مواقع التواصل الإجتماعي من أسباب ارتفاع عدد الأمهات العازبات
سلط مختصون الضوء على ظاهرة الأمهات العازبات التي لا تزال تصنف ضمن الطابوهات في مجتمعنا الذي لا يرحمهن، و يحملهن مسؤولية وضعيتهن و ما ينجم عنها من عواقب و ظروف قاسية، كاملة، في حين يبرئ الرجل، رغم أنه طرف في العلاقة و مسؤول هو أيضا عن ثمرتها و كل نتائجها، بالمقابل تنصف الشريعة الإسلامية المرأة و تمنحها هي و ابنها حقوقهما، كما حذر المختصون من جهة أخرى، من وسائل التواصل الاجتماعي التي قد تؤدي بالفتيات إلى السقوط في قبضة مجرمين و تجار الرذيلة، و اعتبروها من بين الأسباب المؤدية إلى ارتفاع عدد الأمهات العازبات بمجتمعنا.  في ملتقى وطني نظم مؤخرا بكلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية بجامعة محمد الصديق بن يحي بجيجل، حول “ الأمهات العازبات في الجزائرـ  الوقاية و التحسيس”، تم التطرق إلى الظاهرة التي لا تزال تحاط بالسرية، رغم العدد المرتفع لهذا النوع من الأمهات بمجتمعنا، و المخاطر التي تحيط بهن، مشيرين إلى أن للظاهرة العديد من الجوانب التي يمكن أن تعالج من خلالها، خصوصا من الناحية الدينية، حسبهم، و كذا الاجتماعية.  
* أدار الندوة: طويل كريم

* الدكتورة حنان بشتة أستاذة علم النفس بجامعة جيجل
الضغوطات النفسية زادت من محاولات الانتحار عند هذه الفئة
“من خلال العديد من المقابلات التي أجريتها مع الأمهات العازبات، استنتجت أن جلهن يشعرن بالعار و نفسيتهن منهارة، بسبب غياب الآباء الذين يتنصلون من مسؤوليتهم، في التكفل بهن و إعطاء اسم و لقب للأبناء، و تخلي أسرهن عنهن، ما يجعلهن يتحملن مختلف المشاكل، و نظرة المجتمع.
و يعتبر مشكل  الاندماج داخل المجتمع و التكيف، أكبر مشكل يواجههن بسبب عدم القبول، ما يجعل الكثير من هؤلاء النساء يفكرن في الانتحار، و التخلي عن أبنائهن، لأن القوانين غير واضحة و المؤسسات التي تهتم بهذه الشريحة قليلة، فتجد نفسها وحدها في المجتمع.
لاحظت أن أغلب الأمهات العازبات يرغبن في التوبة، لكن المجتمع لا يرحمهن أو ينصفهن، و لا يقدم لهن فرصا للتوبة و تجاوز وضعهن الصعب، ما يدفعهن إلى ممارسة الدعارة و مختلف المظاهر الإجرامية.
لهذا يجب الاستماع للأم العازبة و التكفل النفسي بها، و محاولة تقليص نظرة المجتمع السلبية لها، و على عائلتها أداء دور كبير و أساسي لمعالجة الآثار السلبية لما تعرضت له ابنتها، و تقديم يد العون لها.

* الدكتور عز الدين بشقة أستاذ علم النفس بجامعة باتنة
يجب إعطاء مفهوم واضح للتربية الجنسية
“ تعتبر ظاهرة الأمهات العازبات، من بين الظواهر القديمة، و قد برزت مؤخرا، بشكل كبير في الجزائر، حسب الأرقام اليومية المسجلة، و هناك من يعتبرها دخيلة. و أرى أنه يجب أن يتم تناول الموضوعين عبر بعدين، البعد السوسيوـ ثقافي و البعد الشرعي، و يشكلان معا، مدى تمرير مفهوم الأم العازبة، كطابو من الطابوهات التي يعيشها المجتمع، و بالتالي لابد من إعطائها مفهوما واضحا للشباب، فتصرفاتهم أضحت ترتكز على مواقع التواصل الاجتماعي، و العديد منهم يكونون عبرها علاقات مع الجنس الآخر.
و قد تتحول علاقة إلكترونية إلى علاقة في الواقع، و الاندماج الكلي، قد يصل إلى الزواج، أو تبقى العلاقة عابرة، ينسحب منها الشاب بعد تكوين ذات العلاقة.
تساهم بشكل كبير في الوقت الراهن، مواقع التواصل الاجتماعي، في تفشي الفاحشة و العلاقات المشبوهة، و تنجم عنها ظاهرة الأمهات العازبات، بعد الإنجاب غير الشرعي، في غياب الأطر القانونية، على غرار الزواج.
لهذا يجب في الوقت الراهن إعطاء مفهوم واضح للتربية الجنسية، و ممارسة الرقابة على الأبناء، و الابتعاد عن العلاقات المشبوهة”.

* مولود محصول أستاذ باحث بجامعة باتنة و إطار بالشؤون الدينية  
نظرة المجتمع غير منصفة  و بعيدة عن المنظور الديني  
“إن ظاهرة الأمهات العازبات، تعتبر من بين الظواهر التي أفرزتها التحولات الاقتصادية و الاجتماعية التي عرفتها الجزائر، و الرؤية الشرعية، تنطلق من مجموعة المبادئ و المحددات، من بينها الاعتراف بالضعف الإنساني.
إن الإسلام، قدم الإنسان ، كنفخة من روح و قبضة من تراب، قابل للوقوع في الخطأ، و المحدد الآخر، التميز بين المخطئ و الخطيئة، فالرؤية الدينية، تستهجن الفاحشة، و لا تهدر كرامة المرأة، و من المقومات التي يجب أن يأخذ بها، أن كرامة المرأة العازبة، محفوظة في كل الأحوال و الظروف، و لا يجوز معايرتها بذنبها، و الإنقاص من قدرها، و الإساءة لها، بالسلوك العنيف، الضرب أو الجرح. ،و تظل هاته الفئة، تحتفظ بكامل حقوقها، كشريحة في المجتمع، على غرار التعليم، و الرعاية الصحية.
و يعتبر موقف المجتمع، موقفا مركبا، يستمد مرجعيته و سنده من روافد متعددة، على غرار الأعراف و التقاليد، و الخبرات التاريخية و الاجتماعية، و له رؤية، بعيدة و لا تنسجم مع النصوص الدينية، فنجد ازدواجية المعايير و المثالية الزائفة، إذ يقبل أخطاء و يستنكر أخرى، و إذا تعلق الأمر بالأخطاء المتعلقة بالسلوك الجنسي، يضخمها لدرجة كبيرة، و يعدم دوره الاجتماعي، فنجد  موقفه تمييزيا بين الذكر و الأنثى، فعندما يرتكب الرجل الفعل الشنيع، يعتبر بطولة، عكس فعل الأنثى.
كما يتبرأ المجتمع من أي محاولة للتكفل بفئة الأمهات العازبات، فالرؤية الشرعية، قدمت منظورا متكاملا، واقعيا، و إنسانيا للنظر في الظاهرة، و بالتالي على المؤسسات الحاكمة، العمل لاستيعاب الظاهرة و معالجتها، و التكفل بضحاياها، في حين نجد أن الموقف الشعبي، يأخذ تصورات بعيدة عن المنظور الشرعي”.

* الأستاذ سامي مقلاتي أستاذ علم النفس بجامعة قسنطينة
الظاهرة غير متحكم فيها بمجتمعنا
“تستغل مواقع التواصل الإجتماعي بطريقة غير منظمة و خاطئة من قبل مراهقين و شباب غير مؤطرين، فأصبحت بوابة لتكوين علاقات غير منظمة، تستغل لتبادل معلومات و صور غير أخلاقية.
الملاحظ أن شريحة كبيرة، تبحث عن التواصل وفقط، و لا يهم الإطار الذي يتم خلاله، و حاليا، فيتم البحث عن الفريسة في المواقع، دون حواجز، ما يجعل عشرات الشابات يقعن في الفخ.
إن ظاهرة الأمهات العازبات، غير متحكم فيها بمجتمعنا، و لا يتم توجيههن و مساعدتهن، نظرا لغياب مؤسسات التكفل، و كذا غياب النصح و المرافقة، ما يجعلهن يتوجهن إلى الشارع، و يصبحن مجددا فريسات خطيئة أخرى.
لمحاربة الظاهرة يجب قبل كل شيء أن يتم تقبلها ، لاحتوائها و امتصاصها في إطار قانوني، و تصحيح الأخطاء الموجودة، و التكييف مع الوضعية، من أجل علاجها، حسب كل حالة”.

* الدكتور عادل شيهب أستاذ بقسم علم الاجتماع بجامعة جيجل
الحاجة المادية للفتاة المراهقة أحد أسباب تفشي الظاهرة
“ يكمن السبب الرئيسي لظاهرة الأمهات العازبات في الحاجة المادية للفتاة، و تعتبر الفتاة المراهقة، أكثر عرضة للظاهرة، بسبب العديد من التحولات الجسدية، الجنسية و النفسية ، التي تمر بها، في غياب مرافقة الوالدين، ما يجعل العديد من الأطراف تتربص بها لإقحامها في عالم الشهوات. و أود أن أشير هنا إلى انتقال الظاهرة إلى الأحياء الجامعية، ما يجعل العديد من الفتيات، خصوصا من يعانين من ظروف اجتماعية صعبة، ضحايا لمنحرفين، كما أن الأسرة الفاسدة، يمكن أن ترغم ابنتها على دخول عالم صعب، و يمكن أن تجد نفسها أما عازبة، و يؤدي عدم التكفل بها، إلى انغماسها في عالم الدعارة.
أعتقد أن المشكل الأكبر هو الوضع السوسيوـ  الاقتصادي و الثقافي، فالملاحظ أن جل الأمهات العازبات يعانين من الفقر و المستوى الاجتماعي الضعيف، لهذا يجب أن نهتم بوضعهن الاقتصادي، و بالتالي محاولة تقديم الدعم اللازم للفتيات ضعيفات المستوى، للحد من الظاهرة”.

* الدكتور ياسين هاين أستاذ بقسم علم النفس في جامعة جيجل
هذه الشريحة لا تحصل على الدعم الاجتماعي
“لابد من تقديم مفهوم واضح للمرأة العازبة، و معرفة احتياجاتها الأساسية و قد حاولت تسليط الضوء على المرأة العازبة في العمق، عبر دراسة أجريتها عبر عينة، تضم خمس أمهات عازبات، ذوات مستوى ثقافي محدود.
بينت نتائج الدراسة أن الحاجة للزوج، كانت أبرز حاجيات أفراد العينة، ثم تليها الحاجيات المادية، و السبب راجع إلى محاولة التكفير عن الذنب، بتأسيس شراكة شرعية قانونية، و كذا البحث عن الأمان و مراعاة الحقوق عبر الزواج، و كذا التخلص من وصمة العار التي تعاني منها الأم العازبة، و يمكن، إضافة الرعاية المادية، لأنها منهكة اقتصاديا. و تبحث عادة هذه الفئة من النساء عن عمل يعطيها شرعية في المجتمع، ثم تظهر الحاجة لتحقيق الذات، عبر التأهيل و التكوين، و ممارسة نشاطات اجتماعية، لرد الاعتبار لهؤلاء الأمهات.
كما تبحث ذات الشريحة عن الدعم الاجتماعي، لكنهن لم يحصلن عليه، حسب نتائج الدراسة ، التي بينت أن الحاجة العاطفية جاءت في المرتبة الأخيرة في قائمة احتياجاتها، و أعربت الأمهات، من أفراد العينة، عن استغرابهن لذلك، لأنهن لديهن خبرة في الحياة، و أصبحن يعتمدن على أنفسهن، و يطلبن الدعم و السند من المجتمع لأبنائهن، و ليس لهن”.

 

الرجوع إلى الأعلى