مثّلت الشابة القسنطينية سلسبيلة جغار، الجزائر مؤخرا في مؤتمر الأمم المتحدة حول برامج الإنماء في العالم، وكانت الوحيدة التي تم اختيارها على المستوى الوطني لتتحدث باسم الجزائر، بفضل سيرتها الذاتية الثرية و التي تعكس وجها مشرقا عن عينة
من الطلبة الجزائريين الذين رفعوا المستوى عاليا، بفضل جمعهم بين التكوين الأكاديمي و التكوين الذاتي.
خريجة  مدرسة الدراسات العليا للتجارة بالقليعة، و هي من مواليد 1995، كانت في شهر أوت الماضي المتحدثة الوحيدة باسم الجزائر في النقاش العالمي  حول نموذج الإنماء الخاص بالأمم المتحدة الذي احتضنته ماليزيا، لاقتراح و مناقشة حلول لمشاكل الدول، وهي محطة وصلت إليها عن طريق عملية انتقاء صارمة، حيث خاضت تصفيات إلكترونية مرت خلالها بعدة مراحل،  وكانت من بين الشباب الأجدر بالمشاركة في الحدث، بالنظر إلى مؤهلاتها، فبالإضافة إلى شهادتها الجامعية، تتقن سلسبيلة ثلاث لغات بطلاقة، بينها الإنجليزية، اللغة التي اختيرت لإدارة الحوار خلال الحدث.
كما سبق لها و أن افتكت منحة « رونو»،  لدراسة الماستر بجامعة القديس يوسف ببيروت، لبنان، أين تعتزم التخصص لمدة سنتين تقريبا في مجال أمن الطرقات، كما سبق  لها و أن اشتغلت كمحررة في  الموقع الإلكتروني لصحيفة «ليبيرتي» في وقت سابق.
مشروعي طريق صحراوي لتحقيق التنمية في دول الساحل
 تقول سلسبيلة  « بعد تصفيات عديدة، تم اختياري لتمثيل الجزائر في هذه التظاهرة الفكرية و العلمية العالمية  التي احتضنتها ماليزيا  شهر أوت الماضي، بعد كل من الولايات المتحدة الأمريكية و  تركيا و أستراليا و  الهند و  إسبانيا و روسيا و مصر و المغرب، و هي عبارة عن مناقشات يشارك فيها سفراء من عديد الدول، لاقتراح حلول لمشاكل التنمية و العمل على دراستها و تفعيلها، وقد اخترت الحديث عن موضوع صمود شباب دول الساحل و المساهمة الفعالة للجزائر في تنمية هذه المنطقة، من خلال ضخ ما يعادل 100مليون دولار، على مدار سنوات، لحل مشاكل المنطقة، واقترحت إنجاز طريق عابر للصحراء يربط بين  ست دول هي، الجزائر، تونس، النيجر، نيجيريا، التشاد و مالي، حيث تسمح لشباب هذه  الدول بالوصول المباشر للبحر الأبيض المتوسط، و تسهل عليهم العمليات التجارية و تحسن ظروفهم المعيشية، و هو مقترح لاحظت بأنه  حظي باهتمام الكثير من المشاركين في النقاشات، و ثمنه ممثلو إفريقيا و حتى القارات الأخرى».
 محدثتنا قالت، بأنها لاحظت كذلك خلال تواجدها في ماليزيا ضعف المشاركة الجزائرية في الحدث، مقارنة بدول الجوار، على غرار تونس و المغرب اللذين مثلهما من 10 إلى 15 شابا و شابة، بالمقابل فإن تمثيل الجزائر اقتصر عليها.
و أرجعت الأمر إلى ضعف تكوين الطالب الجزائري،  لسببين أولهما انحصار ثقافة التكوين الذاتي و ثانيهما نقص أو انعدام الإمكانيات في الجامعات، حيث اعتبرت نفسها محظوظة لأن تكوينها في مدرسة عليا، سمح لها بالاستفادة من العديد من المزايا التي مكنتها من النشاط بشكل موسع في النوادي الفكرية، أين دأبت على تنظيم نشاطات و فعاليات مختلفة تعنى بالشأن الاجتماعي و الاقتصادي و الطلابي، وهكذا تعلمت إدارة الحوارات، كما أن الأمر سهل عليها الاحتكاك بالممولين و المساهمين، و أكسبها خبرة في طريقة إقناعهم و منحها الفرصة لتنشيط فعاليات ضيوفها من الشخصيات الهامة و المثقفين المغتربين و غيرهم.


التكوين الذاتي قاطرة العبور نحو ضفة النجاح
 سلسبيلة أكدت أنها تعتبر التكوين الذاتي أهم سبيل للنجاح، وهو ما دفعها للاجتهاد لتكون دائما ضمن الأوائل على دفعتها في المدرسة العليا للتجارة، و تتمكن من التحكم في اللغة الإنجليزية، الأمر الذي منحها فرصة السفر إلى تركيا للعمل في مجال التسويق الفندقي، فتعلمت أيضا الاستقلالية و الاعتماد على النفس، قبل أن تقرر تأجيل الحلم المهني، لاستكمال المسار الأكاديمي و إنهاء ماستر «رونو» في بيروت.
بين التنمية و السياسة خيط رفيع
 مع ذلك فإن مشاركتها، في برنامج الأمم المتحدة، كان تجربة هامة على الصعيد الشخصي و الإنساني، فقد سمحت لها، كما عبرت،  بالتعرف على دول كانت تجهل وجودها، كما أنها وسعت نطاق اهتماماتها و كشفت لها عن وجه آخر للعالم الذي نعرفه، وهو ما ضاعف رغبتها في العمل من أجل الكينونة كعنصر دائم و فاعل في برنامج الأمم المتحدة للإنماء في الجزائر، وهو مشروع تحلم بأن تلتحق به فعليا و بشكل رسمي، كما فتحت هذه التجربة عينيها على آفاق أخرى، قد تشمل السياسة مستقبلا، خصوصا في ظل إلحاح أفراد من عائلتها لتخوض التجربة و توسع من نطاق مساهمتها في تغيير راهن الوطن.
الانتماء ثقافة و فكر
 ما ميز مشاركة سلسبيلة جغار، في الحدث الأممي، هو الزي التقليدي الذي ارتدته في آخر يوم من النقاشات، حيث اختارت أن تطل بشكل مغاير يميزها ثقافيا عن باقي المشاركين من شباب العالم، و يعرف أكثر ببلدها و يعبر عن هويتها، وهي خطوة مهمة في مثل هذه المحافل الدولية، لأنها تسلط الضوء على التراث الثري الذي تزخر به الجزائر، و الذي يعد استغلاله بشكل جيد وجها من أوجه التنمية التي تنصهر فيها كل المفاهيم الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية.
 هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى