دخلت أغلب الأمهات خلال الأسبوعين الأخيرين، في دوامة الامتحانات الفصلية معلنات حالة طوارئ، و معلقات كل المشاريع إلى ما بعد انقضاء فترة تصفنها بالحرجة،و ذلك لأجل مرافقة أبنائهن في الاختبارات التي أعادتهن مجددا إلى مقاعد الدراسة، من خلال المراجعة اليومية مع أبنائهن أو عبر بوابة فيسبوك الذي حولن بعض صفحاته إلى مجموعات للدعم البيداغوجي و النفسي.
حالة غير عادية، تعيشها الأسر الجزائرية قبل و أثناء كل امتحان فصلي، وهو واقع بات يفرض نفسه في ظل متغيرات كثيرة يتقدمها برنامج و منهاج دراسي جديد مع مقررات مكثفة يواجه الكثير من التلاميذ صعوبة في استيعابها، خصوصا ونحن نتحدث عن جيل  جديد يصفه البعض بالإتكالي، لأنه يعتمد كليا على المرافقة الدائمة للأولياء و بالأخص الأمهات، اللائي يتحولن إلى أستاذات دروس خصوصية خلال كل ليلة اختبار، فأغلب الأمهات اليوم إن لم نقل كلهن يعشن أجواء استثنائية بسبب اختبارات الفصل الأول، حيث يقاطعن كل شئ قبل الامتحان، فلا خرجات و لا تسوق و لا يستقبلن حتى الزوار في بيوتهن، ليعكفن على المراجعة مع أبنائهن لأجل الامتحانات، فتجدهن يحفظن الدروس عن ظهر قلب مثلما تؤكده السيدة *صبرينة* أم لطفلين، الأول يدرس في السنة الخامسة و الآخر في السنة الثانية، حيث تؤكد أن كل شيء بالنسبة لها يتأجل إلى غاية انقضاء هذه الفترة، إذ تسهر معهما يوميا لأجل المراجعة، و تستيقظ باكرا لقضاء أهم أشغال البيت قصد التفرغ التام لهما طوال اليوم.
و إن كانت *صبرينة* ترافق طفليها عبر المراجعة اليومية و حل التمارين و أخذهما و إرجاعهما من المدرسة، فإن السيدة *إلهام*، التي تدرس ابنتها الكبرى في المستوى المتوسط و الصغرى في القسم الثالث ابتدائي، تقوم بأكثر من ذلك حيث أكدت لنا بأنها تحفظ دروس ابنتها الكبرى عن ظهر قلب، مضيفة أنها تعودت على ذلك خاصة و أن الطفلة ترفض الحفظ دون مشاركة أمها، و تبحث معها عبر الإنترنت عن الأسئلة و الحلول عسى أن تتعثر  في سؤال امتحانها، هذا إلى جانب متابعتها للدروس الخصوصية في مختلف المواد.
أمهات أخريات تحدثن عما وصفنه بالمعاناة التي تبدأ مع انطلاق كل موسم دراسي جديد، و أرجعن ذلك إلى تغير المقرر الدراسي و كثافته، حيث غالبا ما يجدن أطفالهن عاجزين عن استيعاب معلومات يرين فيها أكثر من مستواهم، ما يجبرهن على مرافقتهم من خلال المراجعة المستمرة، حيث تحدثنا السيدة *نبيهة* عن تجربتها الخاصة مع ابنها الذي يدرس في الصف الرابع ابتدائي، قائلة، أنه بالإضافة للاستعانة بمختلف أنواع الكتب الخارجية لتمكينه من الإلمام بكافة المعلومات التي تتعلق بدراسته، فقد انضمت إلى العديد من المجموعات الناشطة عبر الإنترنت، خاصة موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، الذي تحول إلى منصة تتبادل عبرها الأمهات الآراء و التمارين و كذا الحلول فيما بينهن، معتبرة إياه داعما و سندا مهما أعانها في مهمتها التي تصفها بالصعبة. فالمتصفح لمواقع التواصل الاجتماعي، لا بد و أن تصادفه تلك الصفحات الخاصة بمجموعات الدعم البيداغوجي و حتى المرافقة النفسية للأولياء، و هي صفحات يديرها غالبا أساتذة و تشكل الأمهات نسبة كبيرة من المنخرطين فيها  فتجدهم يتبادلون الأسئلة و الحلول و يتابعون بكل دقة تفاصيل الاختبارات، و يطرحون مختلف انشغالاتهم المتعلقة بالتعليم التي قد لا يجدون ردا عليها حتى على مستوى المدارس مثلما قالت إحداهن، ليصبح بذلك موقع فيسبوك، بديلا عن الكتب الخارجية و يساهم في متابعة التلميذ لكل مستجدات التعليم خاصة بالنسبة لتلاميذ القسم الخامس ابتدائي.
هذه الضغوطات التي تضاف إلى الالتزامات المهنية و المنزلية للأمهات، تحولت إلى عبء ثقيل أرهق كاهل الكثيرات، بعدما وجدن أنفسهن مجبرات على العيش وسط مقررات دراسية مكثفة، و العودة إلى الدراسة و كأنهن تلميذات بالمراسلة.
إ.زياري 

الرجوع إلى الأعلى