دعــوة لإنشــاء مدرسـة لتكوين حرفييـن في النحــاس بالجزائـر
أكد الأستاذ أمين خوجة إدريس، مختص في حرفة النحاس بقسنطينة ، في محاضرة قدمها نهاية الأسبوع بدار الثقافة مالك حداد بقسنطينة، حول صناعة النحاس في الجزائر  و آفاقها المستقبلية ، بأن الحرفة في طريقها إلى الزوال، لكون الجيل الصاعد لا يولي اهتماما لها، داعيا إلى ضرورة إنشاء مدرسة خاصة، تضم أشهر الحرفيين  و المختصين للتكوين في هذا المجال، مشيرا إلى أهميتها في إنعاش القطاع الاقتصادي و السياحي .
الأستاذ المحاضر ، استهل محاضرته بالرجوع لأصل كلمة نحاس،  مؤكدا بأنها من أصل أوروبي نسبة إلى مدينة في بلجيكا اسمها «دينو»، أين اكتشفت هذه المادة المستخرجة من الأرض في حوالي القرن 14 ميلادي، موضحا بأن النحاس يستخرج  من الأرض على شكل تراب ، و بالضبط على مستوى المغارات، و كذا الأماكن المسطحة ، و يتميز بكونه مائلا للاحمرار ، و قد اشتهرت به عديد الدول كتشيلي و روسيا و إيطاليا و فرنسا و كذا الجزائر، مشيرا إلى أن الخبراء يستطيعون التوصل إليه و معرفته بعد إجراء التحاليل، و يتم التأكد من كونه نحاس نقي بنسبة 80 بالمئة و 20 بالمئة مواد أخرى ، حيث تذوب هذه المادة الأولية في فرن بحرارة 1800 درجة مئوية، لاستخراج نحاس خال من أي مادة أخرى، و يكون لونه أحمر، مفندا اعتبار البرونز كنوع من أنواع النحاس، وموضحا بأنه  مزيج من النحاس و الزنك و قد تم اكتشافه قبل النحاس الأحمر بفعل الأنشطة البركانية .
و عن اكتشاف مادة النحاس في الجزائر، قال المحاضر بأنها تعود إلى سنة 1910 و ذلك بعين بربر في ولاية عنابة ، و قد قام هناك بأبحاث لإعداد مذكرة تخرجه في تخصص علم المعادن سنة 1975، حيث توصل إلى موقع استخراج مادة النحاس و أخضع المادة الأولية للتحليل، و وجد أن 75 بالمئة منها نحاس ، مشيرا إلى أنه و عند اكتشافه في الجزائر،  أصبح يصدر إلى ألمانيا لتحويله إلى مادة مصنعة ، و هذا نظرا لنقص الإمكانيات محليا، ليتم استيراده  ، موضحا  في ذات السياق بأن حرفة النحاس دخلت الجزائر في العهد العثماني.
الأستاذ الذي يعتبر من أشهر حرفيي النحاس بمدينة قسنطينة ، تطرق بالتفصيل للتقنية التي يعتمدها الحرفي في الصناعة اليدوية للنحاس، مؤكدا بأنه يستعمل صفيحة النحاس و يقوم بالتخطيط عليها ، و يقوم بقطع الشكل الذي يريده باستعمال المطرقة الخشبية و كذا الحديدية و المدور، مع إبراز رموز قسنطينة في كل قطعة يصنعها ،  و هي مستخرجة ، حسبه،  من النبات و الحيوان و الأشكال الهندسية ، و تتمثل أساسا في السلحفاة و السمكة و الثعبان، و أوراق شجيرة الياسمين، بالإضافة إلى نجمة خماسية أو ذات ثمانية أضلاع، كما يبرز في صناعة النحاس القسنطيني ما يعرف ب»الزروف» الذي يستخدم في عدد من الأواني، من بينها «طاسة الحمام»، و كذا حراشف السمك.
محدثنا قال بأن حرفة النحاس في طريقها  إلى الزوال، و لم تعد متوراثة كما كانت في السابق، داعيا إلى ضرورة تأسيس مدرسة خاصة لتكوين الحرفيين الشباب، يؤطرها محترفون في صناعة النحاس، لنقل هذه الحرفة إلى الأجيال الصاعدة، نظرا لأهميتها البالغة و دورها الرئيسي و الفعال في إنعاش الاقتصاد الوطني و كذا السياحة ، كما تساهم في توفير مناصب شغل.
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى