تسجل مبيعات المكملات الغذائية بمختلف أنواعها بالسوق الجزائرية مؤخرا، ارتفاعا  كبيرا، في ظل تنامي مخاوف المواطنين من خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد، فيما يحذّر مختصون من خطورة الاستعمال غير الصحيح، و يكشفون عن احتواء بعضها على مواد غير فعالة و أخرى مسرطنة.
الفيتامين سي، الزنك، المغنيسيوم، حمض الفوليك...و القائمة طويلة لأسماء مكملات غذائية لم تكن بالأمس القريب من بين أولويات المواد التي يقتنيها الجزائريون، و ظل استهلاكها بالرغم من توفرها بكميات كبيرة عبر كامل الصيدليات، مقتصرا على بعض الأشخاص من ذوي الأمراض المزمنة الذين يشترونها بناء على وصفة طبية، أو عمال الصحة ممن يلجؤون إليها لمنحهم جرعات من القوة لمواجهة ضغوطات و تعب العمل اليومي.
و تشير معطيات استقيناها من الشارع و محلات بيع العطارة و هذا النوع من المكملات و كذا الصيدليات، إلى أن المواطن الجزائري و منذ بداية تسجيل أول حالة بالإصابة بمرض كوفيد 19، توجه في اهتمامه إلى المكملات الغذائية كمعززات للمناعة و الواقي الفعال للإصابة بالوباء، لتصبح بذلك جزءا لا يتجزأ من قائمة المواد الاستهلاكية الضرورية، إذ تنافس اليوم علبة الحليب أو الياغورت و حتى قطعة اللحم و حبات البطاطا بالنسبة للأشخاص ممن أصابهم الهلع خوفا من الإصابة بالفيروس، مثلما يقول توفيق الذي أكد أنه أصبح يقتنيها لأجله و لأفراد أسرته كمادة ضرورية تدخل في قائمة المواد المغذية المعززة للمناعة.
صيدليات تسجل ارتفاعا في الطلب بنسبة 80 بالمئة
كشفت جولة استطلاعية للنصر   ببعض الصيدليات، أن الإقبال الكبير على المكملات الغذائية عبر مختلف الصيدليات يشمل بشكل محدد الزنك و الفيتامين سي بدرجة كبيرة، بينما تأتي أنواع أخرى من المكملات بعدها مثل المغنيسيوم و الأوميغا 3 والجنسن والزنجبيل ، حيث تسجل إقبالا منقطع النظير بحسب ما أكده لنا مسيروها، الذين أوضحوا أن هنالك زبائن يطلبون أنواع معينة من المكملات، بينما يطلب منهم آخرون نصحهم بمواد تفيدهم لتعزيز جهاز المناعة، مؤكدين أن الأغلبية لا تدقق في المكونات أو تستفسر حتى عن طريقة تناولها.
و كشفت مسيرة لإحدى الصيدليات الخاصة بالجزائر العاصمة أن الإقبال على المكملات الغذائية زاد بنسبة 80 بالمئة مقارنة عن العام الفارط أو قبل دخول فيروس كورونا إلى الجزائر، و أوضحت أن جزءا كبيرا من عمليات البيع التي تسجل بشكل يومي على مستوى الصيدلية ترتبط بهذا النوع من المواد، كما أن اقتنائها و بعد أن كان حكرا على شريحة معينة مثل حاملي الأمراض المزمنة، اصبح اليوم عاما، إذ تقتنيه جميع الفئات و دون استثناء.
كما تحدث صيدلاني آخر عن أن تزايد الطلب على المكملات الغذائية في هذه الفترة، قابلته زيادة في الإنتاج من المخابر الوطنية من جهة، و استيراد  منتوجات أجنبية من جهة ثانية، الأمر الذي كشف أنه ساهم في توفير أو خلق بدائل و أنواع كثيرة منها.
مخابر تنتقل من الاستيراد إلى الإنتاج
كشفت مصادر طبية للنصر أن بعض المخابر الوطنية التي تتخصص و منذ سنوات في استيراد المكملات الغذائية، تستثمر حاليا الوضع في ظل زيادة الطلب و الحركية الكبيرة التي يشهدها سوق المكملات الغذائية، لتتحول بذلك من الاستيراد إلى الإنتاج، ما تعكسه مواد نجدها اليوم عبر مختلف صيدليات التراب الوطني، بعد أن كانت السوق مقتصرة على المنتوج المستورد، ما حاولنا الاستفسار حوله لدى أحد المخابر الوطنية، إلا أن ذلك تعذر علينا.
من جانب آخر، كشفت مصادر مطلعة بالجمارك الجزائرية، أن زيادة الطلب على هذه المواد، دفع بالمستوردين إلى إدخال كميات أكبر منها عن طريق التصدير عبر مطار هواري بومدين الدولي، ما تعكسه الكميات الكبيرة التي تدخل يوميا عبر مصلحة الشحن، خاصة و أنها مواد تلقى دعما و تسهيلات من الحكومة الجزائرية باعتبارها مواد ضرورية يسمح باستيرادها. 
الأنترنت والإعلام يرفعان بورصة المكملات الغذائية
و أجمع صيادلة و باعة المكملات الغذائية ممن تحدثنا إليهم على أن زيادة الطلب الذي اقترن في الفترة الأخيرة بفيروس كورونا، له علاقة مباشرة بالإعلام الذي ساهم في زيادة الطلب عليه عبر التعريف به و الإشهار له بطريقة مثيرة، ما تعكسه الإعلانات الترويجية التي تمررها مختلف القنوات التلفزيونية خاصة الوطنية مؤخرا لبعض المواد التي أكدوا أنها كانت متوفرة منذ سنوات لديهم، غير أنها لم تلق الإقبال إلا من طرف فئة لا تكاد تذكر، لتصبح اليوم على رأس قائمة المواد الأكثر طلبا.
كما يلعب الأنترنت لعبته لصالح هذه المكملات، بفعل التصريحات و الشهادات و حتى الشائعات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي حول دور أنواع معنية من المكملات في تقوية جهاز المناعة، ما جعلها و في هذه الفترة تحديدا تستقطب ملايين المتتبعين الذين راحوا لاقتنائها دون أي تفكير مثلما أوضح بعض المعنيين الذين أكدوا لنا أن شهادات من جربوها عبر الفيديوهات التي شاهدوها عبر الانترنت أو من طرف أطباء مختصين، دفعتهم لاعتمادها دون استشارة طبية.
مواطنون في رحلة بحث بين الولايات
أسعار المكملات الغذائية التي تعتبر مرتفعة الثمن مقارنة بمواد أخرى، فضلا عن كونها مواد تباع في الصيدليات و أحيانا بوصفة طبية، إلا أنها غير قابلة للتعويض، تسجل ارتفاعا مقارنة بفترة ما قبل كورونا، بحسب ما أكده صيادلة، قالوا إن ذلك جاء من المخابر المنتجة أو الشركات المستوردة، و ربطوا ذلك بمحاولة لاستثمار الوضع و تحقيق أرباح مع زيادة الطلب.
بينما كشف مصادر من الجمارك أن الزيادة تقترن من جانب آخر بالرسوم الجمركية المرتفعة، حيث قفزت قيمة «الدابس» أو الحقوق المضافة على المنتوجات الخاصة مؤخرا من 30 بالمائة من قيمة المنتوج إلى 60 بالمائة، و زاد الرسم على القيمة المضافة   بنسبة 2 بالمائة لتصبح 19 بالمائة، ما يجعل الرسوم تقارب قيمة المنتوج ، و يتسبب ذلك بالضرورة في زيادة الأسعار.
كما تسبب ارتفاع الطلب عليها في ندرة البعض منها على مستوى بعض الصيدليات، خاصة الزنك و الفيتامين سي الفوار   ، ما دفع بالكثيرين للتنقل بين المدن و الولايات من أجل الحصول عليها، فيما يلجِأ آخرون إلى الفايسبوك أين قد يشترونها بمبالغ كبيرة خاصة المستوردة منها، علما أن أسعارها في الصيدليات تتراوح بين 200 دج إلى  6000 دينار بإختلاف الأنواع و المصدر بين محلي و مستورد.
