عادت الحركية بشكل ملحوظ هذه السنة إلى المعلم السياحي و التاريخي، نصب الأموات بقسنطينة،وهو موقع ساحر يتواجد بأعالي الصخر العتيق على بعد أمتار قليلة من المستشفى الجامعي، يمنح لزائره إطلالة بانورامية خلابة على المدينة و جسورها المعلقة، و يشعره بالحرية نظرا لعلو الموقع الذي تلفه الرياح من كل جانب باعتباره فضاء مفتوحا يتشكل من قوس يشبه قوس النصر الفرنسي، أما سر جمالية المكان فيكمن في تلك الخرافات التي ترتبط بقصة تمثال المرأة المجنحة الذي يعتلي القوس الحجرية.
شيد هذا المعلم التاريخي سنة  1934، على يد الفرنسيين، تخليدا لذكرى جنودهم الذين سقطوا في ميدان الحرب، و يمكن لزائره أن يستمتع بجماليته العالية التي تختزل في خصوصية قوس النصر التذكاري المستوحى  من هندسة قوس «تراجان» بتيمقاد، و المزين بتمثال لامرأة مجنحة تشبه طائرا يتأهب للتحليق، هو تمثل  ‹›نيك›› آلهة الانتصار عند الرومان، و جالبة الحظ السعيد، قطعة أثرية فنية فريدة اكتشف نموذجها الأصلي، بعاصمة الشرق في الفترة الممتدة ما بين 1940 و 1944، ويعتبر نصب الأموات، الواقع بمنطقة رابح لوصيف، أحد أهم المعالم الشاهدة على تاريخ مدينة سيرتا العريقة، و محطاتها الحضارية التي بإمكانك استحضارها كلما وقفت أمامه  لما يحمله من دلالات مختلفة، منها ما يتعلق بمعتقدات الرومان و منها ما يروي قصص ضحايا الحرب العالمية الأولى وكيف احتل العدو الفرنسي الغاشم أرضنا، واستغل رجالنا للدفاع عن أرضه، كما أن للمكان حميمية خاصة، وهو ما جعله حضنا للعشاق طيلة سنوات عديدة، كما يستمتع الواقف على سطحه الذي تشبه هندسته نصف الدائرة، بمشهد ساحر لمدينة قسنطينة يشمل تمثال منطقة الريميس و ثانوية رضا حوحو و الثكنة العسكرية خزنادار و ثمثال» سيدة السلام» المتواجد على اليمين غير بعيد عن المقبرة اليهودية و مسجد الإيمان.
  الموقع توجد على مستواه طاولة توضيحية تحوي  شروحات لمواقع المدينة وضواحيها، و إلى جانب كل ذلك فهو يحملك بعيدا عن ضجيج المدينة و صخب أبواق سيارتها و هتافات الباعة الذي يعلو المكان، و يوفر  للزائر  جوا يعمه السكينة و ينعشه هواء الصخر العتيق المنعش و يتيح له فرصة قضاء وقت ممتع رفقة العائلة و الأحباب، كما أنه محفز لعشاق الكتابة بحيث يأخذهم لعوالم الإبداع الأدبي و يتيح لهم فرصة للجلوس مع الذات.
هذا المعلم و بالرغم مما يتمتع به من مقومات تاريخية و سياحية ظل لسنوات مرتعا للمنحرفين حُرمت منه العائلات القسنطينية و سواح المدينة الذين منهم من تعرض للاعتداء على مستواه و منهم من  يكتفي بمشاهدته عن بعد، غير أنه و بعد عديد المناشدات التي وجهها السكان للسلطات المعنية تم تهيئته و تعزيزه بتواجد أمني  يسهر على توفير الأمن و السكينة لمرتاديه ، ليصبح الوجهة السياحية الأولى للعائلات الباحثة عن الراحة في مدينة تفتقر لمرافق الترفيه،  حيث يستقطب عددا كبيرا من الزوار خاصة في الفترة المسائية و الليلية ، حيث  يجدون فيه متنفسا يأخذهم بعيدا عن ضوضاء  المدينة ، كما يعتبر قبلة للعرسان أين يفضلون أخذ صور  تذكارية.  
نور الدين رب أسرة يقطن بحي الأمير عبد القادر ، أكد للنصر بأن المعلم أصبح وجهته الأولى، خاصة في فصل الصيف و عند الارتفاع المحسوس لدراجات الحرارة ليلا، حيث يصطحب أفراد عائلته وحفيدته، و يقصد المعلم مفضلا المشي بدل استعمال سيارته، لقرب المعلم من مقر سكناه، إذ يقضي متسعا من الوقت بفضائه، مؤكدا بأن مشكل الاعتداءات و انتشار المظاهر المشينة لم يعد مطروحا، بحيث تسهر عناصر الأمن المتواجدة بالمرفق على سلامة زواره، داعيا السلطات المحلية لضرورة توفير مرافق تلبي احتياجات قاصديه بتخصيص فضاءات لبيع المثلجات و المشروبات و أكشاك .  
أ  بوقرن 

الرجوع إلى الأعلى