هكذا نجا أفراد عائلة  من موت محقق في الفيضانات ببئر العاتر
 كتب الله عمرا جديدا للشاب فيصل بكايري و زوجته وابنته الرضيعة البالغة من العمر 11 شهرا  ، بعد أن نجوا من موت محقق، عندما غمرت مياه إحدى أودية منطقة الفريد ببلدية بئر العاتر، ولاية تبسة،  سيارته وجرفتها على مسافة طويلة، حيث تجاوز علو المياه المترين، فكان قاب قوسين أو أدنى من الهلاك.
النصر اتصلت بالعائد إلى الحياة، حيث وجدت أعدادا من المواطنين يقدمون له التهنئة على النجاة وتحدثت معه عن هذه المغامرة، التي كادت تودي بحياة أسرة بكاملها في لحظة من الزمن.
قال لنا بأنه كان قادما من تونس عبر ممر بتيتة الحدودي، و بوصوله إلى منطقة الفريد، وجد شخصا رفقة ابنته التي لا يتجاوز عمرها 3 سنوات، و هما في حالة سيئة جراء تساقط الأمطار بغزارة ، فألحت عليه زوجته لينقلهما في سيارته مع أسرته، حماية لهما من الأمطار و الفيضانات و كان لها ذلك.
و في الطريق مروا بعدة أودية و نقاط تجمع للمياه، لكنها ليست على درجة عالية من الخطر، و بعد مدة نزل الرجل و ابنته ، و واصل الزوجان و ابنتهما الرضيعة الطريق ليتوقف عند وادي الفريد الأول، و قد جازف سائق سيارة من نوع "مازدا "الذي يسير أمامهم و مر بسلام،  و بعد عبوره أشار إليه ليمر، فقطع الوادي بسلام، و ما إن وصل الوادي الثاني، قرب منطقة أولاد سي محمد بن عبد الله ( واد الخسفة) ، حتى اختفى السائق الذي كان أمامه.
 اتصل بوالده هاتفيا ليودعه
وقد اعتقد فيصل  أن السائق  الذي يسير قبله يكون عبر الوادي، فقام بقطع الوادي محاولا التوجه إلى الأعلى،  لكن قوة المياه جرفت السيارة بمجرد دخولها، و كلما تقدم إلا و زاد انحراف السيارة، و عملت المياه على دفعها و جرفها في نفس اتجاهها، و بعد أن قطع حوالي 20 مترا، أصبحت في نقطة تتوسط الوادي، وهنا توقف المحرك و غمرت المياه السيارة.
لحسن الحظ، كما قال فيصل، أن النافذتين المواجهتين للمياه كانتا مغلقتين بإحكام، و بدأت زوجته تنطق الشهادتين بصوت مرتفع، سرعان ما تحول إلى صياح، في حين كانت ابنته تلعب و تضحك و تشاغب أمها،  دون أن تدري ما ينتظرهم، و تعالى صراخ الزوجة، عندئذ التفت إلى جهة المياه التي تحاول دفع السيارة، فأيقن أن الموت قادم،  فأسرع للامساك بالهاتف، قبل أن يتبلل و اتصل بوالده و أخبره ، أن مياه الوادي جرفته، و أن الموت حق، راجيا منه أن يرضى عليه و يدعو له و لأسرته، فسأله عن مكان تواجده.
رد فيصل بأنه بين منطقتي الحرشان و الفريد، و انقطع الاتصال، وظل ماكثا في الوادي و هو على يقين من موته و موت زوجته و ابنته، بينما كان  الناس على حافتي الوادي و هو يتوسطهم على مسافة ما بين 20 إلى 30 مترا عن كل جهة، و كان بعضهم يلتقطون له صورا بالهاتف.
و أضاف بأن شابا من أولاد سي محمد، لقبه عبد المالك، نزل إلى الوادي ، محاولا  الوصول إليه، فطلب منه الرجوع قائلا له"لا نموت كلنا حافظ على حياتك، لكنه لا يسمعني و لا يراني جراء المياه و حين اقترب مني كادت المياه تغمره،  حيث و صلت إلى صدره ، فتراجع مقهورا".
 و تابع فيصل بأنه تنفس عندئذ الصعداء، لأنه لم يتسبب في موته و بعد دقائق قضاها في استرجاع ذكرياته و تأمل ابنته و الذكر و التسبيح، رأى جمعا غفيرا من الشباب يشبكون سواعدهم و يمسكون أذرع بعضهم و يقتحمون الوادي بعزم و صرامة، رغم الخطر و تمايلهم ، إلا أنهم تماسكوا، و ما أن اقتربوا منه حتى عرفهم، لقد كانوا إخوته مدعومين ببعض أبناء المنطقة (أولاد سي محمد بن عبد الله و أولاد سي محمد )، و في لحظة وصولهم سلم أحدهم،  ابنته عبر نافذة السيارة ، مستعينا بالسلسلة البشرية المشكلة من الشباب، و أخرج البنت من الواد .
الزوجة رأت الحادثة في المنام
التف بقية الشباب حول السيارة و دفعوها إلى الخلف في محاولة لإعادتها من حيث أتت و فيصل و زوجته بداخلها،  إلى أن وفقوا في ذلك و أخرجوهم بسلام، و بعد خروجهم وصل رجال الحماية المدنية، فأسرع أهل المنطقة من عائلة داويدي بنقل الأسرة إلى ديارهم و مكثوا عندهم  إلى غاية العاشرة ليلا، وتم تجفيف السيارة و تنظيف محركها.
 و عندما اشتغل المحرك انطلق فيصل و زوجته وابنته إلى مدينة بئر العاتر، بعد أن انخفض منسوب المياه ، و أضاف محدثنا الذي لا يزال متأثرا بما عاشه، أنه حين وجد الرجل بمعية ابنته الصغيرة البالغة من العمر3 سنوات بمنطقة الفريد ، قال لزوجته «نحملهما معنا فينقذنا الله و يحمينا».
و تابع الناجي بأن زوجته التي لا تزال في غيبوبة تحت تأثير الصدمة، أخبرته صباحا قبل نزول الأمطار،  أنها رأت في منامها تلك الليلة أن الوادي جرفهم و الله كتب لهم عمرا جديدا.                  
ع.نصيب

الرجوع إلى الأعلى