مواقع التواصل تفتح نافذة على صناديق الاقتراع
عكست مواقع التواصل الاجتماعي يوم أمس، التفاف نسبة كبيرة من الجزائريين حول قرار الانتخاب، بعدما مالت الكفة لصالح الصندوق الذي اعتبره الكثيرون زورق نجاة نحو الضفة الآمنة، وهو ما بدا جليا من خلال التفاعل الكبير مع الحدث عبر مختلف المنصات، إذ شهدت إنزالا للصور و الفيديوهات من مختلف الولايات، كما تجند جيش من رواد الشبكة العنكبوتية لكشف المغالطات التي حاولت بعض الصفحات الإعلامية و الخاصة التوريج لها من خلال التركيز على إظهار الجوانب السلبية  و التعتيم على واقع الاقتراع عبر الوطن،
و لعب هاشتاغ  " الجزائر تنتخب"  دورا بارزا في تداول صوّر حقيقية عن حجم الإقبال و ظروف الانتخاب و مجريات العملية التي شارك فيها الشباب بشكل ملحوظ بينته التعليقات
و الصوّر التي انتشرت على نطاق واسع والتي اتفق أصحابها على شعار مصلحة الوطن قبل كل شىء.
فيسبوك و يوتيوب  يعيدان ضبط بوصلة الشارع
كان  موقع فيسبوك أمس، بمثابة مرآة للحدث، حيث أظهر التفاعل الالكتروني، تحولا كبيرا في نوعية الخطاب و ميلا شبه جماعي نحو اختيار المصلحة العامة و الترفع عن الصراعات الفئوية، و خلافا للأيام الماضية التي شهدت انقساما في الآراء و انتشارا للمواقف العدوانية الرامية إلى إثارة الفتن و محاولة تأليب فئة ضد أخرى و تكريس منطق التخوين، ارتفع الوعي بأهمية الاتحاد و انحصر نطاق الخطاب السلبي وهو ما عكسته نوعيه التعليقات في الصفحات الكبرى، كما أن هذا التوجه المنطقي ميز كذلك منشورات العديد من الإعلاميين و الفنانين الذين دعوا إلى التعقل و احترام الرأي الآخر.
 الواضح أيضا، أن فيديوهات الاعتداء على الناخبين الجزائريين في المهجر التي انتشرت بقوة عبر فيسبوك و يوتيوب، كان  لها تأثير كبير على الناخبين، حيث جاءت بنتائج مخالفة لما أريد به في البداية، و ساهمت في إبراز وحشية الخطاب العدواني و الإقصائي، و بينت بأن القطيعة ليست حلا و أن هناك من يسعون لنشر الشقاق و إحداث الفوضى، وهو نفس التأثير الذي خلفته فيديوهات تخريب بعض مكاتب الاقتراع في ولايات معينة، السلوك الذي وصفه رواد مواقع التواصل بالهمجي و غير الديمقراطي.
جيش من الفيسبوكيين لعبوا دورا كبيرا في تحسين صورة الجزائر أمس وعملوا على إبراز الوجه الآخر للحدث الانتخابي، من خلال التواجد بقوة في مختلف صفحات القنوات التليفزيونية الأجنبية و الشبكات الإعلامية العربية و حتى  على صفحات المدونين و المؤثرين، حيث تداولوا تعليقات من قبيل " لماذا تشوهون الحقيقية" ، "انقلوا حركية مراكز الاقتراع" و "لا للتعتيم " ردا على صور و فيديوهات لأعمال شغب و تخريب و لمسيرات رافضة للحدث نشرتها هذه الجهات، و قد تجاوز حجم التفاعل مع بعض المنشورات 20ألف تعليق كلها تصب في إطار رفض محاولة تشويه صورة الجزائر و إبراز موقف المعارض على حساب المؤيد.
حتى بعض الإعلاميين الجزائريين المتواجدين في الخارج، و الذين يملكون آلاف المتابعين وجهت إليهم انتقادات سلبية لاذعة بعدما تعمدوا التعتيم على حجم الإقبال و ظروف الاقتراع في مختلف ولايات الوطن وركزوا على نشر صور لأحداث معزولة شهدتها بعض المناطق دون غيرها ، ومن بين أبرز التعليقات التي جاءت ردا على فيديو تخريبي نشرته إعلامية جزائرية شهيرة ما يلي :" كفى تضليلا أستاذة واحترمي عقول الناس. هذه تصرفات متطرفين بلطجية ولا علاقة لهم بالحراك الذي رأسماله السلمية ولا علاقة لهم بقيم الديمقراطية والحرية... لن يحدث ما يريده عرابو  الخراب مادامت أغلبية الشعب واعية ومدركة لحقيقة الرهانات. حفظ الله الجزائر وشعبها" و كتبت شابة ردا على ذات المنشور
"يا أستاذة  لماذا تركزون على ولاية أو ولايتين الجزائر فيها 48 ولاية"  و جاء في تعليق على صور لمسيرات الرافضين للانتخابات نشرها معلق شهير " لا تحكم على هذه الأعداد فهناك أكثر من 24مليون ناخب مسجل".
 ولعل وفرة الصور الآنية و اتساع رقعة انتشارها و سهولة الوصول إليها، ساهم في مواجهة الدعاية المغرضة و قدم الدليل الملموس و المباشر على صحة الأحداث، وهو ما ظهر جليا من خلال التضارب في مضامين ما نشرته بعض وسائل الإعلام و ما كشفت عنه صفحات الفيسبوك.
 صوّر الاقتراع تصنع الحدث و مشاركة لافتة للشباب
خلافا لما توقعه الكثيرون، لم يتوان الجزائريون عن نشر صورهم داخل و خارج مكاتب الاقتراع، وقد كانت صورة بطاقات الانتخاب المختومة و آثار الحبر على الأصابع الأكثر تداولا طيلة اليوم، فالتهديدات التي أطلقها البعض سقطت في الماء، بعدما خرج الكثير من أبناء الوطن رجالا ونساء للإدلاء بأصواتهم  مطالبين باحترام المواقف و وجهات النظر تكريسا لمبادئ الديمقراطية، التي تجلت من خلال تلك التعليقات التي رافقت صورا كشفوا فيها عن وجوههم دون خوف أو حرج، و استعملت فيها عبارات من قبيل " العرس الانتخابي" و " سأنتخب لأجل الجزائر" بشكل كبير.
 صورة العلم الوطني أيضا اختيرت كخلفية للعديد من الحسابات على فيسبوك، و انتشرت بكثرة صور عائلات توجهت للاقتراع رفقة أبنائها، أما الاستثناء فقد صنعه ذوو الاحتياجات الخاصة و الشباب، الذين توجهوا بقوة إلى الصناديق كاسرين بذلك الصورة النمطية التي لطالما ربطت القاعدة الانتخابية في الجزائر بفئتي الكهول و الشيوخ، فالعشرات من الشباب نشروا صورا جماعية وفردية لهم حاملين بطاقاتهم المختومة وكانت النساء حاضرات بقوة كذلك خصوصا خلال الظهيرة بحسب ما بينته صور  وفيديوهات من مراكز الاقتراع.
أما أكثر صورة تفاعل معها رواد مواقع التواصل أمس، فكانت لمواطنين من ولاية الجلفة، أكرموا رواد أحد المراكز الانتخابية بوليمة من طبق     " الكسكسي".
 عدد من الفنانين الجزائريين شاركوا متابعيهم بصور انتخابهم كذلك على غرار فلة عبابسة و سارة لعلامة، فيما اكتفى آخرون بنشر صور العلم الوطني و الدعاء للجزائر.
 تداول واسع لنسب الاقتراع و استطلاعات الرأي  
الملاحظ أمس، هو أن الاهتمام بمتابعة نسب الاقتراع عبر الوطن كان كبيرا، فالكثيرون أعادوا نشر النسب التي تداولتها المواقع الإخبارية، و تابعوا بدقة كل تفاصيل الانتخاب عبر العديد من الولايات، كما أخذت الأحداث التي عرفتها مناطق مثل البويرة حيزا من الاهتمام، إذ أعاد البعض نشر صور و فيديوهات مؤسفة أطلقوا عقبها دعوات للتعقل و تغليب مصلحة الوطن ، أما الايجابي فهو مستوى النقاش الذي أرفق    منشورات بين مؤيدي و  رافضي الانتخابات، و الذي اتسم بالهدوء و حاد إلى الحوار و تقبل وجهات النظر بعيدا عن التخوين و تبادل التهم.
استطلاعات الراي من قبيل " انتخب أو لا انتخب"، كانت أيضا حاضرة بقوة عبر العديد من الصفحات  على تويتر و فيسبوك، و قد عكس الكثير منها ميلا نحو تأييد الخيار الانتخابي.
 مواكبة متفاوتة عبر صفحات المترشحين
 تفاعل متفاوت مع صفحات المترشحين الخمسة عرفته صبيحة يوم الاقتراع، وقد تمحورت معظم التعليقات حول طرح نقاط إضافية غيبتها الخطوط العريضة للبرامج ، كما بدا جليا بأن مدونات المتنافسين على كرسي الرئاسة، لم تول اهتماما كبيرا لمواقع التواصل خلال يوم الحسم بدليل أن أغلب الصفحات الرسمية للمترشحين لم تعزز بمنشورات تخص عملية الاقتراع إلى غاية منتصف النهار، مع غياب شبه كلي للبث المباشر، فمثلا  صفحة المترشح عبد العزيز بلعيد، لم تعزز بمحتوى جديد منذ 7ديسمبر، ولم تحين صفحة  عبد المجيد تبون، منذ تاريخ 10 ديسمبر، فيما نشر مسيرو صفحة عز الدين ميهوبي، صورا و فيديوهات قليلة بعد أكثر من ثماني ساعات على انطلاق العملية الانتخابية، وعكس ذلك كانت صفحة المترشح عبد القادر بن قرينة، الأكثر نشاطا من حيث سرعة النشر و حجم المحتوى، وكذلك الأمر بالنسبة للصفحة الرسمية للمترشح علي بن فليس. مع ذلك فقد ساهمت الحسابات و الصفحات الداعمة للمترشحين في سد الفراغ نوعا ما بفضل الصور التي نشرها بعض متابعيهم.
تفاعل أقل عبر المواقع الإخبارية العالمية
 الانتخابات في بريطانيا و المناورات العسكرية  البحرية المصرية و اختيار الناشطة البيئية غريثا ثونبيرغ، كأبرز شخصية عالمية لسنة 2019، سبق الحديث عن الانتخابات الجزائرية على حسابات العديد من الشبكات الإخبارية العالمية و العربية، التي تعاملت في أغلبها مع الحدث بشكل غير مبالغ مع التركيز على تضارب المواقف و ذكر النسب الأولية للاقتراع.                    هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى