* مبادرة فردية تصنع  قصة نجاح في بئر العاتر

نجح مؤخرا، السيد « حسن مناس»، صاحب معصرة « الشجرة المباركة» في مدينة بئر العاتر  بولاية تبسة، في حصد ميدالية ذهبية، ضمن المسابقة الوطنية « أبوليوس 2020» الطبعة الثالثة عن أفضل وأجود زيت زيتون بكر ممتاز جزائري.

روبورتاج: عبد العزيز نصيب
أعلنت لجنة تحكيم المسابقة التي تتوج جودة زيت الزيتون لحملة 2019-2020، و المكونة من 9 خبراء جامعيين وطنيين و دوليين في تذوق زيت الزيتون البكر، عن فوز شركة «معصرة الشجرة المباركة» من بئر العاتر، بالميدالية الذهبية عن فئة «الثمار الناضجة».
صاحب معصرة « الشجرة المباركة» الفتية، تمكن بفضل الجودة العالية لزيت الزيتون، من التفوق على أكبر منتجي هذه المادة في الوطن، واضعا الزيت المحلي بجودته العالية في مقدمة الزيوت المشاركة في هذه المسابقة الهامة و اكتسب زيت الزيتون الذي تتميز به منطقة بئر العاتر « البكر»، بما اشتهر به من جودة عالية أهلته للحصول على لقب زيت الزيتون الصحي، ونيل ثقة الجميع و بات يروج في كثير من ولايات الوطن و يرتقي تبعا لذلك بصورة ولاية تبسة، إلى مستوى كسب الثقة و جودة المنتوج.
أولوية النوعية قبل المكاسب المالية
جريدة النصر تنقلت إلى مقر معصرة الشجرة المباركة بمدينة بئر العاتر، أين كان لها لقاء مع صاحبها « حسن مناس»، الذي أكد لنا على أن الحصول على هذه الميدالية لم يأت من فراغ و إنما جاء بفضل جهود جبارة مبذولة من طرف العائلة لرفع التحدي و تحقيق أفضل النتائج، مضيفا بأن إنتاج زيت الزيتون، يعتمد على الطرق و التقنيات الصحيحة التي تنطلق من طريقة جمع الزيتون و نقله و طريقة تخزينه إلى ظروف عصره، معتمدا على إمكاناته الخاصة و اشتغاله على مزرعته بمنطقة « عقلة أحمد» التي تتوفر على أكثر من ألف شجرة زيتون، ثم اقتنى معصرة خاصة ليواصل إنتاج الزيت الصحي عالي الجودة على طريقته الخاصة المرتكزة بالأساس على النظافة دون التفكير في الكميات التي سيتحصل عليها و المداخيل التي سيجنيها، إذ يعمل على الجودة قبل كل شيء، حتى يكتسح بها الأسواق، ثم تأتي المكاسب المالية.
مؤكدا في ذات السياق، على أن نجاح ترويج الزيت سيساهم في فتح آفاق كبيرة أمام بقية المنتوجات المحلية التي باتت تتميز بها منطقة بئر العاتر، داعيا الدولة إلى تكثيف التكوين في هذا القطاع ثم إعداد إستراتيجية واضحة للزيت دون الاقتصار على الجني و  العصر التقليدي.
من مزرعة بعقلة أحمد بدأت قصة نجاح
السيد « حسين مناس»، أوضح بأنه فضّل و من مجهود فردي طوعا، اقتحام عالم الزراعة، بعد أن أدرك أنها حق أبلج لا تستنكف عنه الحياة، فأعطى لشجرة الزيتون المكانة التي تستحقها و بمزرعته الكائنة في عقلة أحمد، بدأت حكاية حصوله على الميدالية الذهبية لزيت الزيتون البكر في المعرض الوطني عام 2020.
أشجار زيتون بلغت من العمر سنين عددا، كان لها الفضل الأكبر في مسيرته الفلاحية، فرغم الصعوبات التي لا تحصى والتي يعاني منها أغلب الفلاحين، دأب صاحب المعصرة على خدمة أرضه واستصلاحها باستخدام أفضل التقنيات الحديثة و توجيه منتوجه إلى معصرته الخاصة التي شارك زيتها في معارض دولية عدة أبرزها بالصين، تركيا و الإمارات العربية المتحدة.
و بالرغم من هذا التميز اللافت، إلا أنه وكغيره من المزارعين، يطالب السلطات المسؤولة بالالتفات إلى حل مشاكله و أخذها بعين الاعتبار، سيما رغبته الشديدة و طموحه الكبير في تطوير مصنعه و تحويله مستقبلا إلى مصنع للمصبرات و هذا ما يتطلب حسب قوله دعما ماليا من الدولة لاقتناء الأجهزة و المعدات الحديثة و المتطورة، التي تمكنه من منافسة أقرانه في هذا المجال، خاصة في ظل تطور إنتاج الزيتون بتونس و المغرب و الذي بات أحد ركائز اقتصادهما.
ويبقى توفر ولاية تبسة على أزيد من 2 مليون و200 ألف شجرة، ثروة زراعية كبيرة وجب الالتفات لها و دعم منتجيها و تسهيل حصولهم على الوثائق الإدارية الخاصة بالعقار الفلاحي و تسوية ديونهم و منحهم امتيازات خاصة تدفعهم إلى المزيد من البذل و العطاء.
ولاية تبسة نظمت بداية هذا العام، الملتقى الوطني حول تنمية شعبة الزيتون، حيث أكد المشاركون في اختتام فعالياته، على الأهمية التي يمثلها تنويع غراسة مختلف أصناف أشجار الزيتون لتحقيق وفرة في الإنتاج، كما أوصى المجتمعون على الخصوص، بتنمية هذه الشعبة الفلاحية عبر الوطن و  خاصة بولاية تبسة، من خلال اقتراح أساليب و تقنيات من شأنها رفع الإنتاج الوطني من الزيتون و زيته، كما تطرقوا إلى سبل تسويقه و تصديره نحو الأسواق العالمية.
المشاركون اقترحوا تنويع غراسة مختلف الأصناف المنتجة للزيتون، مشيرين إلى أن الجزائر تحصي 46 صنفا معترفا به، من بينها “الزيتون الفركاني” المنتشر بولاية تبسة و الذي يتلاءم مع طبيعة التربة و الظروف المناخية للمنطقة، إضافة إلى مردوديته الكبيرة، حيث يمكن من استخلاص 32 لترا من الزيت من 1 قنطار من هذا الصنف من الزيتون.
و تضمنت التوصيات أيضا، إنشاء تعاونيات لإنتاج الزيتون و زيته، بهدف تنظيم هذه الشعبة و تسويق المنتوج و وضع حد للتلاعب بالأسعار، فضلا عن الاستفادة ضمن مختلف أشكال الدعم المالي و التقني التي توفرها الدولة لفلاحي هذه الشعبة و توسيع المساحة المخصصة للأشجار المثمرة.
منظم المسابقة و مدير “مجلة الزيتون” سمير غاني، كان قد أكد في تصريح إعلامي سابق، على أن الهدف من هذه المسابقة المخصصة للزيوت البكر، هو تحسين نوعية هذا المنتوج للمستهلك الجزائري، مضيفا بأن “للزيوت البكر الممتازة فوائد عديدة مثل مضادات الأكسدة و بالتالي فمن الضروري تحسين جودة زيت الزيتون الوطني لصالح المستهلك الجزائري، بحيث أنه عندما نذهب للتصدير، لن نجد صعوبة في تسويق منتجاتنا الوطنية “ و أشار إلى أن هذه الطبعة الثالثة من المسابقة، جرت في ظروف خاصة منذ جانفي الماضي.
و قال السيد غاني “بدأنا المسابقة منذ جانفي حتى مارس و هو الموعد النهائي لتقديم عينات من المشاركين، ثم كانت هناك التحليلات الفيزيائية و الكيميائية و تذوق أعضاء لجنة التحكيم العشرة”، موضحا بأن عينات المشاركين تم إرسالها إلى كل عضو في لجنة التذوق، بعد تطبيق إجراءات الحجر الصحي و قد تداول أعضاء من لجنة التذوق، منهم خمسة جزائريين و خمسة دوليين، كما أشار إلى “ أننا شكلنا لجنة دولية لمطابقة ما يتم فعله في الخارج، لأن المتذوقين الأجانب يشاركون في المسابقات الدولية، مؤكدا على أن زيوتنا تضاهي الزيوت الأخرى في الخارج” و بحسبه، فإن مشاركة عدة ولايات من مجموع ولايات الوطن، تثبت أن “ زيت الزيتون عالي الجودة موجود في كل مكان من التراب الوطني”.

الرجوع إلى الأعلى