«العيد» عادة جزائرية تكلف الملايين و ترعب الخطّاب!
أصبح الشاب الجزائري المقبل على الزواج، مطالبا بتوفير أموال طائلة من أجل إتمام نصف دينه، فبعد أن يقوم بالخطبة، ثم دفع شرط القران، يصبح مطالبا بإخراج المزيد من الأموال من جيبه، بسبب عادة جزائرية تمتد لعشرات السنوات تُعرف بـ»المهيبة» أو «العطية»، أو كما تسميها بعض العائلات «عيد العروسة»، لتختلف الأسماء لكن النتيجة واحدة، وهي استنزاف الملايين من جيب المقبلين على الزواج مباشرة بعد ثالث أيام العيد.
مباشرة بعد نهاية العيد الأضحى، يشرع كل مقبل على الزواج في التحضير لشراء بعض الهدايا لزوجته المستقبلية، في عادة تميز العائلات الجزائرية في مختلف المناسبات الدينية والأعياد على غرار المولد النبوي الشريف، عاشوراء، عيد الفطر، والعيد الأضحى، و هي عبارة عن مجموعة هدايا يقدمها أهل العريس للعروس في فترة خطوبتها، وتنتهي لمّا يقام حفل الزفاف، حيث تتوارثها الأجيال من أجل إبقاء الرحمة والمودة بين العائلات، كما تكون فرصة للتعارف أكثر بين العائلتين وتوطيد العلاقات في ما بينهما، أما عن عدد المرات التي يتم خلالها منح الهدايا، فتختلف الأسر في ذلك، فبعضها تمنح «المهيبة» في كل مناسبة دينية، فيما تكتفي أخرى بعيد فطر واحد وعيد أضحى واحد، حتى وإن دامت فترة الخطوبة لأكثر من عام.
عطور و أدوات زينة تكلف الملايين
وتنقلنا بين بعض المتاجر بقسنطينة لمعرفة ما يشتريه العريس لعروسته، فشاهدنا أن الهدايا متنوعة ومختلفة من شخص إلى آخر، وتتغير من عائلة إلى أخرى وذلك وفق الإمكانات المادية المتاحة، ولكن منح العريس لزوجته المستقبلية نوع من الحلي الذهبي كخاتم أو سلسلة أو حلق وغيرها، يبقى مطلبا إن لم يكن شرطا، إضافة لسلة مزينة بالفواكه، وألبسة نسائية أو أحذية وبعض أنواع الزينة والتجميل كالعطور وأدوات الماكياج.
كما تختلف أنواع المستلزمات حسب النوعية والثمن، فيوجد من تكلفه الملايين وخاصة ممن يشترون حلي ذهبية على غرار سلسة قد يصل سعرها إلى 8 ملايين سنتيم، إضافة إلى سلة الفواكه المزينة والتي يتراوح ثمنها من 5 آلاف إلى 10 آلاف دينار، فيما تكلف العطور والألبسة النسائية ما يقارب 3 ملايين سنتيم، ليفوق ثمن إجمالي الهدايا 10 ملايين سنتيم، دون احتساب جزء الأضحية الذي يذهب كهدية أيضا، حيث يقدم العريس فخذ الخروف للعروس.
شباب يستعجلون عقد القران هربا من المصاريف الزائدة
و رغم أن «المهيبة» تكلف العائلات الكثير من الأموال، إلا أن العديد من الأسر ترفض الاستغناء عن هذه العادة حتى وإن كانت حالتها المادية متدنية، لأن ذلك واجب في أعين عائلة العروس، غير أنه يوجد شباب يرفضون منح هدايا العيد للزوجة المستقبلية وعوض ذلك يفضلون وضع المال في ما يرون أنه يستحق أكثر من المستلزمات الضرورية، على غرار أجهزة الطبخ أو آلة الغسيل أو تلفاز وغيرها من الأمور الضرورية للمنزل، كما يوجد من يوفر المبلغ لكراء شقة تأويه رفقة زوجته ولمدة عام كامل، وأوضح العديد من المقبلين على الزواج أن مثل هذه العادات من شأنها أن تجعل الشباب يترددون في الزواج خاصة وأنها أصبحت مكلفة، فيما أوضح بعضهم أنهم يستعجلون في عقد قرانهم لتفادي تلك المصاريف الزائدة حسبهم.
هدايا  تتسبب في فسخ الخطوبة!
هذه العادة التي يعتبرها البعض إيجابية فيما يراها البعض الآخر سلبية، تسببت في انفصال العديد ممن كانوا مقبلين على الزواج، حيث وجد بعض الشباب أنفسهم أمام شروط تعجيزية، بتوفير هدايا قيمة قبل الزفاف وهو ما لم يقدروا عليه، ما يجعلهم في الأخير يرضخون لظروفهم المادية المتواضعة ويفسخون الخطوبة، خاصة في حالة إلحاح عائلة العروس على هدايا العيد، بما أن المقبل على الزواج أصبح يفكر في توفير مبلغ يفوق 100 مليون سنتيم من أجل إتمام عرسه وهو مبلغ قد يجمعه بعد سنوات من العمل، لتضاف إليه ضريبة جديدة وهي تسعيرة «المهيبة».
وكثيرا ما انتهت علاقات قائمة بسبب مقارنة بين الفتاة وأحد أقاربها أو جيرانها في تفاصيل الهدية، أما حكم هذه الهدايا التي أصبحت بعض العائلات تشترطها دينيا، فهو، برأي الفقهاء، ليس بدعة كما يدعيه البعض وليس واجبا أيضا، وإنما هي مستحبة لأن أيام العيد تكثر فيها صلة الرحم والزيارات المتبادلة من طرف العائلات.
و أصبحت الكثير من الفتيات يتنافسن فيما بينهن عن صاحبة أفضل «عيد»، حيث تتسابقن في وضع صور للهدايا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يؤكد أن الأمر تحول من عادة إلى تفاخر، وهو ما جعل رواد «الفايسبوك» بين مؤيد ومعارض لفكرة وضع صور ما قدمه الخطيب لخطيبته، فأنصار الرأي المعارض يرون أن ذلك قد يجرح بعض ممن لم يتمكنوا من تقديم مثل تلك الهدايا، بسبب ظروفهم المادية القاهرة.                حاتم/ب

الرجوع إلى الأعلى