تضم بلدية أم علي الحدودية، 45 كلم جنوب عاصمة ولاية تبسة،  أكثر من 50 موقعا أثريا، تعرف محليا بـ “الهناشير”، مثل هنشير الخيمة الذي كانت به بنايات قائمة الأركان، هدمها الاستعمار الفرنسي ليبني بها ثكنات عسكرية، على غرار مركزي بن حليم والخنيق، و هنشير ذراع علي بن موسى، و هنشير البحير، و هنشير منى، و هنشير المعرقبة، وهنشير عين الشطابية، وغيرها من المواقع التي تزخر بها المنطقة.
هذه الهناشير، لا تزال شاهدة على الحضارات المتعاقبة التي صنعها إنسان هذه الجهة، على غرار هنشير منطقة الشطابية الكائن قريبا من حدود بلدية الحويجبات على التماس مباشر مع الشريط الحدودي للجارة تونس، والتي تبعد عن مقر البلدية بنحو 15 كلم، حيث كشفت السيول المتدفقة من أعالي جبل بوقافر، عن أحد أهم المعالم و يبدو أنه حمام به أحواض مصنوعة من هشيم الفخار والجبس، وحوله أرضية مفروشة بالفسيفساء خربتها السيول عبر الوادي الذي يشق الهنشير، المعروف باسم هنشير لزهاري، أو هنشير الشوارنية.
وعلى طول الوادي، توجد أحواض حجرية وصخور مصقولة ضخمة، شبيهة بتلك التي بني بها السور البيزنطي الذي يحيط بمدينة تبسة العتيقة -تيافست - جرفتها مياه السيول، كما توجد بحافتي ذات الوادي، بقايا جدران وحوله عدد كبير من الأحواض المائية الحجرية والصخور الكبيرة . و أهم ما يمكن أن يلاحظه زائر المكان، آثار التخريب والحفر التي قامت بها و تقوم بها عصابات النبش عن الكنوز والتماثيل التي تستخرج لتهرب إلى القطر الشقيق، وتباع بأثمان باهظة، و من هناك تهرب مرة أخرى إلى أوروبا وتباع بأثمان مضاعفة وفق شهادات سكان.
الموقع جدير بأن يقام به منتجع سياحي يكون قبلة للزوار،  بحكم وقوعه قرب غابة من أشجار الصنوبر الحلبي و العرعار و الإكليل الجبلي، و نسماته منعشة، كما أن المكان مؤمّن بحكم وجود وحدات عسكرية بالقرب منه، ولا يبعد عن مركز العبور الدولي بوشبكة، إلا بمسافة تقدر بزهاء كيلومتر واحد ، و لا يبعد عن الطريق المعبد إلا ببضعة أمتار فقط، و يمر بالقرب منه الخط الكهربائي، كما يمثل همزة وصل بين قطرين شقيقين متجاورين وبين بلديتي أم علي والحويجبات، ولو تجسد المشروع على أرض الواقع لرفع الغبن عن البلدية التي تنعدم بها الموارد المالية والجبائية والتي تعرف ميزانيتها عجزا دائما، فتتحرك عجلة التنمية على مستوى البلدية بصفة خاصة وعلى المستوى الولائي بصفة عامة.
  هنا تتدفق مياه أقدم بئر بالمنطقة
أما بخصوص المجاري المائية الأثرية، فإن أول بئر عثر عليها هي البئر المعروفة باسم بئر أم علي، “أقدم بئر بالمنطقة”، حيث كشفت عنها المواشي التي كانت لما تمر بالمكان صيفا، فقد كانت تقوم بنبش التراب بقوائمها، فأدرك الأهالي أن هذه الحركة تدل على وجود ماء، فقرروا حفر البئر  و عند شروعهم في عملية الحفر اصطدمت فؤوسهم بشيء صلب، فتبين أن ذلك الشيء ما هو إلا  مقدمة بناء بئر أثرية، فأزالوا الردوم، ليجدوا ماء غزيرا عذبا،  فقضوا على أزمة العطش، فكانت البئر يقصدها حتى بقية الأعراش، وكان ذلك في عهد الاستعمار، و تكررت العملية ذاتها حديثا مع أحد فلاحي المنطقة، الذي كان يزرع الأرض، فلامست مسحاته حجرا وعند محاولته إزاحته تبين أنه بئر جاهز مبني بحجارة تعود إلى عصور غابرة، فوجد بها الماء أيضا واستغلها في خدمة أرضه .
وتوجد بالمنطقة عدة سواق ومجار مائية ، على غرار تلك الساقية الضخمة ذات الشكل الأسطواني و قطرها يفوق المتر، مبنية من مادة الجبس والحجارة و بها مياه غزيرة تم اكتشافها خلال ثمانينيات القرن الماضي، على إثر انجاز أشغال مد قنوات الصرف الصحي، وكانت محل معاينة من قبل لجنة على مستوى الوكالة الوطنية للآثار  بالعاصمة.
و أكد أحد أعضائها أن مدينة بجاية تتمون من ساقية شبيهة لها ولها ذات المواصفات، وعوض استغلال هذه الساقية كمعلم سياحي وتاريخي وكمورد ارتوازي، تم ردمها وبناء حي سكني ومقر الدائرة حولها، كما توجد ساقية أخرى بضواحي البلدية بالمكان المسمى “ القرعة “، وبها مياه غزيرة، و تم اكتشاف مدينة أثرية تحت الردم من طرف شباب الخدمة الوطنية في سبعينيات القرن الماضي، إضافة إلى العثور على بعض المقابر الجماعية والقبور الفردية بأماكن مختلفة، تعرضت كلها للتخريب لأسباب متعددة.  
  عبد العزيز نصيب

الرجوع إلى الأعلى