استرجع سكان ولاية قالمة ذكرى أخرى من ذكريات المعركة البطولية الخالدة التي جرت وقائعها بمزرعة دالي بن شواف، على مشارف جبال بني صالح الشهيرة ببلدية مجاز الصفاء، الواقعة شرقي قالمة على الحدود مع ولاية سوق أهراس، أين سقط الشهيد الرمز باجي مختار، بعد 19 يوما من اندلاع حرب التحرير المقدسة، رفقة شايب دزاير، أول شهيدة في الثورة الجزائرية.
خاض باجي مختار مع رفاقه، معركة دامية و رفض الاستسلام، و ظل يقاوم حتى سقط شهيدا، معلنا بداية قائمة طويلة من الشهداء الأبرار، بلغت بعده المليون و نصف المليون من الرفاق الأبطال، الذين واصلوا المسيرة على مدى سبع سنوات و نصف من النار و الرصاص، و الجوع و البرد بين الجبال و الأودية و الكهوف السحيقة.
سقط باجي مختار شهيدا و هو في 36 من عمره تقريبا، قضاها متشبعا بحب الوطن و نبذ الظلم و الاستعمار، و سمح له مستواه الدراسي الذي بلغ مرحلة المتوسط، بالانخراط المبكر في العمل السياسي و مقاومة الاستعمار، و صار رمزا للمقاومة بالقاعدة الشرقية الحصينة، لكنه ظل المطلوب الأول للإدارة الفرنسية، التي كانت تدرك جيدا بأن باجي مختار هو النواة الصلبة للعمل المسلح بجبال بني صالح و القاعدة الشرقية المتاخمة للحدود التونسية.
و نفذ الشهيد الرمز أول عملية عسكرية ثورية بولاية قالمة، يوم 6 نوفمبر 1954 عندما هاجم منجم البرنوس ببلدية حمام النبائل شرقي قالمة، و كان عضوا بارزا بمجموعة 22 التاريخية، و تم اختياره لقيادة العمل المسلح بالمنطقة الممتدة بين ولايات عنابة، سوق أهراس و قالمة، و حتى الحدود الشرقية للبلاد.
و ظل باجي مختار المتشبع بالوطنية و روح المقاومة و النضال الطويل، هدفا للإدارة الفرنسية التي كانت تدرك بأنه يشكل خطرا كبيرا، و هو عصب الثورة بالمنطقة، إلى جانب قادة آخرين من طلائع المجاهدين، و تمكنت منه عندما اكتشفت تحركاته بالإقليم الشرقي، المتاخم لحدود ولاية سوق أهراس.
في ليلة 18 إلى 19 نوفمبر 1954 ، حددت موقعه و حاصرته بمزرعة دالي بن شواف، فكان من طلائع الشهداء الأبرار، رفقة البطلة شايب دزاير، و مجاهدين آخرين و مواطنين رفضوا الاستسلام للعدو في ذلك اليوم العصيب، و فضلوا الشهادة في سبيل الله و الوطن و الأمة التي عانت من ليل الاستعمار الطويل.
فريد.غ

الرجوع إلى الأعلى