يتحدث الصحفي الجزائري أكرم خريف، في هذه الدردشة مع النصر، عن تجربته مع فيروس كوفيد 19، الذي تماثل للشفاء من أعراضه بعد أسبوعين كاملين، قال، بأنه واجه خلالها اختبارات تحمل يومية، كان الفيروس يمتحن من خلالها مناعة جسمه بشكل مستمر، لكن ذلك لم يحبط معنوياته رغم آلام الحمى التي رافقته ليلا و  نهارا  طيلة فترة علاجه في المنزل، المكان الذي اختار أن يتواجد فيه بنصيحة من الأطباء، الذين التزم بتعليماتهم الصارمة و حافظ على معنوياته مرتفعة بشكل سمح له بالتعافي بعيدا عن كل التهويل و المغالطات المتداولة بقوة على الانترنت و تحديدا على مواقع التواصل الاجتماعي.
مرضنا أنا و زوجتي لكن أعراضنا اختلفت
رغم أنه لا يتذكر أين يمكن أن يكون قد التقط العدوى، إلا أن محدثنا، لم يعتبر نفسه يوما في منأى عنها و كان يتعامل بعقلانية مع احتمال إصابته بالمرض، يقول: «  كنت أعرف مخاطر الفيروس و كنت متيقنا من أنني لست منيعا عن الإصابة به، فقبل أسبوعين من مرضي كنت في تونس، لتغطية أحد المؤتمرات الدولية، أين تواجد الكثير من الأجانب من بلدان عديدة و الحقيقة أن بوادر الأزمة الصحية كانت واضحة حينها، وألقت بظلالها على التظاهرة التي غاب عنها الكثير من العارضين بسبب كوفيد19، بعدها عدت إلى الجزائر و أنا في صحة جيدة، لأنني التزمت خلال سفري بكل إجراءات الوقاية بما في ذلك ارتداء الكمامة و التعقيم ولذا لا يمكنني أن أحدد مصدر العدوى بالضبط، خصوصا وأنني أصبت بالفيروس أنا وزوجتي في نفس الوقت، و بالتالي فهناك احتمال أن يكون أحدنا قد نقله إلى الآخر، و يمكن أن تكون هي من أصيبت أولا مع أنها تعايشت مع الأمر بأضرار أخف بكثير مما تعرضت له أنا طيلة فترة المرض، خصوصا و أنني كنت في حالة حجر صحي منزلي.
يواصل حديثه: « في الحقيقة ، إن اختلاف الأعراض من شخص إلى آخر، و وجود مصابين بالفيروس لا تظهر عليهم أية أعراض مطلقا، أو قد تكون جد طفيلة و تقتصر فقط على فقدان حاسة الشم فقط، و هو ما حدث تحديدا مع زوجي، يدفعني التكفير جديا في احتمال صحة النظرية القائلة، بأن زمرة الدم تلعب دورا، ففي محيطي كل من أعرفهم تقريبا من زمرة 0، وقد  بدا جليا بأن تأثير العدوى عليهم أخف بكثير «.
هكذا امتحن كوفيد 19 جسدي طيلة 14 يوما
سألناه عن طبيعة الأعراض التي عانى منها، وما إذا كانت تتطابق مع ما يتم تداوله عبر الإنترنت و ما يصفه الأطباء، فوصف لنا كيف اختبره كوفيد 19، طيلة فترة المرض على النحو التالي        قائلا : « البداية كانت بصداع مزمن لمدة ثلاثة أيام متتالية مع شعور بالتعب، لكن دون أعراض أخرى وهو ما جعلني استبعد فرضية كورونا، لكن بداية من اليوم الرابع تغير الوضع، فقد بدأت أعاني من الحمى و من أعراض تنفسية طفيفة، لذلك خضعت لفحص طبي روتيني، أخبرني الطبيب بأنه يشك في الفيروس، وبأنني قد أكون أصبت بالعدوى، و نصحني بالبقاء في المنزل و متابعة حالتي عن بعد، و للأمانة فقد ساعدني كثيرا منذ ذلك اليوم». يسترسل في حديثه :» كنت قد طلبت استشاره ثانية من  طبيب في الخارج مختص في الأمراض المعدية، اتصلت به و ووصفت له حالتي و طبيعة الأعراض التي ظهرت علي بما في ذلك فقداني لحاستي الشم و الذوق بعد خامس يوم، فأخبرني بأن الأمر يتعلق بفيروس كورونا، على اعتبار أنه سبق و أن تعامل مع حالات مماثلة لحالتي بحكم عمله، وبالتالي فإن فقدان الحاستين يعتبر دليلا قاطعا على التقاطي للعدوى، كما نصحني هو أيضا بعدم التنقل إلى المستشفى للخضوع الفحص كي لا أعرض غيري للمرض، خصوصا إذا لم أكن أعاني من أزمات تنفسية حادة، قالي لي « ابق  في المنزل  و تناول الكثير من المياه»، ووصف لي جرعة من دواء دوليبران و فيتامين «سي»  وهو علاج أؤكد بأن الطبيب يبقى الطرف الوحيد المخول بوصفه.
 طلب مني أن أحاول التحسن وأن أذهب للاستعجالات في حال شعرت بأي خطر أو تأزم للأعراض التنفسية، والحمد لله لم أعاني فعليا من مضاعفات تنفسية خطيرة استدعت دخولي للمستشفى فالتزمت بالعلاج المنزلي.
مع ذلك فقد تواصلت معاناتي مع الحمى لليوم العاشر، كانت ترتفع لحوالي 40 درجة، وقد كنت أشعر بتعب وإرهاق شديدين و عضلاتي كانت مشدودة و جهازي التنفسي ضعيف، كما كنت أسعل قليلا وعانيت أيضا من أعراض أخرى كألم في الكبد و في الكليتين و إسهال و ألم في الصدر و ضيق في التنفس و صداع لا يتوقف، إضافة إلى فقدان حاستي الذوق و الشم، ناهيك عن فقدان الشهية الذي استمر لطيلة خمسة أيام كاملة لم اتناول فيها شيئا.
 يواصل وصفه للأعراض : « في اليوم الثالث عشر، بدأت أشعر بتحسن نوعا ما،  فقد استيقظت صباحا بدون حمى بعد معاناة متواصلة طيلة الفترة الماضية، كما أن نوباتها القوية أصبحت متباعدة بحوالي ست ساعات، بعدما كانت تتكرر كل ثلاث ساعات على الأقل، في اليوم الموالي  خفت الحمى، و بدأت باقي الأعراض تخف تدريجي».
 خلاصة القول كما عبر أكرم خريف، هي أن الفيروس كان يختبر قدرته الجسدية على التحمل باستمرار طيلة 14 يوما، حاول إضعاف مناعته بطرق مختلفة، و قد كان يتألم و يواجه كل يوم عارضا جديدا و مختلفا لا يدري كيف أو متى سينتهي.
 العلاج المنزلي ممكن و ناجع لكن بشروط
وبالرغم من أنه أنهى فترة علاجه كاملة في المنزل، إلا أن محدثنا يؤكد بأن هذه الطريقة لا تتم بشكل عشوائي، فيجب أولا حسبه التحقق من طبيعة العدوى، و التواصل بشكل مستمر مع  طبيب معالج متخصص، يقول :» في حالتي  كانت الأعراض واضحة و بسبب ندرة التحاليل آنذاك، لم أخضع لفحص الكشف عن طريق الدم، لكنني كنت في اتصال دائم مع الأطباء الذين نصحوني بأن أترك حق الاستفادة من التحليل لشخص يصعب الجزم بإصابته، وهو ما التزمت به فعليا»
مع ذلك يشير في حديثه، إلى أن العلاج المنزلي يتطلب عدم التواجد في عزلة مطلقة، و التأهب الدائم لاحتمال تدهور الوضع الصحي، بمعنى أن يكون الفرد مطلعا على عنوان أقرب مصلحة استعجالات يمكنها التكفل به، مع اتباع شروط الوقاية من خلال تعقيم الأماكن التي يتواجد فيها داخل المنزل و أن يستعمل أدوات خاصة به بما في ذلك الفوط ، إضافة إلى ارتداء الكمامة بشكل دائم.
مددت حجري الصحي لخمسة أسابيع بقرار شخصي
 أوضح لنا، بأنه لا يزال حاليا ملتزما بالحجر الصحي  المنزلي لمدة أسبوعين إضافيين رغم تحسن حالته، وحتى وإن كان الأطباء قد أكدوا له بأن أسبوعا إضافيا واحد يعتبر كافيا، إلا أنه قرر أن يمدد فترة عزلته المنزلية إلى خمسة أسابيع، خصوصا وأن معنوياته مستقرة و لم يواجه أية ضغوطات نفسية تذكر منذ إصابته بالمرض، يفتح لنا قلبه : « كل تركيزي صراحة كان منصبا على مكافحة الفيروس و التماثل للشفاء، ولم أهتم بجانب الترفيه و لم افتقد التفاعل الاجتماعي».
كم كبير من المعلومات المتداولة عبر الإنترنت بلا فائدة
من جهة ثانية يقول بأنه تعاطى خلال هذه الفترة مع الكثير من المعلومات حول كوفيد 19، عبر الانترنت و قد استنتج بأن  كمية كبيرة من ما هو موجود على الشبكة من معلومات غير مفيد، فمنها ما هو رديء فعلا من ناحية المحتوى  و منها ما لا يقدم أية فائدة، حتى أراء الكثير من الأطباء حسبه، متضاربة و لا تقدم نفعا حقيقيا، لدرجة أنه لم يستفد منها بقدر ما استفاد من تجارب زملاء صحفيين  سبق لهم و أن اختبروا المرض قبله و تجاوزوا المرحلة. يقول محدثنا :» أولهم زميل جزائري عامل بالإذاعة، تحدثت إليه و شرح لي أمورا كثيرا وقد اتضح بأننا اختبرنا نفس الأعراض تقريبا، رغم أنه عانى بشكل مضاعف من المشاكل التنفسية باعتباره مدخنا، مقابل تأثير أقل لباقي الأعراض، و حقيقة أراحني الحديث إليه كثيرا، فقد فهمت بأن هناك نهاية للأمر و بأنها مرحلة وستمر، وهي نفس النتيجة التي توصلت إليها كذلك، بعدما  حدثتني رئيسة تحرير الصحيفة الدولية التي أعمل لصالحها، عن صحفية أخرى من رام الله عانت من نفس أعراضي و تجاوزت المرحلة، كنت حينها  أخوض اليوم السابع من التجربة، وأعتقد أن وضوح الرؤية بالنسبة لي ساعدني كثيرا في هذه المرحلة و رفع معنوياتي أكاد أجزم أن ذلك ساهم في تعزيز مناعتي، حتى أنني لم أفكر فعليا في الذهاب إلى المستشفى، حتى بعد أن أعلنت وزارة الصحة عن اعتماد بروتوكل العلاج بالكلوروكين، لأنني اعتقدت أن الوقت قد تأخر نوعا ما و أنني تخطيت الجزء الأصعب فقد بغلت اليوم التاسع، لذلك قررت أن ألتزم بمواصلة العلاج في المنزل و أن اعتمد على مناعتي».
لا يجب أن نهول ولا أن نقلل من خطر العدوى
بناء على تجربته الشخصية، يعتبر أكرم، بأن الطرح المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي في ما يتعلق بطبيعة العدوى و خطرها، خاطئ من ناحيتي التهويل و التقليل من خطر العدوى على حد سواء، لذلك فإن السبيل الأنجع و الصحي للتعامل مع الوضع حسبه، هو   الاستعلام بشكل دقيق و صحيح عن الأعراض فالمرض لا يعني الموت، و الأهم هو أن نلتزم بالحجر المنزلي و لا نغادر البيت إلا بعد أن نتخذ كل إجراء وقائي مع ضمان التقليل من التفاعل الاجتماعي، ففي النهاية المرض ليس عيبا بل هو أمر عادي و مرحلة ستنتهي كما عبر
 التفكير الإيجابي جزء من العلاج
 يختم حديثه قائلا :» الخوف والهستيريا لن يساعد  أحدا بقدر ما يمكن للمعنويات المرتفعة أن تعزز دفاعاتنا المناعية، كما أن العلاج في المنزل يجب أن يتم بشرط التواصل مع الأطباء و تجنب التطبيب الذاتي و تناول الأدوية دون استشارة، وهو إجراء لا يجب أن يشمل في رأيي المدخنين و المرضى المزمنين أو من يعانون من أعراض تنفسية حادة، هؤلاء عليهم التوجه للمستشفى».
هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى