى 42 و إلى 34 عند جيراننا بالمغرب و تونس، مضيفا بأن قرار إلغاء العتبة يعد بمثابة محفز للتلاميذ، كما أنه سيرفع من مستوى الشهادة التي سيحصلون عليها لدى انتقالهم لمرحلة الدراسة الجامعية.
 ياسمين بوالجدري

اتحاد جمعيات أولياء التلاميذ

العتبة سُنّة سيّئة ابتدعها بن بوزيد و نساند  قرار إلغائها

يرى السيد خالد أحمد رئيس اتحاد جمعيات أولياء التلاميذ، أن العتبة «سُنّة» سيئة ابتدعت في الأعوام الماضية من قبل وزير التربية الأسبق بوبكر بن بوزيد، مؤكدا بأن الأولياء يساندون بن غبريط في قرار إلغائها و يثقون بأن امتحان شهادة البكالوريا، لن يتضمن أسئلة لم يدرسها أبناؤهم في المنهاج.
و ذكر رئيس اتحاد جمعيات أولياء التلاميذ، بأن تحديد عتبة الدروس لا يخدم التلاميذ و مسارهم الجامعي و لا حتى حياتهم المهنية، و هو ما جعل هيأته ترفض منذ البداية نظام العتبة، خاصة بعد أن أصبح التلاميذ يتخذون من إضرابات الأساتذة حجة للمطالبة بتطبيقها، إلى درجة أنهم خرجوا للشارع سنة 2011 ثم رضخت الوزارة لمطلبهم آنذاك رغم أن تلك السنة لم تشهد توقفات في الدراسة، داعيا الأولياء إلى توعية أبنائهم و «التحكم فيهم».
و أوضح السيد خالد أحمد في اتصال بـ “النصر” أن اتحاد أولياء التلاميذ يثق في وزيرة التربية الحالية نورية بن غبريط، و يؤيد القرار الذي اتخذته بشأن إلغاء ما يسمى بـ “العتبة”، مضيفا أن لجنة المناهج و البرامج على مستوى الوزارة، تجتمع سنويا لدراسة مدى تقدم البرنامج الدراسي بالأقسام النهائية عبر كامل التراب الوطني، و ذلك قبل إعداد أسئلة امتحان شهادة البكالوريا، التي لن تخرج، حسبه، عن المناهج، و الدليل، كما قال، عدم ورود أية أسئلة خارج البرنامج بهذا الامتحان المصيري منذ استقلال الجزائر سنة 1962.
و أضاف رئيس الاتحاد الوطني لأولياء التلاميذ، أن وزير التربية الأسبق أبو بكر بن بوزيد هو من ابتدع “العتبة” بداية من سنة 2008، ثم سار عبد اللطيف بابا أحمد على دربه بمواصلة اعتمادها، قبل أن تقرر الوزيرة نورية بن غبريط إلغاءها نهائيا، كما تحدث السيد خالد عن ارتكاب “أخطاء سياسية” في حق القطاع، بحثا عن “إسكات الشارع” بعد خروج التلاميذ للاحتجاج، رغم أن ذلك “يُسيء” لمستوى التلاميذ و شهادة البكالوريا، باعتماد “العتبة” التي اعتبرها “سُنّة سيئة” تسببت في توجيه منظمة اليونيسكو إنذارا للجزائر، مضيفا أن الرضوخ في كل مرة لمطالب التلاميذ، قد يجعل هؤلاء يطالبون بإشراكهم في تحديد الأسئلة!.
و أشار رئيس اتحاد جمعيات أولياء التلاميذ ،إلى أن من حق الأساتذة المطالبة بحقوقهم، لكن ليس على حساب التلاميذ، خاصة و أن إضرابات القطاع اتخذت في السابق كذريعة لتطبيق
العتبة.                                    

ياسمين بوالجدري

 

