يرى الفنان مراد صيد مؤسس  فرقة يوغرطة، أن مستوى الأغنية الشاوية في تراجع منذ سنوات، معتبرا نفسه  في حوار خص به النصر ، ضحية تهميش جعله وأعضاء فرقته يبحثون عن مورد آخر للرزق.   فمن كان يعرف بخليفة الجرموني، يمتهن اليوم صناعة البيتزا والمحجوبة بمدينة أم البواقي، بعد أن كان سفيرا لهذا الطابع داخل وخارج البلاد، حيث نشط عدة حفلات ومهرجانات حتى في أوج الأزمة الأمنية.     
حاوره: أحمد ذيب
النصر : متى بدأ مراد صيد الغناء و كيف استطعت أن تصل إلى الجمهور ؟
ـ مراد صيد:  أنا من مواليد الثاني من شهر أكتوبر من سنة 1965 بمدينة أم البواقي، أين نشأت و ترعرت  ،   ولم يقدر لي أن أتم دراستي فانقطعت عنها  في  المرحلة الابتدائية، ما اضطرني للتوجه   لنشاطات حرفية مختلفة، لمساعدة عائلتي في كسب لقمة العيش.
بدأت الغناء منذ صغري، و عندما كنت أدرس في الطور الابتدائي كنت أغني بشكل عفوي، ذات يوم كنت عائدا من المدرسة إلى بيت عائلتي بحي "سوناتيبا" بأم البواقي، وكنت أغني، فسمعني دكتور مغترب يدعى عبد العالي بوزيد، فقادني مباشرة إلى دار الثقافة نوار بوبكر بأم البواقي، كان ذلك سنة 1993 ، و بعد أيام كنت أبيع علب السجائر فوق طاولة غير بعيد عن منزلنا بوسط المدينة و أغني،  تقدم مني المخرج التلفزيوني عزيز شولاح لاقتناء السجائر، و كان في مهمة عمل بأم البواقي، فأعجب بصوتي وعرض علي حينها إنجاز بورتريه تلفزيوني و  تصوير أغنية من أدائي، حيث أن ظهوري الفعلي كان بأدائي لأغنية عيسى الجرموني "أكر أنوقير"، حيث تم تصويرها بمرتفع جبل سيدي أرغيس.
 و قبل أن يكتشفك الجمهور من خلال التلفزيون،  هل حاولت أن تعرف بموهبتك أم أنك كنت بعيدا عن المجال؟
 ـ  بعد سنوات من انقطاعي عن الدراسة، تحصلت على ديبلوم في صناعة المرطبات من معهد التكوين المهني ببلعباس سنة 1985، وعملت على مستوى عديد المحلات في صناعة الحلويات وكذا على مستوى المطاعم حتى سنة 1987، وتنقلت حتى لولايتي بشار و تندوف للعمل في هذا المجال، قبل أن يتم اكتشاف موهبتي من طرف المخرج التلفزيوني عزيز شولاح.
كنت من مؤسسي فرقة "يوغرطة"  التي روجت للأغنية الشاوية بشكل واسع، كيف كان ذلك  ؟
ـ بعد أول أغنية أديتها وكانت مصورة وبثت على التلفزة الوطنية، قررت تأسيس فرقة غنائية،   أطلقت عليها تسمية "فرقة يوغرطة"، والتي تتشكل من كل من حكيم غديري الذي يعزف على آلة القيتار وصابري عبد العزيز على آلة باتار، وغديري الحاج على آلة باسيست، وكل من اليزيد ياسين المكنى "بلبة" وباهي زين الدين ومراد دنداني.
 وكانت البداية مع أول ألبوم للفرقة، الذي صدر سنة 1994 وتضمن 6 أغاني، منها أغنية معادة للفنان عيسى الجرموني المعروفة باسم "أكر أنوقير"، و5 أغاني أخرى كتبتها أنا رفقة ابن مدينة نقاوس بولاية باتنة شيتة عبد السلام، وهي "ثزريم ثزريم" و"أسليث" و"ماكومداس" و"أقوجيل" و"أمقران"، و قد تم تسجيل الألبوم في شريط صوتي، وشاركت به الفرقة في عديد الحفلات والمهرجانات، على غرار مهرجان عيسى الجرموني وحفلات بباتنة.
كما شاركنا سنة 1999 بمهرجان معطوب الوناس ببجاية، أين أحيت الفرقة حفل الافتتاح، لتتلقى دعوة للمشاركة في مهرجان "بيزنسو" الذي نظمته الجالية الجزائرية بفرنسا  في نفس السنة، أصدرنا ألبوما ثانيا سنة 2000 تضمن هو الآخر 6 أغاني، كانت كلها من كلماتي  وهي "يما ها يما" و"كم أسوقاز أتراجيغ" و"إيمغبان" و"ثاذبيرث" والأغنية الثورية التي تنقل ببطولة الشهيدين حقاص وبوشوشة التي حملت اسم "قليف ذعرار" وكذا أغنية "إيمناي".
لكن لماذا لم نعد نسمع عن نشاط الفرقة اليوم ولا نراها في المهرجانات؟
نجحنا في تمثيل الأغنية الشاوية أحسن تمثيل، بعد المشاركة في عديد الحفلات والمناسبات، غير أن الفرقة وخلال العشر سنوات الماضية، لم تتلق أي دعوة للمشاركة، باستثناء بعض الدعوات المحتشمة.  الفرقة كانت سابقا من بين الفرق الأولى التي افتتحت مهرجان أوراس الكاهنة بباتنة،  حيث شاركت  في  موسم 1994 و1995 والذي تحول اليوم لمهرجان تيمقاد،  وكنا كذلك قد شاركنا في مدينة نقاوس سنة 1991، أين كان بعض الفنانين يرفضون التنقل بين المدن والولايات نظرا للأوضاع الأمنية حينها، كما  نشطنا حفلات في ولاية البويرة سنة 1992، وكنا لا نرفض أي دعوة توجه لنا .
 أما اليوم فقد اختلف الأمر،   الفرقة شاركت  قبل 5 سنوات في حفل  نظمته إحدى الإقامات الجامعية للبنات بأم البواقي، ولم تتلق  مستحقاتها لغاية اليوم، وعلى مستوى القنوات التلفزيونية كان لي آخر ظهور سنة 2012 عبر القناة الرابعة الأمازيغية.
ماذا عن المشاركة في مهرجان موسيقى الشباب بأم البواقي؟
ـ وجهت لنا الدعوة مرة واحدة للمشاركة في هذا المهرجان ولبينا الدعوة، وأمام الإقصاء والتهميش الذي تتعرض له الفرقة، قرر أعضاؤها أن يلتفتوا لعائلاتهم وأمورهم الشخصية، وحتى وإن توجهت أنا بمفردي للمشاركة فأدائي لا ينسجم مع فرق موسيقية لم أعتد على الغناء رفقتها، وانسجامي مع أعضاء فرقتي.
  اليوم بأم البواقي نعاني الإقصاء،   فحتى خلال تكريم الفنانين يتم استثناؤنا ووضعنا جانبا، وهو ما جعلني ألتفت للبحث عن مصدر رزق لإعالة أسرتي وأبنائي الخمسة، فأنا اليوم مستأجر لسكن يأوي عائلتي بالمدينة الجديدة، بعد أن استفدت سنة 2002 بحي الوئام من سكن من غرفتين وبعته نظرا لظروفي الاجتماعية، حاليا أنا من أصحاب ملفات طالبي القطع الأرضية، وفي ظل الأوضاع التي أمر بها استأجرت محلا بجانب مسجد أبي ذر الغفاري لصناعة البيتزا و"المحجوبة"، لضمان لقمة عيش لعائلتي،  لذلك ابتعدت تدريجيا عن تقديم الجديد للأغنية الشاوية   .
. كيف ترى مستقبل الأغنية الشاوية و الأمازيغية عموما؟
ـ الأغنية الشاوية عرفت تطورا مع مهرجان أوراس الكاهنة،  الذي شاركت  فيه عديد الأسماء التي تؤدي هذا الطابع، على غرار جمال صابري الراحل كاتشو وماسينيسا وعميروش،  إضافة إلى أسماء وفرق  أخرى، و عندما تم توقيف المهرجان وتغيير تسميته، بدأت   في الانحدار التدريجي.         
     أحمد ذيب

الرجوع إلى الأعلى