الدكتورة آغا آسيا طبيبة مختصة في التغذية
تناول المكملات ضرورة تستدعي الحذر  
عبرت الدكتورة آغا آسيا عن ارتياحها من وعي المواطن الجزائري من ضرورة الاعتماد على المكملات الغذائية من أجل صحة جسدية و نفسية متوازنة  خاصة المعادن الصغرى مثل الزنك الذي يعد المفتاح الأساسي لصناعة الأجسام المضادة و تكاثر الكريات الدموية البيضاء و المعادن الموجودة بنسبة قليلة جدا في أجسامنا، و في ظل فقر الغذاء الذي نعتمده في حياتنا اليومية إضافة لكونه غير صحي في معظمه، إلا أنها تحذر من طريقة التعامل معها و  انتقائها و تعاطيها، حتى لا تقدم نتائج عكسية أو تسبب ضررا لمن يستهلكها قد يصل حد الموت.
الدكتورة   أكدت أن أي شخص بإمكانه شراء مكمل غذائي معين و دون وصفة طبية، غير أنه مطالب بمعرفة مسبقة بالمنتوج خاصة المكونات التي تدخل في تركيبته و طريقة تناوله، مشيرة في ذلك إلى المواد الحافظة المسرطنة التي توجد في شكل رموز على ظهر العلب أو الغلاف مثل E 102 أو E202، و غيرها من الرموز التي تمثل مختصرات علمية للمواد الحافظة التي تسبب السرطان، ما يعرض صحة الفرد للخطر و المرض عوض الشفاء أو تقوية جهاز المناعة.
و تتحدث الأخصائية أيضا عن ضرورة معرفة مكونات المكملات التي يتناولها الأشخاص، فمثلا لا يجب أن يحتوي الزنك على «أكسيد الزنك» لأنه يصبح بدون فعالية و لا يقدم فائدة لجسم الإنسان، و يعتبر «أكسيد الحديد» مادة تسبب السرطان، بينما الفيتامين «سي» الذي يغلي في الماء يحتوي على البيكاربونات التي لا تساعد على الامتصاص الكلي للفيتامينات و تنصح بتناول «سيترات الزنك» غير الموضب مع الفيتامين سي لأن الفعالية تكون أكبر عندما يأخذ كل على حدة، و من الخطأ مثلا حسبها تناول فيتامين «د « صباحا، بل ليلا ليعمل بطريقة صحيحة لتعزيز العظام، و توضح أن هنالك فرق في طريقة التعاطي بين الوقاية و العلاج، فمثلا الزنك لا ينصح به عند تفاقم الوضع مثل إصابة اللوزتين، لكون البكتيريا تستعمل الزنك كي تتكاثر لتشكل خطرا أكبر، بينما يمنع تناوله نهائيا بالنسبة للأشخاص المصابين بمرض السرطان.
كما تشدد الدكتورة آغا على ضرورة مرافقة المكملات الغذائية بنمط غذائي صحي، بعيدا عن الأغذية المصنعة و المكررة مثل الدهون و السكريات، هذه الأخيرة  تمنع مثلا إذابة الزنك، و يصبح تناول أي  نوع من المكملات معها غير فعال، كما تنصح بأخذ الجرعات الكافية و الضرورية وفقا لاحتياجات الجسم على النحو الموصى به من قبل الطبيب، و إن كان تناول المكملات أصبح أكثر من ضرورة اليوم، يبقى الحفاظ على الطعام الصحي و الاعتماد على الاستفادة من الفيتامينات و المعادن الموجودة في الغذاء أهم، فضلا عن أخد القدر الكافي من النوم و الالتزام بإجراءات الوقاية أهم عوامل تفادي العدوى بفيروس كورونا.
إيمان زياري

الرجوع إلى الأعلى