أدوات مدرسية مجهولة المصدر تثير المخاوف
تعرف سوق الأدوات المدرسية هذه السنة، تنوعا ملحوظا في السلع و دخول منتجات جديدة لم تكن معروفة سابقا، أثار بعضها حفيظة الأولياء بالنظر إلى تركيبتها الغريبة نوعا ما، على غرار عجينة التشكيل « سلايم»، بالإضافة إلى منتجات أخرى كالأقلام البراقة متعددة الروائح و الممحاة متعددة الأذواق و غيرها من الأدوات التي يفتقر البعض منها إلى وسم الجودة و تفاصيل التصنيع الأخرى، خصوصا ما يباع بشكل فوضوي على الطاولات في الأرصفة وفي الشوارع.
هدى طابي/ إيمان زياري.
هيمنة صينية والترجمة غائبة
خلال جولة استطلاعية بعدد من المكتبات و نقاط بيع الأدوات المدرسية بقسنطينة، لاحظنا تنوعا كبيرا في المنتجات، و تعدد العلامات التجارية، مع ذلك فإن المنتج الصيني يعتبر الأكثر انتشارا،  حيث يشكل نسبة تفوق 80 بالمئة مما هو معروض في السوق، حسبما أكده أصحاب المكتبات، خصوصا ما تعلق بالأقلام و الغراء و عجينة التشكيل و الممحاة و أقلام التلوين و ما إلى ذلك من مستلزمات « المقلمة» تحديدا.
 الملاحظ أيضا  هي تلك الأشكال و التصاميم العصرية و المغرية التي أصبحت تقدم بها هذه الأدوات و التي لا تختلف كثيرا عن تصاميم الألعاب و أدوات التجميل، كأحمر الشفاه مثلا، لكن ما يثير الانتباه فعلا، هو غياب الترجمة على العديد من أشرطة الوسم الخاصة بهذه الأدوات، فغالبيتها مكتوبة باللغة الصينية مع غياب شبه كلي للترجمة باللغة العربية و حتى الإنجليزية، وهو ما يصعب على المشتري معرفة نوعية المنتج و طبيعة تركيبته.
استفسرنا عن الأمر صاحب مكتبة بشارع عبان رمضان، فأوضح بأن الأمر يتعلق بمنتجات أصلية، مشيرا إلى أن الجهات المصنعة كانت في السنوات الماضية تلتزم بإضافة الترجمة بالإنجليزية لكنها تجاوزت هذا الشرط هذه السنة، بدوره أشار صاحب مكتبة بشارع العربي بن مهيدي، أن ما أثار انتباهه هذه السنة هو المواد التي صنعت منها الكثير من الأدوات و الاستعمال المفرط لما يشبه الشمع.
موزعون يروجون منتجات مجهولة المصدر
خلال تواجدنا في مكتبة الشافعي بوسط المدينة، قابلنا عدد من الأولياء المنكبين على اختيار الأدوات اللازمة التمدرس أبنائهم تقربنا إلى البعض منهم، فكان أول ما حدثونا عنه هو غلاء الأسعار، خصوصا بالنسبة لمستلزمات المقلمة التي باتت تكلف وحدها ما يعادل قيمة حقيبة الظهر، كما علقت إحدى السيدات، قائلة بأنها لا تصدق أن سعر علبة الألوان الجافة يعادل 120دج، و أن أنواعا من عجينة التشكيل يصل سعرها حتى  450دج، على غرار عجينة « السلايم»، هذا المنتج الذي أوضحت، بأن ابنتها تصر على الحصول عليه، في حين ترفض هي شراءه لها، لأنها متوجسة من تركيبته الرخوية، قائلة بأنها لا تثق في كل ما تقدمه الصين، كما أنها توقفت منذ سنة عن شراء الصلصال الصناعي وباتت تحضره لطفلتيها الصغيرتين في المنزل بمواد طبيعية، بالاعتماد على فيديوهات تعليمية على يوتيوب.
خلال حديثنا إليها، قاطعتنا سيدة قائلة، بأنها هي الأخرى لاحظت بأن هذه العجينة غريبة و  فضلت بدورها عدم شرائها، خصوصا وأنها تتوفر بروائح و أذواق الفواكه، وهو ما يشجع الأطفال الصغار على تناولها، كما أنها قرأت تحذيرات منها في مواقع التواصل الاجتماعي.
 دفعنا الفضول إلى البحث عن هذا المنتج على رفوف المكتبة فلاحظنا،  تنوعا هائلا في المعروضات، فهناك العجينة السائلة و المائية، وهناك الرخوية و أيضا الإسفنجية، أما الأسعار فتنطلق من 100دج إلى 500دج.
سألنا أحد باعة المكتبة عن هذا المنتج، فقال بأنه يعد موضة الموسم هو والأقلام البراقة متعددة العطور، وكذا الممحاة متعددة النكهات، لكنه أشار إلى أنها منتجات تحظى باهتمام الأطفال، لكنها لا تلقى رواجا بين الأولياء، بالرغم من توفرها على وسم الجودة  و السبب، حسبه، هو التخوف من تركيبتها، خصوصا وأنها منتجات جديدة وغير معروفة، و هناك ما يجهل مصدره و مكوناته، خاصة ما يباع في الأسواق الفوضوية، وقد سبق ،كما أخبرنا، لموزعين خواص أن عرضوا عليه بعضها بأسعار زهيدة لكنه رفض أن يشتريها، لأنها في العموم منتجات مقلدة قد تكون خطيرة على الصحة.
فارق السعر يدفع بالأولياء إلى السوق الموازية
خلال جولتنا بين المكتبات، تأكدنا مما أشار إليه الأولياء في ما يتعلق بغلاء الأسعار،  إذ أن تكاليف بعض المستلزمات  غير منطقية، فسعر قلم علامة  « بيك « يتراوح بين 50دج إلى 70دج، في حين تتراوح أسعار أقلام التلوين بين 70دج إلى 250دج للعلبة، حسب الجودة و تتعدى أسعار بعض المستلزمات البسيطة كالممحاة و الأغلفة و غيرها 200دج حتى 300دج، مع فارق 50دج فما أكثر بالنسبة لطاولات البيع الفوضوية، خصوصا على مستوى شارع 19 جوان وحي رحبة الصوف، أين حول بعض الشباب نشاطهم من بيع الماكياج إلى تجارة الأدوات المدرسية، وهو ما دفع بالكثير من الأولياء إلى السوق الموازية، و الطاولات المصفوفة على قارعة الطريق، قصد اقتناء الأدوات بتكلفة أقل، بالرغم من أن هذه السوق تعج بمنتجات المهربين و المصنعين غير النظاميين، علما أن هذا الواقع يشمل عديد الولايات عبر الوطن، بما في ذلك ولاية بومرداس، التي تؤكد مصالح التجارة على مستواها، بأن أغلب منتجات هذه الأسواق عبارة عن مواد مهربة ، مع ذلك فإن إقبال الأولياء عليها، في محاولة لتخفيف أعباء الدخول المدرسي، ساعد على انتشارها بشكل أكبر و شجع التجارة الموازية.
5 سنوات مرت على آخر خبرة حول بعض المواد
للتأكد من نوعية الأدوات الموجودة في الأسواق، وما إذا كانت هنالك فعلا منتجات مضرة بالصحة، تنقلنا إلى المخبر الجهوي لمراقبة الجودة بقسنطينة، فنفى القائمون عليه، معالجتهم لأية عينات مشبوهة، مؤكدين بأنهم لم يقوموا بأي نشاط من هذا النوع هذه السنة، على اعتبار أن مديرية التجارة بالولاية، وهي الجهة المسؤولة عن سحب العينات و طلب إخضاعها للفحص في المخبر، لم تقدم تتخذ إلى الآن أي إجراء بهذا الخصوص.
 وحسب السيد بن موناس، مدير المخبر بالنيابة، فإن آخر خبرة أجريت على هذه المنتجات تمت قبل خمس سنوات، عندما أصدرت وزارة التربية الوطنية تعليمة تتعلق بضرورة تحليل ومراقبة بعض المستلزمات المدرسية و التأكد من ملائمتها لصحة التلاميذ، وهو إجراء عزز مخاوف الأولياء من احتمال تسويق منتجات أشيع آنذاك بأنها مسرطنة، لكن الأمر لم يتكرر في غضون السنوات التي تلت ، بما في ذلك هذا الموسم، مؤكدا بأنه يتعين على الأولياء الابتعاد عن المنتجات منعدمة الوسم و مجهولة المصدر لتجنب أي مشكل.
من جهتها، سطرت مديرية التجارة لولاية بومرداس، برنامجا خاصا لمراقبة جميع الأنشطة المتعلقة ببيع، إنتاج و استيراد الأدوات المدرسية و لواحقها عبر كامل تراب الولاية، حسبما كشف عنه رئيس مصلحة حماية المستهلك و قمع الغش بذات المديرية عز الدين قحام.
و دعا المسؤول كافة الأولياء لتوخي الحيطة و الحذر عند اقتنائهم هذه المستلزمات من أجل المحافظة على سلامة أبنائهم، و ضرورة معرفة مصدر المنتجات و الابتعاد عن مجهولة المصدر التي لا تحمل وسما تجاريا، مشيرا إلى أنها مواد قد تحمل مواد مسرطنة و مضرة بالصحة، كما شدد على ضرورة تفادي اقتناء الأدوات المدرسية، مهما كان نوعها، من الطاولات التي تصطف على قارعة الطريق، خاصة أقلام الألوان، الصلصال و الممحاة، لكونها المصدر الأول للمواد الخطيرة التي لا يمكن أن توجد بالمحلات، نتيجة الرقابة المكثفة التي تفرضها مصالح الرقابة في هذه الفترة تحديدا.

الدكتورة سراح لعيور
احذروا الصلصال و الألوان و أقلام الرصاص و الأغلفة
ترى الطبيبة العامة لعيور سراح أن مختلف أنواع الأدوات المدرسية التي تكون عرضة للتلوث و لأشعة الشمس، و مختلف ظروف  العرض غير المناسبة على الأرصفة و في الشوارع، من شأنها أن تنقل للمستهلك الكثير من الأمراض، خاصة الحساسية التنفسية و الجلدية، بينما يعد اقتناء الأدوات التي تدخل في تركيبها مواد كيميائية، أكثر خطورة، كأقلام التلوين، أقلام الرصاص، و حتى باقي المستلزمات المصنوعة من البلاستيك مثل أغلفة الكراريس و الكتب.
و تحذر الطبيبة من خطر مادة الصلصال ، أو ما يعرف ب»العجينة» التي قد تحتوي على مواد مسرطنة و هي في حالات كثيرة مجهولة المصدر، أو تم تعريضها لظروف غير ملائمة مثل الشمس و الغبار، و تعد أكثر خطورة بالنسبة للأطفال الذين غالبا ما يأكلون أجزاء منها، خاصة تلاميذ مرحلة التحضيري و السنة أولى ابتدائي،ما يجعلهم عرضة للتسممات، كما أنها قد تحمل أخطارا لا تظهر سريعا ، و إنما على المدى البعيد، و تؤثر سلبا على صحة الطفل ، فيصاب بأمراض خطيرة مع تقدمه في السن.                                 هـ . ط/ إ.ي

الرجوع إلى الأعلى