يوجد أسفل جسر سيدي راشد الحجري الشهير، جسر آخر يهابه القسنطينيون لغرابة اسمه و لمناعة موقعه، تعرف هذه القنطرة  بجسر الشيطان، و على غرار الكثير من الجسور التي تحمل هذا الاسم عبر العالم، تحوم حوله الأساطير و القصص، و يختلف الكثيرون حول تاريخ بنائه ففيما يعتبره البعض منشأة عثمانية، يؤكد آخرون بأن الممر الحجري الذي لا يتعدى علوه 66 مترا يعود لعهد الرومان.
قنطرة الأساطير القديمة و لعنة الموقع
يعتبر جسر الشيطان، نقطة ربط بين ضفتي الصخر العتيق، فهو آخر محطة يتوقف عندها مسار درب السياح انطلاقا من جسر الشلالات،  كما أنه مصب تجتمع عنده مياه ماردين واد الرمال و واد بومرزوق، ولعل التسمية التي اختيرت له كما يقول الكثيرون ما هي إلا ترجمة لتلك الأصوات المنبعثة من المصب المائي المتواجد أسفله و التي يصطدم صداها بجدران المغارات المحيطة بالصخر من كل جانب فيصدر رجع صدى يشبه صرخة عفريت ما يبعث قشعريرة في الجسد و يبث رهبة في النفوس.
رغم جمال موقع الجسر و خصوصية بنائه، إلا أن قوة تدفق الوادين تسببت في تضرره مرارا وقد عرف سابقا عمليات ترميم كان آخرها خلال الفترة الاستعمارية، وهي تحديدا الحقبة التي يشاع بأنه سمي خلالها بهذا الاسم الأسطوري الذي يطلق على عدد كبير من الجسور المتشابهة في نفس النسق الهندسي و المنتشرة عبر دول العالم  على غرار ألمانيا و بلغاريا و كولومبيا و كوستا ريكا و اسبانيا و استونيا، مع اختلاف في لغة التعبير حيث نجد عموما تسميات من قبيل  «بونتي ديل كومون»، «بونتي دي بيدرا»،»ديبرووارن زوبيا»، «بونت ديل ديابلي»، و كلها تسميات ترتبط بحكايات و معتقدات كانت شائعة خلال العصور الوسطى في أوروبا.
يوضح مدير فرع للمعهد الوطني للأبحاث في تاريخ الإنسان القديم والتاريخ الدكتور حسين طاوطاو، أن تسمية جسر الشيطان ذات خلفية مسيحية، و لا علاقة لها بمعتقدات وثقافة أهل قسنطينة، فهي تسمية تعود إلى الفترة الفرنسية، و لا تخص قنطرة سيرتا وحدها بل تطلق على  عدد كبير من الجسور ذات الهندسة نفسها على غرار ما هو موجود في منطقة مونبيليه الفرنسية.
وتقول الأسطورة حسبه، أن قوما أرادوا بناء جسرا يربط بين ضفتي واد، فكانوا كلما بنوا جزءا منه نهارا  تفاجئوا به صباحا مهدما، فاستفتوا في ذلك قسا، فما كان منه إلا أن قرر المبيت في المكان ومراقبة المشهد عن كثب، فتفاجأ بالشيطان يقوم بهدم ما بناه القوم نهارا، فابرم معه اتفاقا يسمح بموجبه للقوم بإنهاء بناء الجسر، على أن يقبض روح أول من يعبره من خيرة أتباعه، فما كان من القس إلا أن جعل كلبا يمر أولا  عبر  الجسر بعد استكمال بنائه، بدل أحد اتباعه، فغضب الشيطان غضبا شديدا واتهم رجل الدين بخداعه، ثم انتحر بأن رمى بنفسه في الهاوية التي يتساقط فيها الماء محدثا صوتا ما زال يتردد في أعماقها، تزيد قوة صداه كل سنة في ليلة الحادثة تحديدا.
والجدير بالذكر، أن سكان وسط المدينة، المطلة مساكنهم على هاوية واد الرمال يسمعون له هديرا يخطف نوم غير المعتاد على أصوات المياه المتدفقة عبر خوانق واد الرمال، الممتد و على مسافة حوالي 2 كلم، ابتداء من هاوية جسر الشيطان إلى جسر الشلالات.                   ص.رضوان

الرجوع إلى الأعلى