تشهد العديد من المحلات و المراكز التجارية بقسنطينة، حركية مضاعفة منذ مدة، تزامنا مع انطلاق  موسم التخفيضات، أو ما يعرف بالصولد، إذ أعلنت المحلات التجارية و بالأخص محلات الألبسة، عن تنزيلات تصل إلى 60 بالمئة على قطع الملابس، مع ذلك يؤكد تجار و باعة، بأن الإقبال  هذه السنة يعتبر أقل، مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، مرجعين السبب إلى فوضى التنزيلات التي باتت تبرمج خارج مواسمها العادية، ناهيك عن المنافسة الشرسة التي فرضتها العلامات التجارية الأجنبية الكبرى، بعدما توسع انتشارها بقوة في السوق الجزائرية، لتلتهم بذلك زبائن المحلات الصغيرة و تؤسس لنمط جديد من التسويق عالي الكلفة.
عروض من 20 إلى 60 بالمئة و النساء الأكثر طلبا
النصر، قامت باستطلاع  عبر عدد من المجمعات التجارية بعلي منجلي، بالإضافة إلى بعض محلات وسط مدينة قسنطينة، لمعاينة حركية السوق، حيث لاحظنا، بأن المدينة الجديدة تعتبر القلب النابض لنشاط التسوق، كما أن مظاهر الفعالية كانت أكثر بروزا في المراكز الكبرى، التي تزينت بيافطات ملونة وبالونات تتضمن إشهارات من قبيل «صولد» و» تخفيضات»، مع إدراج أرقام تتراوح بين 20 و 60 بالمائة.
 محطتنا الأولى كانت وسط المدينة، أين أكد بعض التجار بأن هذا الموسم جاء باهتا، مقارنة بالمواسم الماضية، فالطلب تراجع بحوالي 40 بالمئة، كما قال وليد، صاحب محل ألبسة بشارع عبان رمضان، مؤكدا بأن الحركية ضعيفة و كأننا في الأيام العادية، على حد تعبيره.
أما السبب حسب رأيه، فيعود إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطن بشكل عام، ناهيك عن كون الشتاء جاء دافئا هذه السنة، و لم يشهد تساقطا فعليا للأمطار أو انخفاضا كبيرا في درجات الحرارة، و هو ما قلل الطلب على الملابس و الأحذية الشتوية.
تنقلنا بين عدد من المحلات بشوارع العربي ين مهيدي و بلوزداد و 19 جوان، و قد لمسنا فعلا محدودية في حركة البيع و الشراء، فغالبية المحلات كانت شبه فارغة، رغم تعليقها لإعلانات التخفيض، بالمقابل شكلت النساء نسبة تفوق 80 بالمئة من المتسوقات، حيث قالت لنا، مجموعة من الشابات قابلناهن بالقرب من محل « دادي فاشن»،أن الصولد يعتبر الفترة المثالية لشراء مستلزمات جهاز العروس أو « الشورة»، مؤكدات أن الأسعار هذه السنة لم تكن بنفس إغراء السنوات الثلاث الماضية، لأنها مرتفعة في الأصل، فأسعار المعاطف مثلا، تتراوح بين 23 ألف دج و 18 ألف دج، وحتى مع احتساب نسبة التخفيض، فإنها لا تنزل عادة عن 19 أو 11 ألف دج.
العلامات الكبرى تخلط أوراق التجار
عكس وسط المدينة، بدا نشاط مراكز التسوق بعلي منجلي أكبر، خصوصا بمجمعي «لاكوبول» و «الرتاج مول» تحديدا، أين تنتشر العلامات الكبرى،  على غرار « جينيفر « و « سي واي كيكي» و «سيليو» و» سارجان ماجور»، إضافة إلى العلامة التركية الشهيرة    « زوهرا».
  في محل علامة « سي واي كيكي»، لاحظنا أن التخفيضات تناهز67 بالمئة على بعض المنتجات، و قد علمنا من بعض الزبائن، أنها تخفيضات جد مغرية على قطع ذات جودة، كما قالت لنا سيدة، كانت رفقة ابنتها الرضيعة، موضحة بأنها لم تكن تعترف بالصولد من قبل وكانت تعتبره تحايلا، إلا أنها دهشت فعلا بأسعار منتجات هذه العلامة، مقارنة بجودتها.
 وحسب بومولا ربيع، بائع بجناح ملابس النساء بذات العلامة، فإن عملية التسويق عن طريق التخفيضات جادة جدا، وتحتكم لنظام فوترة يصرح به مع بداية الصولد و نهايته لدى مصالح التجارة، مؤكدا أن ما يعرض من سلع يتضمن تشكيلات جديدة و أخرى قديمة لا تزيد مدتها عن ثلاثة أشهر، وهو تحديدا نفس المبدأ الذي حدثنا عنه ممثلو باقي العلامات الأجنبية، مضيفين بأن فترة التخفيضات تعتبر هامة جدا، لكسب عدد أكبر من الزبائن، حيث يرتفع الطلب في نهايات الأسبوع وحدها إلى 40 بالمئة.
واصلنا جولتنا بين محلات المجمع، وعلى غرار ما لمسناه في المركز التجاري لاكوبول، لاحظنا بالرتاج مول، بأن نسب التخفيض في المحلات العادية أقل بكثير من تنزيلات فضاءات العلامات الكبرى، إذ لا تتعدى عموما 20 إلى 40 بالمئة، و عندما سألنا بعض التجار و أصحاب المحلات عن السبب، قالوا بأن تخفيضات رأس السنة عادة ما تخلط أوراقهم، فالمخزون يكون قد نفد خلال تلك الفترة، لذلك فإن السلع التي تعرض حاليا تكون تشكيلات جديدة لا يمكن أن ينزل هامش الربح فيها كثيرا.

كما أن العلامات الكبرى، كما عبر بعضهم، باتت تفرض منافسة شرسة، تراجع معها عدد الزبائن بشكل كبير، مع ذلك، فإن وجودها في المجمع التجاري ضاعف الحركية، وزاد عدد الزوار القادمين من ولايات أخرى، كما تم تحسين نوعية الخدمة، حيث أن الكثير من التجار باتوا يلتزمون بالتصريح بأسعار الصولد عند مصالح التجارة قبل إعلانه، وهو ما قلص مخاوف الزبائن من قضية التحايل.
وبخصوص استغلال الصولد للتخلص من السلع الكاسدة و التشكيلات القديمة، أكد التجار بأن الأمر بات مستحيلا، لأن هذه العلامات تقدم كل جديد و تستعرض أمام الزبون أحدث الخيارات و التصاميم، ما يعني أن سقف المنافسة قد ارتفع، و معايير التسويق باتت أكثر تطلبا و كلفة كذلك، وهو ما دفع بالكثير من التجار المحليين الصغار، الى تهيئة محلاتهم و تحسين واجهاتها و تطوير طرق عرض البضاعة.
المنتج الجزائري ينافس بقوة و التحايل يفسد المناسبة
 خلال جولتنا، أكد لنا العديد من التجار، بأن المنتج الجزائري أصبح مطلوبا في الفترة الأخيرة، بعدما دخلت ماركات محلية كثيرة على خط الإنتاج، وهي علامات يسوق لها ملاكها ومصمموها بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، و لأن أسعارها تكون مناسبة في الأصل، فإن التخفيضات التي تمسها لا تتعدى 10 إلى 20 بالمئة.
وحسب حسام، تاجر ملابس بشارع 19 جوان" رود فرانس"، فإن الزبونات لا يفرقن أحيانا بين الملابس الجزائرية و التركية، بالنظر إلى تقارب الجودة و تطابق التصاميم التي عادة ما تكون مقلدة بالنسبة للطرف الجزائري، إلا أن فكرة الصولد في حد ذاتها، تجعلهن يقبلن على اقتناء أي منتج تعلق عليه يافطة تخفيض.
و قالت إحدى الشابات التي قابلناها بذات الشارع، بأنها لا تثق في التخفيضات التي تعلنها محلات وسط المدينة، لأنها تتضمن الكثير من التحايل ، وقد وقفت مؤخرا على حالة مماثلة، حسبها، بأحد محلات شارع بلوزداد، إذ سبق وأن أعجبت بحذاء حفلات، سعره 3000دج، لكنها وجدته قد أدرج ضمن تخفيضات الموسم، لكن بسعر 3500دج، مؤكدة بأن الأمر ينطبق على الكثير من المحلات التي ترفع الأسعار خلال الصولد، بدلا من تخفيضها.
أما السيدة  ماجدة، وهي موظفة في الخزينة العمومية بوسط مدينة قسنطينة، فقالت بأنها تقضي فترة الغداء يوميا في التجول بين محلات شوارع عبان رمضان و بلوزداد، لكنها لم تلمس تخفيضات حقيقية، فالأسعار، حسبها، لم تتغير كثيرا و الفارق لا يتعدى 100 إلى 200 دج، رغم أن العديد من المحلات علقت إعلانات الصولد على واجهاتها.
 من جهة ثانية لاحظنا خلال استطلاعنا، بأن فئة من التجار لم تعلن عن تخفيضات، ولم تلتزم أساسا بهذه الفعالية، بالرغم أن من وزارة التجارة كانت قد أصدرت مرسوما واضحا يحدد تاريخها بين 14جانفي و 24 فيفري.
«الديكور الداخلي» سوق واعدة
الملاحظ أيضا هو أن التخفيضات لم تعد تشمل الملابس فقط، بل باتت تشمل الأثاث المنزلي و قطع الديكور الداخلي، التي زاد الطلب عليها كثيرا، حسبما أكدته وداد، بائعة بمحل « ديكو إي كادو» بحي زواغي سليمان، مشيرة إلى أن التنزيلات تزيد من عدد الزبائن في كل مرة، ولذلك فإن برمجتها تتم بشكل مناسباتي في عيد المرأة و عيد الحب و في رأس السنة، بالإضافة إلى أنها ترافق فترتي البيع الترويجي الخاص بموسمي الصيف و الشتاء.
 أما بعض تجار الأثاث المنزلي فقالوا، بأن تخفيضاتهم تكون عادة خلال رأس السنة و كذا فترة الصولد السنوية التي تحددها الوزارة، وهي محطة لا يلتزم بها الجميع، حسبهم، لأن غالبية المحلات تكون قد انتهت من تصفية مخازنها في رأس السنة، علما أن تخفيضات الشتاء تكون محدودة، إذ لا تتجاوز نسبتها 20 بالمئة فيما تصل خلال موسم الصيف إلى 50 بالمئة.
30 ألف زائر يوميا للمجمع التجاري رتاج مول بسبب التخفيضات
حسب السيدة آسيا بوشهيدة، مديرة المركز التجاري رتاج مول بالمدينة الجديدة، فإن  فترة التخفيضات تمثل ذروة الإقبال، حيث يرتفع عدد الزوار بمعدل يومي من 17 ألف زائر  في الأيام العادية، إلى 30ألف زائر عند الإعلان عن انطلاق العروض الترويجية أو بداية الصولد، مشيرة إلى أن زبائن المول، يتابعون أخبار العروض التجارية بجدية عبر صفحات فايسبوك و ينتظرون إعلان تواريخ بدايتها باهتمام، وهو ما تعكسه الرسائل التي تتلقاها الإدارة يوميا عبر بريد الفضاء الأزرق.
 وأضافت المتحدثة، بأن سياسية المجمع التجاري التسويقية أعادت تنظيم علاقة التاجر بالزبون من خلال مد جسر الاتصال، لأنها آلية تساعد على تحسين الخدمة و فرض الرقابة على مدى التزام التجار بالتخفيضات و الوقوف على الحالات المتعلقة بالتحايل، مؤكدة، أن مصلحتها تدخلت عدة مرات بهذا الخصوص، و قد اتضح بأن الأمر يتعلق بشكوى غير صحيحة أو كاذبة.
فترة لتحقيق الربح وتصفية السلع

 و أضافت المتحدثة، بأن الصولد، يعتبر عملية ربحية يستفيد منها التاجر و الزبون على حد سواء، وهو ما يؤكده تقييم مداخيل بعض الشركات الكبرى خلال هذه المرحلة من السنة، حسبها.
 من جهته يؤكد، هشام وهو تاجر أحذية و حقائب بذات المجمع التجاري فكرة الربح المشترك، ويوضح، بأن الصولد يسمح للتاجر ببيع بضاعته و تجنب كسادها قبل انتهاء موسمها، حتى وإن تطلب ذلك تخفيض هامش الربح، كما أن هذه التخفيضات، تمكن الزبون حسب رأيه، من التسوق بتكلفة أقل و الحصول على مستلزمات كان يصعب عليه أن يشتريها من قبل، مضيفا بأن الحديث عن التحايل يجب ألا يشمل كل التجار، لأن غالبيتهم يلتزمون بالتصريح بالأسعار القديمة و الجديدة عند مصالح التجارة، خصوصا أصحاب المحلات التي تتركز عموما على مستوى المجمعات التجارية، أين تكون الرقابة التجارية أشد.
 هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى