البكــالوريا تنعش سـوق منتجــات "الذكــاء و الذاكــرة"
مغنيزيوم أوميغا3، جيل فور ، نورو زان، ميموري إيد و  فلافونول و بوليفينول، جينكوسان و سوبرادين، كلها أسماء لمكملات غذائية تساعد على تقوية الذاكرة و تنشيط الدماغ، أصبح تلاميذ البكالوريا، يحفظونها أكثر مما يحفظون عناوين دروسهم، بعدما أدمنوها في الأيام القليلة التي سبقت تاريخ الاختبار الرسمي، في محاولة منهم لتدارك الوقت الضائع و الحصول على قوة سحرية تمكنهم من فهم و استيعاب الدروس في فترة وجيزة، و تحقيق نتائج مضمونة بفضل هذه المنتجات ، ما دامت تباع في الصيدليات، كما أنهم يعتقدون أنها لا تؤثر سلبا على الصحة، باعتبارها مستخلصات طبيعية، وهي مغالطة كبيرة، كما يؤكده مختصون يحذرون من الإفراط في تعاطيها ومن خطر إدمانها.
لا يقتصر البحث عن الحلول السريعة، على المنشطات و المكملات الغذائية، فهناك أولياء يدفعهم الهوس بنجاح أبنائهم، إلى إنفاق نصف مرتباتهم على الأطعمة و المأكولات التي يشاع بأنها مفيدة للذاكرة و محفزة للذكاء، على غرار الأسماك بمختلف أنواعها و المكسرات، و هناك من يسمحون لأبنائهم بتناول مشروبات الطاقة، ليتمكنوا من السهر ليلا للمراجعة.
المنتجات «بيو» موضة 2019
المتجول في  وسط المدينة يمكنه أن يلاحظ بوضوح تلك اليافطات الإشهارية التي تعلقها عديد الصيدليات على واجهاتها، و التي تخص منتجات تقوية الذاكرة و تعزيز الذكاء و غيرها من المكملات، التي تسجل ذروة الإقبال عليها خلال فترة الامتحانات، أما الجديد هذه السنة، فهو شعار المنتج الطبي وصورة النبتة التي أصبحت تميز تعليب غالبية هذه المركبات، لكسب ثقة الزبائن و تبديد مخاوفهم من الآثار الجانبية المحتملة للمنتجات الكيميائية، على اعتبار أن  «المنتجات بيو» أو المنتجات الطبيعية، تعد موضة 2019، كما يؤكد الصيدلاني بقسنطينة شمس الدين ،و  أوضح لنا بأن إقبال التلاميذ على هذه المنشطات  ملحوظ في الآونة الأخيرة، إذ يشكلون نسبة 50 بالمئة من زبائن صيدليته، علما أن معظمهم يتناولونها دون استشارة مختص، خصوصا و أن شراءها لا يتطلب وصفة طبية، كونها لا تصنف ضمن خانة الأدوية.
محدثنا، قال أيضا بأن هناك نسبة من الأولياء يشترونها لأبنائهم، بحجة مساعدتهم على التركيز و تحفيز ذاكرتهم أيام الامتحانات، علما       أن أول سؤال يطرحونه عند اختيارهم للمنتج هو تركيبته، إذا كان منتجا طبيعيا أو كيميائيا، ناهيك عن الاستفسار عن آثاره الجانبية، بالمقابل يكتفي آخرون، حسبه، بشراء المنتج و منهم من يكشف، بأنه من مستهلكيه أصلا، خصوصا المغنيزيوم.
من جهة ثانية نفى الصيدلاني، وجود أي دواء في العالم يعمل على تقوية الذاكرة وتحسين النشاط الفكري للإنسان، موضحا بأن الأمر يتعلق بمنبهات لا يزيد تأثرها عن تأثير القهوة أو الشاي، و بعض المسكنات البسيطة، منوها أن  المغنيزيوم يعد أحسن مكمل يمكن أن يقدم إضافة للجسم.
النجاح أولا والصحة
في الترتيب الأخير
خوف الطلبة من شبح النسيان، ورغبتهم في الانتقال إلى الجامعة، جعلهم يبحثون عن حل ليتمكنوا من السهر الطويل و تكريس كل وقتهم للمراجعة، ما يجعلهم يفرطون في استهلاك العقاقير التي تساعد على مقاومة النوم و تقوية الذاكرة في آن واحد.
 وائل ، تلميذ مقبل على اجتياز البكالوريا، قال بأنه و بعض زملائه يستعينون بكبسولات الطاقة و الذاكرة  منذ قرابة الأسبوعين، لمساعدتهم على التركيز و الحفظ معلقا « لقد نصحني بها أحد زملائي في الصف فساعدتني على التركيز أكثر، لا يهمني إن كانت مضرة، فأنا لن استهلكها لمدة طويلة ، الأهم بالنسبة إلي أن أنجح».
«المكملات ليست حلا
و الإفراط في استهلاكها
قد يخل بنمط التغذية»
يحذر الطبيب العام الدكتور طارق مشاطي ، من استهلاك هذه المنشطات، لما لها من تأثيرات جانبية خطيرة على القلب ، الكبد و الكلى، موضحا بأن استهلاكها  لأكثر من شهر، يؤدي إلى إدمانها ، كما يخلف مشاكل صحية خطيرة، قد تصل حد التعرض لأزمات قلبية مفاجئة،  لأنها تؤثر سلبا على كهرباء القلب و العقل.
كما أشار المتحدث إلى أن الإفراط في استهلاك الأدوية المنشطة و مركبات الذاكرة ، من شأنه أن يؤدي إلى نتائج عكسية ، لأنها تمنح شعورا خاطئا بالتركيز و النشاط ، فيما تعمل على تحريض العقل و الجسم بشكل مبالغ ،ما يشوش الدماغ و يدفع الجسم إلى استهلاك جزء هام من طاقته في وقت قصير، فيصبح بعد ذلك غير قادر على الاستغناء عنها .
من جهة ثانية، فإن تعاطي هذه المكملات، لابد و أن يكون، حسب الطبيب، محدودا و منظما بالنسبة للأشخاص البالغين، بالمقابل يتعين على الأولياء ، حسبه ، تجنب تقديمها لأبنائهم ، سواء كانت فيتامينات أو منشطات أو مقويات للذاكرة، مفضلا تعويضها بالغذاء الصحي المتكامل، لأن  تعاطي هذه المواد بشكل يزيد عن حاجة الجسم، قد ينجر عنه إدمانها، كما ستكون له انعكاسات سلبية مباشرة على النمط الغذائي و بالتالي على الصحة.
كما أن غالبية هذه المكملات ، مجرد تسويق للوهم، لأن بعضها عبارة عن ألياف و فيتامينات مركزة لا تضيف لمستهلكها الشيء الكثير، لكن الإشهار لها يجعلها تبدو كبدائل سحرية، علما أن هذا النشاط التجاري رائج في جميع دول العالم ، بما في ذلك الدول المتقدمة، و يستند مروجوه إلى تزايد الإقبال عما يعرف بالطب البديل.                     ن/ط

الرجوع إلى الأعلى