شكل الصالون الوطني الأول للجبن التقليدي الذي احتضنته الغرفة الوطنية للفلاحة بقصر المعارض الصنوبر البحري بالعاصمة في نهاية الأسبوع، و أشرفت على تنظيمه الجمعية الوطنية للمنتجات الأصلية، فضاء للم شمل المنتجين المتخصصين في هذا المجال عبر مختلف ربوع الوطن، بمشاركة 22 عارضا من 11 ولاية، من بينها أم البواقي، تيبازة، العاصمة و ولايات أخرى، حيث قدم العارضون أنواعا عديدة من الأجبان التقليدية التي أبهرت الزوار الذين أكد معظمهم للنصر بأنهم يشاهدونها لأول مرة،  لأنها غير متوفرة بمختلف المحلات والفضاءات التجارية.
منتجات جزائرية بجودة سويسرية
المنتجون قالوا للنصر، أن الإقبال على الأجبان التقليدية لا يزال محدودا، و معظمها غير معروفة بالنسبة للغالبية العظمى من الزبائن، حيث أوضحت السيدة دكاري فاطمة الزهراء ،المتخصصة في تربية الماعز و صناعة جبن الماعز بولاية تيبازة منذ سنة 2013، أنها تحضر الجبن الطبيعي على الطريقة التقليدية، دون إضافة أي مواد حافظة مصنعة، بل تعتمد في حفظ منتوجها على الليمون فقط، إلا أن إنتاجها يبقى محصورا بين زبائن يقدمون لها طلبيات مسبقا للحصول على ما يريدونه من جبن.
و أضافت المتحدثة أن استهلاك الأجبان المصنعة بطرق تقليدية في الجزائر، لا يزال قليلا جدا، فالفرد الجزائري يبحث عن منتوج منخفض الثمن يشبع احتياجاته اليومية، دون أن يعي القيمة الغذائية والفائدة الصحية للمنتجات الطبيعية ذات الجودة العالية، خاصة جبن الماعز الذي يستهلكه البعض اليوم كعلاج، في حين يعتبر  وقاية أكثر من كونه علاجا، و هو ما يجب أن يستوعبه المستهلك الجزائري، حسبها، و بالرغم من أنها صناعة قليلة و استهلاكها أقل، إلا أن الأطباء و أخصائيي التغذية، يسعون في السنوات الأخيرة لإبراز أهمية الغذاء الطبيعي الصحي، و هو ما اعتبرته نقطة إيجابية من شأنها أن تدعم المنتوج الذي قالت بأنه يلقى الدعم من طرف مصالح الفلاحة.
و عن سبب عدم توفر مثل هذه المنتجات على مستوى مختلف المحلات و المراكز التجارية عبر الوطن، أوضح أحد مسيري ملبنة “فاميلي شيز” بأن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى عدم استعمال مواد الحفظ المصنعة في هذه المنتجات، مشيرا إلى أن ذات الملبنة التي تنشط على مستوى الجزائر العاصمة و تيزي وزو، تقوم بتحضير الجبن على الطريقة التقليدية المحضة التي تفرض شروطا صارمة للحفظ و التسويق، مما يجعلها حساسة للغاية ، فيتجنبها التجار، خشية تلفها و الخسارة.
سلسلة التوزيع تحول دون الانتشار المطلوب
التقينا في صالون صناعة الجبن التقليدي، بممثلي “مونتي بيلو” سيدي راشد، و هو مجمع لإنتاج الحليب، تربية الأبقار الحلوب، إنتاج العلف، تحويل الحليب و نقاط بيع، يوجد مقره بولاية تيبازة، و يعتبر أكبر مركب لصنع الجبن التقليدي، كما قالت الدكتورة حاند مريم، مديرة وحدة تحويل الحليب ، التي بدأت هذا النشاط سنة 2008، قبل أن تطور عملها بإدخال الطرق الحديثة و التكنولوجيا في المجال سنة 2014.
و أوضحت المسؤولة أن صاحب الفكرة هو السيد طيار يوسف، الذي كان يحلم بإنشاء مزرعة نموذجية و يتخصص في صناعة الأجبان على الطريقة التقليدية، بجودة تضاهي الأجبان السويسرية، و بالفعل نجح في إنتاج ما يقارب 20 نوعا من الأجبان، إضافة إلى أكثر من 15 منتجا آخر كالياغورت و الزبادي.
و عن مشكل قلة مثل هذه المنتجات في المحلات، أكدت السيدة حاند أن مجمع “مونتي بيلو”  أنشأ نقاط بيع خاصة على مستوى تيبازة و الجزائر العاصمة، مع فتح “بيتزيريا” تابعة للمجمع تستعمل منتوجاته في الأطباق التي تقوم بتحضيرها، و أشارت إلى أن الإشكال يعود إلى الموزعين الذين يفرضون على المجمع معايير حفظ خاصة و صارمة لمنتجاته، حيث يجب أن يبقى الجبن محفوظا في درجة حرارة 2 مئوية، بينما لا يلتزم أغلب الموزعين، حسبها، بهذه المعايير، خاصة أولئك الذين يتعمدون عدم تشغيل المبردات، ليقتصدون في  الطاقة. واعتبرت السيدة حاند أن هذا من أكبر عوائق توزيع منتجات مكلفة ويستغرق  تحضيرها أحيانا مدة 6 أشهر للبقاء في غرفة الحفظ قبل خروجها للمستهلك كالجبن ذي العجينة المضغوطة، بالمقابل اعترفت أن الأجبان تقليدية الصنع بدأت تفرض نفسها ضمن ثقافة الاستهلاك بالنسبة للجزائريين و لو أنها لا تزال قليلة، نظرا لارتفاع أسعارها، مقارنة بالأنواع المتوفرة بالسوق الوطنية، علما أنها تنافس من حيث الجودة ما يتم استيراده من أجبان موتزاريلا، ريكوتا، شيدار، قودا و غيرها من الأجبان العالمية التي فرضت نفسها ضمن المواد التي تحظى بإقبال فئات واسعة.
يذكر أن الصالون الوطني لصناعة الجبن التقليدي الذي دامت فعالياته يومين، عرف مشاركة حرفيين في مجال صناعة زيت الزيتون، المربى، و مختلف مشتقات الألبان.
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى