يتربع التين الشوكي أو  ما يعرف باسم “ الهندي”، هذه الأيام على موائد التبسيين، لينافس أشهى و أغلى  الفواكه الموسمية، فلا تكاد تمر بشارع أو حي أو ساحة، إلا و يستوقفك الباعة بتلك العبارة، التي تتردد على المسامع خلال كل موسم،  وهي “الهندي والموس من عندي”، وهي عبارة  لها وقع خاص على الأذن و النفس معا، فهذه الفاكهة حررت الكثير من الشباب من البطالة، بعدما وجدوا في الإقبال المتزايد عليها من طرف المواطنين، فرصة للاسترزاق، ولو بشكل مؤقت، قد يوفر لبعضهم مصاريف الدخول المدرسي أو الجامعي، و يسمح لآخرين بادخار مبلغ مقبول.   
    فاكهة الهندي أصبحت هذه الأيام تنافس أشهى الفواكه الموسمية الأخرى، على مستوى كل ولايات الوطن، أين تختلف تسمياتها و تتعدد ، فهناك من يطلقون عليها اسم  “التين الشوكي”،  وهناك من يطلقون عليها اسم “كرموس النصارى” أو “التين البربري”، بالإضافة إلى تسميات أخرى، على غرار “الصبار”و” الهندي “، وإذا كان البعض ينظر إلى هذه الفاكهة على أنها خيار الطبقة الفقيرة، فإن شعبيتها وشهرتها اتسعت لتشمل الجميع مؤخرا، فالأسر التبسية على اختلاف مستوياتها الاقتصادية تزين موائدها بالتين الشوكي المنعش و اللذيذ، الذي يعشقه الكبار قبل الصغار، لتوفره على خصائص غذائية مفيدة و هامة.
«سلطان الغلة» دون منازع
إن إدراك التبسيين للقيمة الغذائية لهذه الفاكهة ، جعلهم يطلقون عليها تسمية «سلطان الغلة»، فهي ثمار مفضلة على باقي الفواكه الأخرى صيفا، و هذا الاهتمام جعل عمليات قطف الثمرة و بيعها تزدهر و تستقطب حتى الأطفال و الشيوخ، لأن ربحها مضمون في كل الحالات، خصوصا و أنها فاكهة صلبة تتحمل الحر و يمكن تخزينها لأيام دون أن تتلف، لذلك فإن الكثير من شباب الولاية و المناطق القروية القريبة منها، حولوا بيع « الهندي» إلى حرفة خلال الصيف، وهو نشاط لا يقتصر فقط على البطالين، ممن يجدون في هذا العمل فرصة للاسترزاق و ادخار القليل من المال، بل يشمل حتى التلاميذ و طلبة الجامعات، الذين يعتمدون على هذه المهنة الصيفية المؤقتة لتوفير مصاريف الالتحاق بالمدارس و توفير احتياجاتهم من ملابس و أدوات.
و بهذا لخصوص يقول عبد الرحمان ، رجل في الخمسينيات من العمر، متزوج وبطال، التقيناه على حافة إحدى الطرقات،  أين كان يعرض التين الشوكي للبيع، «ليست لي أية فرصة لتأمين مصروفي اليومي، الذي يساعدني على توفير احتياجات أسرتي الكثيرة، خاصة بعد شهر رمضان والعيد و حلول الدخول المدرسي ، لذلك قررت أن أعمل كبائع متجول، لكي أوفر مصاريف الأدوات والكتب المدرسية لأبنائي، و لأنني لا أملك رأس مال يمكنني من اقتناء سلعة أو بضاعة أخرى، فقد اخترت بيع التين الشوكي لأنه مجاني و ينمو في أرض الله الواسعة، رغم أنها تجارة متعبة، فقطف هذه الثمار يتطلب الاستيقاظ باكرا و الصبر على أشواكها و الجلوس تحت الشمس طيلة النهار لبيعها».
 و الجميل في تجارة هذه الفاكهة، هو أن بعض الباعة مستعدون لتقشير الثمار و تحضيرها للزبون مسبقا، مقابل مبلغ إضافي قد لا يتجاوز 100دج، وقد يدعوك بعض التجار إلى تذوق الفاكهة قبل شرائها ، و هو ما يخلق حركية دائمة على مستوى الطرقات، أين تنتشر طاولات بيع الهندي ، جنبا إلى جنب مع طاولات الذرة المشوية، في مشهد يشجع العائلات على التوقف على حواف الطرقات للاستمتاع بخيرات الأرض، رغم أن طبيعة هذا النشاط تبقى فوضوية وغير مقننة.
لتجهيز فاكهة الهندي يحتاج البائع إلى قفاز بلاستيكي، يحميه من الأشواك الدقيقة وإلى سكين صغير، وأحيانا إلى دلو صغير من الماء، يرش به الثمار بين الفينة والأخرى، لوقف تطاير أشواكها، خاصة مع هبوب الريح، و يتحدد ثمن الفاكهة، حسب حجم وجودة وكمية الفاكهة الموسمية .
 استثمارات في زراعة الهندي بالمناطق الحدودية
النصر تحدثت مع الباعة في بئر العاتر حول مصدر الفاكهة ، فأخبرونا بأنها نبتة عشوائية تنمو في المناطق المقفرة والمهجورة وتباع في الأسواق للمواطنين، بينما نفى البعض الآخر ذلك، مؤكدين  وجود مزارع خاصة بالتين الشوكي عبر مختلف بلديات ولاية تبسة، خاصة على مستوى مناطق الشريط الحدودي كمنطقة المزارة وعقلة أحمد والرق  وأم علي  والكويف والمريج وغيرها من المناطق، التي يزرع فيها الهندي بطريقة مدروسة للحصول على نوعية جيدة ، كما أن هناك صنف يعرض  في الجزائر، لكنه ينمو في تونس يتميز بلونه المائل إلى الاحمرار، ويعرف إقبالا كبيرا من طرف المواطنين، لاسيما هندي منطقتي   فوسانة و وتالة  التونسيتين الحدوديتين، نظرا لجودته و مذاقه الحلو .
ع.نصيب

الرجوع إلى الأعلى