تراجـــع في تسويــــق المفرقعـــات و دعـوات لمقاطعتهـــا

تشهد تجارة المفرقعات و الألعاب النارية  في قسنطينة تراجعا كبيرا قبيل حلول المولد النبوي الشريف، مقارنة بما هو معهود في السنوات الماضية، حيث اختفت  طاولات عرض هذا النوع من الألعاب وظلت محصورة في عمليات بيع سرية  و محدودة ، و بالمقابل انتعشت كثيرا هذا الموسم تجارة الشموع و الفوانيس التي قد تصبح بدائل للمفرقعات و الشماريخ في الاحتفال بالمولد النبوي خلال السنوات القادمة،حسب بعض المواطنين.
في جولة النصر عبر عدد من نقاط بيع المفرقعات الاعتيادية بقسنطينة، على غرار حي السويقة العتيق، سوق بومزو، سوق الدقسي عبد السلام و سوق الكيلومتر الرابع،  لاحظنا نقصا في كميات المفرقعات المعروضة للبيع على الطاولات، خلافا للسنوات الفارطة ، وتباينت الآراء حول أسباب تراجع هذه التجارة، التي طالما استقطبت أعدادا كبيرة من الشباب لممارستها بطريقة غير شرعية خلال هذه الفترة.
أرجع أغلب باعة الألعاب النارية  ممن تحدثنا إليهم من خلال جولة بالأسواق ،  تراجع هذه التجارة غير الشرعية، بعد تشديد الرقابة وحجز كميات معتبرة قبل دخولها السوق ، حيث أكدوا أنهم سجلوا نقصا كبيرا في مختلف أنواع المفرقعات عبر أسواق الجملة، في مقدمتها سوق العلمة، مفسرين ذلك بتخوف  من اعتادوا على تموين السوق من حساسية الظرف، و قالوا  أنه تم تشديد الرقابة على الحدود البرية، لمنع دخول هذا النوع من السلع ، أما ما هو موجود  في السوق فيعود إلى العام الماضي.
و في ظل تراجع العرض و كثرة الطلب، ارتفعت  الأسعار إلى الضعف، فمثلا بلغ سعر علبة صغيرة من المفرقعات  450 دج، بعدما كانت تباع ب 200 دج السنة الفارطة، و تتراوح أسعار أنواع أخرى من الألعاب النارية، مثل الفراشة و الصاروخ بين 50 دج إلى 3 آلاف دج للعبة الواحدة.
و خلال هذا الاستطلاع لاحظنا تراجع أعداد طاولات عرض و بيع المفرقعات في عدة نقاط بقسنطينة عكس السنوات الماضية،  حيث كانت تتحول الأسواق و الأحياء  إلى فضاء كبير لبيعها في ديكور احتفالي  يسبق يوم المولد النبوي بأكثر من 15يوما .
في حين اكتفى أصحاب بعض الطاولات بعرض كميات محدودة من المفرقعات  ك «زيدان» و «الشيطانة» و «الفراشة» التي تعود للعام الفارط، مع غياب ألعاب جديدة هذا الموسم، إلى جانب بيع مختلف لوازم الاحتفال من الشموع و البخور و غيرها،  و قال لنا بعض الباعة أن هناك من يروجون لها في الخفاء، بعيدا عن الطاولات بسبب الرقابة الشديدة على هذا النوع من السلع، و خشية تعريض أنفسهم لغرامات مالية، فكل شخص يبيع الألعاب النارية من صواريخ و شماريخ ، يعاقب بغرامة تصل إلى ضعفي أو أكثر قيمة السلعة المحجوزة لديه.
65 بالمئة من حالات الصمم سببها الألعاب النارية
رغم هذا التراجع في عرض المفرقعات و بيعها، إلا أن مديرية الصحة لولاية قسنطينة باشرت، على غرار المواسم الفارطة، حملة تحسيسية للحد من أخطار الاستعمال غير العقلاني للمفرقعات على اختلاف أنواعها ، و ما ينجر عنه من عواقب وخيمة كالرضوض البصرية التي قد تصل حد العمى  لدى الأطفال و المراهقين، أو فقدان أطراف و حدوث تشوهات و حروق في الوجه.
