ضعف الإقبال و هجرة التجار يهدّدان إمبراطورية الملابس الصينية

• المراكز التجارية الكبرى تخطف الزبائن

بدأت إمبراطورية الملابس في مدينة عين فكرون بولاية أم البواقي تتهاوى في السنتين الأخيرتين بعد تراجع الطلب على المنتوج الصيني إضافة إلى المنافسة الشرسة التي فرضتها المراكز التجارية  الكبرى بمدن قريبة مثل قسنطينة وعنابة، والتي جعلت الزبون يحدث القطيعة مع التسوق العشوائي الذي يطبع هذه السوق خاصة مع بروز مظاهر سلبية مثل احتلال أماكن الركن وانتشار الأوساخ وأيضا ظاهرة السرقة.عين فكرون وإن تظل وجهة أولى للعائلات البسيطة ، لكن كل المعطيات توحي بأن هذه السوق فقدت الكثير بعد أن هجرها العديد من التجار  نحو مدن كبرى، فيما يحاول المستوردون التكيّف مع الوضع بالتحوّل نحو السوق التركية لاستعادة زبون خطفته ثقافة تسوق جديدة فرضها متعاملون في مجال المساحات الكبرى. النصر دخلت إمبراطورية عين فكرون أين عوّض الزبون التونسي الفراغ الذي خلفه تراجع الإقبال المحلي ،  واقتربت من تجارها الذين يعترفون بأنهم متخوفون مما هو آت، لكنهم يصرون على أن المضاربة بالألبسة تتم بعيدا عن مملكتهم  التي تظل الممون الأول لباقي الأسواق بالألبسة، لكن تجارها يحصلون هوامش بسيطة مقابل مع هو مطبق في مناطق أخرى.
 أحمد ذيب
تكشف الجولة الميدانية التي قادتنا لمحلات بيع الملابس بمدينة عين فكرون، عن ارتفاع نسبي في أسعار الملابس المعروضة هذا الموسم، وهو الارتفاع الذي ربطه بعض التجار بسعر العملة الصعبة مقارنة بالعملة الوطنية، في الوقت الذي أرجعه البعض لحجم الضرائب التي يسددها التجار، والتي جعلتهم يرفعون الأسعار نسبيا هذا الموسم.
هامش ربح يصل 400 دينار و"الصولد" لجلب الزبائن
يكشف عدد من تجار التجزئة وكذا الجملة الذين التقينا بهم في جولتنا الميدانية، بأن هامش الربح بين المحلات التجارية بمدينة عين فكرون ضئيل جدا، ولا يتعد مبلغ 400 دينار في الوقت الذي يصل هامش الربح مبالغ خيالية ويمس البضاعة نفسها التي يعرضها تجار بولايات مجاورة على غرار عنابة وقسنطينة، في الوقت الذي بيّن عديد التجار بأنهم لجأوا للتخفيض على سلعهم لجلب أكبر عدد من الزبائن.
أحد التجار الذين التقينا به والمتخصص في بيع ملابس الأطفال، أشار بأنه يبيع ملابس صينية يستوردها شقيقه ويطرحها للبيع بالتجزئة والجملة في المحل نفسه، وعن بضاعته المعروضة أشار بأن فساتين البنات اللاتي يبلغن من العمر بين سنتين و6 سنوات يتراوح بين ألفي دينار وألفين و500 دينار، في حين يبيع الفساتين نفسها بسعر التجزئة بهامش ربح يصل 400 دينار، في حين يعرض آخر سراويل الجينز التركية الخاصة بالأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين و4 سنوات بمبلغ 900 دينار، مشيرا بأن هناك فارق عن سعر الجملة بـ 300 دينار.
