شرفــة الـموت التي حولت عرسـا  إلى مأتم بقسنطينــة

لم تعد طلقات البارود و التسممات الغذائية تشكل وحدها هاجسا في الأفراح ، فقد  أصبح سقوط الشرفات من بين الحوادث التي يمكن أن تحول  العرس إلى مأتم، كما  حدث مؤخرا في عرس ببلدية حامة بوزيان في ولاية قسنطينة، أين سقطت شرفة كانت تعج بالنسوة لحظة وصول موكب العرس، ما تسبب في وفاة امرأة و بتر يد ثانية، فيما تعرضت أخريات لإصابات بالغة، على مستوى الفك و الكاحل و الأيادي. 

بعض السلوكات التي تكثر في الأفراح، قد تؤدي إلى عواقب وخيمة في مقدمتها الوقوف بالشرفات، و التي غالبا ما ينجم عنها وفيات بسبب طلقات البارود الطائشة، لم يحد من هذه العادة السيئة، فالملاحظ أنه وبمجرد قدوم موكب العرس ليلا تسارع النسوة و الفتيات للشرفات، لمشاهدته ، غير أن ذلك لم يمر بسلام في أحد الأفراح التي أقيمت مؤخرا ببلدية حامة بوزيان ، أين فضل العريس الاحتفال بلية العمر في فناء بيته،  بعد تزيينه بديكور مميز، غير أنه و بمجرد اقتراب الموكب ، أسرعت النسوة إلى شرفة صغيرة بالطابق الأول ، غير مدعومة بأعمدة إسمنتية ، لتنهار قبيل ثواني معدودة من دخول الموكب، فتعالت صرخات النسوة، بدل الزغاريد.
صاحب البيت
وجود عدد كبير من النسوة في الشرفة أدى إلى انهيارها
النصر زارت البيت الذي وقع فيه حادث سقوط الشرفة، و لاحظنا بأن ركام الآجر، لا يزال موجودا أسفل البناية و كذا الدعامة الأساسية للشرفة ، التي قال بشأنها صاحب البيت ، بأنها مبنية وفق المعايير المعمول بها،  لكنها لم  تتحمل وزن أكثر من 15 امرأة كانت موجودة بها، فانهارت، حيث تحطم جدار الشرفة و مالت القاعدة و ظلت موصولة بالبناية.
 و قال عن الحادث، بأنه كان سعيدا بزفاف ابنه و يستعد لاستقباله، عندما تفاجأ بسقوط النساء و الشابات على الأرض و صراخ البقية، لتتحول سيارات الموكب إلى سيارات إسعاف لنقلهن المصابات إلى المستشفى ، هي صورة قال بأنها من  المستحيل أن تمحى من مخيلته، مؤكدا بأنه لا يزال تحت وقع الصدمة.


فيما قالت العروس التي كانت جالسة أثناء وقوع الحادث بغرفة الاستقبال ، بأن كل الأمور كانت تسير على ما يرام ، لكن و بمجرد وصول موكب عريسها، حدث ما لم يكن في الحسبان، حيث رأت بأم عينها ما حدث، ليغمى عليها أمام عيون المدعوين، مؤكدة بأنها كانت ليلة سوداء بكل ما تحمله الكلمة من معنى و لا يمكن أن تمحى من ذاكرتها ، على حد قولها ، خاصة و أن زوجة أبيها من بين الموجودات بالشرفة و تعرضت لبتر ذراعها.
  قطعة آجر  تخترق كبدها  وتدخلها الإنعاش
إشراق فتاة في 16 من العمر، كانت من بين  ضحايا سقوط الشرفة، و تعرضت لإصابة في الكبد ، بعد اختراق قطعة من الآجر بطنها، لتصاب بنزيف دموي حاد استدعى نقلها إلى المستشفى، أين أجريت لها عملية جراحية استعجالية، ظلت بعدها لمدة ستة أيام في مصلحة الإنعاش، كما تعرضت لإصابة بالغة في العين بالإضافة إلى كسور على مستوى اليد المنى، و هي حاليا ببيتها العائلي بعد مكوثها 11 يوما في المستشفى.
تنقلنا لزيارة إشراق  ببيتها ، و هي لا تزال في فترة نقاهة و روت لنا تفاصيل الحادث قائلة ، بأنها لم تكن من بين الموجودات بالشرفة ، و إنما كانت جالسة بجوار والدتها عند باب شرفة غرفة الضيوف، حاملة هاتفها و تهم بالاتصال بوالدها، غير أنه و بمجرد انهيار الشرفة سقطت جل الجالسات عند بابها، موضحة بأنها لا تتذكر شيئا سوى لحظة الانهيار و سقوط امرأة فوقها ، لتدخل في غيبوبة لم تستفق منها إلا بعد 3 أيام من الحادث.


 فيما قالت والدة إشراق التي كانت هي الأخرى من بين ضحايا الشرفة ، لكونها كانت جالسة بجانب ابنتها، بأنها في ثوان معدودة سمعت صوت الانهيار و بمجرد استدارتها إلى الخلف سقطت، ما تسبب لها في إصابة على مستوى الفم و سقوط عدد من أسنانها الأمامية، مضيفة بأنها وجدت نفسها في الخارج إلى جانب ابنتها أمام الصخر الذي  كانت موجودة بالشرفة، إلا أنها لم تتعرض سوى لجروح بسيطة على مستوى الرجل، بينما ظلت إشراق على الأرض مغمى عليها،  ليتم نقلها إلى المستشفى، و أضافت بأن الأطباء أخبروها  بأن وضعها معقد للغاية، لكون النزيف كان حادا ، و لولا مشيئة الله و احترافية الجراحة بونعمون لفارقت ابنتها الحياة،كما أكدت، مشيرة إلى الأطباء وصفوا نجاة ابنتها من الموت بالمعجزة ، و تابعت بأنها عاشت فترة عصيبة للغاية و ضميرها ظل يؤنبها لأنها أرغمت ابنتها على الذهاب معها لحضور العرس.
ابنة إحدى الضحايا
والدتي تعرضت لإصابات بليغة أدت إلى وفاتها
سقوط الشرفة تسبب أيضا في وفاة سيدة في 52 من العمر و أم لستة أولاد، بعد 15 يوما من مكوثها في المستشفى، لكون الإصابة كانت بليغة، حسبما قالته لنا إحدى بناتها و هي لا تزال تحت وقع صدمة فراق والدتها التي خطفها القدر في لمحة بصر، على حد تعبيرها، مضيفة بأن والدتها كانت حالتها في البداية مستقرة  إلى أنها ازدادت سوءا في الأيام الأخيرة،  لتفارقهم تاركة فراغا رهيبا و صدمة كبيرة، مشيرة إلى أنها لا تتمكن من نسيان الحادث، خاصة  و أن مكان شرفة البيت تقع مقابل بيت أسرتها. الحادث خلف عديد الإصابات الأخرى، حيث تعرضت زوجة والد العروس لإصابات بليغة على مستوى اليد، استدعت بتر ذراعها، و أصيبت شابة في الكاحل و ثالثة على مستوى الفك ، كما أصيبت مدعوات أخريات لإصابات مختلفة  في مختلف أنحاء الجسم، ليكون بذلك هذا الحادث عبرة للكثيرين للالتزام بالحيطة و الحذر عند حضور الأفراح . 

  أ. بوقرن

الرجوع إلى الأعلى