تشهد العديد من المناطق بجبال جيجل منذ  أيام انتعاشا و حركية كبيرة، جراء إقبال العائلات و الشباب على مختلف الفضاءات الغابية، بعد غلق مؤقت للشواطئ، وكذا عودة العائلات للمشاتي و القرى.
المتجول على طول الطريق الوطني رقم 43 بالجهة الغربية من الولاية، يشاهد عددا معتبرا من السيارات المركونة، فضل ركابها التمتع بنسيم البحر و اخضرار الطبيعة، و قضاء سويعات من الزمن، حيث و بمجرد الوصول  لمنطقة أفتيس، تبدأ  عشرات السيارات  في تغيير الوجهة  ناحية الجهة الجنوبية، المؤدية إلى أعالي الحظيرة الوطنية لتازة، و تحديدا للمنطقة المسماة النشمة،  أين يكشف المنظر  عن لوحة  طبيعية  خلابة تعلوها جبال شاهقة، تغطى المنطقة بسحابة من الظل، كما ساعدت وضعية الطريق على السير بشكل مريح رغم ضيقها.
   وعلى امتداد الطريق نجد العديد من  السيارات المركونة و عشرات العائلات و الأشخاص ينتشرون بواد النشمة، في شكل مجموعات، الجميع منهمك بالطهي  أو اللعب، في  مشهد يتكرر على طول المحور ، ما  كسر  صمت المنطقة ، التي تمتاز بغطائها النباتي الكثيف. و بالرغم من أن الشمس كانت ساطعة،  إلا  ان الأشجار كانت تحمي الزاور و تحتويهم بظلالها وسط طبيعة هادئة  وذات تركيبة   تقسم المنطقة إلى وجهتين، فالجهة اليمنى، يقع بها الوادي، ويفضلها عشاق السباحة  الذين يسبحون أو  يغطسون أرجلهم في المياه الباردة، أما الجهة اليسرى فنجد  بها عشرات العائلات  جالسة بالغابات، مجتمعة حول طاولة الأكل أو منهمكة في لعبة.
  تقربنا من مجموعة من الزوار ، أين أخبرنا رب العائلة بأنه قدم من العاصمة لقضاء بعض الأيام، قائلا « فضلت القدوم عند شقيقتي لقضاء بعض الأوقات خلال فترة الحجر الجزئي، كونها تملك بيتا واسعا بضواحي العوانة، و تعجبنا كثيرا المناطق الجبلية بالولاية، و ما لاحظته خلال الأيام القليلة الماضية هو  الإقبال  الكبير  على المنطقة من مختلف الولايات، خصوصا بعد غلق الشواطئ، ما جعل العائلات تهرب من صخب المدينة إلى هذه المنطقة الجميلة و الهادئة، و التي تمتاز بعدة خصوصيات، منها  أشجارها الشاهقة، و خرير المياه المنبعثة من الوادي، بالإضافة إلى وجود القردة التي تعطي  أجواء خاصة  بالمنطقة». لتعلق زوجته» نفضل المناطق الغابية منذ سنوات، و تعتبر  النشمة من بين المناطق التي ألفنا القدوم إليها  ، و قد لاحظنا إقبالا كبيرا في الفترة الأخيرة عليها، خصوصا بعد غلق الشواطئ».
 تقربنا  من عائلة أخرى كانت متواجدة بالقرب من الوادي،  اتضح بأنها قادمة من ولاية سطيف،  و أخبرنا أحد الشباب بأنه فضل القدوم للجهة، بعد فشل دخوله للشاطئ، و قد كانت فرصة له للتعرف على المناطق الجبلية، من بينها منطقة النشمة، و التي تعتبر بمثابة إكتشاف.
واصلنا السير على طول الطريق المؤدي إلى أعالي بلدية سلمى بن زيادة و العوانة، مرورا بمنطقة قروش، أين لاحظنا سيارات مركونة على طول الطريق، عائلات تستمتع بالأجواء الرائعة وسط الغابة الجبلية الخلابة، و قد كانت تفترش الأرض و رائحة الشواء منبعثة من المكان ، عند بلوغ   الطريق البلدي رقم 07 بأعالي العوانة،  تتكرر  نفس المشاهد،   وطوابير سيارات تحمل ترقيم ولايات مختلفة ، فيما كان  الأطفال يلعبون في الغابة، و منهم من يحاول إزعاج القردة التي تقترب منهم للظفر بنصيبها من الأكل.
 وقد أشار أبناء المنطقة، بأن جبال الولاية عرفت حركية كبيرة للعائلات، تقريبا في كل زاوية، تجد سيارة أو مجموعة مركبات مركونة، جلهم يبحثون عن الهدوء و الراحة، مؤكدين، بأن الحركة تبدأ في الفترة الصباحية بعد رفع الحجر الجزئي، أين تتوافد عشرات العائلات لتتسابق للظفر بمكان،  و يفضل الزوار إعداد الأكل بطرق تقليدية و على الجمر، و يكثر تواجدهم   من المناطق القريبة من الينابيع المائية، مؤكدين، بأن جائحة كورونا ساهمت في إنعاش المناطق الجبلية.    
               كـ. طويل

الرجوع إلى الأعلى