أدخلت سماح بوكزية، صاحبة 23 ربيعا، من ولاية قسنطينة ، الفرحة على عائلتها بعد نيلها شهادة البكالوريا دورة سبتمبر 2020 ، بمعدل 11.73 من 20 ، متحدية إعاقتها البصرية و كل الصعوبات،  لتحقيق حلم راودها منذ الصغر.  قالت سماح في حديثها للنصر، أنها اجتهدت و ثابرت لبلوغ هذه النتيجة، لتكون من بين الناجحين في هذه الشهادة المصيرية و تبلغ مرادها بالالتحاق بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، تخصص علوم شرعية ، و هناك، كما أكدت، ستطلق العنان لأحلام جديدة و النهل من العلوم الإسلامية، إلى أن تبلغ  هدفها بأن تصبح في يوم ما داعية إسلامية.
والدتي كانت رفيقتي الدائمة داخل القسم
 خلال لقائها بالنصر، قالت سماح أن الفضل في نجاحها يعود أساسا إلى عائلتها التي ساندتها منذ طفولتها و آمنت بقدراتها الكبيرة و حبها للدراسة،  رغم إعاقتها،  حيث لم يبخلوا عليها بالدعم الدائم إلى أن تحصلت على شهادة البكالوريا،  مؤكدة أن نجاحها يعني نجاح كل من والديها و إخوتها الثلاثة ، فالأم، و هي معلمة رياضيات  متقاعدة، ساهمت بشكل كبير في تخطي سماح لعقبة البكالوريا، و كانت ترافق ابنتها يوميا إلى الثانوية و تحضر معها الدروس في كل المواد من الصباح إلى المساء، فتحولت إلى تلميذة تحضر الدروس و تقوم بكتابتها على كراريس ابنتها، بينما تتفرغ سماح لسماع شرح الأستاذ و الانتباه إليه.
و عند العودة إلى المنزل تقوم الأم بمراجعة الدرس مرة أخرى مع ابنتها، لتقوم هي بكتابته عن طريق البراي لتستطيع في ما بعد حفظه و مراجعته، المهمة لم تكن سهلة، كما قالت أم سماح السيدة الطاوس بوشاشي، فهي لم تتغيب عن مقاعد الدراسة مع ابنتها طوال السنة، إلا في حالات نادرة، مثل ظرف طارئ أو مرض.
 و أكدت سماح أن أمها كانت تحضر معها حتى في الدروس الخصوصية، و كانت بمثابة ظلها أينما ذهبت. و ذكرت السيدة الطاوس أنها تحولت إلى تلميذة طوال السنة، و في بعض المواد التي كانت تواجهها بعض الصعوبات في فهمها، كاللغة  الإيطالية و الإنجليزية و حتى العربية، كانت تستعين بالأساتذة من أجل تبسيط الدروس لها، ليسهل عليها نقلها إلى ابنتها خلال المراجعة .


كما كان الأب العين الساهرة على ابنته سماح، فكان حريصا على نقلها يوميا إلى الثانوية بسيارته و كذلك عند الذهاب لمتابعة الدروس الخصوصية،  كما كان يخلف زوجته في بعض الأحيان داخل القسم عند غيابها.
عن تحضيرها للبكالوريا، قالت سماح أنها منذ شهر سبتمبر 2019 شرعت بجد و انتظام في المراجعة و الحفظ،  و قبل تأجيل موعد الامتحانات الرسمية لشهادة البكالوريا بسبب الجائحة، كانت محدثتنا على أتم الاستعداد لاجتياز الامتحان في شهر جوان الفارط ، و بعد قرار تأجيله إلى شهر سبتمبر لم تتوقف سماح عن الدراسة، مشيرة إلى أنها أخذت قسطا من الراحة خلال شهر رمضان، و مباشرة بعده عادت إلى جو الدراسة و الحفظ ، رفقة والدتها و أساتذتها و كل الطاقم البيداغوجي في مؤسسة عبد الرزاق بوحارة ، بمنطقة ماسينيسا بالخروب.
كما كانت لها علاقات وطيدة ببعض الأساتذة من ولاية عنابة الذين لم يبخلوا عليها  بشرح الدروس عن بعد، و تقديم الدعم لها، تتقدمهم خالتها  باعتبارها معلمة.
مشوار دراسي متعثر في الابتدائي بسبب البراي
لم يكن مشوار سماح الدراسي عاديا كباقي التلاميذ، لأنها ولدت كفيفة،  ما جعلها تلتحق بمدرسة خاصة بالمكفوفين في قسنطينة،  و لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فسماح الطفلة الصغيرة التي ترعرعت في عائلة كل أفرادها مبصرين ، لم تتقبل في بادئ الأمر الكتابة بالبراي، و اعتبرتها أمرا دخيلا عليها ، و كان ذلك وراء إخفاقها لأكثر من سنة في الطور الابتدائي، رغم رغبتها في التعلم و النجاح  ، لكن عند بلوغها الطور المتوسط، كما بينت لنا، أدركت أهمية إتقان هذه الوسيلة  كحتمية تفرضها عليها طبيعة إعاقتها، لتسهل عليها تجاوز الكثير من العقبات في الدراسة.
و منذ تقبلت و أتقنت البراي، استطاعت سماح التميز و حصد نتائج مميزة من سنة لأخرى، و في كل فصل دراسي كانت تحصل على أعلى العلامات و تتصدر قائمة الترتيب في النتائج الفصلية ، إلى أن بلغت المرحلة الثانوية التي درستها بأريحية كبيرة، كما قالت، بعد أن  اختارت شعبة اللغات الأجنبية .
تحفظ 11 حزبا من القرآن و تطمح لأن تصبح داعية
تتمنى سماح بوكزية الالتحاق بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، تخصص علوم شرعية،  بعدما حصلت على شهادة البكالوريا ، و  قالت في حديثها للنصر، أنها حلمت منذ صغرها بهذا التخصص،  و أكدت  والدتها أنها لمست رغبة ابنتها في ذلك منذ الصغر،  فقد كانت محبة لكتاب الله و واظبت على حفظه منذ كان عمرها 8 سنوات بعد التحاقها بمدرسة قرآنية، و كانت تزورها  بانتظام في أوقات فراغها  و هي اليوم حافظة ل 11 حزبا.
و أضافت سماح أنها تطمح لإتمام مسارها الأكاديمي في علوم الشريعة، لتصبح ذات يوم داعية إسلامية، فتكون أول امرأة جزائرية داعية، مضيفة أنها ستواصل الدراسة بنفس الشغف الذي رافقها طوال مشوارها الدراسي .                              هيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى