أثرت الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي وباء كورونا، على نفسية الأطفال و ولّدت حالة من الذعر لديهم، حيث تحوّل  الخوف من الإصابة بالفيروس  لهاجس لدى البعض منهم، ما جعل البعض يحرصون حسب ما أكده لنا أولياء، على ارتداء الكمّامات في البيت و يبالغون في تعقيم أيديهم و ألعابهم و يمنعون كل من يقترب منهم لتقبيلهم، كما تحوّل الحديث عن الداء  إلى موضوع أساسي بالنسبة لعديد الأطفال، و هي سلوكات أكد مختصون بأنها تنبئ بدرجة الخوف و الذعر لديهم  
و   قد تؤدي للإصابة بصدمة نفسية تتطوّر  على المدى البعيد إلى  وسواس   وخوف من الأمراض.

أطفال يصابون بهوس التنظيف و ارتداء الكمامات
وقد انعكست تأثيرات الأجواء الخاصة التي فرضها الوباء داخل المدينة   و الحي والعائلة  سلبا على الأطفال، الذين تأثروا بمحيطهم الاجتماعي، و بدت انعكاسات ذلك على سلوكاتهم اليومية التي تظهر حالة الذعر التي تعيشها هذه الشريحة الحساسة، النصر تحدثت  مع أولياء لمعرفة ما طرأ على سلوكات أبنائهم بعد تفشي وباء كورونا، في مقدمتهم السيدة حليمة هي أم لثلاثة أولاد تتراوح أعمارهم بين 5 و 3 سنوات ، أكدت للنصر بأن ابنها الأكبر تأثر بالوضع الحالي ، و بما تنقله وسائل الإعلام، لكونه دائم التعرض لها ،  حيث  أصبح يحرص على ارتداء الكمامة في البيت و حتى عند مشاهدته للتلفاز، و هو ما لاحظناه في صورة أرسلتها لنا والدته، مشيرة إلى أنه يصاب بنوبة بكاء إن حاولت تخليصه من الكمامة أو عدم توفير أخرى.
و أضافت المتحدثة بأنه مهتم كثيرا بتتبع مستجدات الوضع   و ذلك بمشاهدة المواضيع ذات الصلة في التلفاز، و حتى عند لعبه مع إخوته لاحظت بأنه يحدثهم أحيانا عن الفيروس و يرسم لهم شكله   كما يحثهم على النظافة المستمرة، مضيفة بأنه   يكتب على السبورة التي تضعها في غرفته عبارة كورونا و يقوم برسمه، مؤكدة بأنه يرفض أن يقبله أي شخص يأتى من  خارج المنزل ، اذ و بمجرد الاقتراب منه يصرخ باسم كورونا.
 فيما أضافت أم عبير بأن ابنتها البالغة من العمر ست  سنوات أصبحت مصابة  بهوس التنظيف، حيث و بمجرد أن تلمس شيء معين تقوم مباشرة باستعمال المحلول المعقم، مشيرة إلى أنها تضع قارورة المحلول في جيبها كما ترفض كل شخص يقترب لتقبيلها و تبدأ مباشرة في البكاء.
أولياء ينشرون فيديوهات تبرز تأثر أطفالهم بانتشار الوباء
تأثر الأبناء بتفشي الفيروس لاحظناه أيضا من خلال فيديوهات منتشرة على مواقع التواصل، أطلقها أولياء من باب الفكاهة، غير أنها تظهر مدى تأثر الأطفال بالظرف الحالي ،  حيث لاحظنا مقطعا  من فيديو   يظهر أبا   يحاول تقبيل ابنته التي لم تتجاوز 4 سنوات من العمر غير أنها تحاول منعه و الهروب منه و تقول " كولونا" و ملامح الخوف بادية على وجهها، و قد لقي الفيديو تفاعلا من قبل رواد مواقع التواصل منهم من أخذها على محمل الجد، إذ انتقدوا تصرفات الأولياء و عدم اكتراثهم للأمر، داعيين لمراعاة نفسية الأبناء و الأخذ بعين الاعتبار سنهم عند الحديث إليهم.
في المقابل لاحظنا فيديوهات أخرى لأولياء استغلوا الحجر المنزلي الذاتي بإبعاد أبنائهم عن تأثيرات الوضع الحالي، و ذلك بمشاركتهم  اللعب بالدراجة، حيث نشر  فيديو لأب يركب دراجة  ابنتيه و هما تدفعانه،  فيما فضل أولياء آخرين لعب الكرة و ما يعرف "بالغميضة" و غيرهما ،  محاولين إلهاء أبنائهم عما يجري، حيث علق أحد الأولياء على الفيديو بالقول بأن فترة الحجر فرصة للاهتمام و التقرب من الأبناء و تعليمهم شروط الوقائية الصحيحة دون إقحامهم في دوامة الوضع الحالي، التي ستكون تأثيراتها أكبر عليهم لكونهم لم يبلغوا بعد مرحلة الوعي الكافي بماهية الأشياء و خلفياتها، مشيرا إلى أنه استغل الظرف للتقليل من استعمال أبنائه للتكنولوجيات الحديثة و تعويضها بألعاب أخرى تفيد صحتم.
 nالمختص في علم النفس كمال بن عميرة للنصر  
الخوف المرضي لدى الطفل يؤدي للإصابة بالوسواس القهري

 


من جهته تحدث مختص في علم النفس كمال بن عميرة عن الآثار النفسية الناجمة عن الإفراط في الخوف أو تخويف الأطفال من تفشي وباء كورونا ، و قال بأن ذلك يتسبب في إصابتهم بصدمة   نفسية، و تأثيراتها تمتد على المدى البعيد، بحيث تصبح شخصية الطفل هشة ، و يكون معرضا للإصابة بالوسواس القهري، و الخوف من الأمراض .
محدثنا حمل الأولياء مشكلة خوف الأطفال المبالغ فيه من الإصابة بالفيروس ، و قال بأنهم لم يجيدوا كيفية التعامل معهم في ظل الأزمة الراهنة، لكون الكثيرين اعتمدوا أسلوب التخويف و التهويل و تقديم معلومات عن الداء في الغالب تكون مغلوطة بهدف الالتزام بالإجراءات الوقاية و تحسيسهم بخطورة الوضع ، غير أن ذلك  له انعكاسات سلبية عليهم ، بحيث يتحول الخوف الذي يبث فيهم الى خوف مرضي  لكون الطفل لم يبلغ بعد سن التمييز و الوعي بمفهوم الأشياء و الأمور، موضحا بأن دور الأب في هذه المرحلة هو لعب دور الملاحظ ، و التوجيه الصحيح مع تعويد أبنائه على الالتزام بشروط النظافة دون تهويل .
nالأخصائية النفسانية نبيلة عزوز:
على الأولياء بث روح التفاؤل في أطفالهم بدل التخويف


المختصة في علم النفس التربوي نبيلة عزوز دعت الأولياء إلى التحلي بالوعي اللازم، و الالتزام بتقديم معلومات عامة و مبسطة و صحيحة عن الوباء دون تضخيم و لا الخوض في التفاصيل التي لا تتناسب مع سن الأطفال و قدراتهم الإدراكية، و الحرص على  بث التفاؤل في نفسياتهم بالقول مثلا بأنه يتمتع بمناعة كبيرة و له قدرة على مقاومة هذا الوباء، و تعويض الأفكار السلبية بالايجابية ، بتعويده على الالتزام بالنظافة بطريقة عقلانية لا أن  تتحول إلى هوس، كما يجب توعيته بضرورة ترك المسافة بينه و بين الأفراد، وتحث النفسانية  على استغلال الوضع الراهن و التقرب من الأبناء و القضاء على السلوكات السلبية ، مشيرة إلى أن الطفل يرى بأن والديه مصدر قوة و حماية  ما يجعله يتحلى بالقوة في حال لم يظهرا تخوفها، كما دعت إلى تجنيبهم مشاهدة الأخبار المتعلقة بالفيروس و الامتناع عن الحديث أمامهم عن مستجدات الوضع و خطورته.                                            ا.ب

الرجوع إلى الأعلى