فنانون و منقبون عن الذهب يجالسون البحر في سبتمبر
يفضل العديد من المواطنين التوجه إلى البحر في شهر سبتمبر، و أغلبهم من عشاق الهدوء و النسمات الأولى للخريف ، في حين يزوره آخرون لمآرب أخرى كالنحت على الرمل و انجاز تحف فنية تثير الدهشة و الإعجاب أو المطالعة، بعد أن ينصرف المصطافون إثر انتهاء موسم العطل و حلول الدخول الاجتماعي.
في جولة سبتمبرية للنصر إلى شاطئ الأندلسيات بوهران، وجدنا أصحاب المظلات والطاولات لا يزالوا يعرضون لوازم البحر، و ينتظرون زوار البحر هذا الموسم، مؤكدين أنهم كثيرون و أغلبهم ممن يعشقون البحر في هذه الفترة، سواء من أجل السباحة أو للاستمتاع بمناظر الأمواج و الراحة و الهدوء،و منهم من يقبل على  المطالعة أمام البحر، و هو الأمر الذي يصعب عليهم في موسم الاصطياف، بسبب الضجيج والتدفق الكبير للمصطافين على الشواطئ، فلكل هوايته مع أولى نسمات الخريف.
«عمي الإسباني»نحات يجعل الشاطئ ينطق فنا
أثناء جولتنا في الشاطئ، صادفنا شخصا جالسا تحت مظلته في مكان بعيد عن مياه البحر، فوق رمال كانت تروي قصص من مروا بها على مدار الصيف، و تجسد إبداعات أنامله الذهبية.. كان الرجل يجلس وسط دائرة رملية تحتضن تحفا فنية غاية في الجمال و الدقة، من القلعة التي ترمز للحصون التي كانت تنجز قرب البحار لصد العدو، إلى بعض الحيوانات البرية، مثل التمساح و الفيل، إلى تمثال «ملك البحر» أو «حارس البحر»، كما يطلق عليه «عمي الإسباني»، الفنان النحات الذي كان حديثه معنا مقتضبا، اقتصر على شرح كيفية إنجازه للمنحوتات الرملية.
قال لنا الفنان أنه في البداية يجمع كمية من الرمال، حسب الشكل الذي ينوي نحته، ثم يعمل، وفق تقنية خاصة به، على جمع الرمال و جعلها تبدو متماسكة و صلبة، حتى تصبح تشبه الصخور، لتصمد أثناء النحت و تأخذ الشكل المرغوب فيه.و أضاف المتحدث أنه مختص في مثل هذه المنحوتات التي يستغلها للحصول على دخل موسمي، لأن كل مصطاف أو زائر يعرض عليه التقاط صور أمام تلك التحف الفنية ، ثم يترك له إذا شاء مبلغا ماليا ، حسب إمكانياته، لأن «عمي الإسباني» لا يحدد أي مقابل مادي، فالزبون حر في دفع ما يريد أو حتى عدم الدفع ، فمتعة هذا الفنان تكمن ، على حد تعبيره ، في جعل الشاطئ ينطق فنا، رغم استيائه من وضعية الفنان في بلادنا، معتبرا الهجرة هي الحل، مشيرا إلى أنه جربها من قبل، خاصة نحو إسبانيا التي مكث بها سنوات، ثم عاد لأرض الوطن،  فأطلق عليه اسم «الإسباني» ، لكونه يتقن اللغة الإسبانية، و في نهاية لقائنا بالفنان، قال لنا أنه سيحطم تصاميمه، و يعيد الرمال لوضعها الطبيعي قبل المغادرة نحو وجهة أخرى.
مسح للرمال بحثا
عن «الكنوز»
واصلنا جولتنا عبر الشاطئ، فالتقينا بشخص يسكن غير بعيد عن المكان، تجاذبنا أطراف الحديث ، فحدثنا عن نوع آخر من المصطافين في سبتمبر، إنهم ،حسبه، «المنقبون عن الذهب و الأشياء الثمينة»، حيث ينتشر هؤلاء الأشخاص عبر الشواطئ بعد انتهاء موسم الاصطياف، ليقوموا بمسح شامل للرمال، بحثا عن حلي ذهبية تكون قد ضاعت من مصطافين عجزوا عن البحث عنها وسط أكوام الرمال، و قد يلجأ هؤلاء لاستعمال أجهزة و معدات خاصة، تسمح لهم بالتقاط أكبر قدر من المعادن الضائعة في الرمال،  أو يبحثون عنها بطريقة يدوية زحفا على البطون، ليسترزقوا على طريقتهم في نهاية موسم الاصطياف.
 بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى