مشاكل الولادة تزيد من حالات الصرع لدى الرضع
يؤكد مختصون في طب و جراحة الأعصاب، بأن مشكل الصرع عند الرضع، و الأطفال أقل من 6 سنوات، يطرح بشكل متزايد في الجزائر، بالرغم من ذلك، فإن الإحصائيات حول  نسب الإصابة غير متوفرة، نظرا لغياب سجلات طبية خاصة، وهو ما أخر فهم و معرفة الأسباب التي تقف خلف تزايد عدد الحالات، و حال دون تحديد طبيعة الأنواع الأكثر انتشارا، حتى وإن كانت الدراسات القليلة المتوفرة، تؤكد بأن المشاكل أو المعاناة التي يتعرض لها الجنين في بطن أمه، أو داخل قاعة الولادة في لحظات حياته الأولى، تعتبر عاملا رئيسيا في الإصابة بالمرض.
بهذا الخصوص، أكدت البروفيسور آسيا بولفخاد، أخصائية طب و جراحة الأعصاب بمستشفى قسنطينة الجامعي، بأن  نسب الإصابة بالصرع بين الأطفال الرضع زادت في السنوات الأخيرة، بسبب ظروف الولادة داخل المستشفيات، فالمعاناة التي يتعرض لها  الجنين، حسبها، تعتبر سببا رئيسيا لإصابته بالمرض، في ما يأتي عامل الوراثة في المرتبة الثانية، موضحة، بأن المواليد الذين يولدون لعائلات ينتشر فيها زواج الأقارب، يكونون أكثر عرضة لحمل المرض أو الإصابة به في مراحل عمرية جد متقدمة.
 و قالت الأخصائية، بأن العامل الرئيسي وراء التسبب في النوبة الأولى عند الرضيع، يكون إما ارتفاعا في درجة حرارة الجسم، أو قد يكون مرضا بسيطا كالتهاب اللوزتين مثلا، وعليه  يتوجب على الأولياء، حسبها، الانتباه جيدا لصحة صغارهم، و مراقبة أي عارض غير طبيعي خلال أول شهرين من ولادة الرضيع، و إلى غاية إتمامه 6 سنوات، مؤكدة، بأن إغفال حالته قد يتسبب في تأزيمها، لأن التكفل الفوري يعتبر ضرورة ملحة عند الإصابة بالنوبة الأولى التي يتوجب خلالها و عقبها التوجه مباشرة إلى المستشفى أو الطبيب عموما، لتحديد طبيعة الإصابة و نوعها و مباشرة العلاج، قصد تقليص مدتها و لما لا شفاء الحالة نهائيا، موضحة بأن النوبة العادية يجب ألا تتعدى ثوان إلى بضع دقائق، أما إذا تجاوزت خمس دقائق، فإن المريض يكون في حالة خطر، و قد يتسبب عدم التكفل الجيد به، في تأزم حالته و إصابة دماغه مستقبلا بأضرار عديدة .
  من جهة ثانية، دعت الدكتورة بولفخاد، الأولياء إلى تقليص مدة مكوث صغارهم أمام شاشات التلفزيون و الحواسيب و الهواتف النقالة، لأنها تعتبر من العوامل التي تحفز التعرض لنوبات الصرع، أما بخصوص العلاج، فقد أوضحت أن هناك نوعين، الأول يعتمد على الأدوية، أما الثاني فهو التدخل الجراحي المباشر و الذي قد يمس حتى المواليد الجدد.
20 بالمئة من الحالات تتطلب تدخلا جراحيا
من جانبه، أضاف البروفيسور حكيم لوكلو، رئيس  مصلحة طب الأعصاب بمستشفى باب الوادي بالعاصمة، و رئيس الرابطة الجزائرية للتكفل بمرضى الصرع، بأن الإصابات بالصرع عند الرضع تكون ناتجة عادة عن مشاكل الولادة، وسببها المعاناة التي يتعرضون لها خلال تلك اللحظات الذي يقضونها، إما داخل بطن الأم أو بعد خروجهم من بطنها مباشرة، و قد يكون السبب هو نقص الأوكسجين في الدماغ، أو التهاب ما بعد الولادة، وحسب الطبيب، فإن طبيعة التكفل الذي يحظى به الصغير داخل غرفة الولادة، هو الذي يمكنه أن يحدد سرعة تماثله للشفاء لاحقا، خصوصا إذا اكتشف الطاقم الطبي إصابته أو على الأقل رجح إمكانية إصابته بالمرض بين سن شهرين إلى سنتين .