أخصائية نفسانية بثانوية كاتب ياسين بقسنطينة

تضاعف حدة التوتر في أوساط تلاميذ النهائي  بعد التراجع عن العتبة

ذكرت الأخصائية النفسانية حمادة دلال بثانوية كاتب ياسين بمدينة علي منجلي بقسنطينة، أن إلغاء تحديد عتبة الدروس ضاعف من الضغط النفسي على مترشحي شهادة البكالوريا، مؤكدة أنها استقبلت حالات كثيرة لتلاميذ ازدادوا إحباطا، بسبب «تخويفهم» من الفشل من طرف بعض الأساتذة.
الأخصائية التي تتعامل بشكل مباشر مع تلاميذ الأقسام النهائية، اعتبرت قرار إلغاء العتبة بعد أن اعتمد لسنوات طويلة، أمرا يضاعف من حجم التوتر على التلاميذ، الذين يعيشون و منذ بداية السنة الدراسية تحت تأثير ضغط كبير، و هو أمر قالت أنه سيؤثر حتما على نفسياتهم و حتى على مردودهم الدراسي، كما يشوش أفكارهم و يزيد من حدة القلق المستمر من الامتحان النهائي.
 و اعتبرت السيدة حمادة بأن تأثير إلغاء العتبة و إن كان عاما، إلا أنه يختلف في نسبته من تلميذ لآخر، مشيرة إلى التلاميذ النجباء يفضلون مراجعة كل المقرر الدراسي و إن اعتُمدت العتبة، في حين يبلغ التأثير أعلى مستوياته بالنسبة لأولئك الذين لا يدرسون طوال السنة، و يعتمدون على ما تحدده العتبة في نهاية المطاف.
النفسانية انتقدت من جانب آخر ما يسببه بعض الأساتذة من إحباط للتلاميذ، باعتمادهم أسلوب الترهيب و التخويف من الفشل في امتحان البكالوريا، بحسب ما يؤكده الكثير من الطلبة الذين يقصدونها، متحدثة في ذات السياق عن اعتماد التلاميذ على الدروس الخصوصية أكثر مما يقدمه الأستاذ في الثانوية، و هي كلها عوامل قالت بأنها تؤثر على نفسية المقبل على اجتياز الامتحان و تزيد من حدة التوتر و القلق، الذين يصاحبانه منذ بداية الموسم الدراسي.
و تنصح الأخصائية كل التلاميذ بالدراسة بشكل عادي و تناسي العتبة أساسا، مع التركيز على ضرورة تخصيص أوقات للترفيه، و ذلك عبر القيام بنشاطات تريح نفسياتهم، للخروج من الضغط اليومي و الدائم بسبب الدراسة المتواصلة، داعية الأولياء إلى التقليل من الضغط الذي يمارسونه على أبنائهم بحثّهم المتواصل على الدراسة فقط، خاصة و أنهم يؤثرون عليهم بنسبة 80 بالمائة.
 و قد ألحت المختصة على ضرورة التقليل من الخلافات المنزلية و محاولة إرساء جو من السكينة و الهدوء و بعث الثقة في نفوس تلاميذ مقبلين على امتحان عادي جدا و هو في الواقع أسهل من كل الامتحانات، و ليس بُعبعا كما يعتقد أغلبهم.
 إ.زياري

النصر تستطلع آراء الثانويين بعد قرار الإلغاء

تلاميذ يتناولون المهدئات و آخرون يتكيّفون مع الوضع

تفاوتت آراء تلاميذ النهائي بخصوص قرار وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط، بإلغاء تحديد عتبة الدروس لممتحني شهادة البكالوريا، حيث يرى بعضهم أنه «يستحيل» إتمام البرنامج أمام عدم توصل الوزارة و نقابات الأساتذة لاتفاق ينهي سلسلة الإضرابات، و هو وضع دفع بتلاميذ للجوء إلى تناول المهدئات أمام الضغط النفسي الذي يعيشونه، في حين قلل تلاميذ آخرون من تداعيات قرار الإلغاء و قالوا أن من خرجوا للشارع فئة تبحث عن النجاح بأسهل الطرق.
بعد أسابيع قليلة من تعيينها على رأس وزارة التربية الوطنية، أطلقت السيدة نورية بن غبريط من قسنطينة شهر ماي الفارط، تصريحا قالت فيها بأن «كل الأطراف» متفقة على «عدم العودة» إلى تحديد عتبة الدروس لحوالي مليون مترشح لشهادة البكالوريا هذا العام، و هو تلميح تأكد بعد ذلك بالإعلان أن العمل بالعتبة لن يكون ببكالوريا 2015 و ذلك في إطار إصلاحات مست جميع الأطوار و ترى الوزيرة أنها ستساهم في الحد من الإختلالات الحاصلة و في إعادة الاعتبار للشهادة، هذا الخبر لم يكن سارا لمئات التلاميذ المقبلين على اجتياز شهادة البكالوريا، حيث خرج عدد كبير منهم إلى الشارع شهر جانفي الماضي و امتد الاحتجاج إلى عدة ولايات، للمطالبة بالعتبة التي ألفها الثانويون الأعوام الماضية، عندما كانت ترضخ وزارة التربية في كل مرة لمطلبهم و تقرر في آخر لحظة تحديد المحاور التي سيمتحنون فيها.
«النصر» اقتربت من عدد من تلاميذ الأقسام النهائية بمختلف الشعب، لتقصي آرائهم حول الموضوع، و قد كانت البداية مع، علاء، الذي يدرس بشعبة الفلسفة بإحدى ثانويات حي المنصورة، حيث قال أن المواضيع المقررة بمادة الفلسفة كثيرة و يتخوف التلاميذ من عدم إتمام محاورها، و هو ما جعله يطالب بالعتبة خاصة بعد تداول تصريحات لمسؤولين أكدوا فيها أن نسبة النجاح في شهادة البكالوريا هذا العام ستخفض، و ما زاد من تخوف التلاميذ، يضيف علاء، هو شخص وزيرة التربية الجديدة التي تنوي إدخال إصلاحات جذرية بقطاعها.
 كما يرى علاء و زملاؤه أن إضرابات الأساتذة ستؤثر “حتما” على البرنامج، ما يجعل تطبيق العتبة أمرا ضروريا، أما مناف و هو تلميذ في السنة ثالثة ثانوي بشعبة العلوم الطبيعية، فيعتقد أنه “من المستحيل” إتمام المقرر الدراسي حتى لو لم يشن الأساتذة الإضراب، خاصة بالنسبة للمواد الأساسية التي تؤثر نقاطهما على معدل النجاح بسبب ارتفاع معاملاتها، حيث و في حال عدم تطبيق العتبة لن يدرس التلاميذ الاحتمالات بمادة الرياضيات و المحاور الأخيرة بمقياس العلوم الطبيعية.
أما ريحانة و هي تلميذة بشعبة الرياضيات بإحدى ثانويات وسط مدينة قسنطينة، فترى هي الأخرى أن فرص النجاح مستحيلة بشهادة البكالوريا في حال عدم العمل بالعتبة، و هو أمر أكد عليه الأساتذة و نتج عنه ضغط نفسي كبير، أمام كثافة البرنامج الدراسي، الذي لم يصل إلى نصفه قبل 4 أشهر فقط من امتحان شهادة البكالوريا، و أضافت التلميذة أن ما زاد من توتر التلاميذ هو الدراسة بين الثامنة صباحا و حتى الرابعة مساء، لتؤكد أن اعتماد بن بوزيد للعتبة أمر جيد و لم يؤثر عكس ما يشاع على مستوى الناجحين، بدليل تراجع معدلات النجاح سنة 2013 التي تم العمل فيها بالعتبة، حسب ريحانة.
و يتخوف تلاميذ شعب الرياضيات من عدم دراسة محاور الاهتزازات و الانشطار بمادة الفيزياء و الاحتمالات بمادة الرياضيات، و هو ما أدخلهم في حالة من الضغط، جعلت بعضهم يلجأون إلى الأطباء النفسانيين للخروج من القلق المزمن الذي يعيشونه، حيث يتلقون تطمينات بأن البكالوريا ليست كل شيء، بينما وُصفت لآخرين أدوية مهدئة، بل و تم تسجيل حالات إغماء، حسب ما ذكره تلاميذ تحدثنا إليهم، يرون أن قرار إلغاء العتبة عشوائي و بأن الوزيرة تتعامل معهم بشيء من التحدي، ما اضطر الكثيرين للدراسة بالمنزل لعدم تضييع الوقت و التوفيق مع الدروس الخصوصية، حتى أن البعض لم يعد يجد وقتا للاستحمام، سيما بالنسبة للتلاميذ الذين يطمحون للحصول على تقديرات ممتازة، و أكد محدثونا أنه حتى لو توقف إضراب الأساتذة، سيكون من الصعب إتمام المقرر، مضيفين أنه من الإجحاف عدم العمل بالعتبة، خاصة و أن دولا متقدمة كفرنسا، تعتمد البكالوريا في فترة عامين و ليس بعد عام واحد من الدراسة مثلما هو معمول به بالجزائر.
تلاميذ آخرون التقينا بهم بالقرب من ثانوية ابن تيمية، قالوا أن البرنامج مكثف جدا و بأن الإصلاح يجب أن يكون منذ السنة الأولى ثانوي و ليس في السنة النهائية، و ذكرت تلميذات تدرسن بشعبة العلوم التجريبية، أن هناك أساتذة يتعمدون عدم تقديم جميع المعلومات بالمواد الأساسية، ثم يدفعون بتلاميذهم للدروس الخصوصية التي يقدمونها، كما ذكرت فتاة أن تطبيق العتبة من عدمه لا يهمها لأن مليون تلميذ غيرها سيجتازون الامتحان مثلها و يستحيل أن تتضمن الأسئلة محاور لم يدرسوها، مضيفة بأنها ضد الخروج للشارع من طرف تلاميذ، همّهم الوحيد هو التقليل من الدروس رغم أنهم لا يدرسون أصلا، و أضاف تلاميذ آخرون أنهم يدرسون بوتيرة عادية، لولا المناسبات و الأعياد الوطنية و الدينية التي أثرت على البرنامج.
   ياسمين بوالجدري

الرجوع إلى الأعلى