الرسم على الوجوه ..  أقنعة تهدد نمو الأطفال وجهازهم العصبي 
تنتشر في السنوات الأخيرة ظاهرة الرسم على وجوه الأطفال بشكل ملفت عبر المراكز التجارية و مساحات اللعب الكبرى و على هامش عديد الفعاليات الفنية و الترفيهية الموجهة للبراءة، فيتهافت عليها الصغار، و يضعف  أمامهم أولياؤهم و يسمحون، دون دراية، بتعريض أطفالهم إلى مخاطر صحية كبيرة، حيث يؤكد المختصون أنها قد تؤثر سلبا على وظائف الجهاز العصبي و النمو الطبيعي للأطفال، فيما قد تتفاقم الأمور لحد الإصابة بالسرطان في بعض الحالات.
على هامش عديد الحفلات و أعياد ميلاد، و العروض المسرحية و الترفيهية، و حتى بمساحات اللعب الكبرى و المراكز التجارية ، يمكن أن نجد طاولات صغيرة مزودة بوسائل رسم بسيطة، تجذب أعدادا هائلة من الأطفال الراغبين في رسم شخصيات كارتونية يحبونها على وجوههم، أو ألوان العلم الوطني أو ألوان أخرى زاهية، تثير الفرح في قلوبهم، إلى درجة تحول فيها هذا النوع من الرسم إلى عادة بالنسبة للكثيرين ممن يقصدون المراكز التجارية الكبرى أو الفعاليات الموجهة للبراءة.
موضة يحترفها مجهولون
لم يقتصر تواجد هؤلاء الرسامين على الأمكنة المذكورة، بل تعداها إلى أماكن أخرى، كحديقة التجارب بالحامة بالعاصمة، حيث توجد بحديقة الحيوانات التابعة لها، طاولة للرسم في وجوه الأطفال  تشهد إقبالا كبيرا ، حيث يشكل الصغار طوابير أمام رجل و امرأة وجدناهما منهمكين في طبع وجوه كارتونية بألوان زاهية على وجوه الأطفال، و هو ما اعتبرته إحدى الزائرات نشاطا فنيا يدخل البهجة و السرور على قلوب الأطفال، كما أنه يسمح بتخليد اللحظة عبر صور تذكارية يتم التقاطها بالمناسبة.
مشاهد مشابهة وقفت عليها النصر بمنتزه الصابلات بالجزائر العاصمة، أين ينتشر شباب و شابات يحملون وسائل رسم، و يعرضون خدماتهم على الأولياء و الأطفال، و عندما يفتكون الموافقة، يجلسون على حافة الرصيف لطبع شخصية ما بوسائل عمل و ألوان مجهولة المصدر، مقابل 100 دينار للطفل الواحد.
المبلغ قالت  لنا بعض الأمهات أنه زهيد، بالمقارنة مع البهجة التي يصنعها الرسم في قلوب أبنائهم، دون أن يأبهوا لخطورة المواد المجهولة المصدر التي يضعها أشخاص على بشرة الصغار الحساسة للغاية، و أكدت لنا ربة بيت أنها في كل نهاية أسبوع، ترافق طفليها إلى ذات المنتزه للعب و التسلية و الترفيه،  لكنهما يحرصان في كل مرة على عدم مغادرة المنتزه ، إلا برسومات جديدة على وجهيهما.بالمقابل تحدثت النصر إلى شابة تحترف هذا النوع من الرسم، فقالت لنا أنها تعلمته بمفردها، و لم يعلمه لها أحد، و اتخذت منه مصدر رزق،  لأنها تعاني من البطالة و الفقر، مضيفة أن  هذا النشاط يحظى بإقبال كبير في فصل الصيف و العطل المدرسية و عطل نهاية الأسبوع، أما عن الألوان التي تستخدمها، فأكدت لنا بأنها تقتنيها من المكتبات و هي خاصة بالرسم على الوجه ، على حد قولها.
منظمات صحية تحذر
من الظاهرة
أصدرت منظمات عالمية تعنى بالصحة عدة تقارير تحظر الرسم على وجوه الأطفال، فيما تشدد تقارير أخرى على ضرورة مراقبة المواد المستعملة في هذا النوع من الرسم، و كذا طريقة الرسم،  لما يخلفه من أضرار صحية على الأطفال.
و حذرت من جهتها الدكتورة سراح العيور من وضع ألوان مجهولة المصدر على الوجوه، خاصة وجوه الأطفال، لأنها تتسبب  في إصابة البشرة بأمراض، أقلها خطرا الحساسية الجلدية و الربو، مضيفة بأن استعمال فرشاة واحدة لجميع الأطفال، كفيل بنقل عدوى بعض الأمراض إلى بعضهم البعض، مثل الإكزيما .
فيما تهدد المكونات الأساسية للمواد الملونة الصحة بشكل أكبر، مشيرة إلى احتواء أغلبها على مادة الرصاص التي تعد الأخطر على الإطلاق، حيث أنها تتراكم على النسيج العصبي للأطفال، مما يؤثر سلبا على جهازهم العصبي و يسبب لهم تأخرا في النمو، كما يعرضهم إلى خطر الإصابة بفقر الدم، النسيان، ضعف الاستيعاب، و حتى نقص السمع، حسب الطبيبة، و قد تصبح المواد المعدنية التي تحتويها مسرطنة على المدى البعيد، في حال الإكثار  من استعمالها و عدم غسل الوجه قبل النوم و التعرض لأشعة الشمس. و حملت الطبيبة الأولياء مسؤولية الأخطار التي يتعرض لها أبناؤهم، و تدعوهم إلى تجنب هذا النوع من الرسم، و إذا أصروا على إرضاء أطفالهم، يتحتم عليهم انتقاء الألوان الخالية من المواد المعدنية المضرة، و تجنب تعريض بشرة الصغار إلى أشعة الشمس بعد عملية الرسم على وجوههم.كما شددت المتحدثة على ضرورة استخدام فرشاة لكل طفل، لتفادي انتقال عدوى مختلف الأمراض وسط شريحة هشة، تحتاج إلى رعاية خاصة و وقاية، لتتماشى الابتسامة مع الرسم الذي يحمله وجه الطفل.
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى