جزائريون يصححون عاداتهم الغذائية
ظل تخصص التغذية مجالا مجهولا عند الجزائريين لسنوات، فمختص التغذية لا يعد طبيبا و الجزائري لا يثق عموما إلا في رأي الدكتور، وغير ذلك فإما أن يعود إلى وصفة تقليدية بحثا عن الصحة أو قد يلجأ إلى الانترنت للتخلص من الوزن الزائد، لكن السنتين الأخيرتين عرفتا انفتاحا ملحوظا على هذا التخصص الذي بات مطلوبا لدرجة حولته إلى موضة، بعدما روجت له بعض الحصص التلفزيونية وصفحات مدوني الموضة و اللايف ستيال، ليصبح أخصائي التغذية مقصدا لا يقتصر فقط على المرضى بل يستهوي الباحثين عن الصحة و الرشاقة و حتى الشباب الدائم.
تؤكد مختصة التغذية و الحمية بمستشفى قسنطينة الجامعي، حسينة كوحيل، بأن الإقبال على استشارة أخصائي تغذية تحول إلى موضة هذه السنوات، فالكثير من الأطباء باتوا يستعينون بمختصين في المجال، و منهم من يقترح تنسيقا دائما و مشتركا، وحتى أن هناك من قدموا طلبات لمختصي التغذية للالتحاق بعياداتهم، خصوصا الأطباء العامون، كما أن كثير من المواطنين الذين يقصدون المختصين المتواجدين على مستوى مستشفى قسنطينة، يتم توجيههم من قبل أطباء خواص عن طريق رسائل توصية، تتضمن تفاصيل عن حالاتهم الصحية وسبب حاجتهم إلى تدخل مختص لضبط نظامهم الغذائي.
الرجال الأكثر طلبا للاستشارة !
من جهة ثانية هناك العديد من الأشخاص يقصدون أخصائي التغذية بقرار شخصي وذلك بحثا عن الصحة  والجمال، علما أن الرجال و تحديدا الكهول يشكلون نسبة كبيرة من هؤلاء، حيث أنهم يصرون على الحصول على توجيه و متابعة متخصصة لنظامهم الغذائي من أجل الحفاظ على الصحة و الشباب الدائم لإدراكهم بأن الوزن المثالي و التغذية السليمة ينعكسان بالإيجاب على مظهر الإنسان و يبرزانه أقل عمرا.
30 في المائة من المقبلات على الزواج يستعن بمختص
تشكل الفتيات المقبلات على الزواج حسب الأخصائية نسبة 30 في المائة من الحالات، فالكثيرات لا يعانين من مشاكل صحية أو أمراض معينة، بل  يحاولن الحصول على الجسد الرشيق المثالي، خصوصا من يعانين من انتقادات غير محببة من قبل خطابهن تتعلق بمظهرهن، حيث تستعن بالمختص لمراقبة تغذيتهن لفقدان الوزن أو اكتسابه إرضاء للطرف الآخر.


بدورها أضافت الأخصائية في التغذية على مستوى المستشفى الجامعي الحكيم ابن باديس، سارة بوشكيط، بأن الجزائريين أصبحوا مطلعين على دور أخصائي التغذية و مقتنعين بأهميته، لكن الإشكال المطروح يتعلق بنقص الأخصائيين، وبالتالي فإن القليل من الناس يعرفون أين يمكن لهم إيجاد عيادة أو مصلحة تعنى بهذا الشأن.
و أضافت المتحدثة، بأنها شخصيا تستقبل يوميا مرضى و أشخاص كثر  يبحثون عن النصيحة، في ما يتعلق بإنقاص الوزن و مشاكل أخرى ترتبط مباشرة بطبيعة تغذيتهم، مشيرة إلى أنها تتمنى فعلا أن يتعمق وعي الجزائريين أكثر بخصوص أهمية هذا النوع من المتابعة الصحية، الآن الحمية الغذائية التي لا تحتكم لأسس علمية لها  انعكاسات صحية خطيرة و يجب تفاديها نهائيا، كما شددت بالقول، مؤكدة بأن هناك مختصين على مستوى المستشفيات يقدمون خدمة مجانية و نوعية،  مطالبة وزارة الصحة بتأهيل عدد كاف من المختصين في هذا المجال لتعميم الاستفادة.
حمية الانترنت قد تسبب الأنيميا  وهشاشة العظام  
المختصة تطرقت من ناحية ثانية إلى موضع حساس يتعلق باعتماد البعض على الحميات المنتشرة عبر مواقع الانترنت، وغالبيتها حميات تحمل صفة  " الشهيرة" للترويج لها، وقالت سارة بوشكيط، بأن هذه الأنظمة الغذائية
هي غالبا مجهولة المصدر، وهي عموما غير مدروسة و غير صحية و لا تخضع إلى أساس علمي، وهو ما يعد خطرا على صحة أي إنسان يجربها دون الرجوع إلى مختص، فمن يضعونها عادة هم أشخاص لا يملكون أي تكوين في مجال التغذية كما أضافت، و يخترعون حميات و يطبقوها ثم ينشرونها على مواقع التواصل الاجتماعي و الانترنت.
 وقدمت المختصة أمثلة، تتعلق بالحميات التي يشاع بأنها تساعد على فقدان الوزن بسرعة و التي تعد أخطر الأنواع، لأنها تتسبب في فقدان كمية معتبرة من نسبة الماء التي تدخل في تكوين الكتلة الجسمية، و نحن كمختصين حسبها" نقابل حالات كثيرة في المستشفى لضحايا هذه  الحميات، وهم أشخاص يعانون عادة من  نقص في الفيتامينات و المعادن على مستوى الجسم، والأخطر أن منهم من يعاني حتى من فقر الدم و أمراض أخرى،  أهمها القصور الكلوي و هشاشة العظام المبكرة، فمحاولة  إنقاص الوزن بطريقة سريعة تتسبب في نقص عناصر غذائية تتدخل في تشكيل الجسم و نشاطه و في عملية الأيض و الأكسدة في الجسم ،و في جميع الوظائف الفيزيولوجية في الجسم و معظم الأشخاص الذين يتبعون مثل هذه الحميات سيشعرون بالخمول و الفشل و هذا راجع الى نقص العناصر الغذائية من الجسم .
نفس الرأي شاطرته المختصة كوحيل حسينة، موضحة بأن حمية الانترنت هي مجرد وهم يعيشه البعض، وكثيرا ما تكون نتائجها عكسية، وهو ما يثبته تعاملها مع حالات عديدة وقفت عليها خلال مسارها المهني، إذ أن من يتبعون هذه الحميات عادة ما ينتهون إلى اكتساب أضعاف الوزن الذي خسروه بمجرد توقيف الحمية، مشيرة إلى أن هذه الحميات لا تتعدى كونها تجارب شخصية قد لا تتناسب مع باقي الأجساد، بل العكس قد تؤثر عليها سلبا، وقد تسبب أمراضا عديدة منها الاكتئاب الحاد، فنقص التغذية و سوءها يؤثران على نفسية الفرد، فضلا عن ذلك فان فقدان الجسم لبعض الأملاح و نقص الصوديوم يشكل خطرا على نشاط الدماغ ككل.  المختصة حذرت أيضا من الحمية التي تعتمدها الكثير من النسوة، و التي تتعلق بإرجاع أو تقيؤ الوجبة كاملة بعد الشبع، مشيرة إلى أنها ممارسة غير مقبولة صحيا.
الرضاعة الطبيعية ..الحمية المثالية بعد الإنجاب
بالنسبة للنساء اللواتي يرغبن في استعادة رشاقتهن  بعد الولادة، تنصحهن سارة بوشكيط، بعدم الخضوع لأي حمية غذائية، بل بالعكس يجب أن تكون التغذية متوازنة و صحية حسبها،  و تحتوي على جميع العناصر الغذائية التي تحتاجها المرأة، أما الوزن الزائد فسيزول تدريجيا بفضل الرضاعة الطبيعية ،فالرضاعة الطبيعية بحد ذاتها تعتبر حلا فعالا لإنقاص الوزن،لأن المرأة المرضعة بحاجة إلى حصص غذائية معتبر، فهي امرأة منتجة للحليب، وعليه فممارسة الرياضة كافية بالنسبة لها.            
هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى