يحضر الجيجليون عادة طبق «بويشة»، احتفاء بحلول عاشوراء،  لكن يبدو بأن ارتفاع أسعار المواد الأساسية التي تدخل في إعداده و ندرتها، حرمت العديد من العائلات من الاستمتاع به، فلم يعد طبق الفقراء، كما كان يطلق عليه، إذ تبلغ تكلفة الكيلوغرام الواحد من هذه الأكلة التقليدية 600 دج.
المحلات التجارية هاته السنة، وعلى غير العادة، لم تتزين بالتمور و السميد الخشن، الذي يدخل في تحضير أكلة «بويشة»، عكس السنوات القليلة الماضية، حيث أنه عند اقتراب عاشوراء، تعلق جل المحلات لافتات كتب عليها « سميد بويشة موجود»، أو « تمر بويشة بسعر منخفض».
برر أصحاب المحلات التجارية، غياب المواد الأساسية لتحضير أكلة عاشوراء، بغلاء الأسعار لدى تجار التجزئة، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من الدشيش « السميد الخشن» إلى 80 دج، أما سعر الكيلوغرام من التمر الجاف، فقدر بـ 100 دج، و هي الأسعار التي تعتبر مرتفعة ، بالنسبة للعديد من العائلات المحدودة الدخل و الفقيرة.
أوضح صاحب محل تجاري بوسط المدينة،  معروف منذ القدم، ببيعه للتمر و الدشيش، بأنه فضل عدم المغامرة، بشراء التمر الجاف، لأن سعر الجملة مرتفع كثيرا، و في حالة جلبه، يخشى عدم إقدام العائلات على شرائه، مشيرا إلى  أن العائلات الفقيرة و المتوسطة، كانت تداوم على شراء لوازم إعداد الأكلة التقليدية، التي كانت تعتبر اقتصادية و صحية، و كانت أسعار مكوناتها في ما مضي، في متناول الجميع، حيث كانت العائلات، تقتني كمية كبيرة من السميد و التمر، لتعد الطبق، الذي يكفيها لفترة زمنية طويلة، مضيفا أن المشكل الآخر المطروح، يتمثل في ندرة مادة التمر.
و قال مواطنون للنصر، بأنه من غير الممكن، اقتناء التمر و السميد الخشن، لإعداد الأكلة، نظرا لارتفاع أسعارها، مشيرين إلى أن إعداد كيلوغرام من «بويشة»، تكلفته 600 دج، فسعر الكيلوغرام من السميد يقدر بـ 80 دج، و سعر التمر الجاف يقدر بـ 100 دج، مع إضافة ما يقارب نصف لتر من الزيت، و الذي يقدر سعره بحوالي 400 دج، مؤكدين أن الظروف المعيشية الحالية لا تسمح للعديد من العائلات بإعداد الأكلة المحلية، خاصة و أن عاشوراء تزامنت مع الدخول المدرسي الذي أثقل كاهل العائلات، أما العائلات التي ستقوم بإعدادها فستكتفي بكميات قليلة فقط.
التحضير يتطلب ثماني ساعات
طرق  تحضير الطبق تختلف حسب ربات البيوت ، كما قالت لنا المختصة في الطبخ المحلي عبدي زهيرة، فالمناسبات الدينية، تمتد مع بعضها البعض، و حتى العادات المختلفة ترتبط في ما بينها، و أضافت « تحتفظ النسوة عادة بأمعاء أضحية العيد ، بعد غسلها و إضافة الملح لها، ليتم استعمالها في إعداد طبق بويشة، و عند حلول موعد تحضيرها ، أي  يومين قبل عاشوراء ، يتم إعداد الأكلة، حسب عدد أفراد العائلة ، بمزج كمية من السميد الخشن و نفس الكمية من التمر الجاف المنزوع النواة و يشكلان ضعف مقدار زيت الزيتون المستعمل ، مع الملح و الماء. بعد ذلك يتم حشو الأمعاء المجففة و المملحة بالمزيج، ليتم طهيها».
و أكدت المتحدثة أن طريقة التحضير المذكورة تقليدية، و لم تعد ربات البيوت تحافظن عليها ، حيث تم استبدال أمعاء الأضحية ، بأوعية أخرى مثل القارورات البلاستيكية أو الحديدية،  مع الحرص على عدم ملئها بالكامل ، كما أن مدة الطهي أصبحت أطول تصل إلى حدود  8 ساعات ، و اعتبرت هذه الطريقة غير صحية قد تتسبب في مضاعفات خطيرة لمن يتناولها.
المهتمون بالتاريخ:  
طبق بويشة ليس تركيا أو انجليزيا
قال للنصر جمال حاجي، المهتم بالتاريخ و التراث المحلي، أن أصول الأكلة الشعبية التي تختص بها مدينة جيجل، دون غيرها من المدن، جيجلية مئة بالمئة، و معروفة بالمنطقة منذ القدم،  نافيا ما روج حول أصولها الإنجليزية، عندما حل الإنجليز بجيجل سنة 1942، لأن الأكلة كانت موجودة قبل ذلك التاريخ عند سكان الجهة.
أما في ما يتعلق، بجهات أخرى تدعي أن أصولها تركية، قال المتحدث، « من يقول بأن أصلها تركي، أقول لهم إن الأتراك لم يدخلوا إلى جيجل فقط، بل كانوا متواجدين عبر ربوع الوطن، فلماذا لم نجد لهذه الأكلة أثرا عبر مختلف المدن؟»، و أضاف المتحدث، أن الأتراك لا يملكون التمور كفاكهة معروفة، و هي مكون أساسي لطبق بويشة، مشددا أن الأكلة شعبية محلية، يختص بها سكان جيجل فقط.
كـ. طويل

الرجوع إلى الأعلى