ويعرض تاجر آخر يتواجد محله على مستوى الشارع الذي تعرض به ملابس  تركية، سراويل للأطفال ما بين سنتين و6 سنوات بـ 700 دينار  سعر الجملة و 400 دينار للقميص الواحد للأطفال بين 6 و14 سنة، أما سراويل الجينز للأطفال والفتيات بين 6 سنوات و14 سنة فتبلغ 1600 دينار بسعر الجملة و1900 دينار بسعر التجزئة، فيما يعرض تاجر مجاور في الشارع نفسه فساتين الفتيات اللاتي يتراوح سنهن بين 8 و14 سنة بمبالغ تتفاوت من ألفي دينار إلى 3500 دينار، مشيرا بأن الأمر يتعلق بسعر الجملة وعند بيعه بالتجزئة يضيف زيادة تقدر بـ300 دينار للفستان الواحد، مؤكدا بأن هامش الربح داخل المدينة بين تجار الجملة وتجار التجزئة الذين يقصدون محلاتهم ضئيل، في ظل الخيارات التي يجدها الزبون، أما البضاعة نفسها فتعرض بأثمان باهظة تصل للضعف في ولايات مختلفة على غرار قسنطينة وعنابة وباتنة.
ولجأ في مقابل ذلك الكثير من التجار للإعلان عن  تخفيضات على سلعهم المعروضة، ووضع لافتات كبيرة الحجم تحوي عبارة “صولد” للفت أنظار الزبائن، وأكد بعض التجار بأن “الصولد” يلجأون إليه في الأيام الأخيرة للشهر الفضيل خوفا من كساد بضاعتهم، على عكس الأيام الأولى التي يبيعون فيها سلعهم بأسعارها الحقيقية، على غرار أحد التجار الذي عرض فساتين وسراويل كلاسيكية خاصة بالفتيات بأسعار أخضعها لتخفيضات بلغت نسبتها حسب اللافتة التي أشهرها 40 بالمائة، وقام بتعليق سعر الفساتين بـ2200 دينار في  حين بلغت السراويل الكلاسيكية ألفي دينار، وأكد التاجر حمودي بوترعة بأنه قام ببيع جميع السلع المتواجدة بمحله بسعر “الصولد”، مبينا بأن التخفيضات يلجأ إليها التاجر لبيع مخزون سلعه، والتحضير لاستقدام سلع جديدة، على غرار ما يحضر له بعد العيد بالتوجه لتركيا لجلب سلع جديدة.
الجولة التي  قادتنا إلى السوق مكنتنا من الوقوف على وجود عدد معتبر من المحلات المتواجدة على طول شارع بوعبد الله الدراجي، الذي يتقاطع مع الطريق الوطني رقم 100 الرابط بمدينة عين كرشة،  أين كشف  تاجر قمصان  وملابس أطفال، عن كون المدينة تسجل هذا العام تراجعا في عدد الوافدين إليها، مرجعا السبب إلى الأسعار التي عرفت ارتفاعا مقارنة بما كان عليه الحال في الموسم الماضي.
و تطرق التاجر لقضية يراها ومن يشتغلون في المجال جوهرية ، وهي تلك المتعلقة بتفشي ظاهرة سرقة الزبائن  والسطو على المحلات التجارية، مشيرا إلى أن محلا تجاريا مجاورا تعرض خلال الأيام القليلة المنقضية للسطو،  و استولى مجهولون على مبلغ مالي تجاوز 11 مليون سنتيم.
من جهته ذهب تاجر آخر في مجال بيع ملابس الأطفال بالجملة، للتأكيد على تراجع مردود التجارة بالمدينة خلال السنتين الماضيتين، على عكس ما كانت عليه سابقا، مرجعا السبب في ذلك لغياب النظافة و عدم تكفل أعوان النظافة ببقايا العلب الكرتونية، و كذا ظاهرة الحظائر العشوائية لركن المركبات، إلى جانب السرقة التي تفشت بكثرة و قيام التجار بمعاقبة اللصوص القاطنين خارج المدينة و الصفح عن آخرين يقطنون بالمدينة، فهذا التمييز بحسب محدثنا عجل بعودة مشهد السرقات دون أن يتم ردع السارق.
و بخصوص أسعار الملابس المعروضة هذا الموسم، فأشار المتحدث إلى أنها عرفت ارتفاعا طفيفا مقارنة بالموسم السابق، مرجعا السبب إلى انخفاض سعر الدينار وكذا لارتفاع تكاليف وأعباء تأجير المحلات التجارية، بحيث تجاوز سعر الكراء مبلغ 10 ملايين سنتيم للمحل الواحد شهريا، و بين المتحدث بأن تجارا للتجزئة كانوا يقصدون المدينة من 48 ولاية و حتى من ولايتي تمنراست و بشار، و اليوم بات قدومهم يتراجع تدريجيا.
وجهة لـ 15 ولاية والسلع الصينية تخسر الكثير
الزائر لمدينة عين فكرون يصطدم بمجرد ولوجه للمدينة بازدحام مروري عند مداخلها، نتيجة العدد الهائل للمركبات التي تلج المدينة يوميا، و التي قدم أصحابها من أزيد من 15 ولاية، على غرار باتنة وسوق أهراس وعنابة وسكيكدة وقسنطينة وخنشلة وتبسة وسطيف وقالمة والبويرة وتيارت وعين تيموشنت والطارف، وكذا سيارات من دولة تونس و  لاحظنا  تواجدها بكثرة.
من جهة أخرى يكشف عدد من القاصدين للمدينة وجلهم موظفون ومن أصحاب الدخل المحدود، عن كونهم وجدوا أنفسهم في ورطة نتيجة الارتفاع المسجل في أسعار ملابس الأطفال، وهي الأسعار التي شكلت صعوبة لهم لكسوة جميع أبنائهم.

و ذكر أحد الذين التقينا بهم في جولتنا، أنه بات يلجأ مكرها لاقتناء الملابس الصينية، على الرغم من ارتفاع أسعارها نسبيا حتى يستجيب لطلب جميع أبنائه بكسوتهم، أما مواطن آخر قدم من خنشلة، فأشار إلى أن عدد أفراد أسرته الذي يضم 5 أفراد جعله يختار مدينة عين فكرون لانتقاء ما يعرض من الملابس و البحث عن أفضلها.
فيما ذهب بعض من التقينا بهم للتأكيد على أن ارتفاع سعر الملابس الصينية حتم عليهم التوجه للشارع الذي يضم محلات تعرض ملابس تركية في ظل التقارب في الأسعار بينهما، و على العكس من ذلك، قالت سيدة قدمت من إحدى بلديات أم البواقي، بأن الملابس الصينية هي ملاذها الوحيد لضمان كسوة العيد لجميع أبنائها، مبينة بأن أسعارها معقولة على عكس الملابس التركية.
700 مستورد مقابل 100 تاجر تجزئة مصرح بهم
تعيش مدينة عين فكرون كقطب تجاري على وقع بعض المظاهر السلبية التي عكّرت جو التسوق للكثير من الزبائن القاصدين للمدينة، سواء في الفترة الليلة أو نهارا، و من أبرز هذه المظاهر تلك المتعلقة بانتشار الحظائر الفوضوية لركن السيارات، و هي التي فرض أصحابها منطقهم في مناطق مختلفة بالمدينة، و باتوا يفرضون تسعيرات متباينة فيما بينهم بين 100 دينار وصولا لـ200 دينار.
هذا إلى جانب استيلاء أصحاب طاولات عرض الملابس على الأرصفة ما يضطر المواطنين الذين قصدوا المدينة للتسوق، للمشي وسط الطريق المخصص للمركبات، على غرار ما بادر إليه نحو 70 تاجرا مؤقتا بنصب طاولاتهم أمام السور المحاذي لمتوسطة بن مهيدي عبد العزيز. هذا إلى جانب انتشار الأوساخ و بقايا العلب الكرتونية و تراكمها لفترات طويلة قبل قدوم شاحنة النظافة، و في الفترة الليلية فيصطدم الزبائن القاصدين للمدينة بانعدام الإنارة العمومية في بعض المحاور المهمة المتواجدة أمام المحلات التجارية.
و تشير أرقام بحوزة النصر، إلى أن بطاقية التجار و المستوردين على مستوى مدينة عين فكرون، تضم قرابة 700 مستورد من الذين ينشطون في مجال استيراد الألبسة و لواحقها، و في مقابل ذلك يتواجد فقط نحو 100 تاجر للبيع بالتجزئة من التجار المصرح بهم لدى مصالح السجل التجاري، في مفارقة لا تعكس الواقع الحقيقي للتجارة بالمدينة التي يحتوي كل مستودع يتواجد بها خاصة على طول الطريق الوطني رقم 100 على محل تجاري لبيع الألبسة.
و تشير الأرقام كذلك إلى احتضان المدينة لـ60 تاجرا للبيع بالجملة و قرابة 350 تاجرا متنقلا في مجال بيع الألبسة و هم الذين يجوبون أسواق الملابس بمناطق مختلفة من الوطن على غرار سوق تاجنانت بميلة.
أمير بوترعة  تاجر ألبسة
أغلب المحلات تخلّت عن السلع الصينية
يرى تاجر الملابس التركية أمير بوترعة، بأن عديد التجار بمدينة عين فكرون، غيّروا وجهتهم نحو تركيا، نتيجة النوعية التي تفرضها الملابس التركية على خلاف الملابس الصينية، و بيّن المتحدث بأن شارعا كاملا بات يضم اليوم نحو 100 تاجر للملابس التركية، مشيرا إلى أنه غيّر قبل 4 إلى 5 سنوات وجهته من الصين نحو تركيا، ليقتني بضاعته التي تلقى إقبالا من طرف الزبائن بالجملة و التجزئة من إسطنبول و منطقة أكشم سيتي. و يضيف المتحدث، بأن زبائن من كل مناطق الوطن على غرار غليزان و مستغانم و تبسة وسوق أهراس وغيرها وحتى زبائن من دولة تونس يقصدون عين فكرون للتسوق.
 حمودي بوترعة مستورد
المتعامل الجزائري مرحب به في تركيا
يُشير مستورد الملابس التركية بوترعة حمودي، إلى أنه ظل يستورد الملابس الصينية منذ سنة 2000، ثم توجه بعد ذلك لدبي و بعدها غير الوجهة نحو تركيا، مبينا بأنه من أوائل التجار الذين قصدوا تركيا و كان ذلك قبل نحو 7 سنوات، حيث يستورد ملابس الأطفال من إسطنبول.
و عن الأسباب التي جعلته يختار الوجهة التركية بديلا عن الوجهة الصينية، أضاف بأن الأسعار في المتناول، إلى جانب نوعية المنتوج التركي الذي يعرف رواجا في السوق أفضل من المنتوج الصيني، فالمنتوج التركي حسبه يتوفر على المقاييس التي يطلبها الزبون، على عكس الملابس الصينية التي بات الزبائن يتهربون منها.
و أوضح المتحدث بأنه يتعامل من محله بعين فكرون مع زبائن يقصدون المدينة من 48 ولاية و كذا من تونس، مضيفا بأن الظروف في تركيا مريحة و التجار هناك يرحبون بالزبون القادم من الجزائر.
التاجر بشير رياحي من نابل التونسية
الظروف الأمنية و الأسعار جعلتني أختار الجزائر بدلا عن ليبيا
يقول التونسي بشير رياحي المقيم بمدينة نابل التونسية، الذي التقيناه في أسواق مدينة عين فكرون رفقة زوجته، بأنه يعمل تاجرا للملابس النسوية منذ أزيد من 10 سنوات، موضحا بأن الجزائر أنقذت التجارة التونسية من الركود، و لو لم تكن الجزائر لما استمر التجار التونسيون في العمل.
و أشار المتحدث إلى أن التجار التونسيين كانت وجهتهم سابقا ليبيا، غير أن الظروف الأمنية غير المستقرة جعلتهم جميعا يختارون الجزائر كوجهة أولى، مضيفا بأن ارتفاع تكاليف اقتناء الملابس التركية و ارتفاع الضرائب، من بين العوامل كذلك في اختيار الجزائر.
و يضيف المتحدث بأن سلعا تونسية تباع في الجزائر بسعر أقل مما هي عليه في تونس، و أحيانا يضطر هو لاقتنائها بالسعر الذي تعرض به في الجزائر و يعيد بيعها في تونس، مبينا بأنه ظل في السنوات الماضية يتردد بين مدينتي العلمة و عين فكرون، غير أنه فضل مؤخرا اختيار مدينة عين فكرون لوحدها، و اقتناء الألبسة و بيعها في تونس، أين تجد إقبالا  كبيرا خاصة في نابل.
و يبين محدثنا بأن الصعوبات التي تواجه التجارة في تونس، هي تأثير التجارة الفوضوية و الموازية، فالتاجر النظامي يسدد الضرائب و مستحقات الإيجار، غير أن التاجر الفوضوي يحقق أرباحا من دون تسديده للتكاليف كتلك التي يسددها التاجر الشرعي.

و بيّن التاجر بشير بأنه و في تنقلاته لم يصطدم بأية عراقيل على الحدود الجزائرية و وجد كل التسهيلات، منتقدا ما وصفه بتفشي السرقات بمدينة عين فكرون، و حسبه فهو ركن مركبته في حظيرة و سدد مستحقات الركن، غير أنه و لحظة عودته تفاجأ باختفاء صاحب الحظيرة التي تبين بأنها فوضوية، بعد أن حاول كسر باب مركبته الخلفي بقالع مسامير. مضيفا بأن تاجرا تونسيا آخر تعرض قبل أيام لعملية سرقة استهدفت مبلغا ماليا من داخل مركبته، التي ركنها بجانب محطة نقل المسافرين العاملة على خط أم البواقي.
  برنامج خاص لتأمين الحركية بالمدينة
و نحن نتجول بمدينة عين فكرون، صادفتنا 3 مركبات تونسية فاخرة، و عند اقترابنا منها تبين بأن الأمر يتعلق بعائلات تونسية تحضر لحفل زفاف أبنائها، و قد  اختارت مدينة عين فكرون كوجهة لها لتجهيز أعراسها.
و ذكر أفراد من العائلات المعنية، أنهم يقصدون المدينة لأول مرة و أنهم وقفوا على حقيقة أن الأسعار في المتناول، مبينين بأن تعاملاتهم المالية بالدينار الجزائري أفضل لهم من تعاملاتهم بالدينار التونسي فألف دينار تونسي يقابله مبلغ 6700 دينار جزائي، و أضاف الرعايا التونسيون الذين التقينا بهم بأن كل الظروف وجدوها ملائمة للتسوق بالمدينة.
قال مصدر أمني للنصر، بأن مديرية الأمن الولائي بأم البواقي و في ظل ما تعرفه مدينة عين فكرون من حركية خلال الأسبوعين الأخيرين، لجأت لوضع و تسطير مخطط أمني خاص لتأمين المدينة، و ضاعفت التعداد الأمني من أجل تأمين الحركية وسط المحلات التجارية، و تنظيم حركة المرور و محاربة ظاهرة السرقة.
و بيّن المتحدث بأن الشرطة لم تسجل أية سرقة خلال الأيام القليلة المنقضية، داعيا التجار للتحلي بروح المواطنة و التبليغ عن حدوث عمليات السرقة مع الكشف عن هوية السارق لردعه.
“مستوردون صغار ضحية مكاتب شحن يمنية”
ذكر مستوردون التقت بهم النصر، أنهم بادروا خلال سنة 2006 بتأسيس جمعية تتكفل برصد انشغالاتهم و رفعها للجهات المعنية لطرحها و محاولة إيجاد حلول لها، غير أن المستوردين الذين تأسست لأجلهم الجمعية لم ينضموا، فمن أصل نحو 400 مستورد في تلك الفترة انضم فقط 20 مستوردا للجمعية، و هو ما جعل المبادرين لتأسيسها يلجؤون لتوقيفها عن النشاط سنة 2011، بعد أن بات المستوردون يطالبون بإيجاد حلول لمشاكلهم دون أن ينضموا بشكل رسمي لجمعيتهم. و يشير من التقينا بهم إلى أن نشاط استيراد الملابس انطلق شهر نوفمبر من سنة 1989 حينما كانت الوجهة في البداية و طيلة 10 سنوات مصر، ثم غيّر المستوردون وجهتهم نحو دبي و بعدها الصين، و هي وجهة المستوردين الذين  يقول من تحدثنا إليهم أنهم “شرفوا مدينة عين فكرون بتعاملاتهم التجارية النظيفة الخالية من أية تجاوزات”.
ليأتي الدور في السنوات الماضية على مستوردين صغار، بينهم مستفيدون من قروض وكالات دعم و تشغيل الشباب توجهوا للصين، غير أنهم تعاملوا مع مكاتب شحن يمنية، و هم الذين تسببوا في مشاكل مختلفة مع المتعاملين الصينيين و أساؤوا للمدينة أكثر من جلبهم منافع لها، و هو ما دفع بالكثير من المستوردين لتغيير الوجهة نحو تركيا، فيما فضل آخرون استيراد الملابس الصينية من خلال اقتنائها من متعاملين صينيين بدبي دون التعامل بالقرض.
تجار نقلوا نشاطهم نحو قسنطينة و عنابة و العلمة
و يشير من التقينا بهم، إلى أن من أبرز الصعوبات التي تعرقل نجاح التجارة بالمدينة، تفشي السرقات و تحولها لظاهرة يتورط فيها لصوص من مناطق مختلفة على غرار سدراته و خنشلة و عين البيضاء و كذا عين فكرون، و هي الظاهرة التي نادت الجمعية المتوقفة عن النشاط منذ تأسيسها بإيجاد حل لها، من خلال مضاعفة تعداد عناصر الشرطة، غير أن الوضع يظل على حاله  .
و يبين من تحدثنا إليهم، أن الخطأ هنا يقف وراءه أصحاب المحلات التجارية الذين استأجروا لهم محلات بأزيد من 10 ملايين سنتيم شهريا، و لم يتمكنوا من تعيين حراس لمحلاتهم، فهذه الظاهرة دفعت عددا لا بأس به من التجار  لتغيير وجهتهم و عناوين نشاطهم باتجاه كل من قسنطينة و العلمة و عنابة، فيما اضطر آخرون لفتح مكاتب شحن في دبي أين يقدمون خدماتهم اليوم لتجار من مناطق مختلفة من الوطن على غرار وهران وتلمسان والجزائر العاصمة.
يكشف مستوردو الملابس بعين فكرون، عن كون مدينتهم اليوم باتت الوجهة الأولى لأصحاب الدخل المحدود، فقرابة 16 ولاية يأتي سكانها بشكل يومي إلى المدينة للتسوق، في ظل الأسعار المعقولة التي تباع بها الملابس المستوردة.
و يذهب المستوردون أنفسهم للتأكيد على أنهم يواجهون صعوبات كبيرة في مسيرة البحث عن الاستمرارية، على غرار العراقيل البنكية و فرض الرسوم الجبائية و غيرها من الأسباب التي باتت تحد من عزيمتهم، و هو الأمر الذي بات ينعكس على عدد المستوردين الذي يتقلص تدريجيا.
و دق المتحدثون إلينا ناقوس الخطر، مبينين بأن الوضع إذا استمر على حاله فستنهار المدينة من الناحية التجارية، مؤكدين على أنهم و في فترات سابقة استجابت السلطات الولائية لنداءاتهم ، و  بتنظيم مصالح الشرطة  دوريات للحد من تفشي عمليات السطو.                             
ا/ذ

الرجوع إلى الأعلى