كشفت حملة تحسيسية واسعة حول مخاطر الاستعمال الخاطئ للغاز،  قادت مصالح الحماية المدنية و سونلغاز و التجارة   إلى المدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، عن الكثير من الممارسات الخاطئة و الطرق غير الآمنة التي تعود المواطنون عليها في استعمالهم لمختلف الأجهزة، كالتوصيلات العشوائية و   عدم تصليح التسربات القديمة و غيرها، رغم أنها تعرضهم و أفراد عائلاتهم إلى الموت، اختناقا بغاز أحادي الكربون،  ما أعاد إلى أذهاننا حوادث الغاز و صور ضحاياها خلال المواسم الفارطة.
لاحظنا خلال الجولة الاستطلاعية التي قام بها أعوان المصالح المذكورة بالوحددة الجوارية رقم 20 أن  توصيلات الغاز غير  مطابقة للمعايير مع وجود   تسربات  غازية في أغلب الشقق التي زرناها ، مع وجود استخفاف و لامبالاة  من السكان بخطورة الوضع، و اللافت أن أكثر ظاهرة تطغى هي التوصيلات البلاستيكية للمدافئ ، رغم أنها غير آمنة و سريعة التلف، و النتيجة حدوث الكثير من التسربات الغازية التي اكتشفها أعوان الحماية المدنية و سونلغاز خلال الحملة التحسيسية،   و اعترفت  ربة بيت أنها لاحظت تسرب الغاز بمطبخها منذ أكثر من سنة، و اكتفى زوجها باستخدام قطعة من البلاستيك لربط مكان التسرب مع غلق  صنبور الغاز مباشرة بعد الانتهاء من إعداد الطعام.
و أثار هذا التصرف غير المسؤول استغراب و غضب المشاركين في القافلة التحسيسية، لأنه يعرض حياة كل أفراد العائلة للموت اختناقا بالغاز. و بإحدى الشقق بالطابق الأول لنفس العمارة، يقيم   زوجان طاعنان في السن، انبعثت رائحة الغاز بقوة و تبين للأعوان أن مصدرها أنبوب موقد النار، و علق صاحب البيت أنه على علم بهذا التسرب، لكن كبر سنه حال دون تمكنه من تصليحه،  لهذا يترك نوافذ المنزل مفتوحة للتخلص من الغاز، كما يعتقد.
مرصص واحد لكل سكان الحي
تباينت ردود السكان حول الأخطاء الكارثية التي رصدها الأعوان في توصيل الأجهزة الغازية و في مقدمتها المدفأة، فهناك من قال أنه قام بتوصيلها بمفرده رغم أنه لا يعرف شروط الأمان، و قال آخرون أنهم لجأوا إلى المرصص، ليتضح أن مرصصا واحد لجأ إليه أغلب السكان، و علق  أعوان سونلغاز أنه غير مؤهل، لأن طريقة الربط خاطئة و المواد المستخدمة غير آمنة، كما أن تثبيت القنوات في الجدران لم يتم بشكل صحيح. و قال أحد السكان أن المرصص كهل في الخمسينات، يمارس هذه الحرفة منذ سنوات دون أن يخضع لأي تكوين، و علقت المكلفة بالإعلام و الاتصال بمديرية سونلغاز وهيبة تاخريست، أن المواطنين غالبا ما يقعون ضحية هذا النوع  من المرصصين غير المؤهلين، و تنصح الجميع بعدم اللجوء إلى أي مرصص لا يحمل شهادة تكوين في التخصص، إلى جانب شهادة تأهيلية تمنحها له مؤسسة سونلغاز تضمن له تكوينا دوريا حول التقنيات الحديثة الآمنة المستخدمة في تركيب و توصيل الأجهزة، سواء الغازية أو الكهربائية .
سخان الماء .. القنبلة الموقوتة داخل المنازل
خلال الحملة لاحظنا أن الكثير من سكان هذه العمارات لا يولون أهمية لسخان الماء و طريقة توصيله، و كذا الشروط التي يجب أن تتوفر به عند اقتنائه، رغم أنه يحتل المرتبة الأولى بين الأجهزة الغازية القاتلة التي راح ضحيتها السنة الفارطة عدة أشخاص بالمدينة الجديدة علي منجلي و غيرها.
 و أكد الأعوان أن طريقة استخدامه و تركيبه غير آمنة في أغلب الحالات، خاصة في ما يتعلق بالقناة الطاردة للغاز التي لا يتم تثبيتها  بإحكام و لا يوليها السكان أية أهمية ، في حين تعتبر المصدر الرئيسي لانبعاث  غاز أحادي أكسيد الكربون داخل المنزل، دون أن ينتبه له أحد لأنه عديم الرائحة ، لكن يقتل في أقل من نصف ساعة، كما أن بعض السكان يستعملون مسخنات ماء لا تحتوي على القناة الطاردة للغاز، خطرها يكون مضاعفا .
 و اعترف أغلب السكان أن المعلومات التي قدمها لهم الأعوان في إطار جولتهم التحسيسية فاجأتهم لأنهم لا يعرفونها أصلا ، و استفادوا من النصائح و الإرشادات التي قدموها لهم حول الاستخدام الآمن للأجهزة الغازية، إضافة إلى الشروحات حول الطريقة الفعالة و المضمونة لتنظيف المدفأة، بعيدا عن الطرق التقليدية كغسلها بالمواد المنظفة والكاشطة التي قد تلحق أضرارا لا تظهر  للعيان، لكنها تعتبر من الأسباب الرئيسية لتسربات الغاز.
  خزانات العدادات تتحول إلى أمكنة للخردة

يلجأ الكثير من قاطني عمارات الوحدة  الجوارية 20 بالمدينة الجديدة علي منجلي على غرار الكثير من سكان العمارات الأخرى، إلى استغلال خزانات تجميع عدادات الغاز و الماء، لوضع أدوات ولوازم مختلفة ، في تصرف غير حضاري يحمل الكثير من المجازفات، كما  أكد أعوان الحماية المدنية و سونلغاز، حيث أن هذه الخزانات أمكنة حساسة قد يؤدي استغلالها  الخاطئ إلى وقوع حوادث خطيرة في العمارات.
 ولاحظنا أن بعض السكان حولوها إلى مكان لوضع الخردة و مواد البناء،كما يتم  تعليق أكياس الرمل و الإسمنت فوق العدادات، ما قد يؤدي إلى تلفها و بالتالي حدوث تسربات غازية قد ينجر عنها انفجار المكان ، و المؤسف أن هذه الممارسات تتكرر في كل العمارات التي توجهنا إليها ، فطلبت ممثلة سونلغاز من السكان المعنيين الإسراع في إفراغ الخزانات و عدم استغلالها مرة أخرى .
الحملة التي ستتواصل طيلة فصل الشتاء، أثبتت استهانة عدد كبير جدا من المواطنين بمخاطر الغاز الذي يحصد سنويا العشرات من الأرواح، فقد كانت الحصيلة ثقيلة السنة الفارطة في ولاية قسنطينة، حيث سجلت وفاة ستة أشخاص و اختناق أزيد من 170 آخرين، و جل الحوادث بسبب تسربات الغاز من المدفأة أو جهاز تسخين الماء.
و ما وقفنا عليه في الوحدة الجوارية رقم 20 بالمدينة الجديدة علي منجلي، من ممارسات خاطئة، ما هي إلا عينة صغيرة عما هو موجود في المنازل الأخرى، ما دفع بالقائمين على القافلة التحسيسية إلى التشديد إلى اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية لتجنب حوادث الاختناق، و الإسراع في الصيانة و تصليح كل خلل أو عطب يرصدونه في الأجهزة الغازية على يد أشخاص مؤهلين .
هيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى