تشهد الأسابيع الأخيرة عودة قوية للاحتفاء بالمناسبات العائلية و أعياد الميلاد و التخرج من الجامعة، عقب قرار تخفيف أو رفع إجراءات الحجر الصحي ببعض الولايات، لتعود أعراس الأسطح، الشوارع و البيوت، بينما ابتكر البعض أساليب جديدة للاحتفال في زمن الجائحة.
عادت الزغاريد و أبواق السيارات ترتفع مجددا عبر مختلف الأحياء، معلنة عن عودة قوية للأفراح و الأعراس التي أجلت في وقت سابق، بسبب تفشي فيروس كورونا، و تبعاته من بينها قرار السلطات العليا بمنع التجمعات، بما فيها الأعراس، لتصنع الأفراح مجددا، و تقام الولائم، و يزف العرسان وسط أجواء أحيت تقاليد قديمة للاحتفال بالأعراس الجزائرية.
بالرغم من تواصل غلق قاعات الأفراح عبر كامل التراب الوطني، فإن ذلك لم يمنع الكثيرين من إقامة أعراس أبنائهم، و هو ما أعاد طقوس العرس الجزائري التقليدي الذي يقام بين جدران المنزل، أو فوق الأسطح، أو حتى  وسط  الأحياء داخل الخيم العملاقة التي تغلق بها الطرقات و  توضع الكراسي  و الطاولات لتناول "قصعة الحلال" في جو جماعي مع الرقص على إيقاع  الموسيقى الصاخبة، التي تعزفها فرق "القصبة" أو "دي جي" وسط الشوارع، إلى ساعات متأخرة من الفجر.
قال السيد عمار للنصر، إنه فور الإعلان عن تخفيف إجراءات الحجر و الترخيص بإبرام عقود الزواج عبر كافة البلديات، تم عقد قران ابنه و إقامة عرس على الطريقة التقليدية بالبيت، وسط جو عائلي، أكد المتحدث أنه أسعده كثيرا، خاصة و أن مثل هذه الأجواء يفتقدها الجزائريون في السنوات الأخيرة، بعد انتشار ظاهرة إقامة الأعراس في القاعات، التي تجمع الأقارب و الأحباء سوى لساعات قليلة، بينما قد تمتد لقاءات البيوت لأيام متتالية.
الدراجات النارية بدل السيارات و الكمامات تعوض أكياس الحلويات
اضطر الكثير من العرسان لإدخال تغييرات على برامج أعراسهم التي أجلت بسبب الجائحة، ليقرروا إقامتها وفق ضوابط معينة تتماشى و الوضع الصحي الراهن، حيث و نتيجة لاستمرار منع التجمعات و خوفا من فرض غرامات مالية على سيارات "الكورتاج" مثلما وقع مع الكثيرين، فإن البعض استعان بالدراجات النارية لهذا، حيث تقود العرسان في سيارتهما فقط من بيت العروس إلى بيت الزوج، و هي الظاهرة التي راقت الكثيرين و اعتمدوها في أعراسهم.
و لأن ارتداء الكمامة ما يزال أمرا حتميا للوقاية، فإن حنان التي تزوجت منذ نحو 15 يوما أكدت أنها قامت بصناعة كمامات خاصة طبع عليها الحرف الأول من اسمها و اسم زوجها و وزعت على المدعوين، بدلا عن أكياس الحلوى الصغيرة التي أضحت موضة لاستقبال المدعوين، و تحدثت السيدة فوزية عن إقامة ديكور خاص يراعى فيه شرط التباعد على مستوى سطح منزلها لأجل زفاف ابنتها، حيث وضعت 3 كراسي فقط عوضا عن 5 في الطاولة، و قلصت عدد المدعوين الذين حرصت على أن يتناول كل واحد وجبته في صحنه الخاص.
أعراس لا تعترف بالوباء
في الوقت الذي أقامت بعض الأسر أفراحها و راعت إجراءات الوقاية، لتفادي أن تكون سببا في مرض أو وفاة أحد ضيوفها، فإن أسرا أخرى لم تعر لذلك أي اهتمام، فأقامت الولائم، دون مراعاة أدنى شروط و إجراءات السلامة، في ظل إقامة تجمعات داخل البيوت و تناول الطعام جماعيا، في ما يعرف بـ"المجمع"، و كأنهم تنازلوا عن أولوية حماية أنفسهم، بتفادي مثل هذه السلوكيات، فلا تباعد، و لا كمامة، داخل مساحات ضيقة.
قالت السيدة زهية إنها حضرت عرس أحد أقاربها، و صدمت بما شاهدته من عدم احترام أي إجراء وقائي في زمن كورونا، و هو ما أزعجها و جعلها تغادر مبكرا الحفل، مؤكدة أنها بدت و كأنها جاءت من كوكب آخر، و هي ترتدي الكمامة وسط جمع غفير لا مكان فيه، سوى للتسريحات الأنيقة و الماكياج المتقن، و خلال "التصديرة"، كانت العروس تلتقط الصور مع المدعوين، دون خوف من العدوى التي تتفاقم في مثل هذه التجمعات.
بالمقابل سجلت عودة قوية للاحتفال بالمناسبات المؤجلة بسبب الجائحة و الحجر المنزلي، فأحيت عديد العائلات هذه الأيام حفلات أعياد ميلاد و ختان أبنائها، و كذا عقيقة المواليد الجدد، و حفلات نجاح أبنائهم أو تخرجهم من الجامعة، ما تعكسه الصور التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمحتفى بهم و ذويهم و أصدقائهم و أحبائهم، على غرار احتفال الطلبة المتخرجين من المدرسة العليا للأساتذة بقسنطينة بتخرجهم، في حظيرة "صنوبر لاند" للتسلية و الترفيه بالخروب، بسبب منعهم من تنظيم حفلات بمقر المدرسة.
و الملاحظ أن تجمعات بيوت العزاء و ولائم الجنائز عادت بقوة هي أيضا، و تشمل أحيانا حتى المتوفين بكورونا، وسط أجواء عادية في الغالب، ما يشكل خطرا على الجميع، في حال إصابة أفراد عائلات الراحلين بالفيروس.
إ.زياري 

الرجوع إلى الأعلى