و ينصح الطبيب محمد ياسين أمين خوجة ،رئيس مصلحة الاستعجالات بمستشفى البير بقسنطينة، بالحذر عند استعمال هذه المواد ، و في حال الإصابة يجب وضع العضو المصاب في ماء بارد تصل درجته 15 درجة مئوية لمدة 15 دقيقة، لمنع التهابه أو تعفنه ، مع التوجه مباشرة إلى المستشفى أو العيادة.
و أشار الطبيب من ناحية أخرى، إلى  أن الدوي الناجم عن انفجار المفرقعات ، قد يتسبب في ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم بالنسبة للمرضى، و تحديدا المسنين، و تستقبل المصلحة حالات عديدة من هذا النوع في كل مناسبة ، إلى جانب المصابين بمشاكل السمع الناجمة عن قوة الانفجار.
و أضاف المتحدث أن دراسة أجريت قبل سنتين بالمستشفى، بينت أن 65 بالمئة من مشاكل نقص السمع أو الصمم ناتجة عن  دوي انفجار المفرقعات، و تحديدا بعض الأنواع ذات الأحجام الكبيرة أو المصنوعة بمواد خطيرة، كما تتسبب الروائح المنبعثة من انفجار الألعاب النارية و الغازات السامة التي تطلقها، في مشاكل تنفسية.
 و أكد الدكتور أمين خوجة أن عدد ضحايا هذه الحوادث الذين استقبلتهم مصلحة الاستعجالات الطبية بمستشفى البير، تراجع ب 45 المئة  في السنة الماضية، و أرجع ذلك إلى تكثيف الحملات التحسيسية و انتشار الوعي بين المواطنين.
الشموع و الفوانيس بدائل للباعة و الزبائن
مقابل انكماش بيع المفرقعات بالسوق المحلي، ازدهرت تجارة بيع الشموع و الفوانيس بشكل ملفت، و عرضت على طاولات الباعة بمختلف الأنواع و الأشكال الجذابة ، مستقطبة الكثير من الزبائن، خاصة من النساء و الأطفال الصغار، كبدائل للألعاب النارية في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
و أكد لنا الباعة الذين تحدثنا إليهم أن تجارة الشموع، خاصة  العطرية  منها،  أصبحت تستقطب الكثير منهم لعدة أسباب أبرزها الجانب الأمني، فهم يمارسونها بأريحية، دون خوف من الحجز أو التغريم، إضافة إلى أنها مقصودة بكثرة في مثل هذه المناسبة الدينية، و نفس الشيء بالنسبة للفوانيس ، و هي عادة ارتبطت بإحياء مولد الرسول عليه الصلاة و السلام بالمشرق العربي، و وجدت لها مكان في المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة، لتشهد رواجا كبيرا هذا الموسم.
و تعرض بأسواقنا هذه الأيام فوانيس رخامية و أخرى معدنية بعدة أحجام و ألوان و تتراوح أسعارها بين 200 دج  للحجم الصغير و ألف و 800 دج  للحجم الكبير، و أعربت لنا عدد من الزبونات اللائي التقينا بهن عن  إعجابهن بنوعية هذه السلع التي لم تكن موجودة في السوق المحلية قبل سنوات، لكنهن اعتبرنها غالية الثمن نوعا ما . أما الباعة فاعتبروا أسعارها مناسبة، لأنها مستوردة من الصين أو تونس، في ظل غياب الإنتاج المحلي.  كما يتهافت المواطنون على اقتناء الشموع العطرية بأشكال النباتات و الورود و القلوب التي لا يمكن الاستغناء عنها في المولد.
و يرى الكثيرون ممن تحدثنا إليهم أن استخدام الألعاب النارية في هذه المناسبة، من العادات التي ستزول بمرور الوقت لتحل محلها عادات أخرى أقل خطورة.
هيبة عزيون

فدرالية المستهلكين تدعو لمقاطعة اقتنائها وتصرح
عائلات تنفق 30 ألف دينار لشراء المفرقعات والألعاب النارية
lجمعية التجار والحرفيين: تراجع في تسويق المفرقعات ب40 بالمئة
دعت الفدرالية الجزائرية للمستهلكين، أمس،  الأولياء، إلى مقاطعة شراء المفرقعات والألعاب النارية عشية الاحتفال بذكرى المولد النبوي  الشريف  وذلك بالنظر إلى خطورتها على الفرد والمجتمع  وأوضحت أن بعض العائلات تخصص 9 آلاف دينار كمتوسط لشراء المفرقعات، بينما  تخصص بعض العائلات الميسورة حوالي 30 ألف دينار لشراء المفرقعات والألعاب النارية ، من جهتها أشارت الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، إلى تراجع في تسويق المفرقعات خلال السنة الحالية ب 40 بالمئة، مقارنة بالسنوات الماضية .
انتقدت الفدرالية الجزائرية للمستهلكين ، ظاهرة شراء المفرقعات وأوضح رئيس الفدرالية زكي حريز ، أمس، أن  بعض العائلات تخصص كمتوسط  تقريبا 9 آلاف دينار لشراء المفرقعات، مضيفا في السياق ذاته، أن هناك عائلات ميسورة  تخصص مبالغ كبيرة تصل حتى إلى 30 الف دينار لشراء المفرقعات والألعاب النارية نزولا عند رغبات أبنائها ، فيما تبقى كما أضاف- العديد من العائلات تعيش في حالة اجتماعية صعبة.
وانتقد رئيس الفدرالية، هذه "المظاهر المرضية "، في المجتمع    والتي تدل على فقدان التراحم والتعاون في المجتمع -كما قال -  مضيفا في السياق ذاته، أن الميزانية التي تصرف لشراء المفرقعات في  مثل هذه المناسبات، كان من المفروض  أن توجه إلى الفقراء والعائلات المحتاجة .
ودعا رئيس الفدرالية  الجزائرية للمستهلكين ، الأئمة والدعاة  لتحمل مسؤوليتهم اتجاه المجتمع  وذلك بتكثيف الحملات التوعوية ودعا المربين  لتوجيه الأبناء والشباب إلى مقاطعة مثل هذه التصرفات المشينة،  كما دعا السلطات  المعنية إلى محاصرة و منع بيع وترويج المفرقعات والألعاب النارية.
ومن جهته، أشار رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوار ، إلى تراجع  في تسويق المفرقعات ب 40 بالمئة مقارنة بالعام الماضي .
وأضاف أن هذا التراجع في تسويقها يرجع إلى أسباب  عديدة، ومنها تخوف الأشخاص الذين كانوا يهربونها في الأعوام الماضية خصوصا مع دخول بارونات الفساد إلى السجن.
كما أن العديد من المواطنين أصبحت لديهم ثقافة الاستهلاك،  حيث أحسوا بخطورة هذه المفرقعات والتي أدت إلى وقوع حوادث خطيرة في السنوات الماضية،  وأيضا الخسارة المالية التي تسببها.
وأضاف أن الأموال التي كانت تصرف في السنوات الماضية على المفرقعات تتراوح بين  10 و15 مليار دينار، معظمها يذهب لبارونات التهريب وعصابات الفساد .
ومن جهة أخرى طالب المتحدث ذاته، بتقنين هذه التجارة، والتركيز على منع كل الألعاب النارية الخطيرة والتي تشكل خطورة على المواطنين، لافتا إلى أن القانون يمنع استيرادها وتسويقها
وللتذكير، كانت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات قد حذرت  في بيان لها من استعمال المواد النارية كالمفرقعات والألعاب النارية والصواريخ والقذائف خلال الاحتفال بالمولد النبوي الشريف و التي قد تتسبب في حوادث خطيرة.
م – ح

الرجوع إلى الأعلى