* محطة مهدت لمرحلة جديدة في مواجهة الاستعمار       * كهوف ومغارات المنطقة استخدمت لتخزين المواد الغذائية

تستعيد، ولاية تبسة، معركة «الجُرف» التاريخية، التي وقعت في 22 سبتمبر 1955،  والتي كانت الأشرس والأقوى وأم معارك ثورة التحرير لطول مدتها والنتائج التي حققتها، فقد استغرقت أكثر من 8 أيام نال خلالها جيش التحرير وسام الشرف، فيما لحق الخزي والعار بالقوات الفرنسية الاستدمارية التي لم تتمكن من تحقيق الانتصار رغم الحشود ومشاركة اللفيف الأجنبي، بحيث تروي المصادر المتواترة بأن هذه المعركة أسفرت عن القضاء على 600 إلى 700 جندي فرنسي وإسقاط وعطب نحو 20 طائرة وإصابة 10 دبابات و30 مزنجرة، فضلا عن غنم 150 قطعة سلاح، فيما استشهد فيها نحو 75 مجاهدا وجرح بين 40 و50 آخر ممن كان لهم شرف المشاركة في هذه المواجهة.
وإحياء لهذه المناسبة التاريخية الـ65، أجرت « النصر» حوارا مع الأستاذ والباحث في التاريخ « فرحاني طارق عزيز» الذي فتح قلبه لجريدة النصر، وتحدث عن الظروف التي جرت خلالها معركة الجرف.
nس : لماذا اختارت قيادة جيش التحرير الوطني التمركز في جبل الجرف؟
ج : من الأسباب التي دفعت قيادة جيش التحرير الوطني وعلى رأسها الشهيد شيحاني بشير لاختيار جبل الجرف الذي يتوسط جبال النمامشة “منطقة تبسة”، كمقر للقيادة والإدارة لتوفر الجبل على تضاريس الجبل المساعدة على مواجهة الوحدات العسكرية الاستعمارية الفرنسية، ووجود كهوف ومغارات طبيعية، استخدمت لتخزين المواد الغذائية التي يحضرها المناضلون وأبناء الشعب كمساعدات للثورة، إضافة إلى توفره أيضا على المياه العذبة صالحة للشرب، وحتى لا ننسى نقطة مهمة وهي أن الجرف يعتبر منطقة فلاحية تتوفر على بساتين وأشجار مثمرة ونخيل زرعها سكان مشتة الجرافة كل هذه الخصائص أهلت المنطقة لاحتضان مقر إدارة جيش التحرير الوطني.
nس : هل تعتقد أن معركة الجرف قد فُرضت فرضا على جيش التحرير الوطني؟
ج : معركة الجرف لم تفرض على جيش التحرير الوطني، بل إن القائد شيحاني بشير قد اختار مواجهة الجيش الاستعماري الفرنسي وتحديه في معركة مباشرة، وكان يعلم بأن القيادة الفرنسية تخطط لبدء عملية تمشيط ومسح لجبال النمامشة، لذلك وزّع قادة الأفواج، وقام بنشرها في مناطق استراتيجية وحساسة وكلف بعضها بمهاجمة الثكنات الفرنسية كإجراء استباقي يمكّن بقية أفواج المجاهدين المتمركزة في الجرف من المناورة.
nس : كيف يمكننا معرفة أهم التطورات التي واكبت معركة الجرف؟
ج  :  اعتمادا على الشهادات الحية للمجاهدين وبعض الوثائق الأرشيفية، فقد تمكنا من معرفة أهم التطورات التي رافقت يوميات ملحمة معركة الجرف وهي مفصلة كالآتي:
- معركة مرتفعات فرطوطة بدوار أم خالد (بلدية المزرعة حاليا) التي شارك فيها فوج القائد الشهيد فارسي محمد بن عجرود يوم الخميس 22 سبتمبر 1955م.
- اشتباك بجبل أم الكماكم شارك فيه فوج القائد لزهر شريط ، وكان في أمسية يوم الخميس 22 سبتمبر 1955م.                                                                      - اشتباك بجهة الركيزة قرب الجبل الأبيض شارك فيه فوج القائد عباد الزين بن إبراهيم حوالي الساعة العاشرة ليلا من ليلة يوم الخميس 22 سبتمبر 1955م.
- اليوم الأول لمعركة الجرف تصادف مع يوم الجمعة 23 سبتمبر 1955م.
- اليوم الثاني لمعركة الجرف تصادف مع يوم السبت 24 سبتمبر 1955م.
- اليوم الثالث لمعركة الجرف تصادف مع يوم الأحد 25 سبتمبر 1955م.
- خروج أفواج جيش التحرير الوطني من جبل الجرف كان ليلة الاحد 23 سبتمبر 1955م.
n س : هل يمكنك تذكيرنا بأهم نتائج المعركة؟
ج  :   من خلال الشهادات الحية دائما، فقد تمكنا من معرفة أهم النتائج التي أسفرت عنها معركة الجرف، سواء في جانب جيش التحرير الوطني أو جانب الوحدات العسكرية الفرنسية، حيث سجلنا استشهاد 75 مجاهدا في هذه المعركة، 32 استشهدوا في معركة مرتفعات فرطوطة سالفة الذكر، والبقية استشهدوا خلال أيام المعركة وفي ليلة الخروج، وإصابة عدد من المجاهدين بجروح متفاوتة الخطورة في المعركة، بينما تمكن المجاهدون من غنم كمية من الأسلحة الحربية ومعدات حربية وحتى أسر بعض الجنود الفرنسيين خلال ليلة الخروج من الجرف وإسقاط عدد من الطائرات الحربية الفرنسية، وقتل عدد كبير من الجنود الفرنسيين.
n س: كيف ساهمت معركة الجرف في تدويل القضية الجزائرية؟
ج :   مكنت تلك المعركة بكل ما حملته من معاني البطولة و التحدي وسط المجاهدين من  تعزيز تدويل القضية الجزائرية في منظمة الأمم المتحدة وكل المحافل الدولية،  وأعطت انطباعا للصديق والعدو بأن ما يحدث في الجزائر آنذاك هو تحت قيادة  سياسية وعسكرية وبولاء و دعم شعبي، أما محليا فإن معركة الجرف سمحت برفع معنويات جيش التحرير الوطني وزادته  إصرارا على استرجاع السيادة الوطنية، كما مهدت لمرحلة جديدة في مواجهة  الاستعمار والرد على دعاوى الاستعمار التي تتهم المجاهدين بأنهم مجرد « قطاع طرق»
 nس : هل من كلمة أخيرة لقراء جريدة النصر؟
في الأخير نرفع صوتنا بهذا الطلب والذي نريد من خلاله تحويل منطقة الجرف إلى منطقة سياحية وإقامة منشآت ومعالم تاريخية بها، حتى نعيد لميدان المعركة مكانته التاريخية، ومن هذا المنبر أطالب السلطات بولاية تبسة بناء متحف وقاعة محاضرات وربط جبل الجرف بالكهرباء وهذا ما سيساهم في الحفاظ على مآثر الثورة التحريرية، شاكرا للجريدة إتاحة هذه الفرصة للحديث عن أم المعارك التي غيرت مسار الثورة التحريرية العظمى.
حاوره :عبد العزيز نصيب

الرجوع إلى الأعلى