تشهد التجارة المحلية لمواد التجميل ركودا كبيرا دام عدة أشهر، و تراجع بيعها بنسبة قدرها الكثير من الباعة بـ 70 بالمئة، ورغم عودة الحركية مؤخرا، إلا أنها لا تزال عند عتبة 30 بالمئة، حسب تقديرات التجار، و تختلف هذه النسبة، حسب نوع المستحضرات، فلا تزال العطور و مواد تنظيف الجسم و الشعر، الأكثر مبيعا، مقارنة بالمواد الأخرى، و مع دخول القناع الواقي،  بمثابة أكسسوار يومي ، طغى الاهتمام بمستحضرات تجميل العيون، على حساب أحمر الشفاه.
في جولة قامت بها النصر عبر عدد من المحلات و طاولات بيع مستحضرات التجميل وسط مدينة قسنطينة، لمسنا نوعا من القلق عند التجار، بسبب التبعات الوخيمة الناجمة عن الأزمة الوبائية،  و التوقف شبه الكلي لهذا النشاط ، كسائر النشاطات التي صاحبت قرار الحجر الصحي، و منهم من  تكبد خسائر معتبرة،  و على الرغم من العودة المحتشمة خلال الفترة الأخيرة، إلا أن هناك توقعات ببقاء الوضع على حاله، لعدة أشهر أخرى .
محلات لم تجلب بضائع جديدة منذ مارس المنصرم
قال بلال صاحب محل " مونوبول" بشارع العربي بن مهيدي، للنصر، إنه لم يجلب سلعا جديدة إلى محله منذ شهر مارس الفارط ، و اكتفى باقتناء  المناديل العطرية و مواد التعقيم، و كذا مواد العناية بالشعر و الجسم،  مكتفيا بما  يوجد  برفوف المحل من مستحضرات التجميل، خاصة و أنه كان مغلقا لعدة أسابيع، و حتى بعد عودة النشاط ظلت نسبة بيع هذه المواد شبه منعدمة، و اقتصر نشاطه على بيع المعقمات و الكمامات.
زارت النصر محل بلال ، فوجدته شبه فارغ من الزبونات على غير العادة ، رغم ما يعرضه من مواد تجميل رتبت بشكل مغر و لافت، و قال لنا إنه لن يجلب كميات أخرى من السلع، و سيكتفي بما هو موجود و سيسعى لبيعه و تسويقه ، مضيفا أن الكثير من أصحاب محلات بيع مواد التجميل يعانون من نفس وضعه.
و قال حيدر، صاحب طاولة لبيع مستحضرات التجميل، إنه لم يشتر سلعا جديدة، و اكتفى بجلب بعض مستحضرات تجميل العيون، خاصة الماسكارا ، و الشامبو و صبغات الشعر و مختلف أنواع العطور، لأنها مطلوبة، مؤكدا أنه رغم قرار رفع الحجر على مختلف النشاطات، و عودة فئة واسعة من الموظفات إلى مقرات عملهن، إلا أنه متخوف من اقتناء كميات إضافية من السلع، خوفا من كسادها في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي أصبح فيها التكهن و المجازفة في التجارة مستبعدا.
و قالت خديجة إنها استغنت عن الماكياج ، و تكتفي بشراء العطور و الشامبو، و وجدت في الخلطات الطبيعية التي تحضرها في المنزل، بديلا عن كريمات و أقنعة العناية بالبشرة و الوجه، و حتى بعد عودتها إلى العمل، فإنها لم تعد تهتم كثيرا بالماكياج، خاصة و أنها مجبرة على ارتداء الكمامة طيلة النهار، مشيرة إلى أنها تستعمل أحيانا الماسكارا و كحل العيون، لكنها لم تستغن عن كريم الأساس و الواقي الشمسي.
تراجع حركة البيع و الشراء بنحو 70 بالمئة
غيّرت الكثير من السيدات و الفتيات ماكياجهم اليومي، خاصة بعد مكوث أغلبهن بالمنزل لعدة أسابيع،  و تخليهن عن استعمال مساحيق التجميل بشكل يومي ،  كما أن الالتزام بوضع الكمامة بعد العودة إلى مقرات العمل، جعل التركيز ينصب على ماكياج العيون أكثر.
و أكد أغلب التجار للنصر، أنهم يبيعون حاليا مستحضرات تجميل العيون، على غرار ظلال العيون و الماسكارا و أقلام رسم العيون و تلوين الحواجب، فيما تراجعت بشكل لافت مبيعات أحمر الشفاه باختلاف تدرج ألوانه، و ذلك بسبب إجبارية ارتداء الكمامة.
و قال عز الدين، صاحب محل لبيع مواد التجميل في شارع العربي بن مهيدي بقسنطينة، إنه يبيع أساسا الماكياج اليومي، على غرار كريمات الأساس و الماسكارا و العطور و منظفات الجسم و العناية بالبشرة و الشعر و أحمر الخدود، لكن المبيعات لا تزال ضعيفة بنسبة تناهز 30 بالمئة فقط، بينما تراجع بيع أحمر الشفاه بنسبة 95 بالمئة.
بعد العودة إلى العمل، اكتفت الموظفات باقتناء مواد تجميل العيون فقط، كما أكد التاجر، مشيرا إلى أنه يتوقع رواج ماكياج العيون خلال المدة القادمة عبر كل بلدان العالم، حيث ستركز كبرى الماركات العالمية على إنتاج و تصنيع أنواع مختلفة من ظلال العيون و الماسكارا ، على حساب أحمر الشفاه ، بينما تراجعت مبيعات كريمات العناية بالبشرة و كريمات الأساس و الهايليتر  و كذا الكريمات المستخدمة في البحر.
و قالت لنا إحدى السيدات إنها تخلت نهائيا عن أحمر الشفاه ، بعدما كانت في السابق حريصة على اقتناء عدة ألوان و استعماله بشكل يومي، و قد تقوم بتصحيحه أو وضعه لأكثر من مرة في اليوم، و أصبحت الآن تركز أكثر على تجميل عينيها ، و هو حال الكثير من الشابات، حسب رأيها.
فيما عرفت لأول مرة أسعار مستحضرات التجميل استقرارا  خلال فصل الصيف، بعد أن  كانت خلال المواسم السابقة تشهد زيادة في أسعارها و الطلب عليها، نظرا للعدد الكبير من الأعراس و المناسبات التي تنظم، و العطل السنوية و السفر و التوجه إلى الشواطئ، و أضاف عز الدين أن مجففات الشعر و المواد المستخدمة في صالونات الحلاقة تعرف هي أيضا ركودا هذه الصائفة، بسبب غلق قاعات الأفراح و صالونات الحلاقة ، و لم يعد هناك طلب على خصلات أو توصيلات الشعر، و الرموش و الأظافر ، كما تشهد مبيعات المعقمات،  تراجعا طفيفا مقارنة بالفترة الماضية.
«الصولد» للتخلص من السلع  خشية تلفها
جعل الكثير من أصحاب محلات بيع مستحضرات التجميل من الصولد أو التخفيضات، الحل الأمثل لجذب  أكبر عدد من الزبونات، في ظل الركود الذي تعرفه تجارتهم، و رغبتهم في تسويقها، خاصة أنها مرتبطة بمدة صلاحية معينة، فقد مرت أشهر على اقتنائها،  و عموما فإن أصحاب الكثير من المحلات الكبيرة و أجنحة مواد التجميل بالمساحات التجارية الكبرى، لجأ أصحابها  إلى هذه الطريقة و الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي .
و قد لاحظنا أن التخفيضات مغرية تبلغ أحيانا نصف السعر الأصلي أو أقل منه،  و قال لنا أحد الباعة بالمركز التجاري الرتاج مول بالمدينة الجديدة علي منجلي أنه وضع سعر 100 دج  لكل المستحضرات، خاصة أقلام تحديد العيون و الشفاه و طلاء الأظافر و أحمر الشفاه، من أجل التمكن من بيع المواد القديمة، و جلب الجديدة، و قد لاقت سلعه رواجا كبيرا.
و قال صاحب محل متواجد بحي 1600 مسكن في الخروب  أن تخفيض الأسعار هو الحل الأمثل بالنسبة إليه لمواصلة العمل، في ظل هذه الظروف الصعبة ، و قد قدم قبل عيد الأضحى هدايا مجانية، لكل زبونة تقتني أكثر من منتج واحد من محله،  مخفضا أسعار كل المستحضرات  لتجنب الخسارة في حال انتهاء مدة صلاحية السلع.
المنتجات المحلية تعجز عن تعويض المستوردة
في خضم ما تعرفه تجارة بيع مستحضرات التجميل من ركود ، و توقف كلي لحركة الاستيراد ، فقد عجز المصنع الجزائري عن تعويض المنتجات المستوردة من الصين و  أوروبا، و رغم أن حركة البيع و الشراء في تقهقر، إلا أن ما يتم إنتاجه محليا لم يرق إلى تطلعات التجار و الزبونات.
و خلال قيامنا بهذا الاستطلاع، لمسنا نوعا من التردد في اقتناء مواد التجميل الجزائرية، و قال لنا التاجر بلال، إن ورشات أو مؤسسات تصنيع مستحضرات التجميل في الجزائر، لا تولي أهمية كبيرة للتعليب و نوعية المنتوج ، و قد أظهرت الأزمة الوبائية الحالية هذا الضعف بشكل كبير.
و قدم المتحدث مثالا عن الماسكارا التي زاد الطلب عليها مؤخرا ، حيث اضطر إلى اقتناء  بعض الكميات المصنوعة محليا، إن نفدت المستوردة من المحل ، لكنه  تأسف لنوعية هذه المنتجات التي تفتقر إلى النوعية، فترفض السيدات شراءها.
و أكد من جهته التاجر عز الدين أن مستحضرات التجميل المحلية دون المستوى عموما، و لا يثق الزبون إلا ببعض العلامات القليلة جدا ، خاصة مستحضرات العناية بالشعر و الجسم و بعض الزيوت العطرية المصنوعة ببلادنا.
هيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى