ترى الإعلامية الجزائرية لبنى ذيب العاملة حاليا بقناة الحرة بدبي ، أن نجاح و تميز التجربة الإعلامية الجزائرية يحتاج اليوم إلى ضبط كل الأركان و آليات الممارسة المهنية ، في ظل المنافسة الشديدة التي تعرفها الساحة العالمية و التطورات الحاصلة على كل المستويات ، هذا لا ينفي حسب رايها  ما تم تحقيقه من تطور ملموس خاصة على مستوى السمعي البصري رغم تحفظها عن طريقة المعالجة الإعلامية التي تقدمها بعض القنوات الفضائية الجزائرية ، و هي مطالبة اليوم بضبط محتوياتها خدمة للمتلقي الجزائري و لحجز مكانة لها بين القنوات الفضائية العربية و العالمية.
وعن تجربتها خارج الوطن قالت لبنى إنها كانت فرصة لإثبات ذاتها في فضاءات إعلامية خارج حدود الوطن، حيث ساعدتها خبرتها خلال عملها في التلفزيون العمومي على النجاح في عدة قنوات عربية آخرها قناة الحرة.
المنظومة الإعلامية في حاجة إلى الضبط
 النصر: كيف تقضي لبنى رمضان في المهجر؟
لبنى ذيب: أولا شكرا على هذه الاستضافة التي خصتني بها جريدة النصر و تحياتي للجميع، كأي امرأة جزائرية أحاول أن أعيش شهر رمضان بكل تفاصيله و تحديدا في بلد الاغتراب  حيث ينتابك إحساس بالانتماء أكثر  للوطن  الذي أعوضه من خلال استحضار الطقوس و العادات الرمضانية الجزائرية .
- هل أنت من عشاق المطبخ وهل تحافظين على إعداد أطباق جزائرية؟
- نعم أنا أهوى إعداد الأطباق الجزائرية باختلاف أنواعها خاصة أن الجزائر مشهورة بأكلاتها الكثيرة و أحرص كثيرا على أن تكون حاضرة على طاولة الإفطار.
 تزامن الشهر الفضيل و الحجر المنزلي، كيف توازنين بين التزاماتك المنزلية و العمل عن بعد؟
- سأضحك قليلا، فبالنسبة لي الحجر المنزلي له جانب إيجابي في حياتي حيث تسنت لي الفرصة لقضاء وقت أطول مع ابنتي الصغيرة التي لا تزال في شهورها الأولى ما ساعدني على منحها الاهتمام الحنان الكافي، إلى جانب مزاولتي لعملي من المنزل فأنا أجلس أمام صغيرتي و أضع بقربي جهاز الكمبيوتر للقيام بوظيفتي كإعلامية.


 هل حرمك الحجر من زيارة الجزائر وقضاء رمضان هنا؟
- لحسن حظي أن والدتي متواجدة معي في دبي بسبب الحجر الذي منعها من العودة الى الجزائر، كما أتواصل يوميا مع شقيقاتي عن طريق التطبيقات الالكترونية التي تتيح لنا التقرب ممن نحب مهما بلغت المسافات، و في رأي الحجر المنزلي هو في صالحنا لحمايتنا من هذا المرض و العدوى رغم أننا حرمنا من الكثير من تفاصيل حياتنا خاصة في رمضان من تزاور و زيارة الأصدقاء و العائلة، لكنه فرصة لتدارك الكثير من الأمور بعد زوال هذا البلاء.
 كامرأة جزائرية مغتربة هل تروّجين لعادات وتقاليد وطنك؟
- أكيد، أروّج لتقاليد بلدي بكل فخر واعتزاز بداية من بيتي مع زوجي الذي لا أتوقف عن محادثته عن الجزائر و شوارعها و تقاليدها، حيث أصبحت لديه رغبة كبيرة في زيارتها، كما أنها رسالتنا كإعلاميين و ولائنا للوطن لإعطاء الصورة الصحيحة و الحقيقية لبلد مليون و نصف شهيد.
تجربتي في التلفزيون الجزائري كانت وراء نجاحي في الخارج
 بالعودة إلى الوراء، كنت من الوجوه التلفزيونية المعروفة خلال التسعينيات حدثينا عن هذه التجربة؟
تجربة ممتعة و شيقة و كلها مغامرات و من أحب المراحل المهنية على قلبي، كنت حينها متخرجة حديثا من الجامعة و منحت لي فرصة نتشيط برنامج صباح الخير لمدة أربعة ساعات و هو حلم كل شخص.
كيف التحقت حينها بالتلفزيون العمومي الجزائري؟
كنت بصدد إعداد مذكرة التخرج و كانت  في شكل وثائقي حول  الاستثمار السياحي في الجنوب و دور الإعلام في تنمية هذا الجانب، و صادف ذلك تواجدي بمحطة ورقلة و كان يومها التلفزيون الجزائري  ينظم يوما  تضامنيا :»تليطون « حينها  اقترح مدير المحطة أن أقدم فقرة ضمن  اليوم المفتوح و قدمت موافقتي مباشرة ، و فعلا تمت هذه الخطوة بنجاح  و كانت أول مرة أواجه الكاميرا على المباشر ، كما لفتت انتباه  المسؤولين في العاصمة ، و بعد التخرج تلقيت اتصالا من أجل  إجراء مقابلة  و من مكتب المدير  توجهت مباشرة الى أستوديو التصوير لإجراء الاختبار، و بعد أسبوع كنت المنشطة الرئيسية لحصة صباح الخير.
رغم أنك كنت من القليلات حينها ممن ظفرن بمنصب عمل في التلفزيون الجزائري، إلا أنك فضلت الهجرة لماذا؟
- ليس موضوع تفضيل بقدر ما أنه طموح و هو أمر مشروع ، إضافة إلى العشرية السوداء و الوضعية التي كنا نعمل بها خاصة الناس الذين كانوا في الواجهة كالصحفيين ما أجبرني على الهجرة  لتجريب حظي  و البحث عن فضاء أوسع لتحقيق طموحاتي في قنوات فضائية عربية .
هل ساعدتك الخبرة التي اكتسبتها في الجزائر على التأقلم و النجاح في الخليج؟
- أكيد ساعدتني كثيرا فالصحفي الجزائري معترف به في الخارج رغم قلة إمكانيات العمل في الجزائر آنذاك إلا أننا نجحنا، لأننا كنا نعتمد كثيرا على الارتجال و هي نقطة لقوة ، إلى جانب العمل الجماعي لتقديم صورة و محتوى مميزين للمتلقي الجزائري .
الاعتماد على المجهود الشخصي رغم قلة الإمكانيات نقطة قوتنا كإعلاميين جزائريين
- ما الفرق بين الممارسة الإعلامية في الجزائر والخليج؟
 - أتذكر أن  أول قناة التحقت بها في الخليج سنة 2005 كانت  قناة العقارية التي تعنى بالشأن الاقتصادي،  و كان في الأستوديو عدة  كاميرات موجة لي مباشرة إضافة إلى شاشة القراءة و كانت أول مرة  أتعامل مع هذا النوع من الشاشات ،  و هنا لمست  الفرق  فنحن في التلفزيون الجزائري حينها كنا  نرتجل لنقدم البرامج  لعدم توفر هذه التجهيزات ، و أتذكر أنني ارتبكت عندما طلب مني الاعتماد على الشاشة للقراءة و حينها طلبت الاستغناء عنها و تقديم البرنامج بشكل تلقائي و كنت محاطة بعدد من المسؤولين الذين صفقوا مطولا بعدما أنهيت الحصة، و هذا ما صنع الفارق  حينها لجيلنا  كإعلاميين قادرين على مواجهة أي طارئ.
  إن الإعلام في كل العالم هو واحد هو تقديم رسالة إعلامية للمتلقي و تنوير الجمهور، و يكمن الفرق بين استراتيجية العمل و الخط الافتتاحي من قناة لأخرى في نقل رسالتها الخبرية ، و مثلا في الخليج  هناك  ضوابط و سياسات واضحة و هي قواعد مهنية و حرفية ، و مؤطرة بضوابط مدروسة فلا يمكن تقديم تقرير أو كتابة خبر دون  معايير محددة لتقديم الخبر و الصورة بعيدا عن لغة الخشب و  تقديم الإنفراد و التميز، عكس التلفزيون الجزائري  حيث كنا نعمل  بالاعتماد على الارتجال و الاجتهاد  الشخصي لتقديم الأفضل.
 ما رأيك فيما تقدمه القنوات الفضائية الجزائرية؟
-    هناك بعض القنوات التي أنا معجبة بخطها الإعلامي لكن بالمقابل أتحفظ على بعض القنوات الأخرى و حول طريقة معالجتها و تقديمها لرسائل الإعلامية و تحاول نقل صورة سلبية عن الجزائر ، لأن مهمتنا كإعلاميين  و خاصة في قناة فضائية هو  التواصل مع ملايين الناس لذا يجب أن تكون رسالتنا واضحة و محددة مع تقديم صورة مميزة عن وطننا،  أما بالنسبة  للتلفزيون الجزائري  هناك تطور ملحوظ خصوصا مع إطلاق عدة قنوات حديثا و تحت رئاسة الزميل  أحمد بن صبان الذي أتمنى  له كل التوفيق لتقديم  تجربة إعلامية رائدة .
 ماذا ينقص الإعلام الجزائري اليوم لتحقيق التميز؟
 حسب رأي لابد أن تكون هناك منظومة إعلامية متكاملة الأركان لمنافسة الأسلوب السائد اليوم في القنوات الفضائية العالمية لنتماشى مع المنظومات الموجودة، لنا خبرة مميزة معترف بها لكن نحن مطالبون بتطوير الذات في هذا الفضاء الإعلامي المفتوح الذي يفرض علينا كإعلاميين مواكبة هذه التغيرات السياسية والاقتصادية الحاصلة على الساحة العالمية.
 كلمة أخيرة؟
شكرا جزيلا لهذه الدردشة التي خصتني بها جريدة النصر، وعبرها أرسل تحياتي إلى كل الشعب الجزائري في هذه الأيام المباركة من الشهر الفضيل و عيد الفطر.      
  هـ-ع

الرجوع إلى الأعلى