أفرز الانتشار السريع لفيروس كورونا المستجد بالجزائر نوعا جديدا من الزواج، تميزه مراسيمه البسيطة و غياب حشود المدعوين، بعيدا عن طقوس حفلات البذخ و الترف التي أرهقت جيوب الأسر في السنوات الأخيرة.
فبين ليلة و ضحاها، انقلبت الأوضاع رأسا على عقب، و تغيرت حسابات عرسان عام 2020، متغيرات فرضتها إجراءات الحجر الصحي القاضية بمنع التجمعات بما فيها ذلك تجمع الأشخاص في حفلات الزفاف، و تغلق معها قاعات الأفراح و الحفلات، مع غلق تام لمحلات بيع الملابس و جهاز العروس.
و قد جاءت كل هذه المستجدات، لتفرض إعادة الحسابات من جديد، فإما التعجيل و الاكتفاء بعقد قران ضمن محيط العائلة الصغيرة، أو التأجيل أملا في عودة الأمور إلى سابق عهدها لتنظيم عرس يحلم الكثيرون بأن يبقى ذكرى لدى كل من يحضرونه.
عرسان يخاطرون رغم الحجر
فبالرغم من إجراءات الحجر الصحي الصارمة، إلا أن بعض الأزواج قرروا عقد قرانهم، معلنين تنازلهم عن تفاصيل العرس الجزائري التقليدي، حال مصطفى الذي قال إنه قام بخطبة فتاة منذ 4 سنوات، و لم يتمكن من إجراء العرس  إلا في شهر مارس، مضيفا أنه قام بتقديم عربون لصاحب قاعة الحفلات لأجل الموعد، إلا أنه صدم عندما تلقى خبر إلغاء الحجز، و بعد تشاور مع أفراد العائلة، قرر إقامة العرس على نطاق ضيق مثلما أوضح، مكتفيا بعشاء جمع أفراد عائلته الصغيرة و عائلة زوجته الصغيرة.
أمية أيضا حدثتنا عن زواجها الذي كان قبل نحو 20 يوما، قالت إنه و على الرغم من رغبتها الشديدة في إقامة عرس أحلامها، إلا أنها قررت و زوجها الزواج في هذه الفترة الحرجة، التي ترى بأنها تخلد ذكرى زواجها أكثر من الأيام العادية، كما أوضحت سامية التي تعمل كحلاقة أنها استقبلت و منذ نهاية شهر رمضان 4 عرائس قامت بتزينهن بتسريحات العرائس و المكياج، و هن اللائي قلن إن «كورونا» لن تكون عائقا لدخولهن القفص الذهبي، دون خوف من العدوى التي قد تنتقل فيما بين الأزواج بحسب ما حذر منه بعض الأطباء.
أما عن التحضيرات المسبقة، فأجمعت العرائس اللائي تحدثنا إليهن أنهن اكتفين بما جهزن من أغراض، بينما الباقي سيقمن باقتنائه بعد انتهاء إجراءات الحجر، و تنازلت الكثيرات عن فستان العروس الأبيض في ظل غلق المحلات، و عوضنه بقفطان أبيض أو قندورة تقليدية باللون الأبيض، مما ساهم في عودة تقاليد قديمة لخروج العروس الجزائرية، مع لمسة جديدة تمثلت في كمامات حرصت بعض العرائس على أن تتماشى و فستان الزفاف.
كورونا فرصة لتقليل النفقات
و إن كانت الرغبة في الاستقرار وراء التعجيل في عقد قران عدد من الأزواج بالرغم من حساسية الظرف الصحي الراهن، إلا أن الواقع قد حول الكثيرين للتفكير في إيجابيات الوضع، و ذلك نتيجة التكاليف الكبيرة التي يقتصدونها مع العرس البسيط، مثلما قالت راضية بأنها قررت و زوجها استثمار المال الذي كان سيصرف لتغطية تكاليف الزفاف، موضحة أنهما اقتصدا تكاليف تأجير قاعتي الحفلات، الطعام و الحلويات، مصاريف الحلاقة و حتى فستان الزفاف و تكاليف شهر العسل، مما يعني ميزانية ضخمة أكدت أنها ستكون رأس مال مشروع صغير سيقومان بإنشائه مستقبلا.
كما جعلت كورونا الجزائريين يعيدون حساباتهم فيما يصرفونه لإقامة عرس في الوقت الحالي، أين اعتبر أنه مجرد تبذير و مضيعة للمال، و كذا تباهي و تفاخر يدفع ثمنه العروسان و عائلتيهما، كما أن الوضع الحالي قد قدم الكثير للعرسان بحسب تعليقات نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تناولوا الأمر بشيء من الهزل، معتبرين أن الفترة خاصة بـ»الصولد في الأعراس» مثلما عبر البعض و بأنها الأمثل للزواج بكل أريحية و دون ديون أو صرف أموال باهظة في الفراغ.و بين التيسير و التعسير، رفض آخرون عقد قرانهم في مثل هذه الظروف، معلنين قرارهم بتأجيل زفافهم إلى ما بعد كورونا، مثلما يقول أمين الذي يرى في أنه يتزوج مرة واحدة و يجب أن يكون زفافه مميزا وسط فرحة الأهل و الأقارب، حال نورهان التي رفضت أن تزف إلى بيت زوجها دون جهاز في ظل غلق كل المحلات و ضيق الخيارات، موضحة استعدادها للانتظار و لو لسنة أخرى لتزف كعروس.                            إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى