تنظم نساء مختلف قرى ولاية تيزي وزو  منذ عدة أيام، حملات تنظيف واسعة تشمل الطرقات الرئيسية و الأزقة المؤدية نحو المنازل، وكذا المقابر والساحات العمومية وغيرها من الأماكن المتواجدة بهذه القرى، كما يقمن بطلاء الواجهات وتزيينها برسومات مختلفة، اقتداء بما قامت به مؤخرا نساء قرية «تابودة» التي تقع أحضان الطبيعة الخلابة، في مرتفعات بلدية إيلولة أومالو، شرق تيزي وزو.
في مبادرة تضامنية تطوعية، خرجت جميع نساء هذه القرية الجبلية الجميلة، مؤخرا  في الصباح الباكر، إلى أزقة القرية وحقولها من أجل نزع الأعشاب الضارة المحيطة بها، و رفع القمامة ، كما قمن بتنظيف الينابيع المائية المنتشرة بالقرية،  و نزع الأشواك التي امتدت إلى الطرقات  وحرقها، بعيدا عن التجمعات السكنية، وتخلصن من النفايات الصلبة بنقلها على متن جرار ورميها في المفرغة.
وتعتمد نساء تابودة، على غرار نساء مختلف قرى بلديات تيزي وزو، في الحملات التطوعية الخاصة بتنظيف المحيط، على خطة عمل جادة للتنسيق في ما بينهنّ من أجل القيام بعملهنّ بإتقان في موعد واحد، حيث يقمن بالإعلان عن اليوم الذي يباشرن فيه عملهنّ، عن طريق ملصقات تعلق بالقرية وعبر منصات التواصل الاجتماعي، من أجل إنجاحها، و في اليوم المحدد يوزعن  المهام على كل مجموعة .
في أجواء تملؤها الإرادة و العزيمة، يقدمن على عملهن الخيري التطوعي ويجتهدن فيه، و يواصلن لعدة أيام إلى غاية  الانتهاء  منه، و هن يحرصن  على المحافظة على نظافة كل جزء من القرية، بما فيها المقبرة، حفاظا على حرمة الموتى والمساحات الخضراء و الأماكن العمومية و الطرقات الفرعية و الينابيع المائية و غيرها، كما يحرصن جميعا على المشاركة في العمل التطوعي مهما  كان نوعه، لأنه ذو منفعة عامة، فمثل هذه المبادرات تتميز بروح التعاون والتفاهم.
و رغم مشقة هذا العمل الذي يتطلب جهدا بدنيا كبيرا، إلّا أنهن يقبلن عليه بكل حب وحماس، وقد تعودن عليه منذ سنوات دون مساعدة الرجال، معتمدات على سواعدهن في كل مراحل العملية.
 للتغلب على التعب والملل الذي ينال منهنّ،  يقمن بترديد أغاني»أشويق»  لتضفي عليهن الحيوية و النشاط ، وهي عبارة عن أهازيج نسائية من التراث القبائلي العريق، تعبر عن حالة المرأة إذا كانت حزينة أو مسرورة، و يستعملنها كأداة للترفيه و الترويح عن النفس و التغلب على التعب عند قيامهنّ بأعمال شاقة ومرهقة، سواء في المنازل أو في الحقول عند موسم جني الزيتون أو الحصاد، أو عند ذهابهن لجلب المياه من الينابيع أو عند تحضير «فتل» الكسكسي  و عند قيامهنّ بأعمال النسيج أو عند الاحتطاب وغيرها من الأعمال المتعبة.و تعتبر السيدة تسعديت، أن حملات التنظيف التي يقمن بها في القرية، «واجب» للمحافظة على البيئة و نظافتها، كما أنها عادة تجمعهنّ في مختلف المواسم، خاصة عند اقتراب فصل الصيف، لحماية سكان القرية وممتلكاتهم من الحرائق التي يمكن أن تندلع في أية لحظة.
كما يقمن بهذا العمل قبل حلول المناسبات الدينية، مثل شهر رمضان أو عيدي الفطر والأضحى و المولد النبوي الشريف وغيرها، وأشارت المتحدثة إلى  أن تنظيف أزقة القرية يفرض على كل النساء مهما كانت مكانتهن الاجتماعية، فحتى العاملات في المؤسسات أو المكاتب والإدارات يشاركن في هذا العمل التطوعي لإنجاحه، و يمدن يد العون، إيمانا منهنّ بقيمة العيش في بيئة جميلة و نظيفة، مشيرة إلى أن العمل الجماعي والأجواء الاستثنائية المفعمة بالبهجة والفرحة التي يصنعها، تحفز هؤلاء النسوة على الخروج للمساهمة في أشغال التنظيف، حيث تتكاثف الجهود في فعل حضاري متميز.          
سامية إخليف

الرجوع إلى الأعلى