ملاذ القسنطينيين للسباحة و الاستجمام بين أحضان الطبيعة
يفضل كثير من القسنطينيين هذه الأيام التوجه صوب المسبح الأثري سيدي مسيد، بغرض السباحة و الانتعاش هربا من لفحات الشمس الحارقة و درجات الحرارة المرتفعة، و بخاصة فئة الشباب نظرا لغياب مرافق مماثلة بالولاية و التي إن وجدت فإنها تكلف أموالا باهظة، ما حول هذا الفضاء إلى قبلة للكثيرين نظرا لملائمة أسعاره و  متعة التواجد فيه لما يزخر به من تزواج فريد من نوعه بين الصخور و المياه المتدفقة عبرها.
روبورتاج: هيبة عزيون
من حمامات فينيقية إلى مسبح على الهواء الطلق
يرجع  تاريخ مسبح  سيدي مسيد لعهد الفينيقيين، حيث كان عبارة عن حمامات ساخنة لها فوائد علاجية كبيرة لمرضى المفاصل و المشاكل الجلدية، كما كان مقصد الكثير من الراغبين في  الاستحمام بين روافد الصخور، فهو من المواقع الأثرية الفريدة بالولاية، و قد بقي  على حاله إلى غاية العهد الاستعماري عندما أعيد فتحه في 1 جوان 1872 بعدما قام مالكه ذو الأصول الفرنسية بتأهيله ليصبح مسبحا مفتوحا أمام عموم الناس، و في سنة 1916 قامت البلدية بشراء المسبح و تحويله إلى أملاكها الخاصة مابين 1919 إلى 1923، حيث ظل المرفق حضنا مفتوحا لمحبي السباحة و الترفيه بالولاية و زائريها  إلى يومنا هذا، رغم تدهور وضعيته التي انتهت بغلقه لعدة سنوات، ليعاد بعث نشاطه من جديد سنة 2017.
برودة تطفئ لهيب الصيف
و يعد اليوم مسبح سيدي مسيد، ملاذ الشباب و كذا العائلات، كما أنه يشهد حركية كبيرة منذ بداية من أولى أيام موسم الاصطياف، و قد وصف عدد من القائمين عليه التوافد بالكبير، إذ يصل حد الضغط أحيانا، ما دفع بديوان مؤسسات الشباب المشرف على تسيير الفضاء إلى ضبط برنامج خاص يضمن العمل بانتظام دون انقطاع، للسماح لأكبر عدد ممكن من المواطنين بالاستفادة من خدماته و بشكل يومي من الثامنة صباحا إلى غاية منتصف الليل، مع تخصيص يوم الخميس للعائلات و النساء، كما يستقبل المسبح شباب البلديات البعيدة و النائية القادمين عبر رحلات مجانية تبرمجها بلدياتهم بشكل دائم.
زوار من مختلف الأعمار قادمون من عدة مناطق بالولاية على غرار حامة بوزيان و الخروب، وجدناهم مستمتعين بالسباحة في الحوضيين الحجريين و مياههما المعدنية النابعة من عمق الأرض، و التي تستخرج بواسطة مضخات على مدار اليوم و يتم تنظيفها بإضافة مادة الكلور لضمان سلامة المواطنين و تفادي انتشار الأمراض خاصة الجلدية منها.
و قال أيوب صاحب الخمسة عشر ربيعا، أنه دأب على السباحة في المكان رفقة أصدقائه خاصة و أن الأسعار في متناول الجميع إذ تتراوح بين 100 دج للصغار و 200 دج للكبار  كما أن التواجد في المسبح مجاني لمن يرغب في الجلوس و الاستمتاع بالمناظر الطبيعية دون السباحة، فيما تقدم المحلات الموجودة خدمات متعددة للزوار على غرار بيع الأكل السريع و القهوة و الشاي و كذا مواد غذائية أخرى.
المسبح الأولمبي.. 10 سنوات من الانتظار دون بصيص أمل
يتضمن مسبح سيدي مسيد، مشروعا لمسبح أولمبي يضاف إلى  الحوضيين الحجريين، غير أن الفكرة لم تتعدى مرحلة وضع الأساسات منذ أعلن عنها قبل 10 سنوات، إذ توقفت الأشغال لأكثر من مرة، ليعاد هدمه قبل ثلاث سنوات بسبب بعض التحفظات المسجلة من قبل الخبراء فضلا عن وجود أخطاء في الانجاز، و بعد انسحاب المقاول المكلف أضحى بناء مسبح بمعايير عالمية مجرد فكرة عابرة عرفت الفشل منذ بدايتها، بسبب غياب الصرامة في المتابعة، وهناك من ربط إعادة بعثه بإلزامية وجود  مرافقة حقيقية للمشروع الذي من شأنه أن يستقبل مئات الشباب يوميا.
عمال جمعهم حب المكان رغم المتاعب
ما يلاحظ للوهلة الأولى هو النقائص الكبيرة التي يعرفها مسبح سيدي مسيد الأثري، بداية من بوابته الكبيرة و المهترئة، إلى غياب تلك اللافتة التي خطت عليها تفاصيل تخص نشأة المكان، فلا يمكن لشخص غريب عن المدينة أن يصل إليه بسهولة، إضافة إلى ذلك فأن النقص الكبير  في النظافة ما أثر على المنظر العام، رغم مساعي العمال البالغ عددهم 24 بين حراس و مدربين، إلى تقديم أفضل الخدمات للمواطن، مع أن أجرهم زهيد لا يتعدى 5000 دج  شهريا، حيث قال نوار فارس و هو أحد العمال، أن الإدارة تستدعيهم كل صيف للعمل، لكن أنها لم تتحقق وعودها بإدماجهم إلى غاية اليوم رغم مرور عشر سنوات كاملة  مضيفا، بأنهم ، سيضطرون بعد غلق المسبح مع نهاية الصيف، للبحث عن نشاط آخر فمنهم من يحالفه الحظ و منهم من يحال على البطالة مجبرا إلى غاية الصائفة المقبلة.  
ه.ع

الرجوع إلى الأعلى