حدائق منازل بالمدن تحول إلى حقول للإسترزاق
توجهت العديد من الأسر بالمناطق الحضرية إلى الزراعة، مستغلة في ذلك حدائق منازلها التي حولتها إلى ما يشبه الحقول المصغرة لغرس الخضر و الفواكه المتنوعة، من أجل تأمين احتياجاتها الغذائية، كما توفر دخلا ماديا للعديد من الأسر المعوزة.
إ.زياري
الزراعة المنزلية، مفهوم قديم، لطالما ارتبط بالمناطق الريفية، التي يتشبع أفرادها بثقافة الزراعة في الحقول و البساتين، و حتى في الأراضي المحاذية لمنازلهم، حيث تعتمد عليها العائلات لزراعة احتياجاتها من مختلف أنواع الخضر و الفواكه، بينما يستغلها البعض كمهنة تضمن دخلا ماديا لكافة أفراد العائلة، غير أن كل ذلك خرج اليوم من المناطق الريفية، لينتقل إلى المدن و المناطق الحضرية، لأن عائلات حولت حدائق منازلها إلى ما يشبه الحقول المصغرة .
حب الأرض أساس المشروع
عمي عزوز، 65 عاما، متقاعد من إحدى المؤسسات العمومية، بعد أن انتقل للإقامة بإحدى التحصيصات بمدينة قسنطينة، استغل حديقة منزله لغرس مختلف أنواع الأشجار المثمرة نظرا لحبه الكبير للأرض، غير أن تواجد مسكنه بحاشية الحي، بالقرب من عمود كهربائي ، منحه مساحة إضافية، و قال للنصر بأنه قام باستصلاحها قبل الشروع في استغلالها.
أضاف عمي عزوز بأنه و بعد أن غرس عدة أشجار توفر له مختلف الفواكه، بما فيها العنب، التين، البرتقال، الإجاص، و كذا أشجار الزيتون و أخرى كثيرة، بدأ يفكر في استغلال الأرض الشاسعة التي تجاور حديقة منزله في غرس الخضر و فواكه أخرى كالفراولة و البطيخ، خاصة و أنه ينحدر من منطقة ريفية و يمتلك خبرة معتبرة في مجال الزراعة، و تمكن في غضون أشهر قليلة، من تحويل أرض قاحلة، إلى جنة خضراء تضم شتى أنواع الخضر.
استغلال عمي عزوز لحديقة منزله، حسبما تؤكده زوجته، لم توفر احتياجات أهل بيته فحسب، بل تعدت ذلك ، ما جعله يفكر في تسويق منتجاته التي تلقى  رواجا كبيرا بين الجيران، لكون مصدرها معروف و تسقى بمياه نظيفة و لا تستعمل فيها مواد كيميائية، كما أكد بأن زبائنه باتوا يشترون ما تجود به حديقته من محاصيل حتى قبل نضجها، على حد قوله ، كالثوم و البصل، و حتى البطاطا التي نجح في زراعتها بشكل كبير .
أسر تتغلب على الفقر بالخضر و الفواكه
تجارب أخرى رصدناها خلال محاولتنا تسليط الضوء على الزراعة المنزلية، و من بينها تجربة السيد إسماعيل مع زراعة الخضروات في حديقة منزله الصغيرة، حيث أكد لنا بأنه و بسبب البطالة التي يعاني منها منذ سنوات، خاصة و أنه رب أسرة و أب لأربعة أطفال، فكر في عديد الحلول لتوفير دخل يمكنه من تلبية احتياجات أهل بيته، و لم يجد أفضل من الزراعة المنزلية، فشرع في غرس  الخضر و الفواكه.
 و قد تخصص منذ نحو 3 سنوات في زراعة الخضر الموسمية و الاعتناء بالأشجار المثمرة التي ورثها عن والده، مؤكدا بأن هذا النشاط تحول إلى مهنة أخرجته من دائرة الفقر الذي كان يتخبط فيه، مشيرا إلى أن زوجته تساعده في أعمال الزراعة، كلما تسنى لها ذلك، ما ساهم في تحسين المنتوج من حيث النوعية و الكمية.
نساء يحترفن الزراعة بالمدن
لا تقتصر الزراعة المنزلية على الرجال فحسب، فقد التقينا بنساء نجحن و بجدارة في هذا المجال، على غرار السيدة سكينة، أرملة و أم لـ5 أبناء، فبعد أن وجدت نفسها دون معيل، قررت الخروج إلى العمل، غير أنها لم تتخل عن مهنة الأجداد، كما قالت، فهي تعشق الزراعة منذ الصغر، و قد حاولت استثمار هوايتها  للخروج من أزمتها و إعالة أبنائها، فاستغلت حديقة منزلها ذات المساحة الكبيرة نسبيا، في غرس البطاطا، و تمكنت من تغطية احتياجات أسرتها و تضاعف الإنتاج منذ سنتين ، فشرعت في بيع البطاطا للجيران و الأقارب، الذين قالت بأنهم يقتنون كميات كبيرة لتخزينها، ما ساعدها على تصريف بضاعتها، كما قالت، و وفر لها دخلا هاما ساهم في تحسين مستوى معيشتها، مقارنة بالسابق.
في الوقت الذي استغنى الكثير من المواطنين عن حدائق بيوتهم، و حولوها إلى مرائب أو استغلوها كتوسعة المنازل، تشكل لدى العديد من المواطنين متنفسا و مناخا خصبا لإحياء الأرض بعد موتها، و جعلها جنة تنتج ما لذ و طاب من مختلف أنواع الخضر و الفواكه التي تنافس و بامتياز ما يتم عرضه في الأسواق، سواء  من حيث الجودة و النظافة و الصحة،  ليجد معها من أغلقت في وجوههم أبواب العمل، معولا لتكسير جدار البطالة،  بالعودة إلى مسار الأجداد.           إ.ز

الرجوع إلى الأعلى