و  المشكلة ، كما قال الأخصائي، تكمن في أننا في الجزائر، غالبا ما نغفل هذا الجانب في قاعة التوليد، وهو ما يصعب معرفة عدد الإصابات و احتمالاتها و يؤخر التكفل و العلاج، خصوصا في ظل انعدام كلي للإحصائيات و الدراسات المتخصصة، وعليه قد تم، حسبه، اقتراح إلزام الوصاية المصالح الطبية، و كذا أطباء أمراض  النساء و التوليد، بإعداد سجلات بهذا الخصوص لمراقبة صحة الحوامل و الأجنة، و ضبط تصور شامل و دقيق للوضع، قصد تحسن التكفل و تحديد الأنواع الشائعة و بالتالي توفير الأدوية اللازمة لعلاجها و بالكميات الضرورية و الكافية،
لأننا، كما قال، نعجز حاليا عن الفصل في ما إذا كان هناك ارتفاع فعلي في نسب الإصابة بالصرع بين الرضع، لغياب الإحصائيات و الأرقام، وهو ما يعزز الحاجة إلى فرض ثقافة صحية جديدة في المستشفيات، تعتمد على تكوين القابلات و رفع مستوى تكوين الأطباء كذلك، وهو مسعى بدأ العمل عليه قبل سنة، حسبه، بغية الإسراع في إعداد سجل وطني للمرضى الرضع.
عن الأسباب التي تقف خلف الإصابة بهذا المرض، أكد المختص، بأن المعاناة داخل غرف الولادة تعتبر عاملا رئيسيا، يأتي بعده  العامل الوراثي، مع ذلك فإن الانتقال الجيني للمرض يعتبر محدودا، إذ يكون الصرع في هذه الحالة، عارضا من أعراض أمراض جينية أخرى، و ليس حالة منعزلة في حد ذاته، موضحا في ما يخص العلاج، أن الاعتماد على الأدوية يعتبر توجها أوليا، حتى وإن كانت تسبب في معظمها تأثيرات جانبية مختلفة، مع ذلك فقد أثبتت المعاينات أن 70 بالمئة من  الرضع والأطفال الذين يخضعون للعلاج، يتحسنون و يشفون، بالمقابل هناك أنواع من الصرع لا تشفى، و تتطلب تدخلا جراحيا، وهي أنواع تصيب 20 بالمئة من الحالات، في ما توجد حالات لا يمكن أن تشفى لأن المرض يقاوم كل أنواع العلاج.
« ديباكين» يبقى أفضل علاج رغم المضاعفات
أما جراح الأعصاب الفرنسي أرنولد بيرابين، فقد كشف من جانبه، بأن 0.5 من المواليد و الرضع معرضون للإصابة بالصرع، لأسباب أصبح من الممكن توقعها و معرفتها مسبقا، من خلال تتبع حالة الحامل و قراءة التاريخ الصحي لعائلة الجنين، مشيرا إلى أن دواء « ديباكين» يبقى الأحسن من حيث النجاعة العلاجية، رغم أنه لا يصلح لكل الحالات، مع ذلك ، فإن له تأثيرات جانبية مختلفة ، منها الحساسية و تضرر الكبد، لكنه رغم ذلك يبقى الأقل ضررا ، مقارنة بأنواع أخرى.
وأشار الأخصائي، إلى أن تناول الحوامل المصابات بالصرع لهذا الدواء، يعتبر خطيرا، وهي قضية تثير جدلا في فرنسا منذ سنة، بسبب المضاعفات التي يسببها للأجنة من تشوهات خلقية « طفيفة»، و تأخر في نمو الدماغ، موضحا بأنه يتوجب على أطباء النساء، مراقبة الحوامل المصابات بالصرع بشكل جد دقيق، خصوصا في ما يتعلق بنمو الجنين عن طريق جهاز الإيكوغرافيا.
 هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى