أماني  تلميذة  من جيجل  تستعد للبكالوريا بعزيمة فولاذية  رغم الإعاقة
رفعت الشابة المكفوفة أماني بنت الطاهير بجيجل، تحديا لاجتياز شهادة البكالوريا في شعبة اللغات، و صنعت التميز و التفوق طوال مشوارها الدراسي، بمعدل سنوي يفوق 15 من أصل 20، فهي بنت قنوعة، صبورة، محبوبة و مجتهدة، تملأ المنزل فرحا، توصف بشعلة المنزل، من  أفراد عائلتها، فيما  رافقتها شقيقتها في صنع التحدي  و التفوق.
توجهنا إلى المنزل العائلي للشابة أماني بورادة ، بأولاد سويسي بالطاهير، و بعد بحث طويل عبر طرقات مهترئة، و شوارع تحولت إلى ورشات، ولدى وصولنا إلى منزلها العائلي، التقينا والدها.
العائلة من ستة أفراد، استقبلونا بكل فرح و سرور، وقد كانت أماني، فرحة لدرجة كبيرة، أول أسئلتها، كانت تتعلق بميدان الصحافة، و كيفية الالتحاق بمهنة المتاعب، بعد تبادل أطراف الحديث معها ، أخبرنا والدها ، بأن عائلته تتكون من أربعة أبناء، بالإضافة إلى زوجته، أماني و عبير، المقبلتان على امتحان شهادة البكالوريا، تخصص لغات، و هو التخصص الذي اختارته التلميذتان.
و قد أخبرتنا أماني عن قصتها، التي كانت عنوانا للتحدي و الأمل، الفتاة البالغة من العمر 20 سنة، تدرس سنة ثالثة ثانوي، تخصص لغات، تعتبر من فئة المكفوفين، و قد زاولت دراستها بشلغوم العيد بالمركز المتخصص، تتنقل أسبوعين بين ولايتي جيجل و ميلة، رفقة والدها، الذي أصبح افضل صديق لها، فعلاقتهما، تطورت، حيث أضحت تعتبره، كاتم أسرارها، المرافقة الأسبوعية للأب، طوال سنوات، جعله صديق السفر، بالنسبة لبنت، كانت تحلم أن تنجح في دراستها، إلا أن الحلم، أضحى يتحقق تدريجيا، حتى نالت شهادة التعليم المتوسط، و عادت أدراجها، لتزاول الدراسة، بثانوية لعبني أحمد بالطاهير، تقول الشابة» أتذكر جيدا، الصعوبات التي مررت بها، ليس من السهل، أن تكوني مكفوفة، و تدرسين خارج ولايتك، أو خارج بيتك، من الصعب أن تتحرر من الأمان الذي تعيش فيه، مجرد طفلة، مساعدة عائلتي، و الجو الجيد الذي قدم لي في المركز المتخصص بشلغوم العيد، جعلني صبورة، و أؤمن بالتحدي، حياتي كانت تحمل جزئيات جميلة، لكن كانت صعبة، و الحمد لله، مع مرور الوقت، صنعت التحدي، و وصلت دراستي، و سأقف أمام امتحان مصيري، عجز المئات الوصول إليه».
و أخبرتنا أماني، بأن أصعب مرحلة في دراستها، هي   الطور الثانوي ، حيث وجدت صعوبة في بداية   للتأقلم، إلا أنها كانت تؤمن بقضاء الله وقدره، وما شجعها هو أن  شقيقتها الصغرى عبير،  هي بمثابة العينين التي تبصر بهما، فقد كانت مرافقتها، و حارستها، و دافعت عنها كثيرا، عندما واجهت صعوبة مع بعض الأساتذة، و استطاعت عبير مثلما تسرد أماني  أن تغرس ثقافة الإدماج  في وسط العائلة التربوية بالثانوية، و الإيمان بقدرات شقيقتها، فقد توطدت العلاقة بينهما، فأصبحت تلازمها طوال ثلاث سنوات بالثانوية، و كانتا تدرسان مع بعضهما البعض، حيث كانت عبير تقوم بالقراءة بصوت مرتفع، و تتناقش مع شقيقتها أماني، التي تتميز بطاقة الاستيعاب و الفهم، و عندما تذكر عبير جملة، تحفظها مباشرة، فالله  أعطاها ميزة الحفظ و التذكر، وتقول عبير « شقيقتي، تتميز بموهبة خارقة، و المتمثلة في قدرة الاستيعاب و التذكر، فهي تجد سهولة كبيرة في مواد الحفظ، كما أنها تحفظ الأرقام، و بصراحة هي لم تتعبني كثيرا، فقد دعمتني كثيرا بوجودها رفقتي، طوال مرحلة الثانوي»، و أخبرتنا أماني بأن العديد من الأساتذة و الطاقم  التربوي، قدم لها الدعم اللازم، طوال مشوراها الدراسي، كما أن لوالدتها الفضل الكبير، فلولا حنان الأم و عطفها، لما حققت النجاح.
و أخبرتنا والدتها، بأن أماني، تعتبر شمعة المنزل، إذ لا يحلو بها، قائلة» أماني، علمتني الصبر، عندما كنت أضعف، أماني، جمعت شمل العائلة، بحبها و حنانها، فكلنا لها، و تعلمنا الصبر و الحب من أجلها، فزوجي لم يقصر في حقنا، جميعنا في البيت، أضحت تجمعنا الصداقة»، مضيفة بأن ابنتها، تعتبر بمثابة القدوة. و قد أخبرتنا أماني بأنها، قامت بالتحضير جيدا لشهادة البكالوريا، وقامت و كباقي زميلاتها، بإجراء الدروس الخصوصية في المواد الرئيسية على غرار الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، حيث كانت تعتمد عليها من أجل التحضير الجيد، و تركز على الفهم و الإستيعاب، فقد كانت تدرس جيدا في القسم، و تحاول جاهدة حل التمارين في الدروس الخصوصية، كما أنها وضعت برنامجا خاصا طوال السنة، يرتكز على المذاكرة ، و النهوض باكرا، بالإضافة إلى النوم باكرا، و دعت أماني الأشخاص في وضعية إعاقة إلى الصبر و المثابرة من أجل تحقيق النجاح، و الذي يتطلب كفاحا يوميا مع صعوبات الحياة، و أهم عامل التوكل على الله، و الإيمان به، فهو مزيل العقبات.                              كـ. طويل 

الرجوع إلى الأعلى